من حديث جلالة الملك عبدالله الثاني حول اللاجئين في الأردن خلال مقابلة مع الإعلامي فريد زكريا من شبكة سي إن إن الأمريكية

العودة إلى فيديو

فريد زكريا: إنها بالفعل منطقة صعبة، ولقد نسينا أمر سوريا والصراع فيها، ولكنكم ما زلتم تتعايشون مع ما يقارب 1,5 مليون لاجئ؟

جلالة الملك عبدالله الثاني: 1,3 مليون لاجئ سوري.

زكريا: نعم، 1,3 مليون لاجئ سوري في الأردن، وهي نسبة كبيرة عندما تنظر إلى عدد سكان الأردن. هل سيتمكنون من العودة؟ وهل ستتمكنون من إقامة علاقات طبيعية مع سوريا وإعادة اللاجئين إلى بلدهم؟ ماذا سيحدث مع سوريا؟

الملك عبدالله الثاني: أعتقد أن الإجابة القصيرة هي أنه لن يتمكن اللاجئون من العودة في أي وقت قريب. فواحد من كل سبعة أشخاص في الأردن هو لاجئ سوري، وواحد من كل خمسة أشخاص في الأردن هو لاجئ، لأننا نستضيف لاجئين من عدة جنسيات. وأعتقد أن لا أحد يتفهم الأثر الهائل لذلك، فقد شهدنا حروبا إقليمية، والأزمة الاقتصادية العالمية، والربيع العربي، وداعش، وجائحة فيروس كورونا، ولكن اللاجئين كان لهم الأثر الأكبر على بلدنا، مما أدى لمعاناة شعبنا. البطالة مرتفعة جدا، وأدرك أن الجائحة ساهمت في ذلك، وها نحن نتعافى تدريجيا، ولكن، لدى الأردنيين تخوفات مشروعة بسبب صعوبة ظروف معيشتهم. ولقد قدم المجتمع الدولي المساعدة، ولكن أعتقد أنه في أفضل الأعوام ساهم في تغطية 40-45% من التمويل المطلوب، أما ما تبقى، فتمت تغطيته من موازنة الدولة. وأصبح السوريون كغيرهم جزءا من النظام التعليمي ونظام الرعاية الصحية، ولدى ما يزيد عن 200,000 سوري تصاريح عمل، فهم فعلا جزء من مجتمعنا. 

لو كنت أنا رب أسرة سورية في الأردن وسألني أحد أفراد عائلتي "متى سنعود إلى سوريا؟"، ما الذي سيعودون إليه حقا؟ مما يقودنا إلى التحدي الذي ناقشناه مع الولايات المتحدة والأوروبيين. هناك استمرارية للرئيس السوري بشار الأسد في الحكم، وكنا قد تحدثنا عن ذلك أنا وأنت منذ سنوات، عندما توقع الناس أن تنتهي الأزمة خلال أشهر معدودة، قلت أنا إنها لن تنتهي قبل سنوات، إذا انتهت على الإطلاق. إذن، النظام ما يزال قائما، لذا علينا أن نكون ناضجين في تفكيرنا، هل نبحث عن تغيير النظام أم تغيير السلوك؟ إذا كانت الإجابة تغيير السلوك، فماذا يتعين علينا أن نفعل للتلاقي حول كيفية التحاور مع النظام، لأن الجميع يقوم بذلك، لكن ليست هناك خطة واضحة إزاء أسلوب الحوار حتى اللحظة. كما أن لدى روسيا دورا محوريا، ودون التحدث مع روسيا، كيف يمكننا الاتفاق على مسار يأخذنا نحو الأمل للشعب السوري؟

زكريا: هل من العدل القول إن في سوريا، الولايات المتحدة والبلدان التي كانت تحاول أن تخلع الرئيس السوري بشار الأسد خسرت المعركة، وأن الروسيين والإيرانيين الذين يدعمون حكومة الأسد قد انتصروا؟

الملك عبدالله الثاني: مجددا كما قلت، النظام السوري باق. لم يتحدث أي منا مع الآخر حول السردية أو أسلوب الحوار الذي يتعين علينا تبنّيه. أتفهم بالطبع غضب وتخوف العديد من الدول حول ما حدث للشعب السوري. لكن الإبقاء على الوضع القائم يعني استمرار العنف الذي يدفع ثمنه الشعب السوري. لقد عشنا ذلك لسبع أو ثماني سنوات، وعلينا الاعتراف أنه ليس هناك إجابة مثالية، لكن الدفع باتجاه الحوار بصورة منسقة أفضل من ترك الأمور على ما هي عليه.

زكريا: هل يعني ذلك تقسيما فعليا يسيطر من خلاله الأسد على الجزء الأكبر من سوريا، ويبقى جزء آخر خارج السيطرة؟

الملك عبدالله الثاني: أعتقد أن الأمر يسير بخطوات صغيرة، ومجددا، المسألة لا تتعلق فقط بتواجد وكلاء إيران أو بتواجد روسيا، فداعش ما تزال هناك، إذ تمت هزيمتهم لكن لم يتم تدميرهم، وهذا أمر يحتم علينا أن نتعامل مع أكثر من تحد في ذات الوقت. لكن بالنظر إلى الصورة بمجملها، هناك الكثير من الدمار في تلك البلاد. من المهم بناء المدارس والمستشفيات، ومنح الأمل. ولكن لن يتمكن اللاجئون السوريون من العودة قريبا، فليس هناك شيء ليعودوا إليه. لهذا باعتقادي، علينا الابتعاد عن العنف، وبحث ما يمكن فعله بخصوص إعادة الإعمار، وهو أمر مرتبط ارتباطا وثيقا بالإصلاح السياسي. ومجددا وكما تعلم، علينا ألا ننسى المأساة في لبنان، وهناك ارتباط لما يحدث في لبنان وسوريا. بالنسبة للأزمة في لبنان، نحن على مشارف كارثة إنسانية، إذا لم تبدأ هذه الكارثة بالفعل. ونظرا للصعوبات التي يواجهها السوريون، قد نواجه نحن في الأردن موجة لجوء جديدة، لا سمح الله. هذه قضايا علينا أن نتعامل معها، وإن تجاهلناها ستفاجئنا بما لا يمكن توقعه.