كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني خلال منتدى الأعمال لأسيا-الشرق الأوسط

٢٧ نيسان ٢٠٠٥

صاحب السعادة، شكراً لك على تقدمتك الكريمة الرقيقة. إنه لشرف لي أن أكون معكم اليوم. والشكر لكم جميعاً على ترحيبكم الدافئ.

اسمحوا لي أن أقول إنه من الأهمية بمكان أن نجتمع هنا في سنغافورة. فهذا البلد جعل نفسه مصدر قوة مُخْتزنة على المستويين الإقليمي والعالمي. والفضل في هذا يعود لشعب سنغافورة الذي يتّسم بالتصميم والعزم، الشعب الذي يتضح لـه الهدف والرؤية من أجل المستقبل. وأعتقد أن هناك ما يمكن للعالم أن يتعلمه من تجربة سنغافورة، ومن قصص النجاح الأخرى في آسيا. وأنا، يا أصدقائي، مُصْغٍ لما ستقولونه- وكذلك زملائي الذين حضروا إلى هنا من الشرق الأوسط.

أود أن أقول كلمات قليلة، لأنني أعتقد أن مناقشاتكم هي قلب الحدث في هذا اليوم. فهذا وقت بالغ الأهمية لمثل هذه الاجتماعات. ومنطقتانا كلتاهما تواجهان تحديات النمو في اقتصاد عالمي. وكلتاهما لهما حاجات تنموية ملحّة. وأعتقد أن هناك فرصاً هائلة متاحة إذا ما عملنا معاً.

إن هذا الاجتماع يعتبر تقديراً للدور الرئيسي الذي يقوم به القطاع الخاص في دفع الاقتصاديات قدماً. ويتضاعف تأثيركم الإيجابي عندما تكون هناك شراكة قوية بين القطاعين العام والخاص، لأن مثل هذا التعاون يمكن أن يخلق البيئة التي يحتاجها النمو. وفي اقتصاد عالمي، يتضاعف هذا التأثير مرة ثانية عندما تكون هناك علاقات أعمال قوية مباشرة تتخطى الحدود الجغرافية، علاقات تفتح الأبواب وتوفر الفرص. وهكذا فإننا نتحدث عن النمو والوعد اللذين يرسمان ملامح الطريق، في اجتماعات مثل هذه.

اسمحوا لي أن أشكر بصورة خاصة أعضاء مجلس الأعمال العربي الذين عملوا دون كلل لإنجاح هذه الأنشطة والاجتماعات. فقد كان لهم دور رئيسي في تقدم منطقتنا.

يتسارع الإصلاح اليوم في الشرق الأوسط. ويعود هذا بدرجة كبيرة لعملية شمولية، عملية تعمل على إطلاق طاقات الأفراد من كل شرائح المجتمع من عقالها وأنا أجتمع وأعمل مع أناس من القطاع الخاص، ومن المنظمات غير الحكومية، ومن الجامعات، ومن مؤسسات ومنظمات أخرى- ويمكنني أن أقول لكم أنني ألمس لديهم حساً حقيقياً بالغايات والدينامية المُحرّكة.

إنه قطاع طاقات من نوع جديد، طاقات لسياسات تضع الناس أولاً، وطاقات أمل جديد.

إن للإصلاح مناحٍ كثيرة. فمن الواضح أنه يشمل الإصلاحات السياسية كي يكون للمواطنين حصة في التقدم. ولا بدَّ من وجود مؤسسات شفافة قابلة للمساءلة. ونحن جادّون في مكافحة الفساد، الذي يعتبر عدواً للثقة الجماهيرية العامة يعمل على استنزاف موارد الأمة. إننا نعمل على تعزيز البنى التحتية الاقتصادية من أجل النمو والحضور العالميين. وأنا أعلم أنكم ستستمعون إلى ما سيقال في هذا الأمر بتعمق أكبر بعد ظهر هذا اليوم.

دعوني أقول هذا بوضوح: إن الأردن ملتزم بتوفير بيئة تمكّن من تحقيق التقدم. ونريد أن نجعل الأمر سهلاً أمام الناس ومنشآت العمل للتفاعل، وتبادل الأفكار، والعمل معاً. ومثل هذا النوع من الشراكة يعتبر آلية صالحة لتوفير الفرص لدى الطرفين كليهما، مما يجلب منافع في الاتجاهين.

إن التغيّر الإيجابي في العالم العربي يجب أن ينبع من البيئة المحلية- مثلما كان حاله في آسيا. ولكننا نعلم أننا لا نقف وحدنا. فالحوار والتعاون مع المناطق الأخرى أساسي- وخاصّة مع القطاع الخاص.

إننا هنا اليوم معاً لاستكشاف بعض هذه الأفكار والمسارات. فقد بدأ الحوار فعلاً. وبعضكم شارك معي في الاجتماعات التي عقدت في ماليزيا في العام الماضي. وساعد آخرون في التحضير للحوار الجديد بين آسيا والشرق الأوسط الذي سيعقد في حزيران القادم. وأنا أوجه الشكر لصاحب السعادة السيد جوه على كل ما قام به لتشجيع وإطلاق هذه المبادرة التي تعتبر مَعْلماً للمسيرة. فقد تفهّم أهمية إيجاد آلية مؤسسية تحمل صفة الاستمرار، آلية يمكن أن تركّز جهودنا في انطلاق الشراكة قُدُماً واندفاعها إلى الأمام.

ولكن في نهاية المطاف، تظلّون أنتم، قادة القطاع الخاص من منطقتينا مَنْ سيعمل على دفع عجلة الحركة. ويمكن لاجتماعاتكم اليوم أن تؤجّج الحوار المنشود. وأنا ممتن لكل واحد منكم لمشاركتكم في هذا اللقاء. كما أنني واثق أنكم تشتركون معي جميعاً في الإعراب عن شكرنا لمضيفينا السنغافوريين على ضيافتهم الكريمة لنا، وحفاوتهم بنا.

أصدقائي،

أعرب لكم عن أطيب تمنياتي، الآن وفي مقبل الأيام. فعملكم الطيّب المفيد يمكن أن يُحدث فرقاً ملحوظاً لملايين الناس.

والشكر لكم أجزله.