مقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني مع صحيفة الرأي العام الكويتية

١٠ تشرين ثاني ٢٠٠٣

الرأي العام: منذ نحو عامين وأكثر، والمواقف السياسية الخارجية بين الكويت والأردن تكاد تكون متطابقة. بصراحة، جلالة الملك، لماذا لم تعد العلاقة بين البلدين إلى ما كانت عليه قبل الغزو العراقي للكويت عام 1990، خصوصا بالنسبة إلى التعاون التجاري والاقتصادي والنفطي وفتح الأبواب واسعة أمام العمالة الأردنية؟

جلالة الملك:بداية أود أن أؤكد أن العلاقة بين الأردن والكويت هي الآن في افضل حالاتها وهناك تنسيق وتشاور مستمرين حول العديد من الأمور التي تتعلق بالعلاقات الثنائية والوضع العربي الراهن وخصوصا المسألة العراقية، حيث أن هناك تنسيقا متواصلا بيننا تجاه هذه المسألة. فنحن والكويت نتطلع إلى اليوم الذي يصبح فيه العراق، بلدا مستقرا وآمنا ويأخذ دوره الفاعل والمهم في محيطه العربي والعالم.

بالنسبة للتعاون التجاري والاقتصادي والنفطي، فقد تم اتخاذ العديد من الخطوات المهمة بين البلدين، لتطوير هذا التعاون، وشهدت السنوات القليلة الماضية تطورا ملحوظا على هذا الصعيد. وقد قدمت الكويت للأردن منحة نفطية بعد توقف إمدادات النفط العراقي مما خفف كثيرا من الأعباء على الاقتصاد الأردني، وهذا موقف يسجل للأشقاء في الكويت بقيادة الأخ سمو الأمير جابر الأحمد الصباح. فالكويت دائما وفية للعرب، ووقفت وتقف مع أشقائها في السراء والضراء، فكل الشكر والثناء والتقدير لهذا الدعم ولهذه الوقفة الأخوية إلى جانبنا. ولا تنس أن هناك الآن مبادرات من القطاع الخاص الكويتي للاستثمار في الأردن، وفي مجال الاتصالات فقد كانت الاستثمارات الكويتية أكبر الاستثمارات العربية حيث بلغ حجم الاستثمار الكويتي في شركة "فاست لينك" 96% من أسهم الشركة أي بقيمة 450 مليون دولار.

الرأي العام: هل سيتم تجديد الاتفاقات النفطية بين الكويت والأردن التي أبرمت قبل وخلال العمليات العسكرية على العراق؟

جلالة الملك:خلال زيارتنا للكويت والمباحثات التي سنجريها مع سمو الأخ الأمير جابر الأحمد الصباح والاخوة المسؤولين في الكويت سنتناول إن شاء الله مختلف الأمور المتصلة بالعلاقات الثنائية والتعاون الاقتصادي والسياسي .

الرأي العام: كيف تتصورون الدور الأردني في العراق؟

جلالة الملك:الدور الأردني في العراق، ينصب باتجاه تخفيف المعاناة عن الشعب العراقي من خلال تقديم المساعدات وفتح حدودنا أمام تدفق المساعدات العربية والدولية للأشقاء العراقيين... وهناك الآن مستشفى أردني ميداني في العراق، قدّم المعالجة لأكثر من (152) ألف مريض عراقي. ونفكر أيضا بإعداد مستشفى ميداني أخر إذ سنحت الظروف بذلك. ونستعد كذلك لاستقبال أفواج من رجال الأمن العراقيين لتدريبهم على أعمال الشرطة وقد أبدينا استعدادنا لتدريب الكوادر العراقية في مجالات مثل الكهرباء والطيران المدني بما في ذلك إدارة المطارات.. وهناك العديد من اللقاءات بين مسؤولين أردنيين ونظرائهم العراقيين حول مسائل فنية مختلفة يمكن للأردن أن يساعد العراق فيها. ونحن نرى انه كلما ساعدنا العراقيين وعملنا على تأهيل كوادرهم، كلما هيئنا الفرصة أمامهم لتولي أمورهم وانسحاب قوات الاحتلال من بلادهم.

أما إذا كنت تتحدث عن دور سياسي للأردن في العراق فالأمر يقتصر على حث القوى الدولية لدعم الشعب العراقي في إعادة بناء العراق وفي اختيار حكومة وطنية على أسس ديمقراطية لأننا نؤمن أن بناء عراق مستقل ومزدهر سيساهم وبشكل كبير في ازدهار المنطقة بأسرها.

الرأي العام: من وراء تفجير السفارة الأردنية في بغداد؟

جلالة الملك:لم تتضح الصورة بعد، لكن هناك نتائج أولية، والتحقيق من قبل القوات الأمريكية لم يتوصل إلى نتيجة نهائية ولكن هناك تعاون بيننا وبينهم حول هذا الموضوع.

الرأي العام: إذا استمرت العمليات العسكرية ضد الأمريكيين والتحالف وتحولت إلى مقاومة فعلية. هل تعتقدون أن للرئيس العراقي صدام حسين حظوظا في العودة إلى السلطة؟

جلالة الملك:الأمريكيون ماضون في مشروعهم في العراق، ولا يمكن أن يخرجوا من هذا البلد، دون أن تتشكل حكومة وسلطة عراقية قوية، يختارها الشعب العراقي.. لا اعتقد بتاتا أن هناك فرصة لعودة الرئيس صدام للسلطة... هذا الأمر انتهى... وإذا ما تشكلت حكومة منتخبة تحظى بإجماع وقبول من مختلف مكونات الشعب العراقي فإنني أرى أن عراقا جديدا سيتشكل على أساس ديمقراطي وحضاري.

الرأي العام: هل تشاركون الأمريكيين رأيهم في أن العراق تحول ساحة للإرهاب مع تدفق مئات من كوادر القاعدة وغير القاعدة إليه؟

جلالة الملك:للأسف نعم، وهذا ما كنا حذرنا منه سابقا... فالعراق اليوم أصبح ساحة للحركات الإرهابية التي بعد أن شعرت أنها محاصرة في جميع بلدان العالم وجدت من العراق ملاذا وأصبحت تعمل ضمن سياسة "عليّ وعلى أعدائي"، فهل من المعقول والمنطقي أن تستهدف هذه الحركات الإرهابية المواطنين العراقيين وموظفي الأمم المتحدة والصليب الأحمر، الذين جاؤوا من أجل مساعدة الشعب العراقي على تجاوز محنته.. هذا هو الإرهاب بعينه، وهذا يتطلب دعم قيام سلطة عراقية قوية وجيش عراقي قوي لكي يحافظ على أمن هذا البلد العربي العريق ويحمي شعبه ويسير به إلى مستقبل وحياة أفضل.

الرأي العام: هل كان حل الجيش العراقي خطأ في رأيكم؟

جلالة الملك:يجب أن تعلم أولا أن أكثر من 60% من العراقيين الذين عملوا في الجيش العراقي والوظائف الحكومية، للأسف هم الآن بلا عمل. هذا يشكل خطرا كبيرا وقنبلة موقوتة.. حل الجيش العراقي بأكمله دون التفكير بنتائج ذلك، لم يكن حسب اعتقادي قرارا في مكانه. كان بالإمكان دراسة نتائج هذا الأمر قبل الإقدام عليه.

الرأي العام: ما هو رأيكم في عودة الملكية إلى العراق؟

جلالة الملك:هذا الأمر متروك للشعب العراقي، فهو الوحيد الذي يقرر شكل الحكم الذي يتطلع إليه... لقد توافد على الأردن العديد من الشخصيات والوفود العراقية التي تطرح عليّ هذا الأمر... وكانت إجابتي دائما أننا لن نتدخل بإرادة الشعب العراقي، فهو صاحب الحق فيما إذا كان يريد الحكم الملكي أو يريد حكما جمهوريا. ونحن الذين تربطنا بالشعب العراقي علاقات تاريخية ووشائج قربى سندعم خيار الشعب العراقي، وقراره المستقبلي أياً كان.

الرأي العام: هناك من يحذر من أن اعتماد الفيدرالية الموسعة في العراق مدخل إلى التقسيم؟

جلالة الملك:نعم أخشى أن يكون اعتماد الفيدرالية طريقا للتقسيم خاصة إذا بنيت على أسس طائفية وعرقية. واعتقد أن العالم بدأ يدرك أن هذه الفكرة التي طرحت سابقا قد تصبح أداة للتقسيم ولذلك فقد تم التغاضي عنها.

الرأي العام: لماذا يرفض الأردن إرسال قوات عربية من دول مجاورة إلى العراق لحفظ الأمن؟

جلالة الملك:قبل أن أجيب على هذا السؤال، أود أن أوضح أن الأردن هو أكثر دولة في الشرق الأوسط، تساهم قواته في حفظ السلام في مناطق التوتر والنزاع في العالم... لكن فيما يتصل بإرسال قوات أردنية للعراق، فالمسألة حساسة، لأنني لا اعتقد أن العراقيين سيجدون أنه من السهولة رؤية قوات من الدول المجاورة لبلادهم داخل المدن العراقية في وقت تسعى هذه الدول إلى إقامة علاقات متميزة مع العراق... لو رأينا أن المسألة مقبولة لدى الشعب العراقي لكنا أول من تساهم قواته في حفظ الأمن في العراق. وكما ذكرت سابقا نحن نساهم في العراق في العديد من المجالات سواء تقديم المساعدة في المجال الصحي والإنساني من خلال المستشفى الميداني أو عبر تدريب الكوادر العراقية.

الرأي العام: هل ستتوسطون لدى الإدارة الأمريكية لثنيها عن إقرار قانون "محاسبة سوريا"؟

جلالة الملك:المسألة ليست مسألة واسطة، ولكننا دوما ندعو للحوار للتوصل إلى حل للمسائل العالقة... ونستمر في الدعوة للحوار... نحن نرفض استهداف سوريا ونتطلع إلى أن يتمكن الطرفان السوري والأمريكي من إزالة أي شوائب تعكر العلاقات بينهما.

الرأي العام: كيف يرى المسؤولون الأمريكيون المخرج للأزمة بين واشنطن ودمشق؟ بمعنى آخر هل ما يطلبونه مستحيل تسويته؟

جلالة الملك:لا يوجد مستحيل في السياسة... كما فهمت من الأمريكيين هناك قضايا تتعلق بالملف العراقي، وملفات أخرى يطالبون سوريا إيجاد حل لها ينهي الإشكال الموجود بين الطرفين... وفي المقابل فإن السوريين كما أسمع مستعدون للحوار ومناقشة أي مسألة تتعلق بالعلاقات بين الجانبين. وإنني أرى أنه إذا تمكن الجانبان من بدء الحوار حول هذه المسائل فكل شيء قابل للحل.

الرأي العام: هناك تيار في الإدارة الأمريكية لا يريد التعامل مع دول المنطقة إلا بأسلوب الضغط والحرب المفتوحة. ما هو تأثير هذا التيار فعليا داخل الإدارة وهل هو إلى تراجع؟

جلالة الملك:في كل مرة التقي الرئيس الأمريكي جورج بوش ووزير الخارجية باول وأعضاء الإدارة والكونغرس، أسمع أفكارا إيجابية عن رؤيتهم لمستقبل العلاقات مع الشرق الأوسط... بغض النظر عن وجود التيار الذي تتحدث عنه داخل الإدارة الأمريكية... لأنني لا اعتقد أنه المعبر حقيقة عن موقف الولايات المتحدة ... الرئيس بوش ووزير الخارجية باول مدركان أن حل الصراع العربي الإسرائيلي يكمن بإقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب دولة إسرائيل الآمنة مع جيرانها العرب. وفي المسألة العراقية يقولون أنهم يريدون بناء دولة عراقية نموذجية تقوم على أساس ديمقراطي. الأمر المهم بالنسبة لنا كعرب أن ندرك أن العالم تغير بعد أحداث 11 سبتمبر وأن موازين القوى اختلفت كليا، والمطلوب منا جميعا أن نوضح موقفنا وأن ندافع عن ديننا وعن الإسلام الصحيح الذي تحاول الحركات الإرهابية اختطافه، مما ألبّ العالم علينا وجعل الكثير من الدول التي كانت تدعم قضية فلسطين أن تغير موقفها للأسف.

الرأي العام: هل صحيح أنكم طلبتم تصورا فلسطينيا للوضع لحمله إلى واشنطن؟

جلالة الملك:نعم عندما التقيت رئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع الشهر الماضي، طلبت منه مقترحات يمكن أن نطرحها على الإدارة الأمريكية للخروج من المأزق الحالي في الأراضي الفلسطينية. لا يمكن أن نقبل استمرار هذا الوضع فالمعاناة الفلسطينية مستمرة وهناك سياسة إسرائيلية تتخذ على أرض الواقع للأسف... وكلما تم تأخير التقدم نحو السلام كلما خسرت القضية الفلسطينية وكلما زادت المعاناة وفقدان الأمل... يجب أن لا نسمح بإضاعة المزيد من الفرص... فالوقت ليس في صالح القضية الفلسطينية، نحن أمام استحقاقات عالمية جديدة والأمور تزداد تعقيدا، فإسرائيل تنفذ سياستها في الأراضي الفلسطينية مستغلة الوضع الفلسطيني الحالي، وتردد الموقف الدولي والعجز العربي، لكن هناك خطوات لا بد للجانب الفلسطيني القيام بها لكي يقبل الأمريكيون التدخل بقوة لدفع عجلة السلام إلى الأمام، فالإدارة الأمريكية بصراحة لن تتدخل ما لم يتم معالجة الجانب الأمني من قبل الفلسطينيين، هذا ما سمعناه من قبل الأمريكيين في كل مرة التقينا بهم، ونعتقد أننا سنسمعه أيضا منهم خلال زيارتنا لواشنطن الشهر القادم.

الرأي العام: هل ترون مخرجا من الوضع الراهن بين الفلسطينيين وإسرائيل؟ وهل تعتقدون أن شارون يمكن أن يتوصل إلى حل أو تسوية؟

جلالة الملك:المخرج يكمن في العودة فورا إلى عملية السلام... لقد جرب الجانبان العنف، ولكن النتيجة كما نرى مزيد من القتلى والجرحى والمشردين من بيوتهم... نحن بحاجة إلى شجاعة وجرأة لإعادة عملية السلام إلى مسارها الصحيح. واعتقد أن تطبيق خارطة الطريق التي حظيت بإجماع دولي وسيلة قوية للخروج من المأزق الحالي. صحيح أن المسؤولية تقع على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ولكن على المجتمع الدولي والولايات المتحدة بشكل خاص مسؤولية كبرى تجاه إعادة الأمور إلى نصابها والتحرك من أجل الضغط على الطرفين لوقف العنف واتخاذ مسار السلام سبيلا لنزع فتيل التوتر، بغض النظر عن وجود شارون في موقع رئيس الوزراء. إذا كان هناك استعداد لتحقيق السلام يمكن التوصل إلى ذلك. لقد رأينا كيف أن رئيس وزراء إسرائيل الراحل اسحق رابين الذي قاد حروبا ضد الدول العربية امتلك الشجاعة والجرأة وأقدم على صنع السلام مع الأردن.

نحن ندرك أن الكثير من الشباب في المنطقة محبطون ويائسون، فهم بعيدون كل البعد عن الفرص التي تجعل من القرن الواحد والعشرين قرنا مليئا بالأمل، وهم محبطون لغياب التنمية والإصلاح ويشعرون بمرارة عميقة بسبب استمرار الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين... ويشعر كثير منهم بالفشل في وضع حد لهذا الظلم، وهو ظلم عميق تشعر به كافة الشعوب العربية... فاستمرار العنف في فلسطين والعراق يؤجج التطرف. ولوضع حد للإرهاب وتحقيق السلام العالمي... علينا معالجة أسباب كل هذه النزاعات وفتح أبواب جديدة للأمل... شعوب الشرق الأوسط تبحث اليوم عن أمل جديد... أمل في الازدهار والسلام... فقد رأينا تأجج العنف والكراهية والظلم... لكننا ندرك أيضا أن الناس بإمكانهم أن يبدعوا ويحققوا إنجازات عظيمة عندما نمكنهم.

الرأي العام: هل أضرت العمليات الانتحارية بالقضية الفلسطينية وأخرت خريطة الطريق؟ وهل تلعب منظمات مثل "حماس" و"الجهاد " دورا مساعدا في التسوية؟

جلالة الملك:في كل مرة تقع فيها عملية انتحارية يدفع الثمن الشعب الفلسطيني الأعزل ويقتل أضعاف ما يقتل من الإسرائيليين وتهدم البيوت ويشرد سكانها ويجتاح الجيش الإسرائيلي المدن الفلسطينية... هناك واقع يجب أن ندركه وهو أن العمليات الانتحارية جلبت التعاطف مع إسرائيل من قبل مختلف شعوب العالم حيث الموقف العربي اليوم أكثر ضعفا. المطلوب الآن من الفصائل والحركات الإسلامية الفلسطينية دعم الحكومة الفلسطينية لبسط سيطرتها على مختلف الأراضي الفلسطينية... لأنه بدون أن تسيطر هذه الحكومة على الأمن فلن يكون هناك مجالا لاستئناف عملية السلام.

الرأي العام: ما زال عمر الحكومات في الأردن لا يتجاوز السنة، فحكومة الروابدة تجاوزت السنة بقليل وعلي أبو الراغب شكل ثلاث حكومات وأجرى ثلاثة تعديلات خلال عامين ونصف تقريبا. وهذا يعني أن نادي الوزراء الأردنيين الحاليين والسابقين في ازدياد وهو أمر يرهق ميزانية الدولة، وسؤالنا متى ستصبح أعمار الحكومات الأردنية أطول ومتى ستكون هناك مؤسسات محددة ومعروفة لاختيار الوزراء حيث يقال أن العلاقات الشخصية ما زالت هي العنوان الأساس في ذلك؟

جلالة الملك:الأمر الذي أسعى إليه في هذه المرحلة هو إحداث تنمية سياسية واقتصادية واجتماعية شاملة، هذه رؤيتي للأردن... وقد حددنا الأسس التي يتم عليها اختيار الحكومات من خلال قدرتها على تحقيق هذه الرؤية... وتنفيذ برامجها التي شكلت من أجلها لأنني أدرك أنه متى طرحت الحكومة برنامجا واضحا وسعت إلى تطبيقه فإننا نكون قد وضعنا أنفسنا على الطريق الصحيح... المشكلة لها جانب آخر، وهي أن الأحزاب السياسية لدينا مشتتة وهناك عزوف من قبل المواطنين عن الانتساب للأحزاب... فلا يعقل مثلا في بلد مثل الأردن بحجمه وسكانه أن يتجاوز عدد أحزابه الثلاثين حزبا وعدد المنضوين لهذه الأحزاب لا يتعدى بضعة آلاف. عندما نحقق رؤيتنا في إقامة أحزاب قوية وذات برامج وطنية أردنية اقتصادية واجتماعية، فمن المؤكد أن يصبح عمر الحكومات أطول لأنها تكون في تلك الحالة منبثقة عن أحزاب وكتل سياسية قوية.

الرأي العام: بعض رجال الأعمال الأردنيين يشيدون بالفرص الاستثمارية التي أتيحت في عهدكم، لكنهم يقولون أن تحوّل الأردن إلى منطقة جذب استثماري دولي يحتاج إلى "انقلاب" يشمل القوانين الاقتصادية والمالية. ما رأي جلالتكم؟

جلالة الملك:دعني أوضح لك أن الإجراءات والقوانين والتشريعات التي اتخذت في الأردن خلال السنوات الأربعة الماضية كلها كانت تصب في انفتاح الاقتصاد الأردني على الاقتصاد العالمي، مما شكّل مناخا اقتصاديا واستثماريا جاذبا بشهادة العديد من المؤسسات الاقتصادية العالمية والتي كان آخرها تقرير التنافس العالمي الذي صدر عن المنتدى الاقتصادي العالمي والذي وضع الأردن بالمرتبة 34 من بين 100 دولة حيث سبقنا دولا أوروبية مثل إيطاليا على سبيل المثال في مجال قدرة اقتصادنا على التنافس والتماشي مع الاقتصاد العالمي الحر وعلى قدرته أيضا في اجتذاب استثمارات عالمية.

في الأردن أصبح القطاع الخاص شريكا فعليا إلى جانب القطاع العام، وأزلنا المعوقات أمام المستثمرين من خلال تعديل التشريعات والقوانين، والأمر لا يحتاج إلى انقلاب بقدر ما يحتاج إلى رؤية... ونحن دائما على استعداد للمزيد من التغيير والإصلاح والتجاوب مع المستثمر... ودوما أقول لهم أعلمونا كيف يمكننا مساعدتكم... وإن رأيتم خللا أو تقصيرا فلا تترددوا في إعلامنا به. التغييرات التي أجريناها على الاقتصاد الأردني لجعله أكبر حرية وتحركا مكننا من زيادة صادراتنا واستقطاب العديد من الشركات العالمية الكبرى... فقد زادت صادراتنا للولايات المتحـدة على سبيل المثال عن (400) مليون دولار في حين لم تتعد (15) مليون دولار عام 1999. الأردن اليوم يتمتع بمناخ استثماري هائل بعد أن وقعنا اتفاقيات تجارة حرة مع معظم الدول العربية والولايات المتحدة وأوروبا.