كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني في الملتقى الخامس للسفراء الأردنيين

٢٩ نيسان ٢٠١٠

بسم الله الرحمن الرحيم

الله يعطيكم العافية.

أنا سعيد أن أكون معكم اليوم في هذا الملتقى الدوري، الذي آمل أن يكون آلية فاعلة لتبادل الآراء والمعلومات، وتنسيق العمل للقيام بدوركم المهمّ في تمثيل المملكة، وخدمة مصالح الأردن، وخدمة قضايانا العربية والإسلامية.

والحمد لله، استطاع الأردن أن يبني شبكة واسعة من العلاقات مع معظم دول العالم، وأنتم عليكم مسؤولية كبيرة في ترجمة هذه العلاقات إلى فرص حقيقية تساهم في خدمة مسيرتنا التنموية، وفي كسب التأييد والدعم العالمي لقضايانا.

الأردن يسير بخطىً ثابتة لتحسين الوضع الإقتصادي، وإيجاد بيئة استثمارية جاذبة. والحمد لله، تم إنجاز الكثير من العمل الذي زاد من قدرتنا التنافسية، ومن الفرص التي مطلوب منكم كسفراء تعريف العالم بها من أجل جذب الاستثمارات؛ وبالتالي تحسين الوضع الاقتصادي وبناء المشاريع التي توفر فرص العمل للمواطنين.

ومثلما قلت من قبل: همّي الأول هو تحسين مستوى معيشة المواطن الأردني وتقديم الأفضل له. وبالتأكيد سينعكس تطوير علاقاتنا الاقتصادية مع الدول الأخرى بشكل مباشر على جهودنا في هذا المجال.

صحيح أن الأوضاع الإقتصادية صعبة، لكن أيضاً هناك فرص كثيرة علينا أن نستغلها. والحكومة الآن تعمل وفق منهج واضح وخطط عملية مدروسة، من أجل الوصول إلى أهداف محددة. وأنا متفائل أنه من خلال هذا العمل الجاد، سنقوم بتجاوز التحديات، وسنتقدم خطوات مهمة في مسيرة الإصلاح والتطوير في كل المجالات السياسية والاقتصادية والإدارية والاجتماعية. الرؤية والحمد لله واضحة، والعمل جادّ، وإن شاء الله وبتعاون الجميع، سنبني المستقبل الأفضل الذي يريده أبناء شعبنا الغالي.

ومثلما تعرفون يا إخوان، القضية الفلسطينية هي أولوية رئيسية بالنسبة لنا، وسنستمر في عمل كل ما نستطيع، من أجل إنصاف أشقائنا الفلسطينيين، وإنهاء الإحتلال، وتمكينهم من الوصول إلى حقهم في الحرية والدولة على ترابهم الوطني.

للأسف، العملية السلمية تمرّ في أزمة، لكن واجبنا تجاه الأشقاء وتجاه كل شعوب المنطقة، هو أن نستمر في العمل من أجل تحقيق السلام العادل، الذي يعيد الحقوق الفلسطينية والعربية على أساس حلّ الدولتين وفي سياق إقليمي شامل.

وأنا حذّرت وأحذر من أن بديل السلام هو المزيد من الصراع والحروب والمعاناة. الوضع الراهن غير مقبول، وإذا لم ننجح في تحقيق التقدم المطلوب في المفاوضات، فإنني أخشى أن التوتر القائم سينفجر، وسيدفع الجميع ثمن ذلك.

ومثلما أقول دائماً: على إسرائيل أن تختار بين أن تعيش قلعة معزولة في المنطقة، أو أن تَصلَ إلى سلام مع كل الدول العربية والإسلامية على أساس مبادرة السلام العربية، ومن خلال الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة التي تعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، في إطار سلام شامل يضمن الأمن الحقيقي والقبول لإسرائيل.

والوصول إلى السلام يتطلب إيجاد البيئة الإيجابية لإطلاق المفاوضات، من خلال وقف إسرائيل لكل الإجراءات الأحادية في الأراضي المحتلة، وبخاصّة بناء المستوطنات في الضفة الغربية وفي القدس الشرقيّة. هذه الإجراءات غير قانونية، وهي إجراءات نرفضها وندينها بشكل مطلق، وهي تعيق كل جهودنا لتحقيق السلام.

وبالنسبة للقدس تحديداً، فما تقوم به إسرائيل هو نوع من اللعب بالنار، والقدس ومقدساتها بالنسبة لكل العرب والمسلمين هي قضية مقدسة، وكل الخيارات السياسية والدبلوماسية والقانونية مفتوحة أمامنا لحماية القدس والأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية فيها.

نحن نريد السلام ونعمل من أجله، لأن السلام العادل حق لكل شعوب المنطقة، وعلى إسرائيل أن تتجاوب مع هذا الموقف العربي. فالسلام وحده، وليس الجيوش ولا الجدران، هو الذي يضمن الأمن الحقيقي لكل الشعوب ولكل الدول.

أتمنى لكم التوفيق في هذا الملتقى، وأتوقع منكم الكثير.

والله يعطيكم العافية.