كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني في القمة العربية - الكويت

٢٥ آذار ٢٠١٤

بسم الله الرحمن الرحيم


والصلاة والسلام على سيدنا محمد، النبي العربي الهاشمي الأمين.

صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح،

أصحاب الفخامة والسمو،

معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فيسرني أن أتوجه بعميق الشكر والتقدير إلى أخي سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وإلى دولة الكويت الشقيقة، على استضافة هذه القمة. كما أتوجه بالشكر أيضاً إلى سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وإلى دولة قطر الشقيقة، على استضافة القمة العربية الماضية، وإلى الـجامعة العربية وأمينها العام، الدكتور نبيل العربي، وكوادرها على ما بذلوه من جهود من أجل انعقاد هذه القمة وتوفير أسباب النجاح لها.

أصحاب الفخامة والسمو،

ما زالت منطقتـنا العربـية تعاني العديـد من التحديات والأخطار، الناجمة عن عدم التوصل إلى حل عادل وشامل ودائم لقضية العرب الأولى وجوهر الصراع في المنطقة: القضية الفلسطينية. إلى جانب تفاقم الأزمة السورية وتصاعد حجم المعاناة الإنسانية التي يواجهها الشعب السوري الشقيق، والأعباء التي تتحملها الدول العربية المحيطة بسوريا، واستمرار التحديات التي تواجهها بعض الدول الشقيقة بعد التحولات التي مرت بها، لترسيخ أمنها واستقرارها والاستمرار في إعادة البناء.

وعليه، فإن تفعيل منظومة التعاون والعمل العربي المشترك هو السبيل إلى تحقيق تطلعات شعوبنا في العيش بأمن وسلام، وبناء المستقبل الأفضل لها. ولابد هنا من الإشارة إلى الدور الهام الذي يقوم به البرلمان العربي وتعزيز جهوده في هذا المجال. كما سيواصل الأردن القيام بدوره الأخوي والإنساني، والارتقاء والنهوض بالتعاون العربي المشترك، وتسخير جميع إمكانياته وطاقاته في جميع المنابر الدولية، وبشكل خاص في مجلس الأمن، لخدمة المصالح والقضايا العربية.

أصحاب الفخامة والسمو،

لقد أكدنا على الدوام أن إقامة الدولة الفلسطينية، ذات السيادة والقابلة للحياة، استنادا إلى حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، هي الأساس لإنهاء النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، وإحلال السلام الشامل، وترسيخ الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط. ويمثل تحقيق ذلك، في ذات الوقت، مصلحة أردنية عليا، فنحن الدولة التي تستضيف العدد الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين، وحماية حقوقهم هي في مقدمة أولوياتنا.

وأؤكد هنا أن جميع الاتفاقات الخاصة بقضايا الوضع النهائي يجب أن تراعي المصالح الأردنية العليا. ولذلك، فإن الـمجتمع الدولي مطالب اليوم بتحمل مسؤولياته، والتحرك فورا لحمل إسرائيل على وقف سياساتها وإجراءاتها الأحادية، ودفعها لاستغلال مبادرة السلام العربية، والفرصة التاريخية المتاحة الآن للوصول إلى السلام المنشود.

وسيواصل الأردن بدوره القيام بواجبه الديني والتاريخي في الحفاظ على القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، وتثبيت سكانها العرب ودعم صمودهم،  وتعزيز وجودهم في مدينتهم، والتصدي للإجراءات والانتهاكات الإسرائيلية في القدس، خاصة تلك التي تستهدف المسجد الأقصى بكل الوسائل المتاحة، وبالتنسيق مع أشقائنا في دولة فلسطين.

أصحاب الفخامة والسمو،

إن استمرار الأزمة في سوريا الشقيقة وانتشار المجموعات المتطرفة فيها ينذر بنتائج كارثية على المنطقة والعالم. وهذا يستدعي إيجاد حل سياسي انتقالي شامل وسريع لهذه الأزمة؛ ينهي معاناة الشعب السوري ويلبي طموحاته؛ حل تتوافق عليه جميع الأطراف وتتمثل فيه كل الأطياف، وبما يحفظ وحدة أراضي سوريا واستقلالها السياسي وإطلاق إصلاحات داخلية تضمن التعددية والديمقراطية وتؤدي إلى عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم.

والأردن يستضيف اليوم نحو (1,300,000) مواطن سوري، من ضمنهم حوالي (600,000) لجأوا إلى الأراضي الأردنية منذ اندلاع الأزمة في سوريا، وهذا يجعلنـا الدولة الثالثة الأكثـر استقبالاً للاجئين في العالم.

ولابد من التأكيد هنا على أهمية دعم الدول المستضيفة للاجئين السوريين وتعزيز قدراتها وإمكاناتها في هذا المجال، إضافة إلى تقديم الدعم للمجتمعات المحلية المتأثرة من تدفق اللاجئين في هذه الدول، مع التذكير بأهمية تحسين الظروف الإنسانية داخل سوريا.

وأثمِّن هنا الـجهود الكبيرة التي قام بها أخي سمو الشيخ صباح الأحمد الصباح، والدور الذي قامت به دولة الكويت الشقيقة، لاستضافة مؤتمر المانحين الدولي الثاني لدعم الوضع الإنسانـي في سوريا، وكل مـن ساهم بتـقديم المساعدات خلال ذلك المؤتمر.

الإخوة القادة العرب،

لقد دأب الأردن، منذ تأسيسه، على الالتزام بمبدأ الوسطية والاعتدال والتصدي بكل حزم لجميع أشكال الفرز الديني والعرقي والمذهبي ولمظاهر التطرف والإرهاب وأسبابها.

ونحن نرى أن ما تشهده المنطقة من صراعات متعددة أصبحت بيئة خصبة لانتشار التطرف والإرهاب، وهذا يتطلب المزيد من العمل المخلص الجاد لترسيخ الوسطية والاعتدال، وتفعيل مبدأ الـمواطنة الفاعلة، وإطلاق طاقات أجيال المستقبل.

وختاما، أكرر الشكر لأخي سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح على استضافة هذه القمة، والإعداد الجيد لإنجاحها، وللشعب الكويتي الشقيق على حسن الاستقبال، وكرم الضيافة العربية الأصيلة.

سائلا المولى عز وجل أن يوفقنا جميعا لما فيه خير أمتنا وشعوبنا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.