مقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني مع وكالة أذرتاك الاذرية الرسمية

٤ أيار ٢٠٠٨

أذرتاك: جلالة الملك كيف تقيمون العلاقات الراهنة بين الأردن وأذربيجان؟

جلالة الملك: أود أن أعبر عن ارتياحي الكبير لما يربطنا من علاقات أخوية متينة مع أذربيجان حرصنا منذ البداية على تقويتها وتدعيمها في شتى الميادين بما يعود بالخير والفائدة على شعبي بلدينا الشقيقين، وهذا الحرص يشاركني فيه بكل صدق فخامة الأخ الرئيس الهام علييف الذي أكن له كل تقدير وإعجاب لما يبذله من جهود موصولة لتحقيق التقدم والازدهار للشعب الأذري. وكما تعلم تشرفت بزيارة بلدكم في آب/ أغسطس من عام 2006، وفي تموز/ يوليو من العام الماضي سعدنا بزيارة الرئيس علييف إلى الأردن.. نحن راضون عن المستوى الذي وصلت إليه علاقاتنا الثنائية وعاقدون العزم على المضي بها قدما نحو مجالات أوسع وأرحب من التعاون في كل القطاعات وبخاصة في الميادين الاقتصادية والتجارية.

أذرتاك: خلال زيارة جلالتكم التي أشرتم إليها لأذربيجان قبل عامين، وزيارة الرئيس علييف إلى الأردن العام الماضي تم التوقيع على عدة وثائق واتفاقيات في إطار هاتين الزيارتين، كيف ترون نتائج ذلك على علاقات التعاون بين البلدين وبخاصة في المجالات الاقتصادية، وبشكل عام ما هي المجالات التي يمكن أن يتحقق فيها تعاون أوسع؟

جلالة الملك: كما أسلفت الزيارتان أتاحتا مجالا كبيرا لاستكشاف والتعرف على أوجه توسيع قاعدة التعاون بين بلدينا، وعكست الزيارتان الرغبة المشتركة في بناء علاقات تعاون قوية تغطي القطاعات الحيوية كافة، وما تم التوقيع عليه من اتفاقيات ثنائية تؤطر وتؤسس لهذا التعاون البناء. وهناك باعتقادنا إمكانيات كثيرة لتكثيف وتعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والاستثمارية وإقامة المشروعات المشتركة بالاستفادة مما يتمتع به البلدان من ثروات وخبرات وموقع جغرافي متميز بمشاركة فاعلة من القطاع الخاص الأردني والأذري. الأردن في حقيقة الامر يمكن أن يشكل نقطة انطلاق لأذربيجان نحو أسواق الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة وبالمقابل نعتقد أن بلدكم الذي يقع في قلب آسيا يعد نقطة ارتكاز ووصل بين دول المنطقتين. أؤمن بقوة بأن أمامنا فرصا لا تعوض لتحقيق الفائدة المشتركة وخدمة شعبي بلدينا، وما زلنا في بداية الطريق، ونأمل بالتحرك بخطى أسرع في هذا المجال.

أذرتاك: تعتبر أذربيجان ممرا اقتصاديا بين أوروبا وآسيا لما تتمتع به من موقع جغرافي متميز وستزاد أهمية هذا الدور عندما يبدأ تشغيل خط سكة حديد باكو- تبليسي. ما الفائدة التي يجنيها الأردن من هذا الممر؟

جلالة الملك: كما أوضحت في الرد على السؤال السابق ندرك في الأردن أهمية الموقع الجغرافي لبلدكم، وهذه ميزة مهمة جدا على طريق توثيق علاقات التعاون التجاري والاقتصادي بين الأردن وأذربيجان، وبالأخص زيادة حجم التبادل التجاري. ونرى أن القارتين الآسيوية والأوروبية لما تتمتعان به من إمكانات هائلة وموارد وثروات طبيعية ضخمة يتوجب على دولهما تمتين ومد جسور التعاون فيما بينها، وبخاصة في هذه المرحلة التي يشهد فيها العالم تحديات اقتصادية صعبة ناجمة عن الارتفاع الهائل في أسعار النفط، والاحتياجات المتزايدة للمواد الغذائية الأساسية التي أخذت هي أيضا تشهد موجات ارتفاع أسعار غير مسبوقة. ولمجابهة هذه التحديات نؤمن بأن تكثيف التعاون بين بلدينا أولا وبين دول القارتين ثانيا أصبح أمر محتما ومطلوبا ويلعب بلدانا دورا مهما على هذا الصعيد.

أذرتاك: جلالة الملك ترتبط بعلاقات صداقة قوية مع فخامة الرئيس الهام علييف ما دور ذلك في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين؟

جلالة الملك: اعتز بما يربطني من علاقات صداقة شخصية مع الرئيس علييف، فنحن الاثنان نتفق معا في رؤانا لتوفير مستقبل أفضل للشعبين الأردني والأذري وتحقيق تطلعاتهما في التقدم والتنمية. كما أننا نتشارك في أن بلدينا قادران على توظيف ما لديهما من قدرات وإمكانات لخدمة مصالحنا المشتركة، وهذا ما نركز عليه دائما خلال المناقشات التي نجريها في زياراتنا المتبادلة على صعيد القمة أو على مستوى الزيارات بين كبار المسؤولين في البلدين. وفي هذا السياق أتطلع إلى الزيارة التي سأقوم بها قريبا إلى أذربيجان ولقاء الرئيس علييف لنقطع شوطا أخر على طريق تعزيز التعاون بين بلدينا الشقيقين وخدمة قضايا امتنا الإسلامية والتصدي للتحديات التي تواجهها.

أذرتاك: جلالة الملك كيف تنظرون إلى الجهود المبذولة لتحقيق السلام في منطقتي الشرق الأوسط وجنوب القوقاز وبخاصة أن جهود جلالتكم في هذا المجال هي موضع تقدير كبير في أذربيجان؟

جلالة الملك: لا يخفى على أحد أن القضية الفلسطينية تشكل جوهر النزاع في الشرق الأوسط، وعلى هذا الأساس بنينا قناعتنا وتصورنا الراسخين بأن حل القضايا والملفات الساخنة الأخرى في المنطقة مرتبط بشكل أو بأخر بمدى قدرتنا على إيجاد حل عادل ودائم لهذه القضية، والإخفاق في تحقيق هذا الهدف لن يجلب إلى المنطقة سوى المزيد من الاضطراب والعنف وعدم الاستقرار. وكما ترون اتصالاتنا وتحركاتنا ومساعينا مستمرة مع كل الأطراف المعنية لتشجيع الفلسطينيين والإسرائيليين على تجاوز الصعوبات والعراقيل التي تقف أمام استمرارهما في التفاوض على قضايا الوضع النهائي كافة وصولا إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل التراب الوطني الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة.

ونؤكد في هذا السياق أن السلام الدائم والعادل الذي نسعى إلى تحقيقه يجب أن يستند إلى قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وهذا يتطلب أيضا أن تكف إسرائيل عن تبني السياسات الأحادية الجانب وفي مقدمتها وقف الاعتداءات على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وفك الحصار والوقف الفوري للنشاط والتوسع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية حتى تتهيأ الأجواء المناسبة لاستئناف العملية التفاوضية بين الطرفين. ونأمل في ذات الوقت استمرار دعم وتأييد المجتمع الدولي لجهود السلام في المنطقة بما في ذلك منظمومة الدول الإسلامية.

أما على صعيد التطورات المتصلة بتثبيت الأمن والاستقرار جنوب القوقاز، فنحن ندعم كل توجه جاد لتكون تلك المنطقة ذات الأهمية الإستراتيجية منطقة يسود فيها الأمن والاستقرار. وفي هذا الإطار نتفهم موقف أذربيجان من مشكلة ناجورنو- كاراباخ، و ندعم كل توجه ومسعى مخلص لإيجاد حل سلمي لقضية هذا الإقليم يكون مقبولا للبلدين المتنازعين ويستند إلى الحوار والتفاهم والتوصل إلى أرضيات مشتركة بين أذربيجان وأرمينيا يضمن حقوق كلا منهما.