كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني في قمة المنتدى الاقتصادي العالمي حول تأثير التنمية المستدامة

٢١ أيلول ٢٠٢٠

كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني في قمة المنتدى الاقتصادي العالمي حول تأثير التنمية المستدامة
(مترجم عن الإنجليزية)
(عبر تقنية الاتصال المرئي)

بسم الله الرحمن الرحيم

أصحاب الفخامة،
أصدقائي،

يسعدني المساهمة في إطلاق هذا النقاش الذي نحن بأمسّ الحاجة إليه في هذا الوقت الحرج، وأشكر صديقي العزيز، البروفيسور شواب، على تفانيه في العمل لإحداث تغييرٍ إيجابي في عالمنا.

إن التنمية المستدامة الحقيقية التي تلمس كلَّ الشعوب أثرهُا، أضحت اليوم حاجةً ملحة أكثر من أي وقتٍ مضى، لمساعدتنا على تخطي أزمة كورونا وتبعاتها الإنسانية والاقتصادية، والتي ستستمر إلى ما بعد الجائحة.

هذه الأزمة التي طالت جميع البلدان على نطاقٍ عالمي غير مسبوق، هي أيضاً فرصة لنا، إذا عملنا بحزم وبشكل جماعي. علينا أن نبدأ بإعادة النظر في نظامنا العالمي، ليصبح أكثر تكاملاً ومنعةً وإنصافاً؛ إذ لن تزدهر العولمة في غياب الاهتمام بالمجتمعات الأكثر ضعفاً، فحالنا واحد. نحن نواجه الأزمات معاً، ومن الأفضل لنا أن ندرك ذلك بسرعة.

إن إعادة بناء نظامنا العالمي نحو تعافٍ اقتصادي أكثر شمولاً تبدأ من الأساسات، من خلال شراكات ثنائية وثلاثية وعلى مستوى الأقاليم، تعود بالمنفعة المشتركة وتشكّل شبكة أمان عالمية، للتخفيف من وطأة الفقر والبطالة، وتعزيز الأمن الغذائي وحماية البيئة.

نحن في الأردن نعمل مع شركائنا في المنطقة وخارجها، للاستثمار في مواطن قوة وموارد بعضنا البعض، لنبني التكامل المطلوب من أجل الازدهار المشترك في عالمنا وسلامة شعوبنا. لقد دفعت أزمة كورونا بالأردن نحو الاستثمار في قدراته بالزراعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والقطاع الطبي، والصناعات الدوائية، وذلك بالتعاون مع القطاع الخاص، لنساعد أنفسنا وغيرنا. 

ونحن مستعدون للبناء على هذه الإمكانيات، لنصبح منصة انطلاق ومركزاً للإقليم يسهل الجهود الدولية والإقليمية للاستجابة للتحديات المقبلة.

أصدقائي،

أدت هذه الجائحة وتبعاتها طويلة الأمد إلى تفاقم الأزمات المتجذرة في عالمنا، مثل أزمة المناخ، والفقر، ونقص الغذاء، والبطالة، والتفاوت الاجتماعي والاقتصادي، برغم سنوات من العمل المشترك الذي لم يترك الأثر المطلوب.

يجب أن يكون الطريق إلى الأمام مبنياً على إعادة ضبط العولمة لتدعيم اللّبِنات الأساسية لمجتمعنا الدولي، عن طريق تمكين بلداننا من تحقيق التوازن بين الاعتماد على الذات والتكافل، مما يمنحنا القدرة على إطلاق استجابة شمولية لجميع الأزمات التي تواجه عالمنا، والتي تعزز الاقتصاد العالمي، وتعالج انعدام المساواة في الوقت نفسه، وتؤدي إلى التقدم التكنولوجي والصناعي، مع ضمان استدامة البيئة التي نعيش فيها.

لذا، في مناقشاتكم اليوم وفي الأيام المقبلة، بدلاً من النظر في مشاكل لحلها، أدعوكم للبحث عن فرصٍ لاغتنامها، وسبلٍ للتعاون، لإعادة بناء نظام عالمي حقيقي وشمولي، لا يستثني أحداً.

أتمنى لكم قمة مثمرة، وشكراً.