مقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني مع شبكة ايه.بي.سي.

٢٦ تشرين ثاني ٢٠٠٦

ايه.بي.سي: هل قمة بوش والمالكي في عمان تعتبر الفرصة الأخيرة لإنقاذ العراق؟

جلالة الملك: نأمل بان تكون هذه فرصة للرئيس بوش ولرئيس الوزراء المالكي ليتمكنا من الخروج بتفاهم مشترك حول كيفية وضع حد للعنف الطائفي.. اننا قلقون جدا لمستقبل جميع العراقيين ونامل ان يكون هناك شيئا دراماتيكيا، ومن الواضح ان التحديات التي تواجهما كبيرة جدا.

ايه.بي.سي: لقد قلت شيئا" دراماتيكيا" ماذا يمكن ان يكون ذلك؟

جلالة الملك: علينا ان نتأكد ان جميع الاطراف في العراق تتفهم مخاطر التصعيد المستمر لأعمال العنف وأنا آمل ان يكون لدى رئيس الوزراء المالكي بعض الأفكار ليقدمها للرئيس حول كيفية مشاركته في جمع جميع الطوائف في العراق بعضها مع بعض وهم بحاجة لأن يقوموا بذلك الآن فمن الواضح اننا بدأنا نرى أن الأمور بدأت تخرج عن السيطرة.

ايه.بي.سي: الكثير هنا في الولايات المتحدة يقولون انه اذا لم يقدم رئيس الوزراء المالكي مثل هذه الخطة فان الرئيس بوش سيصدر تحذيرا ويتعين ان يحدث ذلك الآن او أننا سنبدأ بسحب قواتنا من العراق. هل سيكون ذلك مفيدا؟

جلالة الملك: انا لست مطلعا على المباحثات التي ستجري بين الطرفين ولكن هناك حاجة لاتخاذ بعض الخطوات القوية على الارض هناك اليوم، من الواضح ان المؤشرات تشكل مصدر قلق كبير يساورنا جميعا ولا أعتقد بأننا في موقف يمكن ان نعود فيه الى المشكلة في أوائل عام 2007 وهناك حاجة لاستراتيجية وخطة لجمع جميع الأطراف وهذا يجب أن يحصل اليوم وليس غدا.

ايه.بي.سي: هل ما يحدث في العراق اليوم هو حرب أهلية؟

جلالة الملك: إن الصعوبة التي نواجهها أننا نواجه إمكانات كبيرة لثلاثة حروب أهلية في المنطقة أكانت في فلسطين او لبنان او العراق وانا آمل بأن توفر مباحثاتي مع الرئيس ما أمكن لمساعدة الشعب العراقي ولكن في نفس الوقت يجب أن نركز على القضية الجوهرية التي نؤمن بأنها القضية الفلسطينية وعملية السلام الفلسطينية، لان ذلك يعتبر ضروريا بالإضافة إلى المخاوف الكبيرة التي واجهناها خلال الايام القليلة الماضية والمتعلقة بالوضع في لبنان وبإمكاننا أن نتصور أن ندخل في العام 2007 بوجود ثلاثة حروب أهلية ولذلك فقد حان الوقت لاتخاذ خطوة كبيرة نحو الامام باعتبارنا جزءا من المجتمع الدولي وأن نجنّب منطقة الشرق الاوسط أزمة كبيرة أخشى من إمكانية حدوثها في العام 2007

ايه.بي.سي: إن ذلك يعتبر أمرا مخيفا، وهو إمكانية وقوع ثلاثة حروب أهلية ففي جميع هذه المجتمعات وهي العراق ولبنان والسلطة الفلسطينية جرت انتخابات خلال العامين الماضيين والآن نرى إمكانية حدوث حرب أهلية فيها. هل تستطيع الولايات المتحدة ان تدفع باتجاه قوي و سريع نحو الديموقراطية؟

جلالة الملك: إن المسألة ليست ان تدعم أجندة او أخرى. ان المسألة هي أننا لم نكن قادرين على التعامل مع جوهر المشكلة في الشرق الاوسط. حاليا أنا أعرف أن الناس سيقولون ان هناك عدة مشاكل جوهرية في الشرق الاوسط. من الواضح أن الأقرب للعقل الأميركي وبسبب خدمة جنودكم في العراق، أن المشكلة هي العراق. ولكن بالنسبة لغالبيتنا في هذا الجزء من العالم، فلقد كان و ما يزال الصراع الاسرائيلي الفلسطيني والصراع العربي الاسرائيلي هو جوهر المشكلة.

وأخشى انه إذا لم نستغل الشهرين المقبلين لنكون قادرين فعلا على دفع عملية السلام فإنني لا أعتقد انه سيكون هناك أي شيء للحديث حوله. وبمعنى آخر، لن يكون هناك ظروف كافية لايجاد حل الدولتين -اسرائيلية وفلسطينية- تعيشان جنبا الى جنب بسلام وانسجام. إذا لم نحل المشكلة الاسرائيلية الفلسطينية فكيف سيمكننا حل المشكلة الاسرائيلية العربية؟ إنني اعتقد أنه بعد منتصف عام 2007، اذا لم نحرك عملية السلام ، فلن يكون هناك شيء نتحدث عنه بشأن فلسطين. وبالنتيجة هل سنعرض المنطقة بأكملها لعقد أو عقدين من العنف.. وهو الأمر الذي لا يستطيع أحدنا ان يتحمله.

ايه.بي.سي: وزير الخارجية السابق جيمس بيكر سيبحث في هذا المجال وهو يسعى لوضع خطة سلام شاملة عبر الدراسة التي يسعى فيها لإيجاد حلول لمشكلة العراق.. أليس الوضع في العراق الان لديه منطقا خاصا به، حيث السنه والشيعة يقتلون بعضهم البعض بطريقة غير مسيطر عليها؟ ما علاقة ذلك بما يحدث في فلسطين؟

جلالة الملك: المسألة هي إذا نظرنا إلى بؤر التوتر الرئيسية اعتقد انه قبل حرب لبنان هذا الصيف كنت سأضع المسالة العراقية في المرتبة الاولى، لكن بعد حرب لبنان، أصبح السيناريو الفلسطيني في المرتبة الاولى، خلال الأسابيع القليلة الماضية.. يمكنني القول ان القضية اللبنانية والقضية الفلسطينية هما بنفس الأهمية، وهذه القضايا مهمة للغاية وحل ثلاثتها جميعا سيكون حاسما. ولكن أعتقد أن الأولوية الآن على المدى الطويل هي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لأنه يمتد لأبعد من حدود القضية العراقية وأبعد من حدود العالم العربي والإسلامي. وكما تعلم لقد كنت انت مطلعا على هذه القضية لعدة سنوات، وإنها لا تزال القضية الجوهرية لمنطقتنا في هذا العالم. أن المشكلة عندما نناقش هذه القضية احيانا مع الرأي العام الأميركي فإنهم يقولون لا، إن هذا مجرد عذر لان هناك مشاكل أخرى في الشرق الأوسط. ولكن إن التأثير العاطفي للقضية الاسرائيلية الفلسطينية على ارض الواقع يمكن لها ان تترجم الى عدم الأمن وإلى الاحباط في منطقة الشرق الأوسط وفي العالم العربي. وبالنسبة لي هذه أولوية.

وعندما تصل الامور الى حالة الخروج عن السيطرة فانني سأضع اليوم القضية الفلسطينية بشكل قريب مع القضية اللبنانية. وبالنسبة للعراق وعلى الرغم من مخاوفي مما يحدث بالعراق والمشاكل الرئيسية التي ممكن ان تتسبب لنا فهي تحتل المرتبة الثالثة واعتقد ان ذلك كله يعتبر نسبيا.

ايه.بي.سي: من الأفكار المطروحة لمعالجة هذه النزاعات الثلاثة، مؤتمر دولي يضم الأردن والسعودية ومصر والولايات المتحدة وأيضا سوريا وإيران، هل تعتقد انه سيكون من المفيد الآن إشراك سوريا وايران؟ وما هو نوع النفوذ الذي تمتلكه الولايات المتحدة حول ذلك؟

جلالة الملك: نحن نعتقد دائما أن الحوار هو طريقة للتفاهم بين جميع الأطراف. في الوقت الذي نقوم به بالتضييق على بعضنا بعضا فإن البديل الآخر سيكون مزيد من ردود الفعل العنيفة التي ستقود الطريق اكثر من المنطق. إنني أعتقد أن بعض الاقتراحات لبعض الدول للنظر فيما إذا كان بإمكاننا أن نجتمع لمناقشة القضية العراقية، ولكن أعتقد المشكلة هي أن على الولايات المتحدة النظر إلى الصورة بشمولية. إنها ليست مجرد قضية واحدة فقط بحد ذاتها. إنني لا زلت اقول ان القضية الفلسطينية هي الجوهر انها مرتبطة بما يجري بالعراق. انها مرتبطة بما يجري في لبنان ومرتبطة بالقضايا التي نرى أنفسنا مرتبطين فيها مع السوريين. ولذلك إذا أردت أن تعمل بشكل شامل.. الشمولية تعني أن تجمع جميع الأطراف في المنطقة مع بعضهم بعضا.

ايه.بي.سي: وهل تعني ايضا -عندما تحدثت عن الجهود الأميركية النشطةـ ما الذي تتطلع اليه بالضبط ؟ ماهي الاشارة التي تتوقعها من الولايات المتحدة لتثبت ان إدارة بوش جادة في البحث عن جهود شاملة؟ هناك فكرة واحدة الآن هي ان وزير الخارجية السابق بيكر عين مبعوثا خاصا للرئيس بوش هل سيكون ذلك مفيدا؟

جلالة الملك: من وجهة نظري لقد عرفت بيكر لسنوات عدة، لقد كان صديقا جيدا للمغفور له جلالة الملك الحسين، ولديه سمعة طيبة وقوية في هذا العالم لانه كان وسيطا صادقا. إن قرار تعيين بيكر يعود للرئيس الأميركي وادارته. ولكن بيكر يمكن أن يكون أحد الأشخاص المؤهلين والقادرين على التعامل مع قضايا الشرق الأوسط.

ايه.بي.سي: جلالة الملك شكرا لإتاحة هذه الفرصة هذا الصباح للقاء جلالتكم.