خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني في اختتام أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي في اجتماعه الاستثنائي السنوي

٢٣ حزيران ٢٠٠٣

صاحب السعادة الأمين العام السيد كوفي عنان

بروفيسور شواب

أصحاب السعادة

أيها السيدات والسادة

إن النهاية ليست سوى بداية. نختتم اليوم أعمال هذا الإجتماع الإستثنائي لمنتدانا، لكن تبدأ في الآن ذاته رحلة استثنائية، رحلة مداواة الجراح والأمل الجديد، رحلة الإبداع العالمي والعدل.

لقد عملنا معاً خلال هذا الاجتماع على بعض من أكثر التحديات العالمية صعوبة، وكذلك عملنا على أهم الوعود، لكي يكون هناك غد أفضل... بداية جديدة للشعب الفلسطيني، حياة جديدة من السلام للإسرائيليين. مستقبل جديد لأطفال العراق وأمل جديد لشعوب المنطقة والعالم: ليعم الإزدهار في العالم، ولكي يكون وعد هذا القرن للجميع.

هل هذه أهداف مستقبلية؟ ليست كذلك إذا تحلينا بالواقعية. يمكن حدوث تغير عميق، إذا ما واجهنا القديم السائد بشكل مباشر... في مثل هذه الاجتماعات، واجهنا الحقائق القاسية. واجهنا الانقسامات العالمية التي تفسد وتعيق السلام والإزدهار. تقصينا الأسباب الجذرية لدوامات العنف والظلم الدائرة اليوم.

لقد نجح اجتماعنا في جمع الفلسطينيين والإسرائيليين معا لكي يتحاوروا بينهم. تحدث الطرفان حول السلام والمصالحة، لكنهم بحثوا أيضاً قضايا البيئة والمياه. أكد الحوار إنسانيتهم المشتركة، ومصيرهم المشترك. هذه المناقشات وغيرها، ساعدت في إحياء الإيمان المتجدد بين أصدقاء السلام، الإيمان المطلوب لبعث يوم جديد في الأرض المقدسة، يوم تحل فيه الثقة والتسامح ، مكان الفرقة والعداوة.

شهد اجتماعنا الدعم العالمي للطريق إلى السلام في الشرق الأوسط. وأكد اجتماعنا الأسس التي اتفقنا عليها في العقبة: إنهاء النزاع، تجديد الأمل، ضمان الأمن، وتحقيق قيام دولة فلسطينية. بانتهاز هذه اللحظة التاريخية، ساعد هذا المنتدى في جذب انتباه الضمير العالمي، وتذكير العالم بالحاجة إلى المساهمة في خدمة العدل وتلبية تطلعات الشباب.

ناقش اجتماعنا كذلك تقرير الأمم المتحدة حول التنمية البشرية في العالم العربي. إنها قضية حملتم لواءها، يا سعادة الأمين العام، في العامين المنصرمين، وتحتل موقعاً متقدماً في اهتمامات المنطقة. ساهم دعائم أركان المجتمع المدني العربي بكل نشاط في اجتماعاتنا. وتباحثوا هنا حول الإصلاح والتقدم، وفي السبل التي يلبون بها تطلعات الشباب نحو المعرفة والحرية، وحول حماية حقوق الإنسان رجالاً ونساء، واحترام قدسية حرية التعبير لأولئك الذين تساهم آراؤهم دون شك في تقوية ثقافتنا السياسية والاجتماعية.

اسمحوا لي القول، بأن هذه المبادئ ليست جديدة في ثقافتنا الدينية فهي تحتل جزءاً من أعمق ما بشر به ديننا الحنيف. فالإسلام ينادي بعملية حثيثة من الحوار والتفسير المبنيين على المنطق، والحرص على متابعة المعرفة والإلتزام بالتميز. الإسلام مثال للتسامح، واحترام الحياة الإنسانية.

هذه هي لبنات بناء الحرية والسلام، وكذلك الحوار بين الشعوب والذي شهدناه هنا في وادي الأردن. وكما قال الله تعالى في كتابه الكريم:

بسم الله الرحمن الرحيم،

" يا أيها الناس، إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا.."

صدق الله العظيم

حضرات الضيوف الأكارم،،

كانت الأيام الثلاثة الماضية حافلة بمشاعر الفخر والامتنان للأردن والأردنيين. نأمل أن نكون قد نجحنا في إظهار مجتمعنا المدني الناشئ. نأمل أن تكون الفرصة قد توفرت لكم للاجتماع ببعض من أفراد شعبنا، من كل الأطياف والذين يبنون بلدنا المفعم بالحيوية. إننا نبذل قصارى جهدنا لتوفير الفرص أمام المرأة في الأردن لتساهم في وضع الأجندة العالمية. نأمل أن نتمكن من منح الشباب الأردنيين فرصة للتعبير عن أحلامهم وآمالهم، لمنطقة آمنة، منفتحة على العالم، تزدهر فيها مهاراتهم وإبداعاتهم.

أشكركم على إتاحة الفرصة لبلدي لاستضافة هذا الاجتماع. وأشكركم فرداً فردا على مساهمتكم في إنجاحه. فجهودكم تحمل من الأهمية أكثر مما تتصورون.

وتبقى حقيقة أن أسرتنا العالمية تجد اليوم نفسها أمام جبهة عاصفة. ففي السياسة كما هو في الاقتصاد والثقافة، يقف عالمنا ممزقاً بين رياح العولمة، وقوى العزلة. ويتطلب تقدمنا هدفاً ثابتاً ويتجاوزه. علينا العمل معاً كي نحافظ على المسيرة أيها الأصدقاء.

هذا ما حققناه في اليومين الماضين، هنا في وادي الأردن. وقد عالجنا تحديات صعبة. وأخشى أننا لم نتوصل للأجوبة بعد، لكننا معاً، بدأنا العملية. بدأنا الرحلة. رحلة سوف تنتهي بإنسانية أفضل، وأخلاقيات أغنى، وواقع أكثر سلاما.

أشكركم جزيل الشكر،،