مقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني مع التلفزيون الأردني

٢ آذار ٢٠٠٧

التلفزيون الأردني: جلالة الملك تبدأون زيارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.. ماذا تنتظرون من هذه الزيارة في ضوء التطورات التي تشهدها المنطقة؟

جلالة الملك: المستجدات التي تمر فيها المنطقة في غاية التعقيد والصعوبة ولابد من التحرك على مختلف الأصعدة والاتصال مع مختلف الأطراف لمنع تردي الأوضاع وضياع الفرصة المتاحة لإيجاد تسوية شاملة تجنب هذه المنطقة وشعوبها ما يمكن أن تغرق فيه من الكوارث وانتشار الفوضى والعنف في كل مكان ، وزيارتي للولايات المتحدة تأتي في هذا الإطار، فهي عضو رئيسي في اللجـنة الرباعية، و نحن على قناعة تامة إنه لا بد من التحرك والتعاون مع الأطراف المؤثرة وعلى رأسها الولايات المتحدة لإيجاد مـخرج أو تسوية لهذه الأوضاع التي تهدد المنطقة بكاملها. وبصراحة نحن في هذه المنطـقة أمام خيارين خيار السلام والاستقرار أو خيار الفوضى والعنف والدمار.

التلفزيون الأردني: لكن جلالة سيدنا، الناس في المنطقة يرون أن الولايات المتحدة منحازة لإسرائيل.. ولايثقون بمواقفها أو تعهداتها أو حتى التزاماتها تجاه حل الدولتين.. فهل تعتقد أن الولايات المتحدة يمكن ان تكون شريكا نزيها في عملية السلام؟

جلالة الملك: لا يجوز أن نبقى مكـتوفي الأيدي ونقول: الولايات المتحدة منحازة ولا فائدة من الحوار معها.. الصحيح هو أن نواصل الاتصال والحوار مع الولايات المتحدة لأنها كما قلت طرف أساسي في قضايا المنطقة ولا يمكن لأحد أن يتجاهل دورها لأنها أكثر دولة قادرة على التأثير على إسرائيل، وقد آن الأوان لتمارس هذا الدور المؤثر وتثبت لشعوب المنطقة شفافيتها وعدم انحيازها إلى طرف دون الأخر لذلك لا بد لنا من القيام بواجبنا وحث هذه الدولة العظمى وغيرها على اتخاذ مواقف متوازنة وداعمة للعملية السلمية خاصة وأننا سمعنا من الأمريكييـن كلاما واضحا وصريحا ورغبة في إعادة تحريك عملية السلام على أساس خارطة الطريق وحل الدولتين، وتركيزي في هذه الزيارة لن يكون فقط على لقائي مع الرئيس بوش وأعضاء الإدارة الأمريكية، وإنما سأتوجه أيضاً إلى صناع القرار والمشرعين من خلال الخطاب الذي سألقيه في الكونغرس أمام الشيوخ والنواب.. صحيح هناك مسؤولية على الولايات المتحدة، ولكن المسؤولية الرئيسية على إسرائيل التي لا بد لها من أن تختار بين أن تبقى أسيـرة عقلـية إسرائيل القلعة أو أن تعيش بسلام واستقرار مع جيرانها.

التلفزيون الأردني: يعتقد الكثيرون بأن زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس الاخيرة للمنطقة وحديثها عن السلام وحل القضية الفلسطينية هو للتعمية على الهدف الحقيقي للزيارة وهو الحصول على دعم العرب للخطة الأمريكية الجديدة في العراق، فما هو المؤشر على أن الولايات المتحدة ملتزمة بتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وهل سنشهد قيام دولة فلسطينية خلال فترة الرئاسة الحالية لهذه الإدارة؟

جلالة الملك: أنا أدرك تماماً أن تركيز الولايات المتحدة حالياً هو على العراق وهي تسعى لإيجاد مخرج لها من الوضع المتفجر هناك وتعقيداته، ونحن ندعم كل التوجهات التي تهدف إلى تحقيق الـمصالحة الوطنية وترسيخ الاستقرار في العراق لكن ما لمسته خلال لقاءاتي مع الرئيس بوش ووزيرة الخارجية الأمريكية في عمان هو أن هناك التزاما صريحا بأهمية القضية الفلسطينية التي ما زلنا نرى أنها القضية الأولى في المنطقة ولا يمكن إيجاد حل لقضايا المنطقة الأخرى إلا من خلال إيجاد حل عادل لهذه القضية.

التلفزيون الأردني: هل سيكون للموضوع الاقتصادي والمساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة للأردن حيزا في هذه الزيارة؟

جلالة الملك: في جميع الزيارات التي أقوم بها للولايات المتحدة أو الدول الأوروبية أو الآسيوية دائماً أكرس جزءا منها للجانب الاقتصادي وجذب الاستثمارات التي تعود بالفائدة على الأردنيين، وخلال هذه الزيارة سألتقي بقيادات اقتصادية أمريكية للتعريف بالـمناخ الاستثماري في الأردن، خاصة وأن صادراتنا للولايات المتحدة تجاوزت الألف وثلاثمائة مليون دولار، من جهة أخرى سأقوم خلال لقاءاتي سواءً مع أعضاء الإدارة الأمريكـية أو الكونغرس بشرح الواقع الاقتصادي في الأردن حتى نتمكن من الحصول على مساعدات تساعدنا في تنفيذ برامجنا التنموية.

التلفزيون الأردني: اسمح لي جلالة الملك أن أتوجه بسؤال حول الشأن المحلي... هنالك ترقب واحيانا تشكيك في موضوع اجراء الانتخابات النيابية ... فهل ستجرى الانتخابات هذا العام؟

جلالة الملك: أريد أن أطمئن شعبنا بأنه في عام 2007 ستكون هناك انتخابات بلديه وكذلك انتخابات نيابيه، وهذا تجسيد لالتزامنا بأحكام الدستور، وهي مناسبة أدعو فيها المواطنين للاهتمام بهذه الانتخابات واختيار الأفضل حتى يمثلهم ويمثل مصالحهم في إطار المصلحة الوطنية وعلى الإخوة النواب الإسراع في إقرار القوانين التي تنظم الحياة السياسية في الأردن حتى نتمكن من تفعيل التنمية السياسية وترسيخ الديموقراطيه في الأردن العزيز.

التلفزيون الأردني: ادى الارتفاع الهائل في أسعار المحروقات الى ارتفاع اسعار الكثير من السلع.. وعانى المواطن من ظروف اقتصادية صعبة.. هل هناك خطط وبرامج جديدة لتحسين الوضع المعيشي للمواطنين؟

جلالة الملك: أنا أشعر بحجم المعاناة والصعوبات التي يعيشها أبناء شعبي نتيجة عوامل كثيرة من بينها ارتفاع الأسعار وكذلك الظروف الإقليمية من حولنا وخاصة في فلسـطين والعراق، فكل ما يجري من حولنا يؤثر على الاستقرار الاقتصادي وعلى جهود جذب الاستثمارات، ولكن بالرغم من كل ذلك أنجزنا الكثير ونحن نسير على الطريق الصحـيح وقمنا بوضع خطط تنموية لتحسين مستوى معيشة المواطنيـن وخاصة الشريحة الفقيرة والمتوسطة الدخل، وهذا الأمر على رأس أولوياتي وقد وجهت الحكومة لتنفيذ عدد من المشاريع الخدمية والتنموية التي سيكون لها آثار إيجابية على حياة المواطنين بما فيها المناطق التنموية التي سنقيمها في المحافظات في الشمال والجنوب.