كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني في حفل عشاء الأمل لمستشفى سانت جود ومركز الملك الحسين للسرطان

١٤ حزيران ٢٠٠٤

أشكركم جميعاً على استقبالكم الحار، وأشكرك يا سيناتور بيل فريتس على ذلك التقديم اللطيف.

يسعدني جداً أن أكون هنا. آمل ألا يشعر أولئك الذين كانوا يتوقعون رؤية زوجتي الموهوبة بخيبة أمل شديدة لعدم حضورها. وانا كذلك أعتبرها نجمة العائلة. لقد كانت الملكة رانيا توّد كثيراً الانضمام إليكم هذا المساء، ولهذا فانا أنقل لكم أجمل تمنياتها ودعمها.

إنه لشرف أن يطلب مني أن أتحدث نيابة عن مستشفى سانت جود ومركز الملك الحسين للسرطان. فعادة ما يطلب مني أن أتحدث عن ايجاد حلول للمشكلات العالمية الخطيرة. ولكنني الليلة سأتحدث عن حلّ تم بالفعل التوصل إليه، الا وهو العمل العظيم لمستشفى سانت جود، وهو العمل الذي أعرفه جيداً من خلال شراكته مع مركز الحسين للسرطان في الأردن.

كما يعرف معظمكم، فقد أسسّ مستشفى سانت جود الفنان الامريكي من اصل عربي داني توماس. ان ما بدأه هو واكمله المانحون والعاملون في مجال الطب اضحى الآن صرحا طبيا عالميا يحظى باحترام الجميع في كل أنحاء العالم، بسبب تركيزه على البحث، وإنجازاته الطبية الجديدة والعناية السريرية الرائعة التي يقدمها.

ولم يسبق لمستشفى سانت جود أن رفض إدخال أي طفل فقير. فالجميع متساوون داخل أبواب المستشفى الذي يؤمن بأن لكل طفل الحق في أفضل رعاية، وهذا ما يحصل عليه بالفعل.

لكن مستشفى سانت جود لا يستطيع ان يعمل وحده. فمساعدتنا له مطلوبة لكي يصل إلى اكبر عدد من الأطفال، ويحقق المزيد من التقدم الطبي ويجري الابحاث في الامراض النادرة والخطيرة التي يتغاضى عنها الآخرون. كما نامل ان تؤدي مساعدتنا له الى توسيع مجال الشفاء من المرض ليشمل أطفالاً وعائلات أخرى في العالم ضمن اطار البرنامج العالمي للمستشفى.

إنني أشعر بالاعتزاز الكبير لأن جزءاً رئيسياً من ذلك البرنامج العالمي للمستشفى يتمثل بالشراكة بينه وبين مركز الملك الحسين للسرطان. فهذا المركز هو المرفق الوحيد للسرطان في الشرق الأوسط الذي يعالج الكبار والأطفال على حد سواء. ويقوده حالياً الطبيب الأردني الامريكي، الدكتور سمير خليف، الذي أعاره لنا المعهد الوطني الامريكي للصحة ليقود مسيرة التميز.

ولأن الموهبة تجتذب المزيد من المواهب، فقد استطاع الدكتور خليف أن يقنع خبراء أردنيين آخرين يعملون في الولايات المتحدة بالانضمام إليه. وبفضل مهاراتهم الرائعة وتوفر اخر ما توصل اليه العلم من اجهزة طبية، تمكن هؤلاء من أن يجعلوا من مركز الملك الحسين للسرطان مركزاً متميزاً في البحث والرعاية الطبية.

منذ سبع سنوات، يقوم مستشفى سانت جود بدعم المركز في مجال طب أورام الأطفال حيث شارك المستشفى بسخاء في بروتوكولات البحث والمعالجة مع الكوادر الطبية المختصة لدينا. وقد جلبت هذه الشراكة الشفاء والأمل لعدد لا يحصى من الأطفال وعائلاتهم.

ونحن في الاردن الآن نعمل على توسيع دائرة الأمل، من خلال إحضار أطفال عراقيين وفلسطينيين إلى المركز، لتلقي الرعاية التي هم بأمسّ الحاجة إليها.

إن الأطفال بطبيعة الحال هم هدفنا الرئيسي. لكننا لا نستطيع أن ننسى عائلاتهم التي تعاني معاناة شديدة مع اطفالهم.

كما يعلم كثيرون منكم، فإن مركز الملك الحسين للسرطان يحمل اسم جلالة المغفور له الملك الحسين. ولم أتحدث كثيراً عن معركة والدي الطويلة مع السرطان. فقد حظينا برعاية طبية متفوقة في الأردن وهنا أيضاً. وكان اكثر ما نعمنا به هو معنويات والدي العالية وإنسانيته العظيمة. فقد ظل حتى النهاية يحمل الامل والروح الإيجابية. وأعتقد أنه كان قلقاً على أسرته أكثر من قلقه على نفسه.

هذه التجربة هي أحد الأسباب وراء رغبتي في أن أكون بينكم هذه الليلة. أعلم أن كثيرين منكم قد جلسوا إلى جانب أسرّة أحبائهم، أو انتظروا نتيجة مؤتمرات طبية، أو مكالمة هاتفية، أو تقريرا طبيا يحمل نبأ سارا. أو صلوا الى الله بأن يحقق البحث انجازا طبيا في الوقت المناسب.

انني والملكة رانيا نعرف المشاعر العميقة لتلك اللحظات. ويمكنني أن أقول لكم أن الشعور بأننا جميعاً جزء من مجتمع إنساني يشاطرنا الاهتمام، هو مصدر قوة لنا جميعا.

لقد علّم والدي أبناءه أنه عندما يمنح الإنسان نعمة فإنه يتوجب ان يشارك الآخرين بها. ونحن الذين عايشنا ذلك القلق لدينا فرصة للتواصل مع الآخرين ومشاركتهم مشاعرهم.

إن دعمكم لمستشفى سانت جود هو تصويت لصالح الإنسانية والأمل - الأمل في أن يملك جميع الأطفال من أي مكان كانوا، الحق في حياة سعيدة وصحية ومثمرة وكريمة.

قال داني توماس ذات يوم أن النجاح ليس ما تكسبه في الحياة أو تحققه لنفسك، بل انه ما تقدمه للآخرين.

أشكركم على بذل كل ما باستطاعتكم لمستشفى سانت جود، ولمركز الحسين للسرطان، ولأطفال العالم.