مقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني مع صحيفة الحياة اللندنية

١١ أيار ١٩٩٩

الحياة: هل كنتم مستعدين فعلا لخلافة والدكم المغفور له جلالة الملك الحسين ام انكم فوجئتم باختياره اياكم وليا للعهد قبل ايام من غيابه .. وما صحة التكهنات انكم تمثلون مرحلة انتقالية قد لا تتعدى بضع سنوات؟

جلالة الملك: قرار والدي جلالة الملك رحمه الله اختياري خليفة له جاء بعد فترة طويلة من المراجعة للمسيرة الوطنية التي بداها في العام 1992 عندما اكتشف للمرة الاولى انه مصاب بمرض السرطان، لم يكن أي منا يعرف ما في قرارة نفس جلالته طوال الفترة التي سبقت القرار الى ان حسم الامر قبل فترة قصيرة من انتقاله الى رحمته تعالى، الا اننا جميعا كنا نعرف ان مسالة الخلافة كانت دائما مرهونة باختيار من هو الافضل والانسب لمستقبل المملكة شعبا وكيانا اذ كان جلالته اعطى اشارات في السنوات الاخيرة الى انه يعيد النظر في مسالة الخلافة اعتبارات عدة كان من بينها ما اوضحه في الرسالة التي اعلن فيها قراره .. وعندما اتخذ الخطوة التي جاءت منسجمة مع الاصل الدستوري الذي ينص على ان يخلف الملك اكبر ابنائه .. كان واضحا انه يضع مصلحة الشعب والوطن ومستقبلهما امام كل الاعتبارات الاخرى فضلا عن ان القرار جاء منسجما مع الدستور .. وان كان صحيحا ان وفاة والدي فاجأتنا جميعا كونها جاءت قبل اوانها الا اننا في العائلة كنا دوما مستعدين لتحمل أي مسؤوليات تلقى على عاتقنا تحت كل الظروف والاحوال.

اما التكهنات باننا نمثل مرحلة انتقالية فهو كلام صحيح من حيث ان كل حكم في العالم هو انتقالي بطبيعته ولا بد لنا من ان نسلم الراية عندما تحين الساعة.. والأعمار بيد الله .. اما التكهن بوجود فترة زمنية محددة بسنوات زادت او نقصت فهو امر لا يعلمه الا الله.. كل ما نستطيع ان نؤكده اليوم هو انني ملك المملكة الاردنية الهاشمية وان شقيقي سمو الامير حمزة بن الحسين هو ولي العهد والحكم الهاشمي الذي يستند الى شرعية تاريخية ودستورية وشعبية لم يكن ولن يكون في يوم من الايام حقل تجارب .. كما انه ليس شركة تجارية تخضع لحسابات من هذا النوع.

الحياة: هل تنوون احياء مجلس العائلة لتسترشدوا به في قراراتكم ام ان الوقت غير ملائم بسبب ما رافق تنحية عمكم الامير الحسن عن ولاية العهد.. وهل يبقى الدستور المرجع الوحيد في مسالة الخلافة على العرش ام هل هناك تحديات لشرعيتكم الدستورية.

جلالة الملك: مجلس العائلة قائم ونحن نسترشد به دائما في القرارات التي تخص العائلة وقد لا نعلن انعقاد المجلس بصورة رسمية الا ان المجلس دائم الانعقاد على صعيد المشاورات المتواصلة بين افراد العائلة.. اما الدستور فكان دوما وسيظل المرجعية الاولى في كل ما يخص شؤون الدولة ولا يوجد خلاف على ذلك ..اما التحديات فنحن مستعدون للتعامل معها اينما وجدت، والتحديات هي من طبيعة الامور.. وجزء لا يتجزأ من مسيرة اي حكم.

الحياة: تردد ان والدكم - رحمه الله - ترك لكم وصية مكتوبة حدد فيها خطواتكم الاولى في الحكم ما مدى صحة ذلك؟

جلالة الملك: كان جلالته رجلا عظيما ترك لي اكثر بكثير من مجرد وصايا مكتوبة فانا اعتبر كل ما تعلمته من والدي وكل ما وجهني فيه واليه بمثابة وصايا اصر على تنفيذها بافضل صورة وعلى احسن وجه ممكن.

الحياة: ما هو تصوركم لدور ولي العهد سمو الامير حمزة في شؤون الحكم .. وهل ستسند مسؤوليات تنفيذية رسمية الى بقية افراد العائلة في المستقبل؟

جلالة الملك: ولي العهد هو الاحتياط للعرش واليد اليمنى للملك وهو من يهيأ اليوم ليقوم بمسؤوليات ستلقى على عاتقه في المستقبل.. اما اشقائي وابناء عمومتي الامراء والاميرات فانهم السند لنا جميعا في كل ما نقوم به في خدمة هذا الوطن وليس هناك فرد في العائلة لا يقوم من موقعه بدور في خدمة الوطن والمواطن وهو الهدف الاول الاخير للحكم الهاشمي.

الحياة: ما هي المعايير التي حكمت اختيار جلالتكم لرئيس اول حكومة في عهدكم ولرئيس ديوانكم .. وما هي الظروف التي املت هذا الاختيار.. وهل يمكن تسمية هذه المرحلة انتقالية في بداية حكمكم؟

جلالة الملك: اختيارنا للشخصيات القيادية في الدولة املته متطلبات المرحلة والظروف الموضوعية التي سادت قبل اعتلائنا العرش وبعده وقد تكون معرفتنا الشخصية بقدرات وامكانات كل من رئيس الوزراء ورئيس الديوان على صعيد خدمة الوطن مسالة لعبت دورا اساسيا في اختيارهما كما هي الحال بالنسبة الى اي حكم يتلمس مصلحة الوطن والمواطن.

اما فيما يخص مسالة الانتقالية فكل مرحلة يمكن اعتبارها انتقالية لانه لا مكان للجمود في هذا العالم لكننا لا نؤمن بالتغيير من اجل التغيير بل نعتبر ان التغيير يجب ان يخدم الاهداف الاستراتيجية للحكم التي تستهدف اولا واخيرا خدمة هذا الوطن العزيز على قلوبنا جميعا.

الحياة: هل انتم مرتاحون لاداء حكومتكم بعد شهرين من تشكيلها .. وما هي الخطوات التي تتوقعون منها انجازها؟

جلالة الملك: نحن متفائلون بقدرة الحكومة على اداء واجباتها على احسن وجه ممكن وهي تتمتع بثقتنا ودعمنا.. اما الارتياح فهو ما نامل ان تحققه هذه الحكومة للمواطن الذي يعاني الكثير بسبب الضائقة الاقتصادية التي نعيشها اليوم وما يترتب عليها من ظروف صعبة وتداعيات اجتماعية وانسانية نسعى الى التخفيف من حدتها تمهيدا لخلق ظروف افضل في المستقبل فالحكومة مسؤولة في الدرجة الاولى عن تنفيذ ما هو مطلوب ومتوقع منها على صعيد الاصلاحات الاقتصادية سواء ما يخص منها معالجة التشوهات الادارية ورفع الكفاءة ومكافحة الفساد والاسراع في برنامج الخصخصة ومواجهة تحديات تزايد نسبة البطالة، او على صعيد الاصلاحات الديموقراطية التي تشعر المواطن بانه شريك وليس متفرجا على عملية البناء والنهوض بالمجتمع الى وضع افضل.

الحياة: هل تشعرون بان المملكة الرابعة ثبتت اقدامها، بعد مئة يوم على قيامها، في ضوء ما اتخذتم من خطوات على مستوى العائلة والحكومة وفي ضوء جولتكم العربية؟

جلالة الملك: استقرار المملكة الرابعة هو من استقرار المملكة الثالثة وعندما تحملنا مسؤولياتنا لم تكن المملكة في حال عدم استقرار حتى نقول باننا استعدنا الاستقرار.. فالمؤسسات التي بناها جلالته رحمه الله كانت وستظل اقوى بكثير مما يعتقد بعض الناس، وان كانت هناك مخاوف لدى بعض الناس ان تستغل جهات معينة مرحلة انتقال السلطة لخلق بلبلة في حينه فان المخاوف تبددت سريعا بتماسك مؤسسات الدولة وتماسك الاردنيين من شتى المنابت والاصول ومن مختلف المشارب السياسية.. ويستطيع كل اردني ان يفخر بما تم انجازه ولعله يكون دافعا الى مزيد من البناء على اسس صلبة ومتينة.

اما الاشقاء العرب سواء من تسنى لي زيارتهم او من سأزورهم قريبا فان ما قدموه من دعم وتضامن يعبر حقيقة عن اجمل ما في شخصية العربي من شهامة ونخوة وكرم لن انساه ما حييت .. وان كان الاشقاء سندا لنا في المحن فاننا سنكون سندا لهم في كل الظروف والاوقات.

الحياة: ما هي في رأيكم ابرز التحديات التي لا تزال تواجهكم على المستوى الداخلي.. سياسيا واقتصاديا؟

جلالة الملك: عملية الاصلاح الاقتصادي والديموقراطي هي ابرز التحديات في المرحلة القادمة وهو ما عبرنا عنه في كتاب التكليف للحكومة وما تعهدت الحكومة بتنفيذه .. وليس لدينا اي اوهام بأن هذه التحديات ستكون سهلة او ان علاجها سيكون سريعا ولكن لا بد لنا من ان نواجهها بحزم وحكمة وطول نفس.

الحياة: وعدتم بمزيد من الديموقراطية وباصلاح هياكل الدولة .. ما هو برنامجكم في هذا المجال .. وهل هناك خطوات قريبة تطمئن بعض الاصوات التي طالبت بمزيد من المشاركة في القرارات السياسية والاقتصادية المصيرية.

جلالة الملك: الحكومة بصدد اتخاذ خطوات في اتجاه ادخال تعديلات على قانوني الانتخاب والمطبوعات بهدف تعزيز المسيرة الديموقراطية.

وعلى الصعيد الاقتصادي فان الحكومة مكلفة بتنفيذ كل ما تتطلبه عملية الاصلاح من اجراءات الى جانب مواصلة برنامج اعادة هيكلة الاقتصاد الوطني .. اما تفاصيل البرنامج فاقترح عليكم الاتصال بالحكومة لتزويدكم بها.. لكنني استطيع ان اطمئن الجميع الى اننا لن نحيد عن طريق الاصلاح والتصحيح رغم وعورة الطريق وكثرة المطبات.

الحياة: هل انتم مرتاحون الى الوضع الداخلي في بلدكم؟

جلالة الملك: ان شاء الله ستسير الامور نحو الافضل ولا بد ان نعطي الحكومة بعض الوقت لنرى ما يمكنها ان تحققه على صعيد البدء بالاصلاحات المطلوبة.. فالحكومة تشكلت منذ شهرين ولا بد من مرور بضعة اشهر قبل ان نبدأ تلمس نتائج عملها لكنني اشعر بان هناك نوعا من الشللية التي بدأت تبرز على الساحة .. وهو امر مزعج بالنسبة لي خاصة وانني اعتبر الشعب كله هو شلتي .. ارجو ان يفكر الجميع في المصلحة العامة وفي المستقبل.

الحياة: في ضوء جولتكم الخليجية تحدثتم عن ضرورة رسم اطار استراتيجية للعلاقة الاردنية، الخليجية .. هل هناك رغبة اردنية في الانضمام الى مجلس التعاون ..او ما هي صيغة وحدود العلاقة التي تودون بناءها مع دول مجلس التعاون؟

جلالة الملك: نحن نعتبر ان دول مجلس التعاون الخليجي تمثل عمقا استراتيجيا وطبيعيا للاردن مع ما يعنيه ذلك في الابعاد الامنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.. ولهذا فاننا نرى ان امن الاشقاء في الخليج هو من امن الاردن والعكس بالعكس.. وعندما نتحدث عن الامن فاننا ننظر الى مختلف جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية الانسانية وليس الى الجانب العسكري الملموس فقط .. فقد ثبت على مدى العقدين الماضيين ان هناك ضرورة للتنسيق المؤسسي المتواصل بيننا على مختلف المستويات في خدمة المصالح المشتركة ولمواجهة التحديات الاقليمية التي تفرض نفسها على المنطقة .. وفي هذا السياق فاننا لسنا معنيين بالتسميات او الصيغ التي يمكن ان تطرح بقدر ما نحن معنيون بمضمون العلاقة واهدافها الاستراتيجية التنفيذية.

الحياة: كان التوتر هو الصفة الملازمة للعلاقات السورية - الاردنية الا ما ندر .. اي ان الخلاف والقطيعة كانا الثابت الدائم تاريخيا في هذه العلاقات .. هل تعتقدون في ضوء زيارتكم الاخيرة لدمشق ان صفحة جديدة ستخرج على هذا التاريخ برمته .. وماذا عن علاقتكم مع تركيا وعلاقات سورية بايران .. وماذا عن التضارب في الموقفين الأردني والسوري من علمية السلام والتطبيع؟

جلالة الملك: نعم اعتقد اننا فتحنا صفحة جديدة في العلاقات لاننا قررنا النظر الى الامام بدلا من الخلف ..صحيح اننا نتفق على بعض المسائل ونختلف على مسائل اخرى وهو امر طبيعي لكننا لا نرى من المفيد تحويل الاختلاف الى خلاف بل نرى ان علينا تعظيم نقاط الاتفاق وتقليص نقاط الاختلاف الى اقصى درجة ممكنة في خدمة شعبينا ومصالحنا المشتركة .. ولمست من خلال لقاء الاشقاء في سورية وعلى راسهم الرئيس حافظ الاسد ان هناك

رؤية مشتركة لسبل اعادة هيكلة العلاقات الثنائية من خلال نظرة جديدة متجددة على الاوضاع في المنطقة متطلبات المرحلة القادمة اذ ان الوضع لم يعد يحتمل التخندق والانغلاق في ضوء ما نواجه من تحديات ستفرض استحقاقات تتطلب تحقيق اكبر قدر ممكن من التضامن.. ولعله اصبح اكثر وضوحا اليوم ان القطيعة ساهمت في السابق في تعميق خلافات كان يمكن تقليصها من خلال الحوار البناء الذي يستهدف التوصل الى ارضية مشتركة وربما يمكننا القول اليوم ان كثيرا من الفرص ضاعت في ما مضى بسبب الشكوك المتبادلة وانعدام التواصل لكننا لا نريد التطلع الى الوراء لان المستقبل امامنا.

اما ما يخص علاقاتنا مع تركيا وعلاقات سورية بايران فلا يفترض فيها ان تكون على حساب مصالحنا المشتركة بل قد تساهم في خدمة توجهاتنا المشتركة لو نجحنا في توظيفها على الشكل الامثل.

الحياة: هل لمستم تغييرا كبيرا في موقف القيادة السورية؟

جلالة الملك: شعرت بتغير كبير واعتقد ان هذا التغيير يسير نحو الافضل بالنسبة الى سورية في المرحلة القادمة ..كانت هناك استجابة حقيقية للقضايا التي اثرناها سواء ما يخص منها المسائل الثنائية او الاقليمية ونحن نقدر الموقف السوري من هذه القضايا .

وعلى صعيد عملية السلام نحن نعتقد ان سورية معنية بتحقيق اهداف السلام ولديها الرغبة الاكيدة في استئناف المفاوضات طالما ان المرجعية التي تحكم ذلك هي قرارات الشرعية الدولية.. هناك رؤية تحديثية عصرية تتطلع الى المستقبل وتنعكس على التوجهات العامة للسياسة السورية ونحن ندعم هذا التوجه.

الحياة: ما هو تقييمكم لنجل الرئيس السوري الدكتور بشار؟

جلالة الملك: اعجبني الدكتور بشار وهو يمثل الجيل الجديد في سورية ولديه الكثير ليعطيه لبلده ..وانا اعتقد ان هناك تغييرا حقيقيا ايجابيا للتوجه السياسي في سورية والكل متحمس الى التحرك الى الأمام .

الحياة: هل تتوقع ان تتحرك عملية السلام على المسار السوري قبل المسار الفلسطيني في المرحلة القادمة.

جلالة الملك: نحن نرى ان من الضروري احراز تقدم على المسارين السوري واللبناني ولكن يجب الا يكون ذلك على حساب المسار الفلسطيني .. نحن على اطلاع على الموقف السوري وسيقوم الرئيس اللبناني بزيارة لعمان في التاسع والعشرين من الشهر الجاري وسنناقش الموضوع .

الحياة: اين علاقة الاردن اليوم مع تركيا وايران؟

جلالة الملك: تركيا وايران دولتان مهمتان في المنطقة ونحن نتعامل معهما على هذا الأساس.

لدينا علاقات ممتازة مع تركيا ونسعى الى بناء علاقات مماثلة مع ايران.. نتفق مع ايران على بعض القضايا ونختلف معها على قضايا اخرى .. ونحن مستعدون دائما لتفهم مصالحها بالقدر الذي تتفهم هي مصالحنا ايضا ولا نرى سببا لعدم تطور العلاقات الى سوية افضل في المرحلة القادمة.

الحياة: الرئيس ياسر عرفات طرح مجددا فكرة الاتحاد الكونفدرالي مع الاردن.. هل هناك تصور مشترك لمستقبل العلاقات بين الشعبين.. وما هو تصوركم للوضع الامثل لهذه العلاقة مستقبلا؟

جلالة الملك: ليس لدينا تصور مسبق لصيغة او اطار محدد للعلاقة المستقبلية لكننا نؤمن بأن العلاقات المميزة التاريخية بين الشعبين لا بد ان تترجم نفسها على ارض الواقع بشكل او باخر في المستقبل ..نحن اليوم نتطلع الى احياء عملية السلام التي نتوقع ان تكون نتيجتها المنطقية استعادة الشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية كاملة واقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشرقية وما يطرحه اخي الرئيس الفلسطيني هو دليل اكيد على سعي القيادة الفلسطينية الى تأطير علاقة خاصة ومميزة وقائمة بين الشعبين ..ونحن نقدر هذا التوجه ونقابله بالمثل ..اما فكرة الاتحاد الكونفدرالي فهي احدى الصيغ المقترحة ضمن افكار اخرى وما يهمنا الان هو وصول عملية السلام الى نتيجتها المنطقية على الارض ثم بعد ذلك يمكن النظر في سبل تاطير هذه العلاقة الخاصة والمميزة والقائمة التي تنسجم مع ارادة الشعبين.

الحياة: ما هو موقفكم من تاجيل اعلان الدولة الفلسطينية؟

جلالة الملك: نؤيد قرار القيادة الفلسطينية تاجيل اعلان الدولة الى مرحلة لاحقة ونعتبر انه يخدم الاهداف الوطنية الفلسطينية.

الحياة: كيف تتصورون دور الاردن في المفاوضات الخاصة بالمرحلة النهائية؟

جلالة الملك: دورنا هو دور المساند والداعم للاشقاء الفلسطينيين من خلال التنسيق المكثف بين القيادتين في كل القضايا الواردة في جدول اعمال مفاوضات المرحلة النهائية.. اعتقد ان هناك تفاهما مبدئيا بيننا على تلك القضايا.

الحياة: صدرت عن بعض الاوساط الاسرائيلية اشارات اظهرت نوعا من عدم الارتياح لاختياركم لخلافة والدكم.. كيف قراتم تلك الاشارات .. وكيف تقومون قرار الحكومة الاسرائيلية خفض حصة الاردن من المياه هذا العام بنسبة 6. في المئة؟

جلالة الملك: لا نعرف ما اذا كان هناك عدم ارتياح في بعض الاوساط الاسرائيلية ولكن ان وجد مثل تلك المشاعر فاننا لسنا معنيين بها وما يهمنا هو ارتياح الاردنيين والعمل باتجاه الحفاظ على مصالحهم ولهذا فاننا نرفض فكرة خفض حصتنا من المياه ونعتبر مثل تلك الخطوة خرقا لمعاهدة السلام بيننا .. نحن من جانبنا نلتزم بما نتعاقد عليه ونتوقع من اسرائيل ان تلتزم من جانبها ..لقد استثمر الاردن كثيرا في السلام مع اسرائيل ولن نتراجع عن هذا الاستثمار الذي حقق الكثير للشعبين والمنطقة حتى الان لكننا لا نستطيع ان نسعى من جانب واحد ..ونامل ان نرى خطوات اكثر ايجابية من الجانب الاسرائيلي في المرحلة القادمة.

الحياة: استقبلتم وزير الدفاع الاسرائيلي السابق اسحق موردخاي مرشح حزب الوسط كما استقبلتم زعيم حزب العمل ايهود باراك وهو المنافس الاول لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي رفضتم استقباله ..كيف تفسرون هذا الموقف الاردني؟

جلالة الملك: لا نرى في هذه المرحلة بالذات ان من المناسب التعليق على الموضوع لئلا يعتبر ذلك محاولة للتاثير في نتائج الانتخابات الاسرائيلية كما ان الزيارات لم تكن رسمية اصلا .

الحياة: هل هناك اعادة نظر شاملة في علاقة الاردن باسرائيل .. قد يرى بعض الدول العربية انها ضرورية ليستعيد بلدكم موقعه العربي الفاعل في اطار الاجماع العربي؟

جلالة الملك: لا نستطيع القول ان هناك اعادة نظر شاملة ..هناك اوضاع وظروف وحسابات فرضت نفسها وتعاملنا معها على هذا الاساس وحيث ان التزامنا دعم عملية السلام فان هذا التزام لا تراجع عنه وفي هذه المرحلة بالذات نامل ان تفرز الانتخابات الاسرائيلية قيادات تعمل على دفع عملية السلام في كل مساراتها ولا نعتقد ان الاردن ترك موقعه العربي الفاعل في المرحلة الماضية.

الحياة: شهدت العلاقات بين الاردن والعراق في العقدين الماضيين تقلبات بين مد وجزر ..اين تقف هذه العلاقات اليوم وكيف تتصورون مستقبل العراق ومصير نظامه؟

جلالة الملك: عملنا ونعمل على ان تكون لدينا علاقات متوازنة مع كل الدول تستند الى الاحترام المتبادل ومبدأ عدم تدخل اي من الطرفين في الشؤون الداخلية للطرف الاخر ..لكننا في الوقت نفسه نريد ان نرى نهاية لمعاناة الشعب العراقي من منطلق انساني وقومي ونحن نعمل على المحافظة على مصالحنا الاستراتيجية اينما كانت في سياق تعاملنا مع دول المنطقة ومن بينها العراق واستطيع القول ان الوضع القائم في العراق بابعاده الانسانية والسياسية يشكل هما كبيرا لكل دول المنطقة بما فيها الاردن ونحن لم نقصر يوما في نصرة شعب العراق والوقوف الى جانبه.

الحياة: تتردد احاديث عن دور سياسي وعسكري للاردن في التغيير المحتمل للنظام في العراق ما مدى صحة ذلك وهل ينحصر التنسيق الاردني مع واشنطن ام ان ثمة تنسيقا مع دول الخليج ومع سورية خصوصا في شان مستقبل العراق؟

جلالة الملك: لا صحة لوجود دور سياسي او عسكري اردني في احداث تغيير في العراق لكننا نتطلع الى تغيير ينقذ الشعب العراقي من محنته الحالية اذ لا يعقل بعد ثماني سنوات من انتهاء الحرب ان يستمر الوضع الحالي ونحن من جانبنا نواصل التشاور مع الاشقاء العرب والدول الصديقة المعنية في سبيل المساهمة في انقاذ الشعب العراقي من الكارثة التي يعيشها من جهة وتدعيم الامن والاستقرار لدول المنطقة من جهة اخرى.

الحياة: تتوجهون الى واشنطن في اول زيارة لكم للقاء الرئيس كلينتون.. ما هي اولوياتكم في جدول المحادثات؟

جلالة الملك: التعاون الاقتصادي ياتي على راس الاولويات على المستوى الثنائي ومستقبل عملية السلام والوضع في العراق يحتلان الاولوية على صعيد القضايا الاقليمية ..نحن نعتبر ان الولايات المتحدة كدولة صديقة لعبت ولا تزال قادرة على ان تلعب دورا ايجابيا على صعيد تعزيز الاستقرار في المنطقة والتعاون والتنسيق مع دولها في خدمة تحقيق هذا الهدف ونحن نقدر الدعم الذي قدمته واشنطن الى الاردن في المرحلة الماضية ونتطلع الى مزيد من الدعم الذي يعزز دور الاردن في المنطقة .

الحياة: في اطار جولتكم الحالية اجريتم حتى الان محادثات في المانيا وهنا في لندن ما هي اهم النقاط التي اثيرت في المحادثات؟

جلالة الملك: التركيز كان على الوضع في كوسوفو ثم عملية السلام في الشرق الاوسط ومن الواضح ان كوسوفو تستحوذ على تفكير الاوروبيين في هذه المرحلة.. وعلى الصعيد الثنائي تحدثنا عن حاجة الاردن الى خفض قيمة ديونه الخارجية وطلبنا من الدول المعنية في مجموعة الدول الصناعية ان توءيد خفض ديوننا الخارجية بنسبة تساعدنا على النهوض بالاقتصاد الوطني ونامل ان نحصل على دعم في هذا الاتجاه لدى انعقاد قمة الدول الصناعية السبع الشهر المقبل واستطيع القول اننا نتمتع الى حد كبير بدعم الماني وبريطاني واميركي على هذا الصعيد.

الحياة: كيف تقومون الوضع في كوسوفو؟

جلالة الملك: كان موقفنا واضحا من البداية وهو استنكار عمليات التهجير للالبان ودعمنا لدول حلف الاطلسي.. ومن جانبنا قدمنا مساعدات انسانية واشتركنا مع دولة الامارات العربية في فتح مستشفى لمعالجة اللاجئين المهجرين ووصل عدد من الاطباء الاردنيين اليوم للعمل في المستشفى.

الحياة: كيف تتوقعون ان تكون نهاية الازمة؟

جلالة الملك: نحن نرى ان نجاح او فشل حلف الاطلسي ستكون له انعكاسات بعيدة المدى على العالم فالفشل سيشكل انتصارا للانظمة والقوى المتطرفة التي تتمرد على الشرعية الدولية وتخرق حقوق الانسان والنجاح سيشكل درسا لمن كانوا يعتقدون ان بامكانهم ارتكاب جرائم من هذا النوع من دون عقاب.

الحياة: بصفتكم رجلا عسكريا هل ترون ان بالامكان تحقيق نصر عسكري بالقصف الجوي وحده ؟

جلالة الملك: بالتاكيد لا.. واعتقد ان حسم الوضع العسكري على الارض حسما تاما قد يتطلب عاما كاملا.