مؤسسة جون تمبلتون تعلن منح الملك عبدالله الثاني جائزتها للعام 2018 تقديرا لجهوده في تحقيق الوئام بين الأديان وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس وحماية الحريات الدينية
أعلنت مؤسسة جون تمبلتون في بيان صدر عنها اليوم الأربعاء منح جلالة الملك عبدالله الثاني جائزة تمبلتون للعام 2018، واصفة جلالته بأنه "مستمر منذ توليه مسؤولياته ملكا للأردن ببذل جهود تحقيق الوئام داخل الإسلام وبين الإسلام وغيره من الأديان، وأنه لم يسبقه في هذا المضمار أي زعيم سياسي آخر على قيد الحياة".
وتُمنح الجائزة، بحسب القائمين عليها، تقديرا لأشخاص يقدمون إسهامات مبدعة وجديدة في مجال الأديان، مثل الأعمال الخيرية، أو إنشاء منظمات فكرية تثري الجانب الروحي، أو المساهمة بشكل بناء عبر وسائل الإعلام في الحوارات المتعلقة بالدين والقيم الإنسانية الإيجابية.
وتأسست الجائزة عام 1972 بمبادرة من رجل الأعمال الأمريكي البريطاني الراحل السير جون تمبلتون، الذي نشط في مجال الأعمال الخيرية والاهتمام بالفكر والفلسفة الدينية. وتدير الجائزة مؤسسة تمبلتون التي تتخذ من مدينة كونشوهوكين في ولاية بنسلفانيا الأمريكية مقرا لها.
وأعلنت مؤسسة تمبلتون أنها ستنظم فعالية لتسليم الجائزة لجلالته والاحتفال بجهوده وإنجازاته في الثالث عشر من تشرين الثاني لهذا العام في العاصمة الأمريكية واشنطن.
ومُنحت جائزة تمبلتون منذ انطلاقها لـ 47 شخصية عالمية من علماء وفلاسفة وشخصيات قيادية إصلاحية، من أبرزهم الأم تريزا في العام 1973، والدالاي لاما في العام 2012، والقس ديزموند توتو كبير أساقفة جنوب أفريقيا السابق في العام 2013.
ونشر الموقع الإلكتروني لجائزة تمبلتون فيديو لرئيسة المؤسسة، هيذر تمبلتون ديل، استعرضت فيه أبرز إسهامات جلالة الملك عبدالله الثاني في مجال الفكر الديني.
ووصفت السيدة تمبلتون ديل جلالة الملك بأنه شخصية "صقلتها المسؤوليات السياسية، إلا أنه يَعتبر الإيمان وحرية التعبير الديني من أهم مسؤولياتنا وغاياتنا كبشر". وبينت أن "الهدية التي يقدمها جلالة الملك عبدالله الثاني للعالم تتمثل في تأكيده على التعددية في الإسلام في مواجهة مساع لفرض تنميط زائف. إذ قام جلالته بتعزيز القوة الرمزية لمبدأ التعددية الدينية التي تحترم الاختلاف، وذلك في مسعى لنشر الوئام الديني والاحترام بين 1.8 مليار مسلم، يمثلون ثاني أكبر ديانة في العالم، وبحيث ينظرون إلى بعضهم البعض بوئام وانسجام."
واستعرضت تمبلتون ديل في كلمتها أبرز إنجازات ومبادرات جلالته في المجال الديني، مشيرة إلى أن "جلالة الملك عبدالله الثاني يُمنح جائزة تمبلتون تقديرا لالتزامه الراسخ في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، خاصة المسجد الأقصى/الحرم القدسي الشريف، أحد أهم ثلاثة مواقع دينية في الإسلام، وكنيسة القيامة التي تحتضن ]القبر المقدس[ - قبر السيد المسيح (عليه السلام)."
وأضافت "أن جائزة تمبلتون لعام 2018 تأتي أيضا تقديرا لقيادة جلالة الملك في توفير ملاذ آمن يكفل للمجموعات الدينية والعرقية المختلفة في الأردن حرية العبادة، كما يكفلها أيضاً للملايين من اللاجئين الذين احتضنهم الأردن على مدار العقود الخمسة الماضية".
وحول المبادرات المؤسسية التي أطلقها ويرعاها جلالته في مجال إرساء الوئام بين أتباع الأديان، أشارت تمبلتون ديل إلى دور جلالته القيادي في إطلاقه "رسالة عمّان" عام 2004، والتي أوضحت حقيقة الإسلام، وبيّنت الأعمال التي تمثّله، وتلك التي لا تمت له بصلة.
وتحظى رسالة عمّان بتأييد أكثر من 450 من القادة الدينيين والسياسيين من حوالي 50 دولة عربية وإسلامية، في سابقة تمثل أكبر حالة إجماع في العصر الحديث حول تعريف من هو المسلم، ورفض التكفير، والاعتراف الصريح بشرعية مذاهب الإسلام الثمانية.
وتابعت تمبلتون ديل موضحة أنه في عام 2006، أُطلقت "مبادرة "كلمة سواء"، وهي رسالة مفتوحة من قيادات دينية إسلامية لقيادات دينية مسيحية تنشد السلام والوئام، على أساس وصيتين متلازمتين يشكلان جزءاً من صميم المبادئ التأسيسية لهذين الدينين وهما: حب الله وحب الجار."
وأيد مبادرة كلمة سواء أكثر من 300 من القيادات الدينية المسيحية، وقد وقعها أكثر من 400 من العلماء الإسلاميين والقيادات الدينية الإسلامية.
وفي ميدان الدبلوماسية العالمية، لفت القائمون على الجائزة إلى مبادرة جلالة الملك عبدالله الثاني لاقتراح قرار أممي في الجمعية العامة للأمم المتحدة ينادي باعتبار الأسبوع الأول من شهر شباط من كل عام "أسبوع الوئام العالمي بين الأديان". ونتج عن ذلك قرار للأمم المتحدة يعيد التأكيد على أن التفاهم والحوار بين أتباع الأديان بعدان مهمان في ثقافة السلام، ويشجع جميع الدول على أن تقوم طوعاً خلال الأسبوع الأول من شهر شباط بدعم نشر رسالة الوئام والمودة بين الأديان.
وترجمة لهذا القرار، تُنظّم جائزة جلالة الملك عبدالله الثاني لأسبوع الوئام العالمي بين الأديان بشكل سنوي وتُمنح لأفضل ثلاث فعاليات أو نصوص يتم تنظيمها أو إصدارها احتفالاً بهذه المناسبة.
وبالإضافة إلى هذه المبادرات، أشاد إعلان الجائزة بجهود جلالته في تطوير موقع عمّاد السيد المسيح (المغطس)، والذي أعلنته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) موقعا للتراث العالمي، وإلى مبادرات جلالته التعليمية، خاصة تأسيس جامعة العلوم الإسلامية العالمية وإنشاء زمالة لدراسة الحب في الدين في كلية ريجنت بارك، في جامعة أكسفورد، بالإضافة إلى إنشاء وقفية لدراسة فكر الإمام الغزالي في جامعة القدس، والمسجد الأقصى المبارك، ووقفية لدراسة فكر الإمام الرازي في الجامعة الأردنية، وجامعة العلوم الإسلامية العالمية، ومسجد الملك الحسين بن طلال.
كما لفت القائمون على الجائزة، التي تعتبر من أكبر الجوائز في العالم من حيث القيمة المالية إذ تبلغ 1.1 مليون جنيه استرليني، إلى أهمية جهود جلالة الملك في مجال مواجهة التطرف، والتصدي للمفاهيم المغلوطة حول الإسلام وخطاب الكراهية والخوف من الإسلام (الإسلاموفوبيا).
من جهته، عبّر جلالة الملك عبدالله الثاني عن تقديره لمنحه جائزة تمبلتون في فيديو نشرته مؤسسة تمبلتون على موقعها الإلكتروني. وقال جلالته: "تحمل هذه الجائزة قيمة مميزة بنظري؛ فهي بمثابة بادرة صداقة نحو كل من يعملون من أجل نشر التسامح والاحترام المتبادل من إخواني وأخواتي الأردنيين، مسلمين ومسيحيين، و 1.8 مليار مسلم ومسلمة حول العالم الذين يقومون بدور حيوي وفاعل في تحقيق الازدهار والمستقبل المشرق للإنسانية."
وأضاف جلالته: "عُرف السير جون بتشجيعه طرح الأسئلة. وعلى مدار السنين الماضية، كنت أطرح هذا السؤال: هل نملك ترف الاستسلام للكراهية والأكاذيب والعزلة التي تشل مستقبل البشرية؟ تكمن الإجابة على هذا السؤال في جوهر مبادئ ديني ]الإسلام[، وفي العديد من التعاليم الدينية الأخرى، والتي تتجلى في وصيتين أساسيتين: حب الله وحب الجار. فقد قال الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم): "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"."
واختتم جلالته: "عالمنا أصبح بحاجة للتصدي للتحديات التي تواجه إنسانيتنا وقيمنا المشتركة التي ترسي قواعد التناغم والعيش المشترك التي يعتمد عليها مستقبلنا. ولهذا، أؤمن بأهمية وضرورة نشر وتشجيع التسامح والاحترام المتبادل، ودعم التعددية والأمل، وتفنيد مزاعم الخوف من الإسلام (الإسلاموفوبيا) وغيرها من المفاهيم المغلوطة، بالإضافة إلى العمل لتكون قيمنا حاضرة بقوة في حياتنا وممارساتنا اليومية."