مقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني مع مركز تلفزيون الشرق الأوسط (إم. بي. سي.)

١٤ نيسان ٢٠٠٢

ام بي سي: أعزائي مشاهدي (إم. بي. سي) ومستمعي راديو (إم. بي. سي – إف. إم) في كل مكان، أسعد الله أوقاتكم بالخير والبركة، ونرحب بكم في هذا اللقاء الخاص من عمان، التي تفصلها بضع كيلومترات عن الضفة الغربية... ضفة نهر الأردن غرباً، التي تعيش هذه الأيام أوضاعاً صعبة، جراء العدوان الإسرائيلي الذي طال كل شيء. وحوارنا هذه الليلة سيكون خاصاً في توقيته ومميزاً في ضيفه، حيث نستضيف خلاله قائداً عربيا، تحمّل ويتحمّل اليوم أمانة المسؤولية في ظل أوضاع صعبة للغاية يشهدها عالمنا العربي...

نرحب بصاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين... أهلاً وسهلاً بكم جلالة الملك، واسمح لي أن أتقدم بالشكر على إتاحة هذه الفرصة لنا في (إم. بي. سي) لإجراء هذا الحوار الأول على قناة فضائية عربية، والذي تطلون من خلاله اليوم على أمتكم العربية وشعبكم الأردني، وهو جلالة الملك يأتي في ظروف بالغة الحساسية وخطيرة تعيشها المنطقة... ونحب جلالة الملك أن نستمع حول نتائج الجهود الشخصية وجهود الحكومة لدعم الشعب الفلسطيني.

جلالة الملك: أخي الكريم، الأردن بكل مؤسساته الرسمية والشعبية وبكل إمكانياته، يقف إلى جانب الأشقاء الفلسطينيين، وإلى جانب صمودهم العظيم ونضالهم المشرف، من أجل تحرير أرضهم وإقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني وعاصمتها القدس الشريف، وهذا موقف أردني مبدئي وثابت من بداية الهجوم الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني واحتلال المدن الفلسطينية. من جديد بادرنا في الأردن أنا شخصياً وحكومتي بالاتصال مع الولايات المتحدة وبالدول الأوروبية وبالعالم العربي، واستخدمنا كل علاقاتنا مع العالم من أجل وقف هذا الهجوم الإسرائيلي، ووضع حد لمعاناة أهلنا وإخوانا الفلسطينيين تحت الاحتلال والقتل والحصار.

وعلى الصعيد الشعبي، مثل ما بتعرف عبر الشعب الأردني عن كل الدعم و المساندة لإخوانّا الفلسطينيين، سواء من خلال التبرعات بالدم أو المواد الطبية والغذائية أو من خلال المسيرات وغيرها، وإحنا بنعتقد أنه هذا واجبنا، ورايحين نظل مثل ما كنا من البداية إلى جانب اخوانّا الفلسطينيين، وإلى جانب قيادتهم الشرعية المنتخبة.

ام بي سي: جلالة الملك... هذا الموقف عبرتم عنه في أكثر من مناسبة، لكن كثر الحديث في الفترة الأخيرة في العلن والصريح، وبطريقة غير مباشرة عن أن هناك خططاً ومحاولات ترسم الآن لتغيير واستبدال الرئيس عرفات وإيجاد قيادة بديلة عنه، حتى أن بعض وسائل الإعلام -واعذرني جلالة الملك للإطالة- ذهبت إلى أبعد من ذلك، بقولها أن زيارة وزير الخارجية الأميركي باول للمنطقة كان هدفها الأساسي إقناع الدول العربية بضرورة استبدال وتغيير الرئيس عرفات... جلالة الملك ماذا تقولون في ذلك؟

جلالة الملك: شكراً على هذا السؤال، نحن في الأردن لا نعترف بأي قيادة للشعب الفلسطيني إلا بالقيادة الشرعية المنتخبة، وعلى رأسها الأخ ياسر عرفات، وسنقف بكل إمكانياتنا إلى جانب الأخ أبو عمار، ونحن ضد أي محاولة للتشكيك بهذي القيادة الشرعية المنتخبة أو إيجاد بديل إلها أو تهميشها وأي محاولة لاستبدال هذي القيادة، هيه مؤامرة على الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.

ام بي سي: كما تفضلتم جلالتكم، هي ربما كانت مؤامرة على الشعب الفلسطيني، لكن من الواضح أن الأردن الذي استقبل موجات كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين جراء الحروب العربية مع إسرائيل، بات اليوم يهدد من قبل بعض القادة الإسرائيليين المتطرفين، في موجة جديدة من الهجرة القسرية للأردن أو لأي بلد عربي آخر... وهذا أمر خطير جداً وطروحات خطيرة، ما هو موقف الأردن وجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين من هذا الموضوع الحساس والخطير؟

جلالة الملك: يا سيدي، أنا متأكد انه صمود الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية على أرضهم أكبر وأقوى من أي مؤامرة أو محاولة لطردهم من أرضهم، ونحن في الأردن سنقف بكل قوة في وجه أي محاولة لطرد أي فلسطيني من وطنه تحت أي ظرف من الظروف، وهذا أيضاً موقف أردني ثابت فيه مصلحة للفلسطينيين مثل ما فيه مصلحة للأردن.

ام بي سي: جلالة الملك، تحدثتم عن موقف أردني ثابت من دعوات طرد الفلسطينيين والتهجير القسري... لكن واسمح لي صراحتي... ماذا عن طرد السفير الإسرائيلي في عمان وإغلاق السفارة الإسرائيلية... أحدهم وصفها في تصريح للـ(إم. بي. سي) بسفارة الأوغاد، وتوعد بالزحف المقدس لاقتلاعها... بعد إذن جلالة الملك هناك أصوات تطالب بإغلاق السفارة وإبعاد السفير من عمان... هناك ضغط شعبي رغم أن بعض الآراء تقول أن الأمر قد يدفع إسرائيل لخرق المعاهدة وتهجير الناس؟

جلالة الملك: كلنا بنعرف أنه النافذة الوحيدة لأهلنا وإخوانا الفلسطينيين تحت الإحتلال هيّه الأردن، وإذا أغلقنا السفارة الإسرائيلية أو طردنا السفير مثل ما بدهم بعض الناس، سيقوم الطرف الآخر بإغلاق الجسور، وفي هذي الحالة لن نتمكن من إدخال أي مساعدات أو أي تبرعات أو أي دعم مادي لأهلنا وإخوانّا تحت الاحتلال والحصار، وهذا معناه زيادة المعاناة وتشديد الحصار على أهلنا وإخوانا، ونحن نعتقد انه طرد السفير أو إغلاق السفارة الإسرائيلية له آثاره السلبية على أهلنا في فلسطين أكثر من آثاره السلبية على إسرائيل.

ام بي سي: نعم سيدي، وأذكر أن جلالتكم كنتم على رأس حملة التبرع بالدم وكانت رمزاً لوحدة الدم، وهو أيضاً وليد الإيمان بأهمية الوحدة الوطنية... لكن في موضوع الوحدة الوطنية، حذرتم جلالة الملك من المساس في الوحدة الوطنية وهناك من وجد في منع التظاهرات من قبل الناس الغاضبين فيه شيء من التراجع عن نهج الديمقراطية وحق الناس بالتعبير، ولكن أيضاً كان هناك أسلحة وقنابل يدوية حارقة كما قالت الحكومة ووزارة الداخلية، تمّ إعدادها لتظاهرة الزحف على السفارة الإسرائيلية، هل ثمة شعور أن هناك من يحب أن يصدر أزمة شارون وما يحدث للأردن؟

جلالة الملك: أخ سعد، في آخر أسبوعين حصل في الأردن مئات المسيرات في كل المدن والمخيمات، وهذي المسيرات كلها كانت مرخصة، لكن... كان فيه عدد قليل جداً من المظاهرات التي خرجت بدون موافقة من الحكومة، ومع الأسف هذي المسيرات واللي ما حصلت على تصريح هيه اللي قامت بالاعتداء على رجال الأمن وتخريب الممتلكات العامة والخاصة، هناك مسيرات شارك فيها وزراء ومسؤولين كبار من الحكومة، وهناك مسيرة شاركت فيها الملكة رانيا وعدد من الأميرات، وباختصار نحن مع حرية الناس في التعبير عن دعمهم ومساندتهم لإخوانا تحت الاحتلال والحصار، سواء بالمسيرات أو غيرها، لكن عندما تصبح المسيرة وسيلة للتخريب أو الاعتداء على رجال الأمن أو إثارة الفتنة بين أبناء الأسرة الواحدة سيكون واجبنا وضع حد لكل مظاهر الفوضى والعبث بأمن المواطنين وممتلكاتهم، وأنا قلت أكثر من مرة انه أمن الوطن واستقراره ووحدتنا الوطنية بالنسبة إلنا خط أحمر، ولن نسمح لأي كان أن يعبث بأمننا أو وحدتنا الوطنية بأي شكل من الأشكال.

ام بي سي: أيضاً جلالة الملك، كان لكم لقاء مع وزير الخارجية الأميركي كولن باول، والذي وجد الناس أنه تأخر في الوصول إلى النقطة الساخنة الضفة الغربية، وتزامن أيضاً وجوده في القدس مع عملية تفجير لكتائب الأقصى التابعة لفتح أدانتها السلطة الفلسطينية... كيف كان لقاؤكم مع وزير الخارجية الأميركي؟

جلالة الملك: أنا طلبت من وزير الخارجية الأميركي أن تقوم الولايات المتحدة بدور أكبر، وتضغط على إسرائيل بشكل جدي من أجل وقف الهجوم الإسرائيلي ورفع الحصار والانسحاب الفوري من المدن والأراضي الفلسطينية، وأكدنا على ضرورة العودة إلى المفاوضات السلمية بالاستناد إلى قرارات الشرعية الدولية، لأن المشكلة في أساسها مشكلة سياسية وليست أمنية، والاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية هو سبب الصراع في المنطقة، وقلت للوزير الأميركي أن العالم العربي ملتزم بمبادرة سمو الأمير عبد الله بن عبد العزيز الشجاعة والحكيمة، باعتبارها ركيزة رئيسية لتحقيق السلام الشامل والدائم في المنطقة.

ام بي سي: أعرف جلالة الملك، أن لديكم ارتباطات أخرى وربما أثقلنا على جلالتكم... لكن حقيقة الأمر ما تحمله لنا عدسات المصورين عن ملاحم بطولية على الأرض، تبشر بإذن الله بفجر جديد آتٍ لا محالة وتبعث بالنفس الطمأنينة والأمل، وبأن هذا الصمود الفلسطيني على الأرض يبشر بالخير، فقط أريد من جلالتكم، عبر محطة العرب شاشة (إم. بي. سي) كلمة توجهونها للشعب الفلسطيني الصامد المرابط على أرضه.

جلالة الملك: مرة ثانية، نحن في الأردن أنا والحكومة والشعب نقف بكل إمكانياتنا وبكل ما نستطيع إلى جانب أهلنا وإخوانا الفلسطينيين وقيادتهم الشرعية، وإلى جانب الرئيس ياسر عرفات وهو بالنسبة إلنا القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني، نحن مع الشعب الفلسطيني ومع الأخ أبو عمار في نضالهم وصمودهم من أجل تحرير أرضهم وإقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني وعاصمتها القدس الشريف.