كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني في ختام ملتقى "كلنا الأردن"

٢٧ تموز ٢٠٠٦

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الإخوة الأعزاء،

الله يعطيكم العافية،

إنني سعيد بالإنجاز الكبير، الذي تم خلال هذين اليومين، وفخور بروح الفريق الواحد، والشعور بالمسؤولية، التي سادت أجواء هذا الملتقى، والتي كانت، سببا أساسيا في نجاحه.

ومن البداية، كان الهدف من هذا الملتقى، تحقيق التوافق الوطني على الثوابت، والخروج برؤية شاملة واحدة، وتحديد المحاور، التي يجب أن يكون لها الأولوية، في التنفيذ، والاتفاق على الاستمرار، في العمل الجاد المخلص، لتحقيق هذه الرؤية والهدف، من خلال تنفيذ الأولويات، أولاً بأول.

وكما ترون الآن، فإن الأخطار والصراعات، التي حذرت من وقوعها، في كل لقاءاتي السابقة معكم، هي ماثلة أمامكم الآن، على أرض الواقع.

وأمام ما يحدث في هذه المنطقة، من صراعات طائفية وإقليمية، فلا بد من تمتين جبهتنا الداخلية، ويجب أن نكون كلنا، يدا واحدة، وقلبا واحدا، في مواجهة هذه الأخطار، التي حذرت منها قبل وقوعها، من خلال الحفاظ، على وحدتنا الوطنية، وجبهتنا الداخلية، التي هي اليوم على رأس أولوياتنا الوطنية، وأريد أن يعرف الجميع، إن انشغالنا بقضايانا الوطنية، لن يكون على حساب التزامنا بمسؤولياتنا القومية والتاريخية، تجاه أشقاءنا في فلسطين ولبنان والعراق، وهذا استمرار طبيعي، لدورنا نحن الهاشميين، عبر التاريخ.

لقد عملت يا إخوان، منذ وقت بعيد، وما زلت أعمل، من أجل توحيد الموقف العربي، تجاه هذه التحديات والأخطار، التي تحيط بالأمة، من كل جانب، حتى لا يتم تهميش الدور العربي في المنطقة، وبالتالي الحد من قدرتنا جميعاً، على تقديم الدعم والمساندة، للأشقاء في فلسطين والعراق ولبنان.

والآن أصبح لدينا تصورا واحدا، لما نريد تحقيقه خلال الفترة القادمة، في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

ففي المجال السياسي، هناك اتفاق، على الحفاظ على الوحدة الوطنية، وتعزيز مفهوم الأردن المسلم المعتدل الوسطي، الذي يؤمن بالسلام، والتعايش والتسامح، والتعددية الفكرية والسياسية، والمشاركة في صنع القرار، وبناء مؤسسات المجتمع المدني، والأحزاب الوطنية القادرة على ترسيخ مفهوم الانتماء للوطن، والعمل والإنتاجية والكفاءة.

ويجب أن يعرف الجميع، يا إخوان، أن هدفنا واضح، وليس هناك خلاف عليه، لكن الاختلاف يمكن أن يكون على الآليات والوسائل.

أما في المجال الاقتصادي والاجتماعي، فهناك اتفاق وإجماع على تلبية طموحات شعبنا في الحياة الحرة الكريمة، وإيجاد الفرص أمام الشباب للعمل والإبداع والإنتاج.

والآن يأتي دور العمل والمتابعة والإنجاز.

في البداية، الإنجاز مطلوب من الحكومة، وأنا متأكد، أن الحكومة ستباشر في وضع مشاريع القوانين، والسياسات المختلفة، التي اتفقتم على أهميتها بهذا الملتقى، ضمن مفهوم الأولويات، وأنا متأكد أيضاً، أن مجلس الأمة، سيتحمل المسؤولية بكفاءة، في إنجاز مشاريع القوانين، التي ستقدمها الحكومة، خلال الدورة الاستثنائية القادمة.

أما المؤسسات الأخرى، كالأحزاب والنقابات والإعلام والقطاع الخاص، وسائر مؤسسات المجتمع المدني، فهي أيضاً، سوف تهتدي بهذا الإجماع الوطني، وستقوم بدورها في العمل والإنجاز.

وأريد أن أطمئنكم يا إخوان، أن هذه الروح في العمل، ستستمر في المستقبل، وأن الثوابت الوطنية، التي توافقتم عليها، ستكون أساس عملنا جميعاً.

واستجابةً مني لرغبتكم، فقد قررت تشكيل هيئة كلنا الأردن، التي ستضم ممثلين عن أجهزة الدولة، ومؤسسات المجتمع المدني، وسوف تكون هيئه استشارية، لا يتعارض عملها أبداً، مع مؤسساتنا الدستورية، التي أنا أكثر واحد، حريص على حمايتها، وعلى حماية الدستور، وستعمل هذه الهيئة، على تقديم التقارير الدورية، حول سير العمل، وقياس الإنجاز.

وأتمنى على الإخوة النواب، بشكل خاص، باعتبارهم ممثلين لكل أبناء شعبنا، أن ينقلوا للناس الذين انتخبوهم، وأبناء مناطقهم، كل ما يجري هنا، وكل ما نقوم بعمله، سواء كان من أجل شعبنا ووطننا، أو من أجل أمتنا، وأشقائنا العرب.

ومرة ثانيه يا إخوان، أنا فخور بما تم إنجازه، وتحقيقه في هذا الملتقى، وبالإجماع الذي تحقق على مواجهة كل أشكال العنف والإرهاب، وعلى التمسك بالإسلام الحقيقي، الذي يدعو إلى السلام والتسامح والرحمة، واحترام إنسانية الإنسان، وحقه في الحياة، والعيش بحرية وكرامة وأمان.

وبارك الله فيكم جميعاً، والله يعطيكم العافية، وإن شاء الله سنبقى على اتصال.