خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني في قمة الدول الإحدى عشر / البلدان ذات الدخل المتدني - المتوسط

٢٠ أيلول ٢٠٠٦

بسم الله الرحمن الرحيم

أسعد الله أوقاتكم، أرحّب بكم وأشكركم جميعاً لمشاركتكم في هذا التجمّع التاريخي، أول قمة للبلدان ذات الدخل المتدني - المتوسط.

إننا نطلق اليوم شراكة يمكنها تأمين فوائد عظيمة كثيرة للشعوب التي نخدمها- وتترك أثراً إيجابياً لدى جميع الدول.

إن أكثر من ربع سكان العالم يعيشون في البلدان التي تكوّن المجموعة ذات الدخل المتدنّي - المتوسط. ونحن نحتّل موقعاً رئيسياً في الاقتصاد العالمي. وقدنا العالم النامي في المضيّ قُدُماً بالإصلاحات اللازمة لخلق النمو الاقتصادي وتوفير الفرص. ومجموعتنا مؤهّلة لأن تندفع إلى الأمام وتستقر عند مستويات دخلٍ أعلى. وسيكون لهذا النجاح فوائد أساسية جمّة، لا لمواطنينا فحسب، بل أيضاً لمناطقنا وللاقتصاد العالمي بصورة عامة.

علينا الآن أن نأخذ الخطوة التالية- أن نتحرك عبر عتبة الدَخل. ومن أجل هذا، نحتاج إلى الدعم العالمي: مساعدات مُوجّهة غايتها تحقيق النتائج يمكن أن تساعد في تسريع النمو الاقتصادي، وتوفير مزايا الإصلاح، والحفاظ على مكتسبات التنمية.

إن المؤشرات الاقتصادية الأخيرة لمجموعتنا بصورة عامة تُظْهر الإمكانيات الموجودة في بلداننا. فنمو الناتج القومي الإجمالي قويّ . والمشاركة في التجارة العالمية تتنامى. وصافي التدفّقات المالية الاستثمارية المباشرة في تزايد. والفقر يجري خَفض نسبته. وبالنسبة للعديد من البلدان، انخفض معدل خدمة الدين كنسبة مئوية من الصادرات، مما ساعد على خفض أعباء الدين. والعديد من أبناء شعبنا يَحْظون بإمكانية الوصول إلى التقنيات والمهارات التي تعتبر بوابة الازدهار.

إن هناك توافقاً عريضاً بين بلداننا حول الإصلاح الهيكلي، باعتباره مُحركاً للنمو والتنمية. وقد اتخذنا جميعاً خطوات لبناء المساءلة والشفافية، وتعزيز حكم القانون، وإعطاء الناس، وخاصة الشبّان، حصةً في مستقبل زاهر يعمّه السلام وتتحقق فيه مصالحهم.

ومع ذلك، تظل هناك تحدّيات خطيرة. الفقر والبطالة... الصدمات الخارجية، مثل أسعار الطاقة، أو عدم الاستقرار الإقليمي... أعباء الدَين التي تستنزف الموازانات الوطنية وتستحوذ منها على مخصصات لازمة للبُنى التحتية والتنمية. ودون إشراف وجهد متواصلين - ومساعدات دولية مستمرة - يمكن لهذه التحديات أن تعكس مسار توجهنا الإيجابي نحو الاستقرار المالي والنمو. ولتجنّب مثل هذه العودة إلى الوراء، فإننا نحتاج إلى أن نفعّل قوانا، من خلال العمل معاً... ومن خلال التحدّث بصوت واحد حول الهموم والقضايا الدولية، وخاصة التجارة التي تحكمها الاتفاقات العادلة، وزيادة المساعدات المباشرة، وبالتأكيد، تخفيف أعباء الدَين.

إن الدول المتطورة والمؤسسات العالمية تتبين اليوم بوضوح مسؤولياتها في التصدي للفقر والاختلالات الاقتصادية على مستوى العالم. وقد كان هناك تركيز قويّ جداً على مساعدة البلدان الأشدّ فقراً، وخاصة في إفريقيا. ونحن نحيّي هذا الالتزام. ولكن علينا أن نوضح أن المساعدات تعتبر أساسية أيضاً للبلدان ذات الدخل المتدني - المتوسط؛ هذه البلدان التي هي في وضع تتمكن فيه من خلق خطوات تقدّمٍٍ مُستدامة إلى الأمام من خلال الإدارة الاقتصادية والإصلاح.

إن مجموعتنا يمكنها العمل معاً، ويتوجب عليها العمل معاً، لتهيئة أرضية مشتركة في المجالات الرئيسية التي تحظى بالاهتمام. ويمكن لهذه المجالات أن تشمل، على سبيل المثال، مبادرات تهدف إلى :

  • جعل المساعدات الأجنبية متجاوبة مع الحاجات المحلية للاستفادة إلى الحدّ الأقصى من الموارد الشحيحة؛.
  • الضغط ومحاورة المعنيين للتحوّل من القروض إلى المنح للحؤول دون تراكم الديون على البلدان؛.
  • الضغط ومحاورة البلدان الغنية لتفتح أسواقها أمام منتوجات البلدان النامية، وخاصة في القطاع الزراعي؛.
  • السعي لإيجاد شراكات مع البلدان المتطورة، لحفز النمو الذي يقوده القطاع الخاص وتدفّق الاستثمار الأجنبي؛.
  • تطوير المناهج التعليمية لتلبي متطلبات سوق العمل؛.
  • توجيه المدخرات من تخفيف أعباء الديْن إلى تعزيز قطاعي التعليم والصحة العامة.

إن هذه القمة مُصَممة بصورة فريدة لتشكّل نواة مثل هذا الجهد. وفي أيلول/سبتمبر الماضي، ونتيجة لمُدْخلاتكم ومشاركتكم، بدأنا في صياغة شراكتنا. وكانت هناك اجتماعات متابعة ناجحة في الأردن، في تشرين الثاني/نوفمبر 2005 وفي تموز/يوليو 2006. ويسعدني أن أقول إن اجتماع اليوم يجمع أعلى مستويات القيادة. ولم تكن هناك فرصة أفضل من هذه الفرصة لتحديد الاهتمامات والتوجهات المشتركة، وتقديم رؤية مشتركة للمستقبل.

معاً، كما آمل، سنجري نقاشاً مفيداً مجزياً - ونحقق التقدّم نحو نهج موحّد للتعامل مع المجتمع الدولي، وخاصة الدول الصناعية الثمانية الكبرى.

أصدقائي، اسمحوا لي أن أعرب عن الشكر لكم لمشاركتكم والتزامكم.