مقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني مع شبكة الـ سي. إن. إن.

٣١ كانون ثاني ٢٠٠٥

سي. إن. إن.: تحياتي لكم جلالة الملك من العراق المجاور...
اريد ان اسالك وقد شهدت الانتخابات تمر بسلام؛ ما هو رايكم بما حدث للتو هناك؟

جلالة الملك: اعتقد ـ كريستيان ـ انه يمكننا ان نتقدم بالتهاني لكافة العراقيين واعتقد ان الجميع مسرورون بالنتائج ويبدو ان يوم امس كان يوما ناجحا بالنسبة للعراقيين.

سي. إن. إن.: كما تعلمون يا صاحب الجلالة فان موقف الرئيس بوش هو ان الديمقراطية في العراق ستؤدي الى ازدهار الديمقراطية في جميع أنحاء الشرق الاوسط هل تعتقدون ان هذا الاحتمال الارجح اليوم؟

جلالة الملك: اعتقد انه عندما يكون لدينا نماذج ناجحة للعملية الديمقراطية سواء في العراق او في فلسطين فان هذا يساعد دول مثل الاردن حتى تتمكن من التقدم في هذا المجال لذا فاني اعتقد ان ما شهدناه بالامس في العراق هو امر ايجابي واعتقد انه امر سيمهد الطريق في الشرق الاوسط وانا متفائل جدا.

سي. إن. إن.: وماذا تعتقدون بشان الدول العربية الاقل ديمقراطية خصوصا اذا ما نظرنا الى الدول التي لا تحظى بالديمقراطية حتى الان هل تعتقدون ان حكام تلك الدول سيخشون من مشهد الديمقراطية في العراق؟

جلالة الملك: ساكون متفاجئا اذا خشي القادة من هذا الامر فكما تذكرين فان مبادرة الشرق الاوسط الكبير التي اطلقها الرئيس بوش في العام الماضي كانت تسعى لمحاولة دفع ملف الاصلاحات السياسية ومن الواضح انه كان لها تاثير سلبي لان الناس شعروا بانها اصلاحات مفروضة عليهم من الخارج لكن منذ ذلك الوقت ازداد الوعي في الشرق الاوسط وفي العالم العربي واعتقد ان الاصلاح السياسي اصبح موضوعا مطروحا للنقاش في مجتمعات الشرق الاوسط وكنتيجة لذلك فلا يمكن الا ان يكون الامر ايجابيا فما ان تشرع في الاصلاح وتفتح الباب للحوار في هذا الامر في المجتمع كما هو الحال في الشرق الاوسط يصبح من الصعب اعادة اغلاق هذا الملف واعتقد ان الشعوب اصبحت واعية وان الحكام يدركون ان عليهم المضي قدما في عملية الاصلاح ولا اعتقد ان هناك عودة الى الوراء.

سي. إن. إن.: من اللافت للنظر انكم قلتم انهم كانوا ينظرون الى الامر على انه كان مفروضا من الخارج... هل تعتقدون ان القادة سينظرون اليه اليوم على انه صوت الشعوب التي تطالب بالديمقراطية والتغيير؟

جلالة الملك: اعتقد ذلك؛ لان هذا الامر كان من الامور المحظورة قبل عام من الان ؛ ولكن مع بداية عام 2004 عندما بدأت تطرح هذه القضايا حول الشرق الاوسط ويتم تداولها الان في مختلف نواحي الحياة في مختلف ارجاء العالم العربي فمن الواضح ان الانتخابات الفلسطينية الناجحة وكذلك الانتخابات العراقية التي تبدو ناجحة من شأنهما طمأنة الشعوب بان الشرق الاوسط بحاجة الى العملية الديمقراطية وانها يجب ان تؤخذ على محمل الجد.

سي. إن. إن.: اسمحوا لي بسؤال عن الطائفة التي يتم تمكينها في العراق اليوم. ومن الواضح انهم الشيعة ؛ فقد شهدنا انهم شاركوا بأعداد اكثر من السنة ونعلم انهم الاكثر استفادة من العملية الديمقراطية كونهم الاكثر عددا في العراق؛ واعتقد ان لدى الاردن بعض المخاوف ازاء ذلك فهو لا يريد ان يرى دولة اسلامية على غرار ايران على حدوده هل تعتقدون ان قيام جمهورية شيعية والمخاوف حيال ذلك مشروعة الان؟

جلالة الملك: اعتقد انه من السابق لأوانه التكهن بذلك؛ وقد سررنا بهذه المشاركة الكبيرة للشيعة في الانتخابات؛ وكذلك كانت مشاركة الاكراد متميزة من خلال الذهاب الى صناديق الاقتراع؛ وكانت هناك مشاركة للسنة لكنها اقل بكثير مما كنا نطمح اليه وكما تعلمين فان هذه الحكومة الجديدة ستكون مسؤولة عن صياغة الدستور العراقي الجديد لذا فاننا نريد لهذه الحكومة ان تكون شاملة ونريد عملية سياسية تضم مختلف أطياف المجتمع العراقي، وكما تدركين فهذه هي الانتخابات الاولى ولكن الانتخابات الاهم منها هي تلك التي ستجري في نهاية هذا العام في كانون الاول والتي ستكون الاقرب الى تحديد تركيبة الحكومة العراقية الدائمة.

سي. إن. إن.: صاحب الجلالة نشرت صحيفة النيويورك تايمز موضوعا يوم الاحد ذكرت فيه انكم توجهتم الى واشنطن؛ وعبرتم عن مخاوفكم ازاء احتمال قيام جمهورية اسلامية شيعية في العراق؛ ومثل هذه المخاوف؛ ولقد نقلت النيويورك تايمز عن احد كبار مسؤولي الخارجية الاميركية قولا يبدد مخاوفكم؛ واصفا اياها بانها عنصرية ومناهضة للشيعة هل هذا تصريح عادل؟

جلالة الملك: اذا كان لديكم خلفية عن المملكة الاردنية الهاشمية وتاريخ اسرتنا فستدركين ان لدينا ارتباطا خاصا بالشيعة وان لهم مكانة خاصة في قلوبنا؛ وعندما اعربت عن قلقنا حيال الشيعة في العراق كنت اتحدث عن الخلفية السياسية لذلك؛ وليست الدينية؛ فكوننا ننحدر من سلالة الرسول ومن آل البيت فتربطنا بالشيعة علاقات خاصة وحميمة ليس في العراق فحسب بل في ايران ومختلف ارجاء العالم الاسلامي؛ وما كان يقلقنا هي الجوانب السياسية اذ اننا نريد العراق للعراقيين وليس لغيرهم.

سي. إن. إن.: كيف يمكن لمسؤول كبير في وزارة الخارجية الاميركية ان يدلي بمثل هذا التصريح؟ هل تعتقدون ان ذلك امر ملائم؟

جلالة الملك: لقد فاجأني ذلك؛ فانا لم أقرأ هذا المقال ولا أعلم ان كان المقال قد ذكر اسما محددا ام مجرد مصدر في وزارة الخارجية لكن من الواضح ان ذلك الرجل لا يدرك طبيعة العلاقة الدينية التي تجمعنا نحن آل البيت مع الشيعة، لذا اعتقد انه غير مطلع على تاريخ منطقتنا.

سي. إن. إن.: كما ذكرتم فالمقال لم يتضمن اسما محددا بل مجرد مصدر رفيع في الخارجية الاميركية لم يكشف النقاب عنه تحدث للنيويورك تايمز لكن اريد ان اسألكم: هل تشعرون الآن بالقلق ازاء المستقبل في العراق بعد الانتخابات واذا كان الامر كذلك فما الذي يقلقكم؟ وهل تعتقدون ان الانتخابات ستزرع بذور الاستقرار في المستقبل ام اننا سنشهد مزيدا من الفرقة وحركات التمرد وأن يشعر السنة بانهم مهمشون مع مضي العملية؟

جلالة الملك: اعتقد ان السنة يشعرون بانهم مهمشون؛ وأعتقد ان هذه القضية ستكون من أهم اولويات الحكومة الجديدة؛ بان تكون حكومة شاملة وان تضم السنة الى المسيرة؛ واعتقد ان المشاركة الكبيرة للعراقيين في الانتخابات بالامس هي مؤشر على مدى وعي وتقدم فكر الشعب العراقي الذي تحمل المخاطر بالذهاب الى صناديق الاقتراع والانتخاب؛ واعتقد ان الرسالة التي قدمها الشعب العراقي بالامس تفيد بانه لن يسمح للمتطرفين او المتمردين بالوقوف في طريق مستقبلهم؛ واذا كان هناك عبرة يمكن استخلاصها مما حدث في الامس فهي ان العراقيين توحدوا واصبحوا اكثر قوة من المجموعات المتطرفة التي حاولت زعزعة العراق خلال العامين الماضيين.

سي. إن. إن.: صاحب الجلالة اسمحوا لي ان أنتقل الى عملية السلام في الشرق الاوسط؛ وانتم المضطلعون بشكل كبير فيها ستقوم وزيرة الخارجية الاميركية الجديدة كونداليزا رايس بأول جولاتها في الخارج؛ وستشمل هذه الجولة الشرق الاوسط. هل تعتقدون انه يتعين على كوندأليزا رايس ان تكرس وقتا أطول لهذه القضية الهامة اكثر مما كرسه سلفها؟ وهل يتعين على الرئيس بوش ان يكرس وقتا اطول في هذه الفترة الرئاسية اكثر مما فعل في فترته الرئاسية السابقة؟

جلالة الملك: لقد بذل كولن باول الكثير من الجهد كما فعل الكثيرون في الادارة الاميركية لدفع العملية السلمية بين الفلسطينيين والاسرائيليين؛ وكما تدركين فقد واجهتنا بعض العقبات؛ واعتقد ان هناك فرصا سانحة جديدة للفلسطينيين والاسرائيليين؛ واعتقد ان الفلسطينيين تمكنوا من اجراء انتخابات ناجحة؛ ولديهم رئيس دولة تحمل العديد من المصاعب ليكون شريكا في السلام؛ واعتقد ان للاسرائيليين بالتأكيد شريك في السلام؛ لذا اعتقد ان دور وزيرة الخارجية سيكون أسهل في ظل الأجواء المشجعة الآن بين الفلسطينيين والاسرائيليين للعودة بخريطة الطريق الى مسارها الطبيعي ونتمنى للدكتورة رايس التوفيق في رحلتها الى المنطقة؛ فلقد التقى الفلسطينيون والاسرائيليون في المنتدى الاقتصادي الدولي في دافوس قبل ايام قليلة وقد علمت ان هذه الاجتماعات كانت ايجابية؛ واعتقد اننا في بداية عملية ستؤدي كما نأمل الى العودة الى خريطة الطريق؛ والعودة بالعملية السلمية الى مسارها.