كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني خلال الاجتماع العام للدورة الخامسة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة

٢٣ أيلول ٢٠١٠

بسم الله الرحمن الرحيم

الرئيس ديس،
السيد الأمين العام،
أصحاب الفخامة والسعادة،

أكثر من أي وقت مضى، يواجه العالم أزمات دولية متعددة، لا يمكن معالجتها بفاعلية من دون عمل دولي منسق. ولا تستطيع أي دولة مواجهة هذه الأزمات، أو بناء مستقبلها، منفردة. فالتحديات عالمية، وكذلك يجب أن تكون الحلول. وللأمم المتحدة دور مركزي ورئيسي في مواجهة هذه الأزمات.

ومن الضروري أيضا مقاومة قوى الفرقة، التي تنشر سوء الفهم وعدم الثقة، خصوصا بين أتباع الديانات المختلفة. والحقيقة أن الروابط بين الشعوب لا تقتصر على المصالح المشتركة، بل هي مبنية أيضا على الوصايا المشتركة، التي تدعو إلى محبة الله ومحبة الجار. وهذا الأسبوع، سيتقدم وفدنا، وبدعم من أصدقاء لنا في مختلف القارات، بمشروع قرار لإطلاق إسبوع الوئام العالمي بين الأديان. وما نقترحه هو أن يتم تكريس إسبوع من كل عام، تقوم خلاله دور العبادة المختلفة بالتعبير عن تعاليم دياناتها الخاصة حول التسامح وإحترام الآخر والسلام. وآمل أن يحظى مشروع القرار هذا بدعمكم.

أصدقائي،

للأمم المتحدة دور قيادي في موضوع محوري آخر، ألا وهو السلام. فالسلام في الشرق الأوسط على المحك الآن. ومع إنطلاق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، هناك فرصة لتحقيق السلام الدائم على أساس حل الدولتين، حيث يمهد قيام الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة وذات السيادة، التي تعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، الطريق للوصول إلى السلام الإقليمي الشامل.

وقد تأخر حل هذا الصراع أكثر مما يجب. ولم يحدث أن كان لأزمة إقليمية أخرى أثر أكبر أو أطول على الأمن والاستقرار العالميين، ولم يحدث أن بقيت أزمة أخرى على أجندة الأمم المتحدة لفترة أطول أو أحبطت جهود السلام أكثر. والموارد التي تستنفذ في هذا الصراع هي موارد يجب إستثمارها في تحقيق الرخاء والتقدم. وكل يوم يضيع في هذا الصراع يشكل مكسباً لقوى العنف والتطرف، التي تهدد الأمن في المنطقة، وخارجها.

سئم الناس خيبات الأمل. والقوى التي لا تريد السلام تعمل كل ما في وسعها لإفشال جهودنا من أجل تحقيقه. لا نستطيع أن نقلل من أهمية النجاح في حل الصراع، أو الكلفة الموجعة للفشل. وعلينا جميعا أن نجهد من أجل تحقيق تقدم سريع وإتخاذ الخيارات الصعبة للوصول إلى النتائج الإيجابية. فبديل ذلك هو المزيد من المعاناة، والإحباطات التي ستؤدي إلى المزيد من الحروب. وسيورط مثل هذا المآل الدماري العالم كله، ما يهدد الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، وخارجه.

وللحؤول دون ذلك، يجب التعامل مع المفاوضات بإلتزام وجدية وشجاعة. ويجب أن تتوقف كل الأعمال الإستفزازية والإجراءات الأحادية التي تهدد بإفشال المفاوضات. وبدلا من ذلك، يجب العمل بجد لتحقيق النتائج بشكل سريع. وهذا يتطلب معالجة جميع قضايا الوضع النهائي، بهدف إنهاء الإحتلال، والوصول إلى حل الدولتين، وهو الحل الوحيد الذي يمكن أن يحقق السلام، بأسرع وقت ممكن. فالوضع الراهن غير مقبول. كفى ظلما، وكفى إراقة للدماء.

إن الأردن وبقية العالم العربي والإسلامي ملتزمون بتحقيق السلام. وقد توجهنا إلى إسرائيل بمبادرة السلام العربية، التي تشكل فرصة غير مسبوقة للوصول إلى تسوية شاملة، تسوية توفر الفرصة لإسرائيل لبناء علاقات طبيعية مع 57 دولة عربية ومسلمة، أي مع ثلث أعضاء الأمم المتحدة. ونتوجه إليكم اليوم، أنتم أعضاء الأمم المتحدة، للمساعدة في تحقيق السلام في المنطقة. فكلنا سندفع الثمن إن فشلت المفاوضات، وسيخدم النجاح في تحقيق السلام مصالحنا جميعا، وبالتالي لا بد من إطلاق جهد دولي جماعي من أجل ذلك. وإذا عملنا معا، سنكون قادرين على ترجيح كفة السلام.

وشكرا لكم.