مقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني مع محطة يورنيوز
محطة يورنيوز - برنامج "الحوار الدولي"
أجرى المقابلة: إيزابيل كومار
(مترجم عن الإنجليزية)
إيزابيل كومار (مقدمة): يعتبر الأردن ملاذاً لمئات الآلاف من اللاجئين السوريين، وهو يتعرض لضغط كبير جراء ذلك، خصوصا في ظل تراجع المساعدات الدولية. وفي الوقت ذاته، تواجه المملكة خطر الإرهاب. أجرينا في عمان هذا الحديث الخاص مع جلالة الملك عبدالله الثاني.
إيزابيل كومار: صاحب الجلالة، أشكركم على انضمامكم إلينا في برنامج "الحوار الدولي". يعد الأردن بلدا صغيرا، لكن لديكم تاريخ حافل باستقبال اللاجئين وحمايتهم. وتستضيف المملكة حالياً عددا كبيرا من السوريين الهاربين من جحيم الحرب، والقادمين عبر الحدود، ما يضع اقتصادكم ومواردكم تحت ضغط كبير. إلى أي مدى يمكنكم تحمل هذا الضغط؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: لقد تمكنا من تحمل هذا الضغط لعدة سنوات حتى الآن، والذي استنزف الحد الاقصى لقدراتنا. لدينا 4ر1 مليون لاجئ سوري تقريبا، يشكلون نحو 20 بالمئة من السكان. وربما يكون ذلك أقصى ما نحتمل.
ومن الواضح أنه مع وجود الروس الآن في سوريا، وبحسب التطورات على الأرض، فهناك قلق من إمكانية تزايد أعداد اللاجئين الذين سيهربون نحو الجنوب.
لذلك، فإن قضية اللاجئين باتت تشكل تحديا يوميا بالنسبة لنا، خصوصا وأن 10 بالمئة فقط منهم يعيشون في الواقع في مخيمات اللاجئين، فيما البقية يتواجدون في مختلف القرى والمدن في بلدنا.
إيزابيل كومار: طالبتم في مطلع العام بثلاثة مليارات دولار كمساعدات. كم وصلكم منها؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: لكي نتعامل مع هذا التحدي بالشكل المناسب، يحتاج الأردن فعليا نحو 3 مليارات دولار سنويا. ولكن للأسف، حصلنا خلال العام الماضي على حوالي 28 بالمئة فقط من هذا المبلغ. وهذا العام، حصلنا على ما نسبته 35 بالمئة فقط. أما البقية فتتحملها الحكومة الأردنية. وبالتالي، فإن هذه التكلفة تستهلك كل عام ربع ميزانية الدولة تقريبا، وذلك لرعاية اللاجئين ودعم البنى التحتية.
وكما قلت، فعندما يعيش 90 بالمئة من اللاجئين خارج المخيمات، فإن ذلك يؤثر على مرافق التعليم والبنية التحتية والرعاية الصحية، عدا عن منافسة السوريين للأردنيين على فرص العمل.
نحن نقدر الدعم الذي يقدمه المجتمع الدولي، ولكن عندما يقتصر على 35 بالمئة فقط، كما هو الحال هذا العام، فإن بلدا صغيرا مثل بلدنا، والذي يحاول العمل مع صندوق النقد الدولي، يجد نفسه في الحقيقة أمام تحد هائل، وشعور بالخذلان من المجتمع الدولي.
إيزابيل كومار: جلالتكم تقولون بأنكم تشعرون أن المجتمع الدولي قد تخلى عنكم، ولكنكم تتحركون الآن باتجاه يتجاوز الاستجابة قصيرة المدى لأزمة اللاجئين إلى استجابة طويلة الأجل، ونهج مستدام للتعامل مع من قد يبقى منهم في بلدكم لسنوات طويلة مقبلة؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: عمليا، ليس هناك خيار آخر. فبرأيي، وكما تشير معظم التقارير الدولية، فإن اللاجئين يمكثون على الأغلب ما معدله 17 عاما. ولذلك، علينا أن نخطط على المدى الطويل، وأن نجيب عن الأسئلة التالية: كيف نستوعب العديد من هؤلاء اللاجئين في مجتمعنا؟ وكيف نضمن استدامة اقتصادنا في ظل هذا الواقع؟
ما نحاول القيام به الآن هو التواصل مع أصدقائنا الأوروبيين، وسؤالهم: كيف يمكنكم التعامل مع هذا الواقع عبر حزمة اقتصادية مستدامة وطويلة المدى؟ وكيف نوفر فرص عمل للقوى العاملة السورية، وللأردنيين أيضاً؟
يكمن التحدي الذي نواجهه اليوم في أن البطالة بين المواطنين الأردنيين آخذة في الارتفاع. فالأردن بلد مستقر للغاية ضمن محيطه الإقليمي، وجيشنا قوي جدا، إلا أن الاقتصاد هو ما يشكل نقطة الضعف.
لقد تحملنا باستضافة اللاجئين السوريين عبئا هائلا نيابة عن أوروبا والعالم. وقد بدأ الأوروبيون للتو يتعرضون لجزء بسيط من التحدي الذي واجهناه خلال السنوات القليلة الماضية. وها نحن نرى ردة الفعل الكبيرة في أوروبا تجاه تدفق عدد صغير من هؤلاء اللاجئين من الذين وصلوا إلى شواطئكم، وهو الأمر الذي عانينا منه على مدار الخمس أو الست سنوات الماضية. وبصراحة، فقد تعامل معنا العالم وكأن ما نقوم به هو تحصيل حاصل.
إيزابيل كومار: لنواصل الحديث عن هذه الفكرة. تعامل العالم مع ما تبذلونه كتحصيل حاصل. إن أوروبا تعيش اليوم فعلا حالة من الفوضى، وتتضارب هناك النوايا تجاه أزمة اللاجئين. فنحن نرى دولا في الاتحاد الأوروبي لا تستطيع أن تساعد، أو ربما لا تريد مساعدة هؤلاء اللاجئين. ما الذي يجعلك تعتقد أن قادة الاتحاد الأوروبي سوف يساعدونكم في حل مشكلتكم؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: هناك العديد من الدول التي ترغب في المساعدة لأننا قبلنا التعامل مع هذا التحدي باعتباره أمرا أخلاقيا ينبغي القيام به. وهناك دول أخرى سوف تساعدنا لأنه من الأسهل لهم في الواقع دعم بلد مثل الأردن، لأن ذلك يخفف العبء على أوروبا.
نشهد فعلاً بعض اللاجئين يغادرون المملكة للعودة لوطنهم أو للوصول إلى أوروبا، لأنهم بدأوا يدركون أن الأردن لن يستطيع تحمل هذا الوضع لفترة طويلة.
ما نحاول القيام به مع أصدقائنا الأوروبيين هو التوصل لكيفية العمل معا للاستثمار في المناطق الصناعية، وتوليد فرص العمل وجلب الاستثمارات إلى الأردن، خاصة وأننا نصنف كدولة ذات دخل متوسط. ونتيجة لذلك، نواجه صعوبات في الحصول على قروض ميسرة من المجتمع الدولي؛ ونعاني بالتالي من مديونية كبيرة. وفي ذات الوقت يتوقع منا الاقتراض بأسعار فائدة مرتفعة جداً، ما يضعنا أمام معضلة حقيقة، وهي أننا نضطر لدفع ثمن معاناة خارجة عن إرادتنا.
وعليه، فإننا على تواصل مع بعض الدول الأوروبية ونعمل معهم، ونعول على عقد مؤتمر للمانحين في المملكة المتحدة في شهر شباط من العام المقبل.
إيزابيل كومار: ذكرتم أن السوريين يغادرون، ويذهبون إلى أوروبا لأن الأوضاع في تراجع في المنطقة. نحن نسمع أيضا أن بعض السوريين يختارون العودة إلى سوريا لأنهم بدأوا يفقدون الأمل. هل تشعر بالقلق، في بعض الأحيان، من أنه وبالرغم من كل ما قمتم به في هذه الأزمة إلا أن التاريخ لن ينصفكم؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: أنا بطبيعتي شخص متفائل، وأنظر دائما إلى النصف الممتلئ من الكأس. إذا كنا سنتحدث عن التحديات التي نواجهها الآن، فأعتقد أن قضية اللاجئين السوريين الذين يصلون إلى شواطئ أوروبا هي نداء لنا جميعا في المجتمع الدولي لنقوم بالعمل معا بشكل أفضل.
ولو نظرنا إلى الموضوع بشكل أوسع، فحتى وقت قريب كان محور الحديث هو الحرب العالمية ضد الإرهاب. فأوروبا تعاني من تحدي تدفق المقاتلين الأجانب. وهي قضية طالما نبهنا إليها على مدى العامين الماضيين. وهذه الحرب الكونية، هي في رأيي حرب عالمية ثالثة، ولكن بوسائل مختلفة.
إن عملنا معا في سوريا، فإن ذلك سيمهد لنهج شمولي أوسع في التعامل مع التحديات. علينا أن نتضامن ونساعد بعضنا البعض، وأعتقد أن الظرف الحالي يمثل نداء لنا جميعا للتنسيق والتعاون فيما بيننا.
وفي ظل الحديث عن الدور الروسي، فلا بد من الالتفات إلى ما يوفره هذا الأمر من فرصة.
إيزابيل كومار: تاريخيا، وضعت الولايات المتحدة ثقلها بشكل كبير في هذه المنطقة، وأنت قد ذكرت روسيا للتو. فهل ترى أن روسيا باتت طرفاً محوريا في الإقليم؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: طالما أكدت، على مدار السنوات الخمس أو الست الماضية، أن لروسيا دورا محوريا في إيجاد حل سياسي في سوريا. فهي القادرة على توفير ضمانات للنظام. وما زلت أعتقد أن حقيقة وجود الروس على الأرض في سوريا اليوم، هو أمر واقع وعلينا جميعا التعامل معه.
وكما قلت، فإذا كان الأوروبيون يتعاملون مع مصدر قلق كبير يتمثل بتدفق المقاتلين الأجانب، فإن هذا الهم مضاعف بالنسبة لروسيا، التي لديها مشكلة كبيرة مع قضية المقاتلين الأجانب أيضا. لذلك، فهم بحاجة للتعامل مع تهديد عصابة داعش الإرهابية بشكل مباشر.
وعليه، فإنني أرى أن الأزمة السورية تدفعنا للعمل سويا، وبما يتيح لنا التحرك باتجاه محاربة تهديد الإرهاب العالمي.
هناك انعدام كبير للثقة بين الشرق والغرب، فما نزال نشهد للأسف عقلية الحرب الباردة. وعلينا أن نتجاوز هذا الواقع حتى نتمكن من التصدي للتحدي الجديد المتمثل في هذه الحرب العالمية الثالثة ضد الإرهاب.
لذلك، بدأنا بخطوات لبناء الثقة، وأعتقد أن الفرصة مواتية لكي نضع خلافاتنا جانبا، ونعزز هذه العلاقة التي تربطنا جميعا.
إيزابيل كومار: بناء على ذلك، هل الأولوية برأيك هي الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد أم هزيمة داعش؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: إن التفاهم الآخذ بالتبلور بعد اجتماعات فيينا هو أن علينا هزيمة داعش، والتوجه في نفس الوقت نحو عملية سياسية تفتح صفحة جديدة في سوريا.
وترجمة ذلك هو الأمر الذي تتسابق مختلف الدول نحوه. إلا أن هناك إجماعا بأن داعش مشكلة يجب معالجتها. والسؤال هنا: كيف سيتم التعامل مع التداعيات السياسية لذلك؟ خصوصا مع اختلاف مواقف الدول المعنية. إن الهدف النهائي هو كيفية هزيمة داعش والتنظيمات التابعة لها في جميع أنحاء العالم. في حين نستمر في تذكير الأطراف المعنية بضرورة أن ننظر إلى الصورة الأكبر للمشهد.
إيزابيل كومار: بالفعل، خاصة وأن داعش لها تأثير كبير، فقد حرضت منفذين لهجمات في مختلف أنحاء العالم. ما هو رأيك بذلك كونك مراقب دقيق لما يجري في المنطقة؟ ما هي الوسيلة لهزيمة هذه الجماعة الإرهابية؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: هناك جماعات تمثل فروعا عالمية لداعش. ولا يوجد أي فرق بينها، فكلها تتشابه بطريقة التفكير. علينا أن ندرك ذلك وأن نوحد أسلوب تفكيرنا وتصدينا لها.
وهذا هو السبب الذي يدفعني لأن أوضح أننا إن استطعنا العمل معا لحل مشكلة سوريا، فإننا سوف نستطيع التعامل مع تهديد كبير آخر، وهو الوضع في ليبيا، ولكن للأسف فإن الأوروبيين، وأحيانا الأميركيين، لا يدركون خطورة الوضع.
لذلك، كما تعلمون، فليست سوريا هي التحدي الوحيد الذي يجب علينا التعامل معه. علينا أن نوحد أسلوب تفكيرنا، حتى نستطيع التقدم للتعامل مع الوضع في ليبيا، وتحدي بوكو حرام، وحركة الشباب. وهناك تحديات مشابهة في آسيا أيضاً.
لذلك، أمامنا فرصة سانحة الآن، كما أعتقد، في ظل الدور الروسي في سوريا لنتجاوز المشاكل التاريخية السابقة ونبني تحالفات دولية، نكون معها قادرين كحلفاء على خوض ما أعتبره حربا عالمية ثالثة، يجب أن نخوضها معا.
إيزابيل كومار: إن بشار الأسد هو جزء أساسي من هذا الواقع. وأنت تتحدث عن حل سياسي، وعن فترة انتقالية، وهي مسائل إشكالية كما هو واضح. فمن يمكنه أن يحل مكان الرئيس بشار الأسد، ومنع داعش من التمدد؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: علينا أن نكون حذرين لأن مختلف الأطراف، ذات العلاقة بالوضع السوري المعقد، لديها وجهات نظر متباينة؛ وأعتقد أن اتخاذ مواقف متصلبة في هذه المرحلة ليس مفيدا لأحد.
نحن نفهم أننا بحاجة إلى عملية سياسية في سوريا. وأعتقد أن المسألة الرئيسية هي كيف يمكننا دفع العملية السياسية إلى الأمام. أعتقد أن الروس يفهمون ذلك؛ والنظام يدرك ذلك؛ والمشاركون في التحالف، على اختلاف وجهات نظرهم، يفهمون ذلك.
لنترك المساومات تتمحور حول الطريقة التي يمكن من خلالها جلب المعارضة المعتدلة لتجلس على الطاولة مع النظام، والاتفاق على تاريخ معين، بما يجعلنا قادرين على المضي قدما. ولن يكون الحل سريعا، لأن الهدف الذي نأمل تحقيقه هو إطلاق عملية سياسية جديدة في سوريا، فيما تستمر المعركة ضد عصابة داعش.
كما أن هناك رابط بين قضيتي سوريا والعراق لأن داعش عصابة عابرة للحدود، وهي تسيطر على مساحة كبيرة من الأراضي في شرق سوريا ومثلها في غرب العراق.
إيزابيل كومار: وماذا عن الأردن؟ فبلدكم محاط بجوار منعدم الاستقرار وتنامي تهديد داعش، وبعض شبابكم من الرجال، وربما النساء، قد انضموا إلى هؤلاء المقاتلين الأجانب أيضا. إلى متى يمكنكم الصمود، ودرء هذا التطرف والحفاظ على مكانة بلدكم كواحد من الدول المستقرة في المنطقة؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: هناك فهم داخل الإسلام بأن هؤلاء هم من نطلق عليهم الخوارج – أي الخارجين عن الإسلام. وهناك فهم أكبر، على أساس حوارات بين علماء المسلمين، بأنهم يشكلون خطرا على جوهر ديننا. وهذا هو التحدي الذي أعتقد أننا واجهناه مع الغرب، والذي يبرز حين تُسأل: هل أنت مسلم معتدل أو متطرف؟ لا، أنا مسلم، بدون تصنيفات، وهؤلاء هم الخوارج. أعتقد أن هذا الحوار قد احتاج مزيدا من الوقت ليبدأ داخل الإسلام.
أرى أن المشكلة تكمن في التفسيرات التي تأتي من الغرب حول ما يرتكبه هؤلاء الخوارج ضدهم، رغم أنها نفس الجرائم والفظاعات التي يمارسونها تجاه المسلمين، وهو أمر صادم بالنسبة لنا جميعا.
إذا نظرتم في التاريخ الإسلامي، ستجدون أن الخوارج لم يستمروا لفترة طويلة. فبمجرد أن يدرك الناس حقيقتهم البشعة، تكون بداية النهاية لهم.
ما نحتاج إليه هو أن نضع الخلافات العالمية جانبا. نحن بحاجة إلى دول العالم للعمل معنا في مجابهة هذا التحدي. وهذا هو السبب الذي يدفعني للقول إن علينا جميعا، أتباع الديانات المختلفة، الاتحاد لخوض هذه المعركة العالمية معا. صحيح أنها حرب داخل الإسلام، لكننا لا نستطيع خوضها وحدنا.
إيزابيل كومار: اسمح لي بتغيير مسار الحديث نحو الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، على حدودكم الغربية. فتحقيق السلام هناك يبدو مستحيلا إلى حد كبير في الوقت الراهن. هل تعتقد أن تغيير القيادات مطلوب لإعادة إطلاق عملية السلام، وما هو الدور الذي يمكن للأردن أن يلعبه؟
جلالة الملك عبدالله الثاني: حسنا، لن أخوض في الحديث عن القيادات، فالقادة يمثلون شعوبهم. ولكن ما أقوله هو أنه يجب أن تتواجد الفرصة لحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، خصوصا في ضوء ما تحدثت عنه سابقا.
ليس هناك أي منطق في أن يقوم متطرف بافتعال مشكلة في القدس في ذات الوقت الذي نخوض فيه هذه الحرب العالمية ضد الإرهاب والتطرف. ومن الجنون، في اعتقادي، إطلاق يد بعض المتطرفين الساعين إلى إثارة الصراع الديني في المدينة المقدسة.
وأؤكد هنا أنه في كل مرة نشهد فيها غياب المفاوضات، يندلع العنف.
لا يروق للإسرائيليين أن نقول إن القضية الفلسطينية هي جزء من المشكلة، وأن المتطرفين يستغلون محنة الفلسطينيين والقدس كحجة لإقناع الناس بالانضمام إليهم، وذلك جزء من المشكلة. إن مستقبل الفلسطينيين والقدس هو أمر يتعين علينا جميعا أن نجد حلا له. فكيف لنا أن ننتصر في المعركة العالمية ضد الإرهاب إذا استمر الجانب الإسرائيلي في الإصرارعلى أن لا علاقة له بمشكلة الإرهاب.
إيزابيل كومار: نشهد الكثير من الأزمات على جبهات مختلفة في المنطقة: هناك أزمة اللاجئين، وتهديد داعش، والأزمة الاقتصادية، ونرى حروبا بالوكالة في العديد من الجبهات المختلفة. هل لديك انطباع أن الأمور بدأت تخرج عن نطاق السيطرة؟
جلالة الملك عبد الله الثاني: حسنا، قال أحدهم لي ذات مرة: هذه الصعوبات طبيعية في المنطقة، والتعامل معها واقع يومي وأمر عادي. وأعتقد أن هذا أصبح جزءا من طبيعة العالم هذه الأيام.
إنه زمن صعب بلا شك، ولكننا نشهد أخيرا وعيا أكبر بالصورة الكلية للتحديات، بحيث يُنظر إلى هذا الواقع من منظور استراتيجي لا تكتيكي. فقد كنّا بصراحة نميل للتعامل التكتيكي على مدى السنوات القليلة الماضية.
لا مجال للخوض في كثير من الأمور، لكن هناك تفاهمات تجمع مختلف أنحاء العالم على نهج أكثر استراتيجية للتعامل مع مختلف القضايا الراهنة.
لذلك، أكرر، على سبيل المثال، أن وجود الروس في سوريا يمنحنا فرصة للتحرك في الاتجاه الصحيح، إن كنا نعي أهمية هذه الفرصة، وإن كنا فعلا نسعى جميعا للتواصل مع بعضنا البعض في محاولة لإيجاد حل للشعب السوري، وإنهاء هذا الصراع الرهيب، وأن نحاول ردم الهوة بين روسيا والغرب، ما يمكننا من بناء تحالفات لمواجهة تحديات في أماكن أخرى.
هناك فرص متاحة أمامنا، والأمر رهن إرادتنا، فإما أن ننتهز الفرص، أو ندفن رؤوسنا في الرمال ونضيع هذه الفرص. الأمر عائد لنا.
إيزابيل كومار: صاحب الجلالة، أشكركم لانضمامكم إلينا في "برنامج الحوار الدولي".
جلالة الملك عبد الله الثاني: شكرا لكم.