خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني في مؤتمر القمة العربية - الدورة العادية الثانية والعشرين

٢٧ آذار ٢٠١٠

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي العربي الأمين،

فخامة الأخ القائد معمر القذافي، قائد ثورة الفاتح العظيم،
الإخوة القادة العرب،
معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،

فيأتي انعقاد هذه القمة الدورية، في وقت تواجه فيه أمتنا العربية، العديد من التحديات المصيرية، التي تفرض علينا العمل على وضع إستراتيجية عربية موحدة، تمكننا من مواجهة هذه التحديات لحماية مصالح أمتنا، وتعزيز إمكانياتنا على التأثير في الأحداث التي تمس قضايانا المختلفة.

وبناءً على ذلك، فإننا نؤكد على أهمية العمل الجاد، لتعزيز وتطوير مؤسسات العمل العربي المشترك، وفي مقدمتها جامعة الدول العربية، فالتحديات التي تواجه أمتنا، ومعطيات الواقع الدولي، تستدعي العمل على تعزيز وتفعيل دور هذه الجامعة، لتواكب غيرها من المنظمات الإقليمية الأخرى.

وعلى ذلك، فإننا ندعم كل جهد يهدف إلى تنقية الأجواء العربية، وتحقيق التضامن العربي، وإلى تجاوز كل الخلافات التي تؤدي إلى التدخل الخارجي في شؤوننا ... ليس لنصرة قضايانا العادلة، وإنما لتحقيق طموحات الهيمنة والنفوذ. وهنا لا بد لي من أن أذكر بالشكر والتقدير جهود المملكة العربية السعودية، من أجل تحقيق التضامن العربي الكامل ... والجهود التي تقوم بها جمهورية مصر العربية، لتحقيق المصالحة الفلسطينية، وتوحيد الكلمة والموقف الفلسطيني تحت مظلة الشرعية الفلسطينية.

فخامة الأخ الرئيس،
الإخوة القادة العرب،

إن تبني مبادرة السلام العربية في قمة بيروت عام 2002، والتمسك بها في كل القمم العربية التي تلتها ... قد رسخ القناعة بالإلتزام العربي الجماعي، بتحقيق السلام الشامل والعادل على أساس حل الدولتين، الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة، في الضفة الغربية وقطاع غزة، وعاصمتها القدس الشرقية، وفي سياق إقليمي ... يضمن استعادة الحقوق والأراضي العربية المحتلة بالكامل.

وقد أدى استمرار التمسك العربي بهذه المبادرة، إلى بلورة إجماع دولي غير مسبوق... على أن حل الدولتين هو الحل الوحيد للقضية الفلسطينية، وعلى أن إحلال السلام الشامل والعادل في الشرق الأوسط هو مصلحة حيوية ... ليس للعرب والفلسطينيين والإسرائيليين وحسب، وإنما للعالم أجمع. وعلى ذلك، فإن على المجتمع الدولي، أن يتحمل مسؤولياته بالضغط على إسرائيل، لإزالة العقبات والعراقيل التي وضعتها أمام المسيرة السلمية، ووقف الممارسات غير القانونية وغير الشرعية، المتمثلة في استمرار الإستيطان في الأراضي المحتلة وفي القدس الشرقيه بشكل خاص ... وفي انتهاك القانون الدولي والإنساني، من خلال هدم منازل الفلسطينيين ومحاولة تهجيرهم، لتغيير الواقع السكاني والطابع العربي للقدس الشرقية.

وإننا نحذر هنا، من ضياع هذه الفرصة الأخيرة، لإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي. وندعو المجتمع الدولي ... والولايات المتحدة بشكل خاص، إلى مواصلة جهودهم لإيجاد الحل العادل لهذه القضية المحورية، حتى لا تغرق هذه المنطقة وشعوبها، في دوامة جديدة من العنف والصراع، الذي يهدد الأمن والسلم العالمي ... وعلى إسرائيل أن تعرف أنها لن تحصل على الأمن، ما لم يحصل الفلسطينيون أيضا على حقهم في الأمن والحرية والدولة ... وعليها أن تختار بين البقاء قلعة معزولة أو العيش بسلام مع جيرانها.

فخامة الأخ الرئيس،
الإخوة القادة العرب،

إن القدس الشرقية المحتلة، تتعرض يوميا لإجراءات إسرائيلية، من شأنها تغيير تركيبة المدينة السكانية وتهويدها، وطمس هويتها العربية، وتهديد مقدساتها الإسلامية والمسيحية. ونحن إذ ندين هذه الإجراءات الإسرائيلية ونرفضها، فإننا سنعمل كل ما نستطيع، للإستمرار في دورنا التاريخي في المحافظة على عروبة القدس ورعاية وحماية مقدساتها، حتى تتحرر من نير الإحتلال.

ولا بد لي من التأكيد هنا أيضا، على ضرورة تكثيف جهودنا مع المجتمع الدولي، لرفع الحصار الإسرائيلي الجائر، عن أهلنا الصابرين في قطاع غزة، الذين يعيشون ظروفا مأساوية لا يمكن السكوت عليها.

فخامة الأخ الرئيس،
الإخوة القادة العرب،

يتعين علينا أن نقف بحزم في وجه كل محاولات التدخل الخارجي في شؤون الدول العربية، ومحاولات العبث بأمنها واستقرارها. وعلى ذلك، فنحن نساند الجمهورية اليمنية الشقيقة، في كل الإجراءات التي قامت بها، لمنع التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية، وندعم جهودها في محاربة الإرهاب، ومنع تنظيم القاعدة وغيره من التنظيمات الإرهابية، من التغلغل في اليمن الشقيق، وتهديد الأمن والإستقرار فيه وفي دول الجوار والعالم.

كما نؤيد وندعم كل الإجراءات التي تقوم بها المملكة العربية السعودية الشقيقة، للدفاع عن أمنها واستقرارها ومحاربة الإرهاب. ونساند دول الخليج العربي الشقيقة، في التصدي لكل من يحاول العبث بأمنها أو استقرارها، أو التدخل في شؤونها الداخلية، أو منازعة سيادتها الكاملة على كل شبر من أراضيها.

ونؤكد أيضا على وقوفنا إلى جانب لبنان الشقيق، في وجه التهديدات الإسرائيلية المدانة، وإلى جانب حكومته وشعبه، ضد كل من يحاول العبث بالنسيج الداخلي اللبناني، أو يهدد استقرار لبنان وسلمه الأهلي. ونؤكد أيضا دعمنا للسودان الشقيق، ورفض كل ما يهدد أمنه واستقراره.

أما العراق الشقيق، فإننا نؤكد دعمنا ووقوفنا إلى جانبه، وندعم مسيرة الوفاق الوطني، التي توحّد جميع أطيافه السياسية والدينية والعرقية، تحت مظلة الهوية العراقية الجامعة الواحدة، وصولا إلى ترسيخ الأمن والإستقرار والحفاظ على وحدة العراق واستقلاله. وأوكد هنا، على أن ما نقوم به جميعا من أجل العراق، هو دون المستوى المطلوب ... فالعراق بحاجة إلى ما هو أكثر من المساندة والتأييد المعنوي، وهو بحاجة إلى المساعدة الفاعلة على أرض الواقع.

وفي الختام، لابد لي من أن أتوجه بالشكر والتقدير للأخ القائد معمر القذافي، قائد ثورة الفاتح العظيم، على كرم الضيافة والإعداد الجيد لهذه القمة، الذي أسهم في إنجاحها ... كما أتقدم بالشكر أيضا، إلى صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، على جهوده الخيّرة خلال رئاسته للقمة العربية.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.