مقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني مع وكالة المغرب العربي للأنباء

٢٧ أيار ٢٠٠٢

الأنباء المغربية: في ضوء العلاقات العريقة والمتميزة التي تجمع المغرب والأردن، وبمناسبة زيارة جلالة الملك محمد السادس للمملكة الشقيقة، ما هو تقييم صاحب الجلالة لمسيرة هذه العلاقات، وكيف تنظرون لوسائل تطويرها في المستقبل؟

جلالة الملك: بداية أود أن أرحب بزيارة جلالة الأخ الملك محمد السادس إلى بلده الثاني الأردن، ونتمنى له إقامة طيبة بين إخوانه وأهله في المملكة، لقد ظلت العلاقات الأردنية المغربية طيلة عقود طويلة وما زالت نموذجاً في العلاقات المتميزة بين الأشقاء، وترسخت أواصر هذه العلاقات في عهد الراحلين الكبيرين الملك الحسين والملك الحسن الثاني -طيب الله ثراهما- حيث بنيت على أساس متين من الأخوة والتعاون، والسجل الحافل بالإنجازات في سبيل تحقيق مصالح الشعبين الشقيقين، وخدمة لأهداف أمتنا العربية الواحدة، وستكون هذه الزيارة فرصة مهمة لبحث أوجه التعاون بين بلدينا، حيث سنعمل كل ما بوسعنا لتطوير العلاقات بين بلدينا وتعميقها وتفعيل الاتفاقيات الموقعة بين حكومتي البلدين، وستكون مجالات التعاون الاقتصادية في سلم الأولويات التي سنبحثها مع جلالته خلال زيارته للأردن.

الأنباء المغربية: صاحب الجلالة، يحتل الأردن مكانة خاصة ومتميزة بالنسبة للقضية الفلسطينية، كما يلعب المغرب بحكم انتمائه ومسؤولياته العربية والإسلامية دوراً بارزاً في الدفاع عن القضية الفلسطينية وقضية القدس، كيف يجري تنسيق الجهود والمواقف بين المملكتين الشقيقتين كل من موقعه، لإيجاد حل لأزمة الشرق الأوسط ووضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني من الاحتلال الإسرائيلي وحصوله على حقوقه المشروعة؟

جلالة الملك: كما تعلم، فالأردن هو الأقرب إلى فلسطين بحكم الدم وصلة القربى بين الشعبين الشقيقين، وقضية فلسطين كانت على الدوام قضيتنا المركزية ومعاناة شعبهاهي معاناتنا جميعاً، ولذلك فنحن حريصون على إنهاء معاناتهم؛ من خلال وضع كافة إمكانياتنا لدعم صمودهم، والعمل مع أشقائنا العرب وكافة القوى الفاعلة لحشد الدعم لمطالبهم العادلة المتمثلة بالتوصل إلى حل سلمي ينهي الاحتلال الإسرائيلي لكافة الأراضي العربية، ويعيد الأمل بالمستقبل للشعب الفلسطيني، وتمكين هذا الشعب من إقامة دولته المستقلة على الأرض الفلسطينية وعاصمتها القدس.

إن التنسيق مع جلالة الملك محمد السادس ومع كافة القادة العرب بشأن القضية الفلسطينية متواصل وبشكل مكثف، خاصة وأن جلالة الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس، ونحن ندرك حرص المغرب على إيجاد حل لمشكلة الصراع العربي الإسرائيلي... حل كما ذكرت ينهي الاحتلال الإسرائيلي ويعيد الحقوق العربية والفلسطينية، ويضمن الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة.

الأنباء المغربية: في الوقت الذي وصلت فيه القضية الفلسطينية إلى مرحلة دقيقة، يجري الحديث عن موضوع المؤتمر الدولي للسلام في الشرق الأوسط، كيف يرى جلالة الملك فكرته وما هي اقتراحاتكم لإنجاحه؟

جلالة الملك: بكل صراحة، لقد اكتشفنا أنه بعد مرور أكثر من 9 سنوات على توقيع اتفاق أوسلو،عاد الفلسطينيون والإسرائيليون إلى المربع الأول، واكتشفنا أن الحلول المتدرجه لم تأت بنتائج عمليه، فقد رأينا الدبابات الإسرائيلية تجتاح مجدداً أراضي السلطة الفلسطينية، وازدادت موجة العنف والعنف المضاد بشكل لم يسبق له مثيل.

الحديث عن مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، جاء بعد أن ارتفعت وتيرة العنف وأصبحت تشكل تهديداً لأمن واستقرار المنطقة بأكملها، كما جاء بعد أن قدم العرب في قمة بيروت مبادرة جريئة وشجاعة لإحلال السلام في المنطقة، ومن هذا المنطلق فنحن نؤيد أي خطوة أو مبادرة دولية تؤدي إلى وقف العنف وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي والانسحاب من الأراضي العربية وقيام دولة فلسطينية مستقلة، على أن تكون الخطوة معدة إعدادا محكماً بمرجعية واضحة وبالتنسيق مع كافة الأطراف المعنية، هذا الأمر من شأنه أن يمنح الأمل للفلسطينيين، وهنا أود أن اجدد التأكيد على أن قيام الدولة الفلسطينية على التراب الوطني الفلسطيني، كفيل بإنهاء التوتر وإعادة الهدوء والأمن للمنطقة.

لقد أكدت خلال زيارتي الأخيرة للولايات المتحدة على ضرورة الدخول مباشرة في الحل النهائي، وسعيت إلى أن يكون هذا الحل ضمن إطار زمني محدد ومعقول، فقد سئمنا الحلول المتدرجة التي لم تأت بجديد، إننا ندرك خطورة ما يجري الآن في الأراضي الفلسطينية من انتهاك وتوغل يومي، ولذلك فإن على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته لحمل إسرائيل على وقف انتهاكاتها وممارساتها، لأن أي تأخير في التوصل إلى حلول دائمة لن يكون في صالح المنطقة بشكل عام.