كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني خلال افتتاح مؤتمر قادة الشرطة العرب التاسع والعشرين

١٣ تشرين ثاني ٢٠٠٥

يسعدني ان ارحب بكم اجمل ترحيب في هذا الحمى العربي الاصيل متمنيا لكم اقامة طيبة واعمالا ناجحة ونتائج بناءة تسهم في مكافحة الجريمة والحد منها والسيطرة عليها.

ان مؤتمركم الذي يناقش ضمن بنود جدول اعماله اهم القضايا الامنية المعاصرة في سبيل حماية المواطن العربي والمحافظة على امنه واستقراره وتوفير حياة كريمة له وللاجيال القادمة يشكل في الوقت ذاته احدى اللبنات الاساسية لمقومات العمل الامني العربي المشترك وهو العمل الذي تسهرون على توطيد بنائه وتعزيز قدراته في اطار مسؤولياتكم الكبيرة ومهامكم الجسام.

ان المستجدات الدولية والمتغيرات الحضارية وصراع الثقافات اصبحت تتطلب جهودا موازية تستجيب لهذه المتغيرات على كافة الصعد وعلى الصعيد الامني بشكل خاص وهنا تكمن الحاجة الملحة لمزيد من العزم في التصدي للجريمة بكافة اشكالها وصورها وفي مقدمتها الارهاب الذي اكتوت الشعوب العربية بناره وما حدث في الايام القليلة الماضية في عمان لدليل ساطع على عمى البصيرة وانحراف الفكر وجسامة الخسائر عندما استهدفت الفئة الضالة الابرياء في الفنادق فقتلوا الفرحة واستعدوا شعوبا اخرى لم يكن لهم من ذنب الا ان كانوا في مكان وزمان غير ملائمين مما يتطلب تعاونا دوليا حثيثا لتعزيز الجهود المبذولة في هذا المجال بدءا من الانضمام الى الصكوك الدولية لمكافحة الارهاب والصكوك ذات الصلة بمكافحة الجريمة ومنها اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والبروتوكولات الملحقة بها واتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد وكذلك دعم الجهود المبذولة لاعداد اتفاقية دولية لمكافحة الارهاب.

ويسرني في هذا المقام ان انوه بكل فخر واعتزاز وتقدير بالجهود الحثيثة والانجازات المتميزة لمجلس وزراء الداخلية العرب في مجال مكافحة الجريمة بانماطها المختلفة وهو عطاء اصبح انموذجا يحتذى على المستويين العربي والاقليمي وذلك بفضل جهود ورعاية صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية في المملكة العربية السعودية والرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب وزملائه اصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب.

سعادة رئيس المؤتمر

السيدات والسادة

اتمنى على مؤتمركم الموقر ان يأخذ بعين الاهتمام وضع الية عربية موحدة لدراسة اساليب المنظمات الارهابية وطرقها في نشر الافكار المتطرفة والتلاعب بالعواطف والمعتقدات وتجييش النفوس وغسل الادمغة عند الناشئة والعمل على تفنيد زيف تلك الافكار وزورها وبهتانها والتنبية لها والتحذير من نتائجها وبناء ثقافة مجتمعية تنبذ الفكر الارهابي وتنبذ العصبية التي تقود الى العنف.

ولا بد ان تتضمن تلك الالية العربية الموحدة اطرا شاملة لتعزيز التعاون والتنسيق والمتابعة بين الاجهزة الامنية وبين المواطنين في كافة مواقعهم لنبذ العنف بكافة اشكاله وصورة وقمع الارهاب ودوافعه وتجفيف منابعه انطلاقا من ان التصدي للارهاب مسؤولية جماعية مشتركة وان التنشئة الاسرية السليمة تشكل اسسا منيعة لوقاية الابناء من السلوك الارهابي وكذلك التنديد بما تبنى عليه الاعمال الارهابية من فهم خاطيء لمباديء الشريعة الاسلامية السمحة واحكامها والتركيز على براءة الاسلام من هذه الافكار كونه دين التسامح والسلام والوسطية والتي تنبذ الغلو والتطرف وتقاومه وما رسالة عمان الا انموذجا يحتذى في هذا المجال.

انني على يقين بان تعاونكم المتواصل والتنسيق بين اجهزتكم الامنية المختصة يشكل سدا منيعا لتفويت الفرص على كل من تسول له نفسه العبث بمقدرات الشعوب وامنها وخصوصا العصابات الارهابية التي اصبحت تشكل ادوات للهجمة الشرسة على ديننا الحنيف بسبب ممارستها لابشع انواع العنف والاجرام وارتكاب ما حرم الله من قتل الابرياء بدون وجه حق.

ووفقكم الله في اعمالكم ولقائكم هذا وسدد على طريق الخير خطاكم واخذ بأيديكم نحو توصيات بناءه فاعلة تدعم العمل العربي الامني المشترك وتعزز سبل تنفيذه لقوله تعالى "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون".