كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني في حفل افتتاح المقر الجديد لجمعية الشؤون الدولية

٣١ كانون ثاني ٢٠١٢

بسم الله الرحمن الرحيم

دولة الأخ الدكتور عبد السلام المجالي،
الإخوة والأخوات،
الحضور الكرام،
الله يعطيكم العافية،

يسعدني أن أكون معكم اليوم، وأن أبارك لكم افتتاح المقر الجديد لجمعية الشؤون الدولية، هذه المؤسسة التي استمر عطاؤها الفكري المتميز منذ عام 1977.

إن استمرار هذه المؤسسة بهذا العطاء طيلة العقود الماضية جاء نتيجة الجهود المخلصة للقائمين عليها من مجلس الأمناء، ومجلس الإدارة، والأعضاء... فلهم منا جميعا كل الشكر والتقدير. ولا بد من توجيه الشكر أيضـا للمانحين من أصدقاء الأردن وأنصار المعرفة، الذين دعموا نشاطات هذه المؤسسة، وساهموا في تمويل إنشاء هذا المقر الجديد، ليكون منارة للفكر والمعرفة والحوار حول مختلف القضايا والتحديات التي تواجه دول وشعوب هذا الإقليم.

إن الفكرة الرائدة والهدف النبيل الذي قامت من أجله هذه الجمعية هو من ثوابت نهج الدولة الأردنية لمأسسة الحوار العلمي والفكري المنتج، وفتح الـمجال لكل الكفاءات للتعبير عن فكرها وإسهامها في بناء الوطن.

وفي هذا اليوم، نستذكر الحسين الباني، رحمة الله عليه، ورؤيته وطموحاته وإصراره على أن يكون الأردن مثالا في القدرة على مواجهة التحديات، وتحقيق أعظم الإنجازات بالاعتماد على الإنسان الأردني المبدع... وهذا الأمر يجسد قناعتنا أيضا بأن الإرادة الواعية هي التي تصنع الإنجاز، وتحول التحديات إلى فرص.

أتحدث إليكم بهذه المناسبة باعتباركم نخبه متميزة تعمل من أجل الأردن ومستقبله، ومن أجل القضية العربية الأولى، فلسطين، وحق شعبها الشقيق في الحرية والعدالة. ولا بد هنا من التأكيد على أن تحقيق العدالة للفلسطينيين يتطلب حلا شامـلا يضمن قيام دوله فلسطينية مستقلة، وقابلة للحياة على التراب الوطني الفلسطيني.

إن الأردن الداعم للأشقـاء الفلسطينيين هـو المبادر عربيا وإقليميا، وهو القوي المتماسك بجبهته الداخلية، لذا لا بد من التوقف عند جهود الإصلاح التي يشهدها الأردن، خاصة في الجانب السياسي، وفي سياق إحدى الأوراق التي طرحتوها مؤخرا، والتي حملت أسئلة محوريـه حول الـخطوات العملية لإنجاز الإصلاح، ومن ذلك: ماذا يتبع الخطابات الملكية في الإصلاح؟ وما الذي يجب أن يفعله المفكرون والسياسيون؟ وكيف نصل إلى توزيع واضح للمسؤوليات والأدوار لتنفيذ الإصلاح؟

إن خارطة الإصلاح السياسي للعام الحالي محكومة بثلاثة أهداف نهائية واضحة، وهي: إجراء انتخابات نيابيه نزيهة وفق قانون انتخاب يضمن أعلى درجات التمثيل، وبالتالي إنتاج مجلس نيابي جديد بتوجهات حزبية، وصولا إلى تشكيل حكومات حزبيه برلمانيه ممثلة.

وأؤكد هنا أن الجميع شركاء في هذه العملية الوطنية: الشعب كقوى ناخبة، والأحزاب كقوى سياسية متنافسة، والسلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية كجهات تقوم بالتشريع والإدارة والإشراف على المشروع الإصلاحي.

أما دوركم فهو أساسي في إطلاق حوارات ترسخ الثقافة الحزبية والانتخابية، وتجدد العمل الحزبي والسياسي على أسس الحداثة والبرامجية، وأنتم أصحاب الرؤى والخبرة في هذا المجال.

وبهذا الإنجاز الإصلاحي، نحمي الأردن من الفوضى وعدم الاستقرار، الذي تشهده المنطقة من حولنا، ويكون الأردن مثالا في التحول الإصلاحي الذاتـي والتدريجي.

وأنا على ثقة، بأن هذه الأفكار، ستحظى بنقاش عميق ومنتج في هذا الصرح الوطني الرائد.

وأتمنى لكم النجاح والتوفيق، والله يعطيكم العافية.