مقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني مع صحيفة الرأي العام الكويتية

١٨ أيار ٢٠٠١

الرأي العام : يزور جلالتكم دولة الكويت، ما هي المواضيع التي ستبحثونها فيها خلال الزيارة؟

جلالة الملك: زيارتي لدولة الكويت الشقيقة تأتي استمرارا لمسيرة التواصل والتشاور مع أخي سمو الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح حول ما يقوم به البلدان من خطوات فاعلة لزيادة افاق التعاون بيننا لما فيه مصلحة شعبينا وبلدينا الشقيقين، وانا اتطلع الى لقاء اخي سمو الشيخ جابر وسمو ولي العهد والاخوة المسؤولين كافة في الكويت، وهنالك الكثير من المواضيع التي سنبحث فيها كأخوين تربطنا علاقات وطيدة ويجمعنا حرصنا على خدمة شعبينا وامتنا وقضاياها العادلة.

الرأي العام : جلالة الملك هي يمكن القول ان صفحة جديدة افتتحت في العلاقات بين البلدين انهت ما شاب علاقاتهما بعد احتلال العراق للكويت؟

جلالة الملك: بكل تأكيد، علاقاتنا والحمد لله ممتازة وتسير الى الامام بشكل مستمر، ونحن نعتز بعلاقاتنا الاخوية بالكويت ومصممون على تطويرها، ومجالات التعاون كثيرة. واود ان اشير الى التعاون الذي نعمل على بنائه في المجال الاقتصادي فهنالك فرص متعددة تنعكس بالخير على البلدين في مجالات التجارة والاستثمار والمشاريع المشتركة، فالمستقبل والحمد لله يبشر بالخير، وعلى المستوى السياسي، فرؤيتنا مشتركة حول ضرورة العمل معا من اجل بناء مستقبل ينعم فيه المواطن العربي بحقه في العيش بامن وسلام واستقرار ورخاء.

الرأي العام : جلالة الملك كنتم كلفتم من القمة العربية التي استضفتموها في عمان بمتابعة جهود الوساطة بين الكويت والعراق، هل يمكن وصف زيارتكم بانها بدء لجهود الوساطة؟

جلالة الملك: الواقع ان هذه الزيارة كانت مقررة قبل انعقاد مؤتمر القمة، وهي لا تأتي في اطار الوساطة بهذا المفهوم، وكما قلت هناك العديد من القضايا الثنائية التي سنبحث فيها مع الاشقاء، لكن هذا لا يمنع من ان الحديث سيتطرق الى كل ما يهم البلدين من قضايا. والحالة بين الكويت والعراق قضية مهمة نأمل بالتواصل الى حل لها على اسس تمهد لعلاقات مستقبلية واضحة مبنية على احترام الاخر وسيادته وحقوقه، وكما اكدنا مرارا، نحن نقف بشكل كامل مع حق دولة الكويت في احترام حدودها وسيادتها وامنها وعدم التدخل بشؤونها. وهنالك تبعات للاحتلال العراقي للكويت لا بد من معالجتها على اسس عادلة وواضحة، بحيث نتجاوز كل اثر سلبي لتلك المرحلة ونركز كأمة عربية على بناء المستقبل الذي نستحق.

الرأي العام : لكن هل سيبدأ جلالتكم جهودا جديدة لمتابعة ما جرى بحثه في القمة العربية في ما يتعلق بهذه القضية؟

جلالة الملك: نحن معنيون بشكل كبير بفتح صفحة جديدة في العلاقات العربية بحيث نتجاوز كل شوائب الماضي، وانا اعتقد انه لا بد من تحقيق المصالحة العراقية الكويتية ليس من خلال تأجيل القضايا ولكن من خلال التعامل معها بوضوح وبموضوعية وضمن رؤية واسس تضمن عدم تكرارها في المستقبل. وللكويت الشقيقة الحق في العيش بأمان من اي خطر حالي او مستقبلي والحق في ان تحترم سيادتها وحدودها ونحن نقف معها في هذا بكل قوانا، ولا بد ايضا من رفع الحصار عن العراق وانهاء معاناة الشعب العراقي الشقيق. فتحقيق المصالحة بين العراق والكويت ضرورة تفرضها المصلحة العليا لامتنا، لكن كما قلت، يجب ان نواجه ما بقي من قضايا عالقة بجرأة وموضوعية وحس كبير بالمسؤولية القومية ونوايا حسنة ورغبة اكيدة في فتح صفحة جديدة من العلاقات الاخوية، وقضية الاسرى والمفقودين الكويتيين قضية هامة لا بد من ايجاد حل عادل لها.

الرأي العام : اذا لم تكن هناك وساطة اليوم، هل ستكون في المستقبل؟

جلالة الملك: موضوع الوساطة بالصورة التي طرحتها في سؤالك هو موضوع نبحث فيه ونعمل من اجله مع اشقائنا كافة وبالتعاون والتنسيق مع الجامعة العربية.

الرأي العام : متى تتوقعها؟

جلالة الملك: كل شيء سيتم في وقته.

الرأي العام : جلالة الملك اذا سمحت لنا ان نبقى في اطار العلاقات العربية فقد ركزتم في القمة على الموضوع الاقتصادي كبعد يساوي في اهميته البعد السياسي، كيف ترون العلاقات العربية في المرحلة الحالية والى اي درجة انتم متفائلون بزيادة التعاون الاقتصادي بين الدول العربية؟

جلالة الملك: في البداية، اريد ان اشير الى ان القمة العربية في عمان كانت محطة مهم في العلاقات العربية، فهي كانت اول قمة تلتئم بعد قرار قمة القاهرة عقد القمة العربية بشكل دوري. ولا شك ان اللقاء السنوي للقادة العرب سيساهم بشكل كبير في توطيد العلاقات العربية وتعزيزها، العلاقات العربية والحمد لله جيدة، لكن المجال لتطويرها واسع والحاجة لتعزيزها هي الان اكبر من اي وقت مضى في ضوء ما يشهده العالم من تطورات ومتغيرات تؤثر علينا وعلى مستقبلنا، وانا اعتقد ان الاقتصاد والتعاون الاقتصادي سيقرب شعوبنا ودولنا من بعضها البعض وسيعودان بالخير علينا جميعا. فالاتحاد الاوروبي بدأ بالتعاون الاقتصادي وها هو يتجه بثبات نحو المزيد من التكامل السياسي والاجتماعي وغيره من مجالات التعاون، وانا اؤمن بأن طموحاتنا في تحقيق التكامل العربي ستتحقق بثبات اذا ما نجحنا في بناء علاقات اقتصادية وتعاون اقتصادي مؤسسي، فالتكامل العربي طموح لنا جميعا، لكن الموضوعية والواقعية اساس النجاح وبامكاننا ان نبدأ ببناء روابط اقوى في قطاعات اقتصادية نتفق على جدواها لنا جميعا. فبامكاننا العمل على ربط البنية التحتية بين دولنا العربية وزيادة التجارة والاستثمار

والمشاريع المشتركة والتعاون البيني والقانوني. يجب ان نعمل على اسس علمية ومدروسة، واذا نجحنا في ذلك، تكون روابطنا الاقتصادية عامل جمع اضافي لما يربطنا من عوامل التاريخ والمستقبل المشترك والاخوة. التكامل الاقتصادي والمصالح المشتركة ستؤدي الى تعاون سياسي اوثق لحمايتها والبناء عليها، فعالمنا اليوم هو عالم العولمة والتجمعات الاقليمية، ونحن قادرون على توظيف العولمة لخدمة شعوبنا ومصالحنا القومية اذا ما تعاملنا مع العالم كمجموعة عربية متناغمة ومنسجمة مع بعضها البعض.

الرأي العام : جلالة الملك يبدو ان الحكومة الاسرائيلية بقيادة ارئيل شارون تتجه نحو تصعيد الموقف.. فما هي استراتيجيتكم في التعامل معها؟

جلالة الملك: اولويتنا الاولى في المرحلة الحالية هي وقف ما يتعرض له الشعب الفلسطيني الشقيق من عدوان وحصار وانتهاك لحقوقه، ومنذ اليوم الاول لانتفاضة الاقصى وظفنا جميع امكانياتنا لمساعدة واسناد الاشقاء سياسيا وعلى الارض. فالمعاناة التي يواجهها اشقاؤنا كبيرة ويجب تقديم كل عون ممكن لهم وهذا واجب نقوم به بكل ما اوتينا من امكانيات وبتنسيق كامل مع اشقائنا في السلطة الوطنية الفلسطينية. وسياسيا وظفنا كل علاقاتنا اقليميا ودوليا من اجل وقف العدوان، ونحن نتابع العمل بالتعاون مع الاشقاء في مصر وبالتنسيق مع السلطة الوطنية الفلسطينية لانهاء هذه الازمة. وقدمنا مع الاشقاء في مصر المبادرة الاردنية، المصرية بهدف وقف هذا العدوان والعودة الى المفاوضات السلمية على اساس الاتفاقيات الموقعة وقرارات الشرعية الدولية.

الرأي العام : كيف يمكن ان تتقدم الامور على جبهة السلام؟

جلالة الملك: على اسرائيل ان تدرك انه لا يمكن تحقيق الامن او الاستقرار في المنطقة الا باستعادة العرب لحقوقهم المشروعة كافة، باستعادة سوريا لجميع اراضيها المحتلة حتى حدود الرابع من حزيران، وباستعادة لبنان لما تبقى من اراضيه تحت الاحتلال، وباستعادة الفلسطينيين لجميع حقوقهم، وخصوصا حقهم في اقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني وعاصمتها القدس. اما العدوان وانتهاك الحقوق فلن يؤدي الا الى المزيد من التوتر والصراع فنحن نريد السلام، امتنا العربية تريد السلام لكن السلام يعني احترام حقوق الجميع، والسلام الذي نريده هو السلام الذي يعيد الحقوق العربية كافة.

الرأي العام : جلالة الملك هل تشعرون باي خطر او تهديد لكم في الاردن من ممارسات شارون ونظرياته المعروفة في اقامة دولة فلسطينية في الاردن؟

جلالة الملك: الخطر هو على المنطقة برمتها اذا لم تتحمل اسرائيل مسؤوليتها وتفي بالتزاماتها وتنهي العدوان كي تستأنف المفاوضات بهدف الوصول الى السلام العادل والدائم والشامل لان غير ذلك يعني جر المنطقة الى اجواء الصراع والتوتر. وفي ما يتعلق بنا في الاردن وردا على سؤالك فنحن دولة ثابته واثقة بنفسها وبقدراتها وقدرات شعبنا، ولا نشعر بأي خطر او تهديد في هذا الاطار، وتعاملنا في الماضي مع التحديات اكبر وتجاوزناها بثقة وباقتدار، وتمكنا بحمد الله بمساهمة الجميع من ابناء اسرتنا الاردنية الواحدة من بناء وطن امن مستقر والمسيرة مستمرة نحو المزيد من البناء والانجاز والعطاء لشعبنا ولامتنا.