خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني في حفل الغداء الذي أقامه دولة رئيس الوزراء الهولندي

٣١ تشرين أول ٢٠٠٦

 

بسم الله الرحمن الرحيم

دولة رئيس الوزراء بالكانيندي،

الضيوف الأفاضل،

الشكر لك على كلماتك الرقيقة. ويشرفني أن أكون معكم اليوم. إن حفل الغداء هذا يأتي قرب نهاية زيارة أشعر أنها كانت ناجحة إلى حد كبير. وهو يتيح لي الفرصة لأتأمّل بعض القضايا التي ناقشناها، وبعض الروابط الهامة التي تشترك فيها دولتانا.

لقد ناقشنا قضية السلام الملحّة في الشرق الأوسط. وهذا النزاع المستمر، يشكّل - من أي زاوية نظرنا إليه - أخطر تهديد لاستقرار ومستقبل منطقتي بأكملها. وكل تأخير يجعل الوضع أسوأ. وقد حان الوقت لعمل عالمي حثيث لا ينقطع، لنهيّئ للأطراف الفرصة للمُضيّ قُدُماً. ونحن بحاجة إلى أن نكون في غاية الوضوح حول الهدف: خطوات عملية ملموسة، إيجابية، تؤدي إلى تسوية قانونية عادلة تظل سارية المفعول دون نقض على المدى الطويل. وما نحتاج إلى تحقيقه، وصفته مبادرة السلام العربية، وهو يحظى بدعم عالمي: حلّ يقوم على دولتين، استناداً إلى الشرعية الدولية، بوجود دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة تستطيع أن تمنح الأمل لشعبها، وإسرائيل آمنة تعيش بسلام مع جميع جيرانها.

لقد ناقشنا الحاجة الرئيسية البالغة الأهمية للحوار ما بين الثقافات وما بين الأديان. والشراكة ما بين الجماعات المختلفة في العالم، وبخاصة المسلمين وغير المسلمين، تحمل أهمية خاصة لمستقبلنا. ففي هذا القرن، يتم التفاعل فيما بيننا بدرجةٍ أكبر، ونعتمد على بعضنا بعضاً بصورة أكبر، من أي حقبة أخرى في التاريخ. وببساطة، ليس هناك مجال للجهل والتحقير.

إن التطرف والكراهية يتناميان، لدى الجانبين، بسبب الجهل. ولا بدَّ أن يكون هناك حوار عالمي جديد حول القيم التي نشترك فيها - وحول اختلافاتنا، وما تعنيه، وأهمية الاحترام.

وفي السنوات الأخيرة ، تقدّم المسلمون في أرجاء المعمورة - وأنا منهم- لنشر الرسالة المركزية للإسلام حول الأخوّة الإنسانية. وهي رسالة سلام، وتسامح، وتعاطف ورحمة، واحترام للآخرين. وهنا في أوروبا، تشارك مجموعات كثيرة في حوار جديد. وقد تأثرت بدرجة كبيرة بإخلاص الذين تحدثت معهم هنا. وأنا أتعهد بأن الأردن سيقدّم الدعم لهذا الحوار المتواصل.

وقد ناقشنا التنمية والإصلاح في الشرق الأوسط، وفي الأردن خاصة. وهدف بلدنا هو الوصول إلى اقتصاد قويّ فعّال، ومؤسسات سياسية ديمقراطية مستقرة.

إن الإصلاح عملية، وليست حلاًّ من خطوة واحدة. وهو يتطلب اشتراك الناس من مختلف مناحي المجتمع وانخراطهم والتزامهم. ومع انطلاقنا في السير قُدُماً، أشركنا معنا القطاع الخاص والمجتمع المدني. ويسرّني أن أقول إن جهودنا بدأت تعطي ثمارها.

أما الروابط بين الأردن وهولندا فتحمل أهمية خاصة. وترتبط حكومتانا بعلاقة عمل خاصة فعّالة على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية.

أصدقائي،

لقد قدّم الشعب الهولندي إسهامات تاريخية لدفع عملية نموّ الحرية والمعرفة والثقافة الإنسانية. وأنتم تقومون في هذا القرن بدور رئيسي في دعوتكم لإحقاق القانون الدولي والسلام. وقد تصديتم لتحديات العالم الحديث بشجاعة متسلّحين بأرفع مُثُل الإنسانية والحضارة. ونيابة عن جميع أفراد الوفد الأردني، اسمحوا لي أن أعرب عن تقديرنا المخلص لحفاوتكم الصادقة بنا.

دولة رئيس الوزراء بالكانيندي، لقد سعدت كثيراً بلقائك وزملاءك.

أصدقائي،

تقبلوا تمنياتي بالسلام والازدهار للشعب في هولندا، وبالتقدير الدائم والصداقة الراسخة من الشعب في الأردن.

وشكرا