الأخبار

الملك يفتتح أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

٢٠ أيار ٢٠١٧

افتتح جلالة الملك عبدالله الثاني، اليوم السبت، بحضور جلالة الملكة رانيا العبدالله، أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذي تستضيفه المملكة، تحت شعار "تمكين الأجيال نحو المستقبل".

ويلتئم المنتدى في مركز الملك الحسين بن طلال للمؤتمرات بمنطقة البحر الميت، بمشاركة عدد من رؤساء الدول وأكثر من 1100 شخصية من قادة الأعمال والسياسيين، وممثلي مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الدولية والشبابية من أكثر من 50 دولة.

وألقى سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، الكلمة الرئيسية في الجلسة الافتتاحية لأعمال المنتدى، وفيما يلي نصها:

 

"بسم الله الرحمن الرحيم

أصحاب الجلالة،

أصحاب الفخامة والسمو،

البروفسور شواب،

الضيوف الكرام:

شكراً على هذا الترحيب الطيب، والشكر الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي وصندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية لجهودهما في تنظيم هذا المنتدى الذي يجمعنا.

يشرفني أن أتحدث هنا باسم وطني الغالي الأردن، وأن أعبر عن آمالنا المشتركة في المنطقة. واسمحوا لي أن أشكر، باسم جميع الأردنيين، أصدقاءنا الذين جاؤوا من سائر أنحاء العالم ليساهموا في إنجاح هذا المنتدى.

يأتي محور نقاشات المنتدى هذا العام حول مفهوم التحول وتمكين الأجيال نحو المستقبل في الوقت المناسب، فصناع القرار في عصرنا هذا يحتاجون إلى توظيف مهارات التحليل والإدارة والتخطيط بدقة متناهية، ليواكبوا حجم وسرعة التغيير والتحول في عالمنا.

ولكن، بالنسبة للشباب هنا وفي كل مكان، والذين يشكلون الأغلبية في منطقتنا، فنحن ولدنا في عالم يتسم بالتحول المتسارع، حيث الابتكار المستمر هو جزء أساسي من حياتنا. فقد نشأنا على وقع التكنولوجيا والتطبيقات وأساليب جديدة للتواصل والتعلم والعمل. إن التغيير المستمر بات، في الواقع، النمط الثابت الذي نعيشه.

يعيش شباب الشرق الأوسط، كباقي الشباب في أرجاء العالم، في بحر واسع من المتغيرات المستمرة. إلا أن بحرنا يتجاذبه تياران متعاكسان، متساويان في القوة مختلفان في الاتجاه.

فأحدهما يدفع باتجاه غادِر، ويستدرج شبابنا نحو واقع ظلامي يغرقنا في المزيد من العنف، والتعصب، والفكر المتطرف الذي يتخذ من المنخرطين فيه وقودا له. والآخر يأخذنا إلى شواطئ مشرقة وواعدة تتسم بالاعتدال، حيث تعيش هويتنا العربية والإسلامية بسلام وتناغم إلى جانب التقدم والحداثة، وإلى واقع يمكننا من المساهمة بإيجابية وإنتاجية في العالم من حولنا.

نحن لن نسمح لأي تيار بأن يجرفنا، فالخيار بأيدينا. ما يريده الشباب العربي هو ذاته ما يريده أقرانهم في كل مكان. يريدون فرصا عادلة؛ يريدون فرصة ليكون صوتهم مسموعاً؛ وفرصة لإحداث التغيير. وما يميز شبابنا العربي أنهم تواقون ومتعطشون لهذه الفرص لدرجة لم أشهد لها مثيلاً. قد يعود ذلك إلى التحديات الصعبة التي نواجهها، والتي تدفعنا للتشبث أكثر بالأمل. فالشباب في منطقتنا هم من أكثر الفئات استخداماً لوسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت. نحن جيل نشط في استخدام الهواتف الذكية والألعاب الرقمية والتواصل اللحظي. نحن أيضاً الطلاب الذين ينهلون من المعرفة العالمية من خلال الإنترنت، ونحن كذلك الرياديون الشباب الذين يوظفون التكنولوجيا الرقمية لبناء الأسواق والتوسع بمشاريعهم.

والأهم من ذلك، أن شباب منطقتنا لا يكتفون فقط بتبني التكنولوجيا وتطويعها. فهم أكثر من مجرد مستهلكين؛ إذ ستجدون في منطقتنا، وبكل فخر خاصة في الأردن، شباباً وشاباتٍ يقودون الابتكار والتغيير. فقد ابتكروا حلولا وخدمات تواكب عصرنا الحديث، وأنتجوا محتوى عربياً جديداً على شبكة الإنترنت، وأبدعوا أفكارا جديدة لخدمة منطقتنا وعالمنا. وفي هذا المنتدى، ستستمعون إلى هؤلاء الرياديين يتحدثون عن ابتكاراتهم وعن التحديات التي يواجهونها. وأود هنا أن أهنئ الأردنيين الذين يقودون إحدى وعشرين شركة ناشئة من بين أفضل 100 شركة ناشئة في المنطقة اختارها المنتدى. أنتم تمثلون القدوة لمستقبل شبابنا الواعد في مثابرتكم، وطموحكم، وإصراركم.

وهنا، ومع انطلاقة الثورة الصناعية الرابعة — وشكراً لك بروفسور شواب على حديثك ودورك الرائد في التوعية بأهميتها — فإن أبناء وبنات جيلي يلمسون أثرها العميق في حاضرهم ومستقبلهم. وهم بأمس الحاجة إلى دعمكم جميعا مالياً ومعنوياً ليتركوا بصمتهم. فهم يحتاجون مساعدتكم في تطوير مشاريعهم ليتمكنوا بأنفسهم من استشعار الفرق الذي بإمكانهم أن يحدثوه. يحتاج شبابنا إلى منظومة دعم تمتد عبر المنطقة بأكملها، تمنحهم الأمل وإمكانية الوصول إلى الفرص. وهذا ما يجعل من شراكاتكم أمرا بالغ الأهمية.

إن الشراكة التي نحتاجها تقوم على علاقة متبادلة. فإن أردنا أن نغير حياتنا وأن نغتنم الفرص، علينا نحن الشباب أن نتقبل الدعم وأن نكون مستعدين للاستفادة منه بالدرجة القصوى. وهو ما يتطلب العمل الجاد لنمكِّن أنفسنا بالأدوات والمهارات المطلوبة، فكل شيء حولنا في تطور وتحول مستمر: الأسواق، والمهن، والتجارة والصناعة، والتكنولوجيا، وكذلك المؤهلات المطلوبة لمواكبة هذه التغيرات، مدركين في الوقت نفسه أن هذه التغيرات المتسارعة التي اعتدنا عليها لا تعني السعي نحو النجاح أو الربح السريع. ففي ذلك خطر على أبناء وبنات جيلي من شأنه أن يولد توقعات زائفة. النجاح والتميز والإبداع والوصول إلى القمة أمور تتطلب الصبر والوقت والتفاني والاجتهاد.

وإذا ما أدى كل منا واجبه، فسوف نتمكن من استثمار فرصة لن تتكرر لدى جيلنا في قيادة التغيير الجذري في هذه المنطقة، وفي المحصلة القضاء على التطرف. قد تكون هذه فرصتنا لإطلاق العنان لمواهب وطاقات وآمال الملايين من الرجال والنساء، وكذلك فرصتنا لردم الهوة بين ما يراه الشباب ويتوقون إليه في العالم الافتراضي، وما يتاح لهم في الواقع الحقيقي. فلنمكِّن العقول النيرة التي تصنع الإبداع من صناعة المستقبل الواعد لمنطقتنا. فالأمل ومدى توفر الفرص العادلة سيكونان العامل الحاسم في تحديد التيار الذي سيجذب شبابنا في نهاية المطاف. لذا أدعوكم هنا أن تمدوا أيديكم إليهم لتطلقوا كامل العنان لقوتهم وإمكانياتهم وترشدوهم إلى بر الأمان حيث الأمل والغد الواعد والمشرق.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".

وفي كلمة لجلالة الملك فيليب السادس، ملك إسبانيا، في الجلسة الافتتاحية، عبر عن شكره وتقديره للأردن، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، على الدعوة للمشاركة في أعمال المنتدى، وقال إن جلالة الملك شريك فاعل ولدينا علاقات تاريخية وثيقة مع العائلة الهاشمية، ونقدر عاليا جهود جلالته في استضافة اجتماعات المنتدى على مستوى المنطقة والعالم.

وأشار إلى أهمية الكلمة التي ألقاها سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، وقال "إنها فرصة للإصغاء إلى سموه، ونقدر معاني مشاركة الأمير الشاب للأجيال كيفية العمل وتحقيق الأمل في المستقبل".

وأكد الملك فيليب حرص بلاده على تعزيز التعاون بين دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من ناحية، وأوروبا من ناحية أخرى، خصوصا في مواجهة التحديات، مشددا على أهمية تحرير التجارة بين الدول.

وأشار إلى الأزمة الاقتصادية التي واجهتها بلاده في السنوات الماضية، وقدرتها على تجاوزها.

ولفت الملك فيليب إلى أهمية دور الشباب في التنمية الاقتصادية، وقال "نتطلع باهتمام لدور الشباب ونخاطبهم "بإن هناك أمل، وسنقوم بمسؤولياتنا وسنعمل أفضل ما لدينا".

وأعرب عن تقديره لجهود المملكة على استضافة العدد الأكبر من اللاجئين السوريين، ودورها في تحقيق السلام والتطور المستدام، مؤكدا أن الأردن يعد مثالا على التعاون البناء مع المجتمع الدولي.

وفي مجال التعاون الاقتصادي، أكد الملك فيليب استعداد الشركات الإسبانية للتعاون في مجالات الطاقة والبنية التحتية ومعالجة المياه في المنطقة، وقال "نريد تهيئة الظروف للقطاع الخاص لنكون قادرين على المشاركة في التنمية الاقتصادية والتشارك بالتالي في الازدهار".

وأضاف أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي منطقة الإمكانات الكبيرة، لذلك علينا أن نحقق تقدما في مجال تحقيق السلام ومكافحة الإرهاب.

وفي كلمة للرئيس العراقي فؤاد معصوم أعرب عن شكره وتقديره للأردن وجلالة الملك عبدالله الثاني على الجهود التي بذلت لتوفير الأجواء الملائمة لعقد المنتدى، الذي يعود بالنفع على جميع دول المنطقة.

وأضاف أن العراق حقق انتصارا على الإرهاب، ونطمح أن تتكلل الانتصارات باستكمال تحرير الموصل وأخر معاقل داعش في نينوى، وأن يتم طي صفحة تنظيم داعش قبل نهاية العام الحالي.

وأكد الرئيس معصوم أن على العراقيين الاستعداد للعمل لمعركة البناء والإعمار، والتي لا تقل أهمية عن الحرب ضد الإرهاب والتطرف، مشيرا إلى أن بلاده تضع عمليات إعادة الإعمار ضمم أولوياتها، إلى جانب أعادة النازحين إلى مدنهم.

وأشار، بهذا الصدد، إلى أن العراق وضع خطط طموحة وشاملة لإعادة الاستقرار، وذلك بمساعدة المجتمع الدولي خصوصا البنك وصندوق النقد الدوليين، مؤكدا أهمية استمرار تقديم الدعم للعراق لضمان تسريع إنجاز مشروعات إعادة الإعمار وتعزيز النظام الديمقراطي وتبسيط الإجراءات ومكافحة الفساد وإدخال التكنولوجيا في العمل وبناء الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

وقال إن العراق مفتوح أمام المستثمرين، وأن القانون يقدم مزايا وضمانات لهم لحماية استثماراتهم، مشيرا إلى حرص بلاده على المشاركة مع دول العالم لتحسين الاقتصاد وضمان بيئة داعمة للحريات وحقوق الإنسان وضمان مشاركة أكبر للمرأة في الحياة العامة والنشاطات الاقتصادية.

من جانبه، قال رئيس جمهورية النيجر، محمد يوسفو إن استضافة المملكة للمنتدى المخصص للشرق الأوسط وشمال أفريقيا يؤكد التزام الأردن بالتعاون الدولي وتعزيز السلام والتنمية في المنطقة والعالم.

وأضاف أن تهيئة ظروف التحول للأجيال المستقبلية يتطلب توفير الأمن والسلام في المنطقة وإنهاء النزاعات، داعيا إلى الاستفادة من الأفكار الطموحة التي يطرحها المشاركون في المنتدى وكذلك من التجارب العالمية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وفي كلمة لرئيس المنتدى الاقتصادي العالمي البروفسور كلاوس شواب، قال إن حجم المشاركة في أعمال المنتدى العام الحالي يؤكد ثقة قطاع الأعمال في منطقة الشرق الأوسط ومستقبلها، لاسيما وأن الكثير من الشباب الرياديين يشاركون إلى جانب القادة السياسيين ومجتمع الأعمال.

وأضاف أن الشباب لديهم اصرار أن يكونوا مشاركين في تحمل المسؤولية، وعلينا كقادة سياسيين وقادة أعمال أن نصغي لهم، لافتا إلى أهمية المبادرات التي سيتم إطلاقها خلال اجتماعات المنتدى، والتي تركز على تعزيز الريادية وتمكين الشركات الناشئة في المنطقة.

وحضر الجلسة الافتتاحية الرئيسية للمنتدى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس جمهورية مقدونيا جورجي إيفانوف، ورئيس كوسوفو هاشم ثاتشي، ورئيس جمهورية النيجر محمد يوسفو، ورئيس جمهورية قبرص نيكوس أناستاسيادس، ورئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل، ورئيس وزراء جورجيا جيورجي كفيركاشفيلي، إضافة إلى حضور وزاري على المستوى العربي والدولي.

كما حضرها عدد من أصحاب السمو الأمراء، ورئيس الوزراء، ورئيس مجلس النواب، ورئيس الديوان الملكي الهاشمي، ومدير مكتب جلالة الملك، وعدد من الوزراء وكبار المسؤولين. 

ويستضيف الأردن اجتماعات المنتدى، وللمرة التاسعة في منطقة البحر الميت، بالشراكة والتعاون بين المنتدى الاقتصادي العالمي وصندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية.