مقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني مع صحيفة الحياة اللندنية

١٩ أيار ٢٠٠٥

أعرب جلالة جلالة الملك الثاني، في حديث إلى"الحياة" عن ثقته بقدرة الديمقراطية الأردنية على تجاوز الأزمة الحالية بين الحكومة ومجلس النواب، داعيا إلى إعتماد الحوار والاحتكام إلى الدستور. وقال: "أن حل البرلمان لم يطرح ولن يكون أبدا مخرجا لهذه الأزمة"، لافتا إلى أن لا عودة عن خيار الإصلاح، وشدد على أن الشرق الأوسط يقف عند مفترق طرق، يحتم على دوله سلوك النهج المؤدي إلى الاستقرار ومواجهة مشكلات البطالة والفقر والتوتر.

وأعرب جلالته عن ارتياحه إلى العلاقات الأردنية - العراقية. وكشف أن الرئيس جلال طالباني طلب خلال زيارته للأردن، إيجاد حل لمشكلة نائب رئيس الوزراء العراقي احمد الجلبي يرضي الطرفين، مشيرا إلى أن الحكومة الأردنية تدرس حاليا "جوانب القضية من ناحية قانونية ومالية" واشار إلى تحسن في العلاقات مع إيران، معتبرا أن التهديد بحل عسكري ضد منشآتها النووية "سيجلب الخطر والمآسي." وأوضح أن الأردن لا يلعب أي دور في معالجة الأزمة السورية – الأميركية؛ لأن الفريقين لم يطلبا منه ذلك، ووصف علاقات بلاده بالسعودية بأنها أفضل اليوم منها في أي وقت مضى. وقال: إن ما سمعه من الرئيس جورج بوش عن عملية السلام "مطمئن" وتحدث عن علاقته الخاصة بالرئيس الراحل رفيق الحريري، وثقته بقدرة اللبنانيين على مواجهة تحديات المرحلة.

الحياة: جلالة الملك، هناك انطباع بأن منطقة الشرق الأوسط تجتاز مرحلة انتقالية.. هل نحن عشية تغيير كبير أم اضطراب كبير؟

جلالة الملك: ما يجري في المنطقة هو عملية تغيير حقيقي، فما كان صالحا في الماضي لم يعد كذلك اليوم. لقد شهدنا خلال السنتين الماضيتين تطورات هائلة في دول عدة، في العراق، حيث لأول مرة منذ خمسين عاما ينتخب العراقيون حكومتهم، وممثليهم في البرلمان، وفي فلسطين جرت انتخابات ناجحة، وعبر الفلسطينيون عن رغبة حقيقية في التوجه نحو الإصلاح والسلام بانتخابهم "أبو مازن" الذي تبنى برنامجا ينسجم ورغبة الشعب الفلسطيني في التوصل إلى سلام ينهي حالة الفوضى ودوامة العنف. وفي لبنان يستعد اللبنانيون لإجراء انتخابات برلمانية جديدة نهاية الشهر الجاري، نأمل بأن تجري بأجواء آمنة.

أعتقد بان المنطقة مقبلة على عملية إصلاح واسعة، وهذا ما أدركناه نحن في الأردن من قبل، وكل ما نسعى إليه هو تجذير عملية الديمقراطية وتسريع وتيرة الإصلاح، وحث الناس على المشاركة الفاعلة في عملية صنع القرار، والمساهمة في تحديد أولوياتهم واحتياجاتهم.

الحياة: ولكن عملية الإصلاح في الأردن خلقت انقساما وتخوفا لدى شرائح اجتماعية عدة، وخصوصا لمن يربطها بعمليات "التوطين"،كيف يمكن تفسير ذلك؟

جلالة الملك: لا اعتقد بأن توسيع قاعدة المشاركة السياسية وجعل الناس يقررون مستقبلهم الاقتصادي والسياسي، يمكن أن تحدث شرخا اجتماعيا، ولا أرى بتاتا أي ربط بين الإصلاح والتوطين. المسألة أن هناك من ربط بين تشكيل الحكومة وإغفال مناطق جغرافية من التمثيل، على أنه تهميش لمناطق على حساب فئات أخرى، أنا من جهتي لن أقبل أبدا أن تهمش أي جهة أو فئة أو منطقة على حساب أخرى، والتهميش لا يكون بعدم المشاركة في الحكومة أو بتعيين وزير من هذه المنطقة أو تلك، بل بعدم المشاركة في عملية صنع القرار. على أية حال ما يجري من شد وجذب بين البرلمان والحكومة هو تمرين ديموقراطي تستوعبه ديموقراطيتنا.

الحياة: الجدل في الأردن، يدور حول الإصلاح بضغط من الخارج أم إصلاح من ضرورات الداخل؟ أين تجدون ما يجري لديكم من هذه المقولة. وما هو هدف الإصلاح الذي تعملون من أجله؟

جلالة الملك: موقفنا دائما، أن الإصلاح القادم بضغط خارجي لن ينجح. الإصلاح النابع من الداخل ومن بيئة مجتمعاتنا المحلية، هو الذي يدوم ويترسخ ويحظى بالقبول، أما وصفات الإصلاح الجاهزة والغريبة عن شعوبنا فلن تلقى رواجا، نحن في الأردن بدأنا عملية إصلاح ذاتية تراعي خصوصية شعبنا وتطلعاته، وتنسجم مع تقاليد مجتمعنا وتراثه العربي والإسلامي، لأنني أؤمن انه لا بد لأي عملية إصلاح أن تتجاوب بصورة مباشرة مع أولويات المجتمع واهتماماته.

أنا مقتنع تماما بأن الإصلاح ضروري وهام بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط، ويجب أن نغتنم الفرص ونتقدم إلى الأمام، الإصلاح لا يعني التخلي عن ثوابتنا الوطنية. بالنسبة لنا في الأردن بدأنا عملية المشاركة السياسية، أي الإصلاح، قبل أن يتم الترويج له بالمفهوم الحالي في الغرب وفي الولايات المتحدة بشكل خاص، فقد سبقنا الكثيرين في هذه المنطقة، فالأردن كما تعلم، لديه برلمانات منتخبة منذ الخمسينيات، لكن تعطل الحياة البرلمانية بعد حرب العام 1967 أدى إلى تعطل عملية تجذير الحياة الديموقراطية ومأسستها. وبعد عودة الحياة البرلمانية في الثمانينيات، نستطيع القول أننا كنا الرواد في الإصلاح. واليوم، إن ما نسعى إليه هو تسريع وتيرة الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وبدون إصلاح اقتصادي واجتماعي لن ينجح الإصلاح السياسي، نحن نريد إصلاحا يحقق العدالة والمساواة والانفتاح الاقتصادي واحترام حرية الرأي والرأي الأخر واحترام حقوق الإنسان وتمكين المرأة، نريد أن نبني مستقبلا للشباب وإطلاق طاقاتهم الإبداعية وإيجاد فرص العمل لهم وإشراكهم في صنع المستقبل، فهل هذه الأمور تدعو إلى القلق؟.

الحياة: تعملون على بلورة فكرة الأجندة الوطنية؛ لتكون برنامجا للدولة خلال السنوات العشر المقبلة.. ما هي أهم مرتكزات ومكونات هذه الأجندة؟ وكيف يمكن لمثل هذه الأجندة أن تكون فاعلة في ظل هذه المتغيرات الدولية السريعة؟

جلالة الملك: جزء أساسي ومهم في عملية الإصلاح التي نتبناها هي الأجندة الوطنية. هناك تحديات كبيرة، اقتصادية واجتماعية، ندرك أننا سنواجهها في الأردن في المرحلة المقبلة، وقد جاءت فكرة وضع أجندة وطنية للسنوات العشر المقبلة لمواجهة هذه التحديات، واللجنة التوجيهية لهذه الأجندة واللجان المنبثقة عنها، مكلفة بوضع أفكار ومبادرات ومبادىء عامة. وتصورنا أن الحكومات ستضع القوانين والتشريعات المرتبطة بالحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفقا لمخرجات لجنة الأجندة. أهم ما يميز هذه الأجندة أن أعضاء اللجنة واللجان المتفرعة عنها، والذين يقدر عددهم بأكثر من مئتي شخص، روعي في اختيارهم أن يكونوا ممثلين لجميع مكونات المجتمع المدني وقواه السياسية، فتجد فيها أعضاء من النقابات والأحزاب ومن القطاع الخاص، وتيارات تمثل اليمين والوسط واليسار.

الحياة: أجريتم تغييرا وزاريا مفاجئا، وأصبح على رأس الحكومة رئيس وزراء "أكاديمي" ما الذي استدعى هذا التغيير؟

جلالة الملك: مجموعة عوامل أدت إلى تغيير الحكومة، لكن جوهر المسألة في التغيير كان تسريع وتيرة الإصلاح ومأسسته، لقد لمست أن هناك إبطاء في موضوع الإصلاح والتحديث، بالإضافة إلى أن هناك ثغرات حصلت في الفترة الأخيرة من عمر الحكومة السابقة، وكان لا بد من معالجتها، وقد ارتأيت أن التغيير ربما يساهم في تصحيح المسيرة والمضي قدما نحو الأهداف التي رسمناها لمستقبل الأردن.

الحياة: للحكومة الأردنية الجديدة مشكلة مع مجلس النواب، حيث هدد (46) نائبا بحجب الثقة عنها، ويطالب النواب بتعديل الحكومة وإخراج أعضاء من الفريق الاقتصادي. كيف يمكن أن تنتهي هذه المشكلة؟ هل يمكن أن يكون المخرج من الأزمة بحل البرلمان؟

جلالة الملك: أنا أحترم موقف مجلس النواب، بالدرجة التي أقدر فيها حكمة رئيس الوزراء وموقفه أيضا، وأقدّر أيضا كفاءة الفريق الوزاري، لكن المهم في الأمر أن يكون الحكم دائما على البرامج وليس على الأشخاص، وأن لا يكون الحكم متسرعا، أنا لا أؤمن إطلاقا بأسلوب المحاصصة، وأدرك تماما أن المناطق التي لم تمثل في التشكيل الحكومي مليئة بالكفاءات والخبرات، وعلى الحكومة والبرلمان أن يواجها أي مشكلة من خلال الحوار بالأساليب الديموقراطية، فديموقراطيتنا تستوعب كل الآراء والتباين في المواقف. أما الحديث عن حل البرلمان فهذا لم يطرح ولن يكون أبدا مخرجا لهذه الأزمة، أنا أثق بالفريق الوزاري وهم أشخاص مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، وعندما تم اختيارهم لا اعتقد بأنه تم الأخذ بالحسبان أصولهم ومنابتهم، ولا يجوز النظر إلى مجيء أشخاص على أنه على حساب آخرين، فقراءة المعادلة بهذا الأسلوب أمر غير سليم، أنا أنظر إلى الأمر أن الكل في الأردن لا بد أن يكسب، سواء هذا الفريق أو ذاك، وفي النهاية الوطن هو الذي يكسب إذا عملنا بروح الفريق الواحد، أما الطعن والاتهام غير المبرر لأسماء من الفريق الوزاري، لا يمكن أن يتم بهذا الشكل، والتعامل مع مثل هذه القضية يكون بالتحاور، فالدستور يجب أن يكون الحكم بيننا دائما. أنا توجهي نحو الإصلاح السياسي والاقتصادي، ومؤمن أنه لا بد من الإصلاح فهو خيارنا، وليس مرتبطا بأشخاص، بل هو برنامج وطن وليس برنامج أشخاص كما يتم تصويره في بعض وسائل الإعلام، ولن نحيد عن توجهنا نحو التغيير للأفضل، المطلوب من الكل أن يساهم في التغيير الإيجابي، فالإصلاح لن يكون لحساب جهة على أخرى، فهو لمصلحة الجميع.

الحياة: أعلنتم عن لجنة لتقسيم البلاد إلى أقاليم. ما هو أساس هذه الفكرة وما هدفها؟

جلالة الملك: أيضا خطتنا لإعادة النظر في التقسيمات الإدارية تصب في عملية توسيع قاعدة المشاركة الشعبية، ومن خلال لقاءاتي مع ممثلي المحافظات وزياراتي للمناطق النائية، أدركت أن التخطيط لاحتياجات هذه المناطق لا يمكن أن يقتصر على الخطط التي تضعها الوزارات في العاصمة، بل يجب أن يشترك في صياغة هذه الخطط الناس الذين يعرفون احتياجات مناطقهم ولديهم القدرة على المساهمة في التنمية الشاملة التي تنعكس آثارها على شرائح المجتمع كافة، من هذا المنطلق كانت فكرة التقسيمات الإدارية، وهناك لجنة الآن تعكف على دراسة واقع هذه التقسيمات لتحدد ما هو الأنسب الذي يمكن أن يخدم الأردن ويحقق الفائدة للجميع.

الحياة: أنتم بصدد وضع قانون جديد للانتخاب، ما هي ملامحه؟ وهل سيجري حل المجلس النيابي وإجراء انتخابات مبكرة على أساسه؟

جلالة الملك: هذا الأمر مرتبط بمخرجات لجنة الأجندة الوطنية، قانون الانتخابات وغيره من القوانين المتعلقة بالحياة السياسية، ستخرج وفقا للمبادىء والأفكار التي ستضعها لجنة الأجندة الوطنية ولجنة التقسيمات الإدارية.

الحياة: أجريتم تغييرات في جهاز الاستخبارات وكلفتم المدير السابق للجهاز المشير سعد خير بمهمة تأسيس "وكالة الأمن الوطني"، ما هي مهمات وشكل هذه الوكالة؟ وما هي مبررات مثل هذه الإجراءات؟

جلالة الملك: التغيير في جهاز المخابرات يهدف إلى ضخ دماء جديدة في هذا الجهاز، الذي نعمل دوما على دعمه للاضطلاع بدوره الأمني، ورعايته للقيام بهذا الدور.

الحياة: ما هي المواضيع التي تثير قلق جلالتكم؟ احتمال انزلاق العراق إلى حرب أهلية، أم مستقبل العلاقات السورية – الأميركية، أم مستقبل لبنان؟

جلالة الملك: لنبدأ من آخر السؤال، فاللبنانيون شعب واعٍ، ونحن نراهن على وعيهم، فهم الأقدر على فهم المتغيرات والأخطار، ولست قلقا أبدا على ما يجري في لبنان، فالديموقراطية اللبنانية استوعبت أكثر من ذلك. أما في شأن العلاقات السورية - الأميركية، نعم نحن حريصون على أن لا تتأزم الأمور إلى أكثر مما وصلت إليه، وندعو إلى حل المسائل العالقة بين الجانبين بالحوار، فمنطقتنا لا تحتمل أبدا مزيدا من التعقيدات، فما يجري من عنف في العراق يدعونا للقلق، القلق من الإرهاب الأعمى الذي يطاول المدنيين كل يوم ويستنزف طاقات العراقيين، ويؤخر عملية إعادة إعمار العراق، الإرهابيون يراهنون على إحداث الفتنة وقيام حرب أهلية في العراق، لكن ما أثبته الشعب العراقي خلال السنتين الماضيتين من تماسك وتكاتف، أكد أن العراقيين متحدون ضد الإرهاب ولم يلتفتوا إلى دعاة الفتنة الذين يريدون تمزيق المنطقة إلى دويلات وطوائف متناحرة.

إن ما جرى من انتخابات في العراق، شارك فيها نحو ثمانية ملايين ناخب وناخبة، يؤشر إلى رغبة الأغلبية في العراق، في الانخراط في العملية السياسية وبناء العراق الجديد، وما يحتاجه العراقيون اليوم هو دعمنا جميعا. يجب علينا أن نساند الشعب العراقي وندعم رغبته في التحرر وبناء نهج ديموقراطي معاصر، وتطلعه نحو المستقبل. لقد لمست خلال لقائي في عمان قبل أيام، مع الرئيس العراقي جلال طالباني رغبة العراقيين في بناء علاقات سليمة مع محيطهم العربي، وهناك عتب عراقي على العرب وعلى الجامعة العربية، اذ لا يوجد أي سفير عربي في العراق، بينما يوجد العديد من السفراء من مختلف دول العالم هناك، وهذا الأمر لا يخدم العراق.

الحياة: وماذا عن الأردن؟

جلالة الملك: سنعيد سفيرنا إلى بغداد قريبا، وطلبت من الحكومة أن تعين سفيرا هناك في أسرع وقت ممكن، خصوصا وأن تأخير تعيين السفير كان بسبب الظروف الأمنية.

الحياة: أطلعكم ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز على نتائج محادثاته مع الرئيس جورج بوش، كيف ترون التوجه الأميركي حيال الملفات المطروحة؟

جلالة الملك: في مباحثاته مع سمو الأمير عبد الله كما في لقاءاته معنا، لمسنا من الرئيس بوش أن هناك رغبة أميركية في حل القضية الفلسطينية استنادا لمبادرة خارطة الطريق، دولة فلسطينية قابلة للحياة والاستمرار إلى جانب إسرائيل آمنة، الأميركيون أعلنوا أكثر من مرة موقفهم ورؤيتهم لتحقيق السلام. لكن الأمر يتطلب المتابعة والعمل المتواصل للوصول إلى هذا الهدف، فما يجري من إبطاء وعرقلة لجهود السلام خصوصا في مواضيع الانسحاب من غزة وموضوع المستوطنات وانتهاك حرمة المسجد الأقصى، وعدم المتابعة وعدم وضوح الموقف تجاه ماهية الدولة الفلسطينية يثير التساؤلات. أما بالنسبة للملفات الأخرى كالعراق وعملية الإصلاح، فلا يوجد اختلاف مع الموقف الأميركي بالنسبة لها.

الحياة: ما هو المطلوب من سورية برأيكم لتحاشي الصدام مع الولايات المتحدة، وهل يلعب الأردن دورا في هذا المجال؟

جلالة الملك: كما أسلفت، بالحوار والتفاهم يمكن حل الصدام بين الطرفين، سورية أعلنت التزامها تطبيق القرار (1559) الذي أنهى الوجود السوري في لبنان، والمطلوب هو مزيد من النقاش للوصول إلى حل حتى نتجنب الصدام الذي لن يجلب سوى المزيد من عدم الاستقرار والفوضى.

الحياة: هل يلعب الأردن حاليا دورا ما في تحسين العلاقة السورية - الأميركية أو وقف تراجعها؟

جلالة الملك: لم يطلب منا أي من الطرفين لعب مثل هذا الدور، طبعا نحن لنا علاقات مع الولايات المتحدة ولنا علاقة طيبة مع سورية، وعلى الصعيد الشخصي، لدي علاقة مميزة مع الدكتور بشار الأسد.

الحياة: استوقفتني عبارة علاقة مميزة؟

جلالة الملك: عرفت الدكتور بشار قبل وفاة والده الرئيس حافظ الأسد، نشأت بيننا علاقة ونحن على اتصال مستمر.

الحياة: لكن هذه العلاقة مرت بمراحل متفاوتة؟

جلالة الملك: تنشأ بين الدول خلافات أو مشاكل. الحمد لله، أننا في هذه المنطقة نحرص على أن لا يؤدي أي تأزم في العلاقات إلى النيل من العلاقات الشخصية التي تساهم بدورها في ترسيخ العلاقات الأخوية.

الحياة: هل لمستم خلال زيارة ولي العهد السعودي إلى الأردن أن الأزمة السورية - الأميركية قابلة للحل؟

جلالة الملك: سمعت من سموه أنه سيسعى إلى إيجاد مخرج أو حل، طبعا، هناك ملفات عدة: الحدود مع العراق ولبنان ومسائل أخرى، شعرت أنه يأمل بعد محادثاته في دمشق بإيجاد مخرج. الحقيقة أن محادثاتنا تركزت على الوضع الفلسطيني وخريطة الطريق والدولة الفلسطينية.

الحياة: كيف تصفون العلاقات الأردنية - السعودية حاليا؟

جلالة الملك: ممتازة بنسبة مئة وعشرة في المئة، اعتقد بأن علاقاتنا اليوم أقوى منها في أي وقت آخر، الحمد لله، العلاقات ممتازة بين البلدين وعلاقاتنا مميزة مع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد والأمير عبد الله والأمير سلطان والأمير نايف والأمير سلمان. وهناك تنسيق وتشاور مستمران حول مختلف الأمور التي تهم البلدين، نحن والسعودية متفقون حول مجمل القضايا التي تواجه المنطقة، بالنسبة لعملية السلام، البلدان يعملان مع الولايات المتحدة والقوى الدولية الأخرى؛ من أجل حشد الدعم لقضية السلام القائم على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية التي أطلقها سمو الأمير عبد الله بن عبد العزيز في قمة بيروت. وبالنسبة للعراق، متفقون أيضا على دعم الشعب العراقي في بناء مستقبله، كما أننا في خندق واحد بالنسبة لمكافحة الإرهاب، ونؤيد ونساند السعودية في إجراءاتها لضرب وإحباط خطط الإرهابيين الذين يسعون إلى المس بأمنها.

الحياة: كيف استقبلتم نبأ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري وتداعياته؟

جلالة الملك: كانت جريمة بشعة بكل المقاييس السياسية والإنسانية، خسر لبنان وخسر العرب بفقدان الحريري رجل دولة وإنسانا وطنيا عظيما نذر نفسه لخدمة بلده وشعبه وأمته، وسقط شهيدا؛ نتيجة مواقفه المشرفة والتزامه لقضايا الشعب اللبناني، ورحيله خسارة فادحة لكل من يريد الخير والأمن والاستقرار للمنطقة.

الحياة: كانت علاقتكم قوية بالرئيس الحريري، متى بدأت؟

جلالة الملك: عرفته من أيام والدي -رحمهما الله-. والحقيقة أنه وقف معي منذ البداية، بدعمه السياسي وعلاقاته العربية والأوروبية. تصرف تصرف الأخ الكبير، كانت لديه رؤية لمستقبل لبنان، وكنا نفكر في الاتجاه نفسه، أي التركيز على التطوير الاقتصادي والانطلاق منه في عملية التطوير الشاملة. وبسبب خلفيته الاقتصادية وخبرته كنت أستشيره أحيانا، أعان الله لبنان على هذه الخسارة الفادحة. لقد كانت علاقتي -بالمغفور له- علاقة شخصية وعلاقة عائلية أيضا.

الحياة: هل تشمل هذه العلاقة نجله ووريثه السياسي سعد؟

جلالة الملك: أعرف سعد وعلاقاتنا شخصية منذ وقت طويل، أي منذ حوالي 15 سنة، وكنا نلتقي به أنا وأخوتي وابناء عمي، والحقيقة أن سعد لم يقصّر هو الآخر، فهناك مشروع "السرايا" وهو من أكبر المشاريع الاستثمارية في الأردن إن لم يكن الأكبر على الإطلاق، كان والده مهتما بالأردن والتركيز على الاستثمار فيه وسعد يتابع النهج نفسه.

الحياة: هل من كلمة تقولونها للبنانيين لملء هذا الفراغ الكبير؟

جلالة الملك: أثق بقدرة اللبنانيين على معرفة ما يحتاجه بلدهم في هذه المرحلة، ومن واجبنا كعرب أن نقف إلى جانبهم وأن ندعمهم. لا شك أن الصعوبات موجودة، لكنني أشعر بالارتياح لأنهم يمتلكون الإرادة. الواقع أننا نريد أن يرجع لبنان إلى ما كانه سابقا، كنت أسمع وأنا صغير من يشبّه بيروت بباريس، ومن يعتبر لبنان سويسرا الشرق، يعجبني في اللبنانيين احتفاظهم بالأمل حتى في أصعب الظروف، يثقون بقدرتهم على حل المشكلات، ليت هذا الشعور يتعمم على المنطقة.

الحياة: الملف النووي الإيراني لا يزال في الواجهة، هل تتخوفون من أزمة كبرى بسببه؟ وكيف تقومون الدور الإيراني الحالي في العراق والمنطقة؟

جلالة الملك: نحن نتطلع إلى شرق أوسط خالٍ من الأسلحة النووية، ليس في إيران وحسب، بل وفي إسرائيل أيضا. هذه المنطقة لن تنعم بالسلام والأمن حتى تتخلص من التهديد النووي، وما يشكله هذا السلاح هو أكبر خطر وتهديد على المنطقة برمتها، ودعني أقول أيضا أن التهديد باستخدام الحل العسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية، سيجلب الخطر والمآسي؛ لأن الخوف من رد إيراني له ما يبرره، ولذلك نأمل بأن يتم حسم مسألة الملف النووي الإيراني بالطرق السلمية وبالسرعة الممكنة. في ما يتعلق بالعراق نحن ايضا نرى أن أي تدخل في الشؤون العراقية لا يصب في مصلحة الشعب العراقي، بل يؤدي إلى تأخير عملية البناء والاستقرار في العراق، والعراقيون هم الأقدر على إدارة شؤون حياتهم ومستقبلهم ويجب علينا أن نحترم إرادتهم وخياراتهم.

الحياة: والعلاقة الأردنية - الإيرانية؟

جلالة الملك: أعتقد أن العلاقات تشهد تحسنا، حصل سوء تفاهم بعد كلامي عن الهلال الشيعي، الحقيقة أنني كنت أعبر عن موقف سياسي وليس عن موقف طائفي أو مذهبي. أدى الأمر إلى زيادة التوتر بين إيران والأردن. في الشهرين الماضيين، تراجع هذا المناخ واعتقد بأننا نشهد تحسنا ونسير في الاتجاه الصحيح.

الحياة: هل تقلقكم رياح الخلاف الشيعي - السني التي يطلقها الوضع العراقي الراهن؟

جلالة الملك: أكرر أن كلامي عن الهلال الشيعي كان سياسيا، ونحن آل البيت للجميع من سنة وشيعة. زيارة الرئيس جلال طالباني إلى الأردن أشعرتني بالارتياح، شعرت أن الحكومة الجديدة مهتمة باشتراك العرب السنة في الانتخابات المقررة في آخر السنة الجارية، آمل بأن تجري الانتخابات في موعدها وأن يلعب العرب السنة الدور الذي يفترض أن يلعبوه أسوة بالفئات العراقية الأخرى.

الحياة: ما هو حجم التهديدات الإرهابية للأردن؟ وكيف تقومون الحرب العالمية على الإرهاب؟ وهل يثير قلقكم نجاح "أبو مصعب الزرقاوي" في التحصن في جزء من الأرض العراقية؟

جلالة الملك: المنطقة كلها تتعرض لموجة إرهاب، والأردن مثلما هو جزء من هذه المنطقة، لم يسلم من تهديدات الإرهابيين، لكن يقظة الأجهزة الأمنية الأردنية، ووعي شعبنا، حال دون تمكن الإرهابيين من الوصول إلى أهدافهم في الأردن. فكل محاولاتهم والحمد لله باءت بالفشل، بعد أن أمسكت الأجهزة الأمنية بالجماعات والأشخاص الذين كانوا يخططون للاعتداء في الأردن. بالنسبة للزرقاوي، نعم فإن تحصنه في العراق يثير قلق الجميع، لأن الزرقاوي وأمثاله من الإرهابيين يجدون ضالتهم في الأماكن غير المستقرة والأماكن التي ينعدم فيها الأمن والاستقرار، والأردن كان أول أهداف الزرقاوي قبل أن يجد ملاذه في العراق، ومنذ أن دخل الزرقاوي العراق قبل سقوط النظام السابق، بذلنا جهودا كبيرة لإحضاره إلى هنا لمحاكمته ولكن مطالباتنا للنظام السابق بتسليمه كانت دون جدوى.

الحياة: طلبتم من نظام صدام حسين تسليمكم الزرقاوي. هل كان لديكم معلومات عن تحركاته؟

جلالة الملك: نعم، كانت لدينا معلومات أنه دخل العراق من بلد مجاور واين يقيم وماذا يعمل، أطلعنا السلطات العراقية على هذه المعلومات الدقيقة التي كانت بحوزتنا لكن السلطات العراقية لم تتجاوب.

الحياة: زيارة الرئيس العراقي جلال طالباني لعمان، هل وضعت حدا للأزمة مع الحكومة العراقية؟

جلالة الملك: العلاقات الآن مع العراق أخذت مسارها الصحيح، وتسير بالشكل الذي نتطلع إليه، ونحن مصممون على بناء علاقات قوية وراسخة مع العراق ومع قيادته الجديدة إلى أبعد الحدود، وقد أجرينا مباحثات ناجحة جدا مع الرئيس العراقي طالباني، وأكدنا حرصنا على دعم العراق والوقوف معا لمحاربة الإرهاب الذي يهدف إلى تخريب العملية السياسية في العراق، ويسعى إلى نشر العنف والفوضى. وأبلغنا الرئيس طالباني أننا مستمرون في توفير كل الأجواء من أجل تمكين العراقيين من بناء مؤسساتهم، وبشكل خاص قوات الأمن لأنه بقدر ما أسرع العراق في بناء قوات أمن قوية وقادرة على حفظ الأمن، فسوف ينجح الشعب العراقي في تفويت الفرصة على شبكات الإرهاب التي استفادت من حالة الفوضى وعدم وجود قوات أمنية بعد سقوط النظام السابق.

الحياة: هل تفاهمتم على أسس جديدة للعلاقة، بحيث لا تكون وسائل الإعلام سببا في اشتعال أزمات جديدة؟

جلالة الملك: تفاهمنا على كل شيء، واتسم لقاءنا بالصراحة والوضوح. وأعتقد بأن الرئيس طالباني والمسؤولين العراقيين يدركون صدق مواقف الأردن تجاه العراق، وحرصنا على أن يخرج من أزمته قويا. نحن نؤكد رفضنا القاطع لأي تحريض قد تقوم به وسائل الإعلام أو أية منابر سياسية واجتماعية أخرى ضد الشعب العراقي. فنحن نحترم كل فئات الشعب العراقي ونقدر خياراته المستقلة، ونرفض أي تدخل من قبل أي جهة كانت في تقرير مستقبل العراق أو شكل الحكم الذي يريد. وأنا على قناعة أكيدة بأن عراقا قويا ومستقرا هو أكبر سند للأردن، وأن بقاء العراق تحت دوامة العنف لا يهدد العراق وحسب بل المنطقة بأسرها.

الحياة: قلتم سابقا، أن قضية أحمد الجلبي قضائية وليست سياسية، والعراقيون يتحدثون عن قرب حل هذه القضية. هل هناك عرض من الجلبي لتسوية القضية؟

جلالة الملك: طلب منا الرئيس العراقي طالباني، إيجاد حل يرضي الطرفين، وتعكف الحكومة حاليا على دراسة جوانب القضية من ناحية قانونية ومالية.

الحياة: وقع الأردن اتفاقا لترسيم الحدود مع سورية، لماذا لم تبدأ الإجراءات التطبيقية لإعادة ترسيم الحدود؟

جلالة الملك: تم الاتفاق في شباط الماضي على حل مسألة التجاوزات الحدودية، ووقع البلدان خلال اجتماعات اللجنة الأردنية - السورية العليا اتفاقا لترسيم الحدود، وهناك الآن لجنة فنية لمتابعة تطبيق هذا الاتفاق.

الحياة: هناك حديث عن دور أردني في الضفة الغربية، أو عن شكل العلاقة الأردنية - الفلسطينية المستقبلية. ما هو تصور الأردن لمستقبل هذه العلاقة؟

جلالة الملك: إطلاقا لا يوجد أي دور أردني في الضفة الغربية، دورنا الآن يتمثل في دعم ومساندة حكومة أبو مازن وتهيئة الظروف أمامها لبسط سيطرتها على الأراضي الفلسطينية، وكنا سابقا ساهمنا بتدريب "قوات بدر" وهي قوات فلسطينية؛ تمهيدا لدخولها الأراضي الفلسطينية لحفظ الأمن. أما الحديث الآن عن شكل العلاقة الأردنية - الفلسطينية مستقبلا، فهو أمر لا يمكن البحث فيه وتحديده قبل قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، والدولة الفلسطينية التي نعني هي التي تقوم على أراضي غزة والضفة الغربية وتكون مترابطة جغرافيا، وأي علاقة مستقبلية بالنسبة للدولتين سيتم إقرارها من قبل الشعبين، ونحن نرفض أي حديث عن علاقة ما، غير ما هو قائم الآن، قبل إنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية.

الحياة: وعد الأردن بتدريب قوات فلسطينية، هل بدأ ذلك؟ ومتى ستعود "قوات بدر" الفلسطينية إلى أراضي السلطة الوطنية؟

جلالة الملك: نعم، دربنا قوات فلسطينية وما زالت موجودة في الأردن، وبذلنا جهودا كبيرة مع الحكومة الإسرائيلية لإدخال هذه القوات إلى الأراضي الفلسطينية، ولكن للأسف الحكومة الإسرائيلية رفضت ذلك، وما زالت المحاولات من جانبنا ومن جانب السلطة الفلسطينية جارية لتمكين هذه القوات من الانضمام إلى قوات الأمن الفلسطينية المتواجدة حاليا في الأراضي الفلسطينية.

الحياة: زرتم واشنطن مؤخرا، هل لديكم تطمينات بالضغط على إسرائيل للسير في تطبيق "خريطة الطريق"، وعدم عرقلة جهود الرئيس محمود عباس؟

جلالة الملك: ما سمعناه من الرئيس بوش مطمئن، الإدارة الأميركية مقتنعة بتحقيق تقدم في عملية السلام، من خلال تطبيق خريطة الطريق، وتدعم أيضا، جهود الرئيس محمود عباس الذي يتطلع إلى عودة إسرائيل بسرعة إلى المفاوضات، للتفاوض بشأن الخطوات والتفاهمات التي تم الاتفاق عليها في قمة شرم الشيخ، وفي مقدمتها الانسحاب من المدن الفلسطينية.

وبصراحة، في كل لقاء مع الرئيس بوش أو مع المسؤولين في الإدارة الأميركية، كنا نستمع إلى تطمينات بأن الولايات المتحدة مستعدة لمساعدة الحكومة الفلسطينية، واتخاذ خطوات داعمة لإطلاق المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، لكن المطلوب الآن تنفيذ الالتزامات.

الحياة: التفاهمات الفلسطينية - الإسرائيلية سائرة في طريقها، رغم العراقيل التي يضعها شارون، هل أنتم متفائلون بالانسحاب من غزة كخطوة أولى لتطبيق خريطة الطريق؟

جلالة الملك: قضية الانسحاب من غزة إذا لم يتبعها انسحاب من أراضي الضفة الغربية، فإننا سنعود إلى المربع الأول، ولا يمكن لأحد أن يقبل أن تجزأ بنود خريطة الطريق، فيتم تطبيق جزء ويترك الآخر. فالسلام المطلوب، هو السلام الذي ينهي الاحتلال ويرسخ العدل ويؤسس لعلاقة سليمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين من جهة، وبين العرب والإسرائيليين من جهة أخرى، فأي سلام ناقض لا يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية، لن يكتب له النجاح. والمطلوب من إسرائيل عندما تتقدم حكومة الرئيس محمود عباس بخطوة أن تتقدم هي بخطوة أخرى أيضا.

الحياة: هناك مشكلة في استيراد النفط الخام بعد توقف المنح العربية، ما هي البدائل؟ وهل بحثتم في هذا الأمر مع الرئيس العراقي خلال زيارته لعمان؟

جلالة الملك: بالفعل، نواجه مشكلة حقيقية في موضوع النفط، خصوصا بعد الارتفاع الكبير في أسعاره، الحكومة الآن تدرس البدائل للخروج بتصور لهذه الأزمة، قدمت دول عربية مساعدات للأردن في مجال النفط وما زلنا نأمل أن تستمر هذه المساعدة.

الحياة: ما هي درجة التنسيق بين الأردن ومصر في ما يتعلق بأزمات المنطقة، خصوصا عملية السلام؟

جلالة الملك: التنسيق عالي المستوى، واتصالاتنا مع الرئيس مبارك مستمرة، ونحن ومصر نعمل على نسق واحد لدعم عملية السلام في الشرق الأوسط، ومتفقان على ضرورة تهيئة المناخ الإيجابي أمام الحكومة الفلسطينية، وإنجاح خطط الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لتحسين أوضاع الشعب الفلسطيني والعمل على بناء المؤسسات التي ستكون نواة الدولة الفلسطينية. وفي القضايا العربية الأخرى نشترك ومصر في رؤية واحدة.

الحياة: ما هو أصعب ما واجهتموه منذ تسلمكم الحكم قبل ست سنوات؟

جلالة الملك: للأسف، كانت هذه الفترة حافلة بالأحداث في المنطقة والعالم. هناك 11 ايلول (سبتمبر) وتداعياته، والحرب في العراق، والوضع في الأراضي الفلسطينية، وما جرى بالنسبة إلى سورية ولبنان. وهناك إضافة إلى المسائل الأمنية مشاكل الفقر والمصاعب الاقتصادية، اعتقد بأن الشرق الأوسط يقف على مفترق طرق، علينا أن نجذر نهج الإصلاح لنواجه الفقر والبطالة والتوتر، ولنوفر للأجيال الجديدة فرص التعلم والعمل والمشاركة في صنع مستقبلها. السنتان المقبلتان حاسمتان في هذا الاتجاه.

الحياة: هناك خوف في المنطقة من أن تؤدي كل انتخابات إلى قفز الإسلاميين إلى السلطة. ألا يقلق هذا الواقع الحكام في منطقتنا؟

جلالة الملك: أرى أن هذا الأمر يختلف من بلد إلى آخر، نحن في الأردن لدينا تجربة في الحياة البرلمانية، وكذلك في مسألة الإصلاح أو التطوير، إذا كانت الاحزاب الدينية جزءا من النسيج الاجتماعي لا مشكلة لدينا في مشاركتها في الحياة السياسية.