مقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني أجرتها صحيفة كازاخستانسكايا برافدا

٨ آب ٢٠٠٧

كازاخستانسكايا: ستزورون جلالتكم قريباً كازاخستان للمرة الثانية خلال سنتين، وقد زار الرئيس نورسلطان نازارباييف الأردن في بداية هذا العام. كيف ترون جلالتكم العلاقات الكازاخستانية - الأردنية؟ وماذا تتوقعون جلالتكم من زيارتكم القادمة لبلادنا؟

جلالة الملك: علاقاتنا الثنائية متميزة، ويسرني أن أرى أن رغبة الأردن في تعميق وتوسيع هذه العلاقة وجدت تجاوباً مماثلاً في كازاخستان، وخاصة لدى فخامة الرئيس نورسلطان نازارباييف. كما أن هناك التزاما قويا جداً لدى الجانبين لتطوير علاقاتنا على جميع المستويات الرسمية، والاقتصادية، والثقافية. ولم ينعكس هذا في العلاقات المتبادلة بيني وفخامة الرئيس فحسب، بل شمل أيضاً افتتاح سفارتين في العاصمتين هذا العام وفي توقيع عدة اتفاقيات خلال زيارة الرئيس نازارباييف للأردن في تشرين ثاني/نوفمبر من العام الماضي. وقبل تلك الزيارة مباشرة، اجتمع وفد كبير من المسؤولين ورجال الأعمال الأردنيين والكازاخيين، وقاموا أيضاً بتوقيع عدة اتفاقيات مما سيثري العلاقات الرسمية، ويعزز التجارة والاستثمار بين بلدينا. وهناك عدة اتفاقيات أخرى تجري مناقشتها.

كازاخستانسكايا: الخبراء والمحللين الذين يدرسون حالة التجارة الثنائية والتعاون الاقتصادي فيما بيننا يميلون إلى القول بأن التعاون لا يرقى إلى مرتبة الفرص المتاحة. ما هي في رأي جلالتكم المجالات الواعدة للتعاون الكازاخي- الأردني؟

جلالة الملك: هناك إمكانية هائلة لنموّ التجارة والتعاون الاقتصادي بيننا، وبخاصة أن بلدينا يشهدان نمواً غير عادي. وتجارتنا الثنائية وتبادلاتنا الثقافية تعتبر متواضعة اليوم، ولكنني أعتقد أنها مُهيّأة أيضاً للنموّ، ولذلك فأنا أرى أن علينا فعلاً أن نركّز على فتح قنوات تجعل مثل هذه التبادلات ممكنة؛ على سبيل المثال، افتتاح خط جوي مباشر بين بلدينا. كما أن الأردن يتطلع أيضاً إلى توقيع اتفاقية تجارة حرّة مع كازاخستان. وهناك أيضاً إمكانية للتعاون في قطاعات تعتبر مفتاحاً للتنمية في كلّ من بلدينا. والأردن يعمل حالياً على تطوير طاقة بديلة، بما في ذلك تطوير برنامج للطاقة النووية. ومن هنا، فإن التعاون في تعدين اليورانيوم، الذي تتمتع كازاخستان بخبرة ومعرفة هائلتين فيه، يعتبر مجالاً كبيرا للتعاون. كما أن خبرة الأردن في قطاعات الاتصالات، وصناعة الأدوية، والبناء، يمكن أن تكون مصدراً تستمّد منه كازاخستان ما يلبّي حاجاتها في مجال الخبرة في هذه القطاعات. وفي الواقع، علمت أن عدّة وفود أردنية متخصصة ستذهب إلى كازاخستان في العام القادم لتقصّي إمكانية التعاون في هذه المجالات.

كازاخستانسكايا: ليس لدى الأردن احتياطات نفطية. ويعتمد اقتصاد البلاد بصورة رئيسية على قطاع الخدمات والسياحة الذي يتميّز به الأردن. كما أن الأردنيين يفخرون بحقّ بنظام الرعاية الصحية الذي اشتُهر بكفاءته العالية وفقاً للمعايير العالمية. كيف يتمكن الأردن من الحفاظ على استقلاله الاقتصادي واستقراره الاجتماعي دون وجود موارد طبيعية رئيسية؟

جلالة الملك: استراتيجيتنا للنمو الاقتصادي والتنمية تتوجّه إلى الداخل والخارج في آن معاً. ففي الأردن، ركّزنا على الإصلاح الاقتصادي الذي يجعل اقتصادنا كفؤاً ومفتوحاً، بينما تستهدف استراتيجيتنا للنمو الاستفادة من الموجودات لدينا فعلاً. فعلى سبيل المثال، هناك موقعنا الإقليمي المركزي ومواردنا البشرية التي تتمتع بكفاءات على مستوى عالٍ. ومن خلال التركيز على التعليم والتدريب، إضافة إلى تعزيز الكفاءة، تضاعفت الإنتاجية ثلاث مرات في السنوات الخمس الأخيرة. كما أن القطاع الخاص يأخذ أيضاً دوراً أكثر من ذي قبل في اقتصادنا من خلال المشاركة والتملّك في القطاعات الرئيسية. وعلى مدى السنوات الست الأخيرة، تمكنّا أيضاً من تنويع قاعدتنا التصديرية، ومن خلال عددٍ من الاتفاقيات التجارية الثنائية والمتعددة الأطراف فتحنا سوقاً عالمياً يشمل الولايات المتحدة الأميركية، وأوروبا، وعدداً من البلدان في آسيا والشرق الأقصى. وكما لاحظتم، يتمتع الأردن بقدرة تنافسية عالية في قطاع الخدمات. ونرفع من سويّة القطاعات التي نتمتع فيها بقدرة تنافسية لجذب الاستثمار الإنتاجي، وإيجاد فرص توظيف مستدامة للأردنيين. وقد كان لهذه الاستراتيجية العديد من المردودات - نموٌّ سنوي معدله 6٪ على مدى السنوات السبع الأخيرة، وهناك سنة سُجّل فيها رقم قياسي في حجم الاستثمارات في الأردن وهي 2006، وزيادة ملحوظة في مستوى معيشة الفرد وانخفاض في اعتمادنا على المساعدات الأجنبية.

كما أننا ننقل التركيز الآن إلى مجالين آخرين من المجالات ذات الأولوية. فنحن نسعى أولا بجهد كبير لضمان شمولية الازدهار بحيث لا يُستبعد منه أحد. ونعمل على تطبيق استراتيجية تنموية تضمن إحداث نشاط اقتصادي أكبر وإيجاد وظائف في جميع أرجاء البلاد، لا في المناطق الحضرية فحسب. وتتكون هذه الخطة من تحويل مناطق مختلفة إلى مناطق اقتصادية خاصة و/ أو مناطق تنموية. لقد كانت منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة في المدينة التي تضم مينائنا البحري على البحر الأحمر الأُنموذج الذي يُحتذى في هذه الخطة. فقد استفادت منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة من المزايا التنافسية للعقبة وتبنّت نظاماً لا مركزياً لتحفيز النمو والاستثمار وإيجاد الوظائف. وهذا الأنموذج يجري تبنّيه وتطبيقه الآن في أماكن أخرى في الأردن. وسيتم تطوير كل منطقة وفقاً لمزايا تنافسية مُحدّدة تتّصل بنوعية تجمعّات منشآت الأعمال التي يمكن لهذه المنطقة أن تجْذبها وتُطوّرها. وبالرغم من أن كل واحدة من هذه المبادرات ستكون فريدة وفقاً للمنطقة التي تُطبّق فيها من البلاد، فإنها جميعاً تشترك في الأهداف ذاتها: جذب المزيد من الاستثمارات، وتحفيز التنمية الإقليمية، وإيجاد المزيد من فُرص التوظيف، ورفع مستوى المعيشة لجميع الأردنيين

أما المجال الثاني فهو أننا نعقد شراكات اقتصادية دولية مُستدامة، كتلك التي نتمتع بها اليوم مع كازاخستان. وهذه الشراكات تستهدف تعزيز العلاقات التجارية، إضافة إلى تحديد المجالات التي يمكن أن تُسخّر لها الخبرات التي تكمل بعضها بعضاً للعمل على تقدّم العلاقات الاقتصادية الثنائية والتنمية في البلدين. ولهذا أيضاً بُعْد دولي أكبر. فعلى سبيل المثال، نعمل الآن على تحقيق مبادرة مجموعة الدول الإحدى عشرة. ومجموعة الدول الإحدى عشرة هي شراكة تضم إحدى عشرة دولة من ذوات الدخل المتدني - المتوسط قامت بتبنّي خيارات الإصلاح الصعبة، وتعمل الآن على الارتقاء إلى مستويات دَخْل أعلى. ونحن نعمل على عقد شراكة مع مجموعة الدول الصناعية الثماني في مجالات ستساعدنا على تحقيق ذلك. ونركّز على تشجيع الاستثمار الذي يدعم إحداث إنتاجية أعلى ونموّا يستند إلى تطوير التجارة بما في ذلك الوصول إلى الأسواق والمساعدات الفنيّة؛ وتخفيف عبء الدَين، لتخفيض الضغوط على الموازنة، والمساعدات المتمثلة في المِنَح المُسْتهدفة. وهذا النوع من الدعم - بالمقارنة مع المساعدات المباشرة- سيساعد على توليد نموٍ مستدام عن طريق إيجاد اقتصادات أكثر استقراراً، وقوةٍ شرائية أكبر، والمزيد من الموارد للتنمية، وفرصٍ جديدة لبلداننا وشركائنا في التجارة والاستثمار، ويعمل على إيجاد دائرة مستدامة من الازدهار والنمو.

كازاخستانسكايا: أسفرت اجتماعات جلالتكم مع فخامة الرئيس نورسلطان نزارباييف عن توقيع عدد من الاتفاقيات، بما في ذلك إتفاقية افتتاح بعثات دبلوماسية على مستوى السفارة، وتأسيس مجلس الأعمال الكازاخي- الأردني، ورفع وتيرة التعاون في المجالات الثقافية والإنسانية، وتوسيع الروابط بين المدينتين الشقيقيتين أستانا وعمّان، وإقامة لروابط مباشرة بين المدينتين؛ هل هناك أمور أخرى يمكن أن تقرّب بدرجة أكبر بين بلدينا وشعبينا وقيادتينا؟

جلالة الملك: إحدى الوسائل تكون من خلال التجارة على نطاق أوسع، فالتجارة حالياً متواضعة - عشرة ملايين دولار في عام 2006- التجارة تكون دائماً مُحفزّاً هاماً لبناء العلاقات بين الناس والحكومات، وآمل أن يتمكن الأردن وكازاخستان قريباً من توقيع اتفاقية تجارة حرّة تعطي دَفْعاً أقوى للنموّ في علاقاتنا على جميع المستويات.

إن كازاخستان والأردن بلدان ناميان، وكما ذكرت سابقاً، أعتقد أن كل بلد يمتلك خبرات يمكن للبلد الآخر أن يستفيد منها بحيث نعمل على تقدّم التنمية في بلدينا. وأخيراً، فإن بلدينا يواجهان أيضاً تحدّيات أمنية مُشتركة مصدرها الإرهاب والتطرّف اللذان يشوّهان صورة ديننا المُشْترك الإسلام. إن الاحترام الذي نكنّه للإسلام، ورسالته في السلام، والتسامح، والاعتدال، هو نقطة الانطلاق لنا للعمل معاً - من خلال القنوات الرسمية أو قنوات التبادل الثقافي- لمواجهة أصوات التطرّف.

كازاخستانسكايا: خلال سنوات استقلالنا، أطلقت كازاخستان عدداً من المبادرات الدولية التي تهدف إلى تعزيز السلام، والاستقرار في المنطقة. وإحدى هذه المبادرات هو "مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا". وهو يوحّد بين ممثلي 18 دولة في القارة الآسيوية. هل ينوي الأردن الانضمام إلى هذا المنتدى؟ وما هو رأي جلالتكم في الإمكانيات والقدرات المتوافرة لهذا المجلس؟

جلالة الملك: السلام ليس مجرّد هدف ضمن منظومة السياسات الأردنية؛ إنه بالنسبة لنا قيمة محورية أساسية، وهو أمر طيّب في حدّ ذاته. ولهذا السبب، يقدّر الأردن إسهامات كازاخستان في مجالي السلام والأمن في منطقة آسيا الوسطى من خلال مبادرة "مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا ". ويتطلع الأردن إلى أن يصبح عضواً كامل العضوية في هذه المؤسسة المهمة، ربما في بداية العام القادم؛ وهذا أمر سيكون مدار بحث مع فخامة الرئيس نزارباييف أثناء زيارتي القادمة لبلدكم.

كازاخستانسكايا: لقد دعوتكم جلالتكم بصورة متصلة إلى استمرار الجهود الدولية لتعزيز الحوار بين الحضارات، والأديان، والثقافات. وفي هذا السياق، يشعر بلدنا بالامتنان بصورة خاصة لجلالتكم لدعمكم لملتقى قادة الديانات العالمية في كازاخستان، واستعداد الأردن للمشاركة الفعّالة في أعمال المُلْتقى. ما هو رأي جلالتكم في الحوار بين الحضارات، هل هو ممكن وهل هو ضروري في أيامنا هذه؟

جلالة الملك: إن حوار الحضارات جزء لا يتجزأ من تاريخ الإنسانية. ولهذا فالمسألة هي ليست فيما إذا كان ممكناً أم لا: فهو ممكن وما زال مستمراً في أيامنا هذه. ونحن قادرون في القرن الحادي والعشرين ، على الاتصال ببعضنا بعضاً في أرجاء المعمورة من خلال الإنترنت، والإذاعة، والتلفزيون، والسفر بيُسْر وسهولة أكثر من ذي قبل. والفكرة كانت دائماً أن هذا الأمر سيؤدي إلى المزيد من التفاهم بين الثقافات والديانات. وما لم نأخذه في الحسبان أن جميع مزايا القرن الحادي والعشرين هذه ستسهّل أيضاًُ الاتصال بين الذين يفضلون زرع بذور الفُرْقة والفوضى وسفك الدماء. وهم يقومون بهذا من خلال استغلال خلافاتنا، عاملين على استمرار الانتقاص من إنسانية الآخر. وهذا يحدث في الشرق وفي الغرب. ولهذا فإن مسألة الحوار بين الحضارات هي اليوم قضية أساسية. فهل نحن حريصون على إدامة حوار الحضارات والارتقاء به؟ أم أننا سنسمح لأصوات التطرف والتعصّب بالسيطرة على الساحة؟ إن الذين يحملون قيم الاعتدال والتسامح باعتبارها قيماً محورية مهمة لا يستطيعون الإجابة على هذا السؤال بصورة سلبية. فواجبنا أن ننهض إلى العمل لنضمن أن تكون أصواتنا هي الأعلى. وأولئك الذين يؤمنون بحق الناس في الحرية والحياة بكرامة عليهم أن يشجّعوا بنشاط ثقافة الحياة وأن يواجهوا أولئك الذين يشجّعون ثقافة العنف وعدم التسامح.

ولهذا فإننا نثني على ما يقوم به فخامة الرئيس نازارباييف في مجال مبادرات الحوار بين الأديان وبين الثقافات. كما نقدّر دعمه للمبادرات التي أطلقها الأردن، مثل رسالة عمّان التي تعرض القيم المحورية الهامة للإسلام وتشرحها. إن الهدف من رسالة عمّان ذو شقّين: أولهما التصدّي للصور السلبية للإسلام والمسلمين في الغرب، وثانيهما تذكير المسلمين بالمبادىء الرئيسية لدينهم. وشؤون الحوار بين الأديان وبين الثقافات يمكن أن تكون قناة بالغة القيمة للتعاون بين بلدينا.

كازاخستانسكايا: إن فترة مهمة من تاريخ الأردن ترتبط باسم والد جلالتكم - الملك الحسين رحمه الله- ما هو أهم موروث له، في رأي جلالتكم؟

جلالة الملك: إن موروث والدي هو إيمانه بالسلام. وهذا الإيمان حفّزته رؤية لا من أجل الشعب الأردني فحسب، بل من أجل شعوب المنطقة جميعها أيضاً. ورؤيته تمثّلت في منطقةً يعمّها السلام، لا يقتصر ما يحظى به الناس فيها على التخلّص من النزاع فحسب، بل وأن يتمتعوا أيضاً بالازدهار والتقدم اللذين هم جديرون بهما. واليوم في الأردن، نتمتع نحن بالأمن، والاستقرار، والازدهار؛ ولكن هذه أمور ما زلنا نتمنى أن تتحقق لجميع جيراننا. إذ لا يستطيع أي بلد في المنطقة أن يصل إلى أقصى طاقاته في غياب السلام، كما لا تستطيع منطقتنا أن تقدّم إسهامها الذي يجدر بها أن تقدمه للازدهار العالمي دون السلام أيضاً. وأعتقد أن علينا أن نبني على الموروث الذي تركه لنا المغفور له جلالة الملك الحسين في الأردن، من خلال الاستمرار في حملتنا لتحقيق سلام عادل شامل في الشرق الأوسط. إن هناك حوالي 200 مليون شاب لا يتوقعون فحسب، بل ويستحقون أيضاً، أن يعيشوا في المنطقة وفق ما تَصوّرها والدي- منطقة تزدهر فيها مواهبهم وإبداعاتهم الخلاّقة، ويتمتعون فيها بمستويات المعيشة التي يحظى بها أقرانهم في أماكن أخرى في العالم.

وحتى يتحقق هذا، نحتاج إلى أن نتوصل إلى حلّ للنزاع المحوري الأساسي في منطقتنا وهو الصراع بين الإسرائيليّين والفلسطينيين. والحل العادل الوحيد الذي يوفر الأمن الذي يحتاج إليه الجانبان وهو حل الدولتين: دولة فلسطينية تعيش بحرية واستقلال، إلى جانب إسرائيل. وقد قدّمت مبادرة السلام العربية إطاراً للمفاوضات يؤدي إلى تلك النتيجة، ويعمل، في نهاية المطاف، على تحقيق حل شامل للنزاع العربي - الإسرائيلي الأوسع. إن وضع نهاية لهذا النزاع يمكن أن تسطّر فصلاً جديداً في تاريخنا، تستطيع فيه منطقتنا الغنيّة بمواردها الطبيعية والبشرية، أن تقدّم ما هي جديرةٌ به من إسهام في التقدّم العالمي. كما أنه سيساعد على إسكات أصوات التطرّف التي تخرج من هذا الجزء الذي نعيش فيه من العالم.

ولسوء الحظ، اتخذت الأحداث في منطقتنا مُنعطفاً خطراً في السنوات والأشهر الأخيرة. فقد أضافت الأحداث في غزّة بُعْداً جديداً إلى ما نشعر به من قلق تجاه الوضع في المناطق الفلسطينية، ونحن ندعو إلى العودة إلى الشرعية الفلسطينية وإلى الحفاظ على الوحدة بين الضفة الغربية وغزة في كيان واحد، للحفاظ على المصالح الفلسطينية. كما أننا ندعو إسرائيل للالتزام بخطة عمل واضحة وإطار زمني للمفاوضات؛ ويعمل الأردن، مع الدول العربية الأخرى والمجتمع الدولي بصورة وثيقة لإعادة البدء في عملية السلام والتحرّك بها باتجاه تحقيق نتيجة عادلة. إن المزيد من الغموض والتخبّط في الساحة الفلسطينية يشكل باباً مفتوحاً للمتطرفين والكيانات الأخرى التي ترغب في تحقيق أجندتها الخاصة في منطقتنا. وقد رأينا هذا في لبنان ورأيناه في العراق وهما منطقتا أزمات تحتاجان الآن إلى أن نهتم بهما. إن زيادة توافر وكثافة النزاع في منطقتنا يجب أن يركّز عقولنا على أهمية البدء بسرعة في عملية السلام في الشرق الأوسط.

كازاخستانسكايا: إن والد جلالتكم - المغفور له الملك الحسين- الذي ينتمي إلى العائلة الهاشمية الشريفة العريقة - كان مهتماً بالسباق بصورة ملحوظة وطياراً. وجلالتكم بدأتم حياتكم العملية في صفوف القوات المسلحة، وكنتم لمدة طويلة في القوات الخاصة. هل يعود هذا إلى الجينات الموروثة عن أجدادكم الأشراف؟

جلالة الملك: إنني أشترك مع والدي في حب المغامرة. وفي الواقع، فإن من أفضل ذكرياتي هي الأوقات التي تسابقت فيها مع والدي في رالي الأردن. وجميع أشقائي وشقيقاتي، في الواقع، يتمتعون بالمغامرة والرياضة، ويحبّون الانطلاق في الطبيعة. كما أننا نشترك جميعاً في الأخلاق والمبادىء والقيم المحورية الأساسية التي زرعها المغفور له جلالة الملك الحسين في نفوسنا. لقد ربّانا والدي دائماً على أن نتفّهم أنّه يتوجب علينا، باعتبارنا هاشميين، أن نخدم الأردن وشعبه، والقضايا العربية والإسلامية. وقد تشرفت بالقيام بهذا خلال حياتي في مختلف المواقع التي عملت فيها.