كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني في مؤتمر القمة الإسلامي العاشر

١٦ تشرين أول ٢٠٠٣

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

فخامة الرئيس محضير محمد

أصحاب الجلالة والسمو والفخامة والسعادة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،

فيسرني في البداية أن أتوجه بالتهنئة إلى فخامة الرئيس محضير محمد برئاسته لهذه المنظمة للأعوام الثلاثة القادمة متمنياً لفخامته النجاح والتوفيق، كما يسرني أن أتوجه بعميق الشكر والتقدير لسمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني على جهوده الخيرة خلال رئاسته لهذه المنظمة طيلة الأعوام الثلاثة الماضية.

أما بعد فينعقد هذا المؤتمر في ظروف دولية بالغة التعقيد وقد شهد العالم خلال السنوات الأخيرة العديد من الأحداث والمستجدات التي تشكل تحديات كبيرة أمام شعوبنا ومنظمتنا هذه.

وأولى هذه التحديات هي العولمة وما رافقها من ثورة الإتصالات والمعلومات وإزالة الحواجز بين الدول والشعوب وبالرغم من الفرص الكثيرة التي تحملها العولمة إلا أن الكثير من الشعوب ومن ضمنها شعوبنا الإسلامية مازالت تتعامل مع هذا الواقع الجديد بارتياب وخوف من أن تشكل هذه العولمة تهديدا لهويتها الثقافية والحضارية واستقلالها الوطني والحقيقة أن هذا الخوف ليس مبررا للإنسحاب أو الإنغلاق فقد تفاعلت الحضارة الإسلامية عبر العصور مع العديد من الحضارات والثقافات وكانت تملك من القوة والأصالة ما جعلها تؤثر في تلك الثقافات وتعطيها أكثر مما أخذت منها.

إن التحدي الحقيقي الماثل أمامنا اليوم هو وضع رؤية مشتركة لكيفية التعامل مع هذا الواقع الجديد والإستفادة من الفرص المتاحة التي تجعل من شعوبنا شريكا في جنيي ثمار العولمة وليس مجرد تابع سلبي يعاني من تبعاتها.

أما التحدي الأكثر خطورة على شعوبنا الإسلامية فهو ما يتعرض له الإسلام والمسلمون من اتهامات ظالمة ومحاولات مستمرة للربط بينهم وبين الإرهاب نتيجة لجهل الآخرين بمبادئ الإسلام واعتمادهم على بعض الممارسات الخاطئة التي لا تمت للإسلام بصلة وإن من أقدس واجباتنا كمسلمين أن نقدم الإسلام للآخرين بصورته الحقيقية من حيث هو دين التسامح والإعتدال ومحاورة الآخرين بالعقل والمنطق ونبذ كل أشكال التعصب والإرهاب.

وقد آن لنا أن نقول للعالم إننا نحن المسلمين إحدى ضحايا الإرهاب وإننا مستهدفون مثلهم بل أكثر منهم فتشويه صورة الإسلام واستعداء العالم علينا ووضعنا في دائرة الإتهام المسبق هو أبشع صور الإرهاب.

أصحاب الجلالة والسمو والفخامة والسعادة،

ما زالت بعض شعوبنا المسلمة ترزح تحت الإحتلال وبعض منها يعاني من غياب الأمن والإستقرار أو مصادرة الحريات وعدم احترام حقوق الإنسان فالقضية الفلسطينية مازالت تراوح مكانها والقدس الشريف التي نشأت هذه المنظمة من أجلها ما زالت تحت الإحتلال وإن واجبنا كشعوب مسلمة يقتضي منا جميعا أن نقف إلى جانب الشعب الفلسطيني / ودعمه بكل الوسائل الممكنة / حتى يتمكن من استعادة حقوقه وإقامة دولته المستقلة / على ترابه الوطني / وعاصمتها القدس الشريف.

أما بالنسبة للعراق فلا يجوز أن نكتفي بالحديث عن حق الشعب العراقي في السيطرة على ثروته وموارده واختيار قيادته ومستقبله وإنما المطلوب منا هو اتخاذ موقف سياسي واضح يمكن الشعب العراقي من تحقيق طموحاته الوطنية المشروعة ويعيده إلى دوره الحقيقي على الساحة الدولية.

أصحاب الجلالة والسمو والفخامة والسعادة،

إن الفقر والجهل وغياب العدالة الإجتماعية وعدم احترام حقوق الإنسان تشكل بيئة خصبة للتطرف والعنف وعلى ذلك فلا بد من التعاون فيما بيننا من أجل تحقيق التنمية والرفاه الإجتماعي الذي يمكن شعوبنا من العيش في مناخ من الحرية والعدالة واحترام حقوق الإنسان وهي مناسبة نوجه فيها رسالة إلى العالم لكي يقف إلى جانب طموحات شعوبنا في الحياة الكريمة التي تشكل ضمانة للأمن والإستقرار ليس في بلداننا وحسب وإنما في العالم كله.

وبعد أيها الإخوة فقد آن لنا أن نعزز سبل التعاون والتنسيق بين دولنا وشعوبنا وأن نعمل لتفعيل دور هذه المنظمة من أجل مستقبل إسلامي أفضل يجسر الفجوة بيننا وبين الأمم المتقدمة ويعيد أمتنا إلى الموقع الذي يليق بتراثها ودورها الحضاري والإنساني العظيم.

أحييكم مرة أخرى وأسأل المولى عز وجل أن يكلل جهودنا بالنجاح وأن يسدد على طريق الخير خطانا جميعا إنه نعم المولى ونعم النصير.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.