مقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني مع صحيفة البايس/ إسبانيا

١٨ تشرين أول ٢٠٠٨

البايس: هل تعتقدون أن قادة العالم سيهملون الشرق الأوسط المضطرب بعد اندلاع الأزمة المالية في العالم؟

جلالة الملك: ستؤثر صراعات منطقتنا على أسواق العالم كافة. فعدم الاستقرار السياسي ينتج عنه عدم استقرار اقتصادي. وأعتقد أن قادة العالم سينتبهون إلى أن عدم الاستقرار قد يؤثر على إنتاج النفط وعلى نقله، وستكون هذه مشكلة.

البايس: ينخرط الأردن في النزاع العربي - الإسرائيلي إلى ابعد الحدود، ولكنه يصطدم بالانشقاق العميق بين الفلسطينيين، هل تعتقد أن حماس وفتح سيتوصلان إلى تفاهم؟

جلالة الملك: أرى أن هناك مسافات شاسعة تفصل بينهما، وأعتقد أنهما إذ لم يتفقا على أسس مبدئية، فلن يتقدما. وبالرغم من ارتياحنا لإمكان تفاهمهما، إلا أنني أرى أنه لا يوجد في المرحلة الحالية أي أساس كي يتم ذلك. تعمل الجامعة العربية على إنهاء هذا الوضع، وأكرر، أن التحديات كثيرة.

البايس: يتغلغل الغضب في الجامعة العربية لعدم تمكن الفصائل الفلسطينية من التفاهم.

جلالة الملك: ليس غضب، هناك خيبة أمل كبيرة، ولكنها لن تتراجع. يوجد اتفاق على ضرورة حل الخلافات، ويمارس الضغط لإيجاد آلية تسمح بالالتزام بين كلا الطرفين. وسيكون ذلك من الصعب إذا لم تتغير مواقفهما.

البايس: اجتمعت حكومتكم مؤخرا مع حماس، ويرى الإسلاميون أن موقفكم قد تغير.

جلالة الملك: اجتمعنا مع ممثلين لحماس، ولكن من المبالغ به القول أن وفودا من حماس تأتي إلى الأردن. إذا اعتقد بعضهم أن موقفنا قد تغير، فذلك لرغبتنا لدفع مسيرة السلام العربي - الإسرائيلي. وسنعيش حتى نهاية العام تشكيل حكومة في إسرائيل أو الدعوة لانتخابات، والانتخابات في الولايات المتحدة وفي الأراضي الفلسطينية. نجاح مسيرة السلام يعتمد على وجود تقدم ملحوظ بين الإسرائيليين والفلسطينيين عند استلام الادارة الأميركية الجديدة. فإذا لم نتوصل إلى شيء قبل نهاية العام، فسوف لن يكون هناك مستقبل لمسيرة السلام. وأظن أن هذا يخيفنا جميعا.

البايس: يؤكد دبلوماسيون إسرائيليون أنهم متعبون من تلقي المقترحات والوساطات. وذكروا لي أنهم لا يرغبون بزيارة أخرى لوزراء خارجية، يبدو وكأنهم ليسوا على استعداد لإحراز تقدم قبل نهاية العام.

جلالة الملك: هذا هو الموضوع، للمرة الأولى أشعر أنني متشائم، وما زلت أكرر أنني أكثر القادة تفاؤلا في الشرق الأوسط. وعلى إسرائيل أن تقرر إذا كانت تريد العيش مستقبلا قلعة حصينة أم أن تندمج مع العالمين العربي والإسلامي، التي تشكل ثلث دول الأمم المتحدة وهي لا تتمتع بعلاقات مع إسرائيل.

البايس: خطة الجامعة العربية تعرض التطبيع التام للعلاقات مع إسرائيل مقابل الانسحاب من الأراضي المحتلة، هل باستطاعة إسرائيل قبولها؟

جلالة الملك: نحن لا نقول تقبله أو ترفضه. الخطة تطرح أفكارا يجب الاتفاق عليها بين الأطراف. والمقترح في غاية المرونة لتأسيس علاقات مع العرب والمسلمين. وأنا لم أسمع بأي خطة سلام إسرائيلية.

البايس: هل أنتم قلقون في الأردن لتصاعد مد الإسلاميين في مصر وفلسطين ولبنان؟

جلالة الملك: لا، لأننا في الأردن نتقدم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وفي خلق فرص العمل ومكافحة الفقر. نحن بحاجة إلى دعم أوروبا، لأنه كلما ازدادت قوة الطبقة الوسطى التي نعمل على بنائها، كلما ازدادت البلاد استقرارا. ينجح التطرف نظرا للفقر وخيبة الأمل. ولكن من الناحية السياسية، إذا لم نحل قضية الشرق الأوسط الرئيسية والمتمثلة في النزاع العربي - الإسرائيلي، فسيكون لدى المتطرفين باستمرار قاعدة لتعبئة الشباب خائبي الأمل.

البايس: كيف تواجه بلادكم تحديات مئات الآلاف من اللاجئين العراقيين؟

جلالة الملك: هذا تحدي للأنظمة التربوية والصحية، لفرص العمل وللمياه وأثرها على أسعار الأرض. ولكن الأردن أثبت أنه قوي. يجب التوصل إلى استقرار في العراق كي يستطيع العراقييون العودة إلى بلادهم. وأثناء ذلك، يدفع الأردن الفاتورة. ولكننا لا نريد أن نعتاد على هذا الوضع.