خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني في المؤتمر الدولي الثاني المعني بتمويل التنمية

٣٠ تشرين ثاني ٢٠٠٨

بسم الله الرحمن الرحيم

السيد الرئيس
السيد الأمين العام
السيدات والسادة

أشارك المتحدثين السابقين الذين أبدوا استنكارهم وشجبهم للإعمال الإرهابية في مومباي بالهند وأتقدم بالتعازي لأهالي الضحايا ونعرب عن تضامننا مع الحكومة الهندية ومع كل دول العالم للتصدي للإرهاب وبكل الوسائل الممكنة.

السيدات والسادة

اسمحوا لي بداية أن أتوجه ببالغ الشكر وعميق التقدير إلى صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أمير دولة قطر الشقيقة، ومنظمة الأمم المتحدة، لمبادرتهما بالدعوة لعقد هذا المؤتمر الدولي المهم الذي يعنى بتمويل التنمية، لما لهذا الأمر من أهمية في التصدي للتحديات الاقتصادية التي تواجه الدول الفقيرة والنامية في العالم على حد سواء.

وكما تعلمون، فقد شكل عام 2008 تحدياً اقتصادياً كبيراً، للعديد من دول العالم، بعد أن ألقت الارتفاعات غير المسبوقة في أسعار النفط والسلع والمواد الأساسية، بظلالها على الأوضاع المعيشية للمواطنين في هذه الدول، خصوصا الفقيرة والنامية، التي أضحت مستويات الفقر والبطالة فيها مرشحة للتزايد، إضافة إلى الاختلالات التي تعاني منها الطبقة الوسطى، التي باتت الآن مهددة بالانحدار إلى مستويات الفقر.

والأمر لا يتوقف عند هذا الحد، إذ تشير التوقعات إلى أن الوضع مرشح لمزيد من التفاقم في حال لم يتم اتخاذ إجراءات كافية لتدارك تداعيات الأزمة التي يواجهها العالم حاليا بعد أن أصبح التوازن الاقتصادي العالمي صعباً للغاية، لذا فإن الدعوة موصولة لقادة العالم والدول الكبرى لتحمل مسؤولياتهم للتخفيف من حدة هذه الأزمة، وإعادة الثقة في النظام المالي العالمي.

السادة الحضور،

لقد ساهمت السياسات والبرامج الإصلاحية وإجراءات التحوط التي اتخذناها في الأردن في التخفيف من حدة تداعيات الأزمة المالية العالمية على اقتصادنا الوطني، وتعزيز الاستقرار المالي والنقدي.

ولهذا، فقد شكل الانفتاح وسياسة التجارة الخارجية، وانخراط الأردن في منظومة التجارة والاقتصاد العالميين، الأساس الذي تمكنا من خلاله من زيادة حجم الصادرات الوطنية.

وانطلاقا من حقيقة أن الأردن يعتمد بشكل كبير، كغيره من الدول النامية، على المساعدات الخارجية من المنح والقروض الإنمائية الميسرة، فإننا نولي في الأردن أهمية كبيرة لتعزيز علاقاتنا مع الجهات التمويلية والمانحة، حيث كان للمساعدات الخارجية الأثر الواضح في تمويل تنفيذ البرامج والمشاريع التنموية، وبما يساهم في الوصول إلى الهدف الذي يسعى له الأردن تجاه تحقيق التنمية المستدامة، حيث انعكست ثمار هذه المساعدات بشكل ايجابي ومتوازن لتشمل شرائح المجتمع كافة في مختلف مناطق المملكة.

السادة الحضور،

إن تفاقم مشكلة الأمن الغذائي، وارتفاع أسعار السلع الغذائية عالمياً، قد يكون لها تأثيرات وانعكاسات سلبية على الأردن وغيره من الدول النامية، من حيث ارتفاع مستويات الفقر وتأثر الظروف الصحية والمعيشية للمواطنين سلباً. ولهذا فإن الأمن الغذائي يعتبر أحد أهم مقومات الأمن الوطني وحتى الإقليمي.

كما نؤمن في الأردن، بأن علينا أن نتحرك من أجل مواجهة هذا التحدي، حيث قمنا لهذه الغاية بإعداد خطط تنموية واعدة لعام 2009 لدعم القطاع الزراعي، وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، وفي الحد من معدلات الفقر والبطالة، خاصة بعد أن أصبح هذا القطاع من القطاعات ذات الجدوى الاقتصادية العالية المردود، استناداً إلى تقرير التنمية العالمي لعام 2008 الصادر عن البنك الدولي، الذي أوضح أن زيادة مساهمة القطاع الزراعي في نمو الناتج المحلي الإجمالي أكثر فاعلية في تقليص مستويات الفقر بحوالي أربع مرات مقارنة بمساهمة القطاعات الاقتصادية الأخرى، فالقطاع الزراعي حجر الزاوية الذي يرتكز عليه الأمن الغذائي الوطني ويشكل بدوره الركيزة الأساسية لأمننا القومي.

السادة الحضور،

إن التصدي لهذه التحديات، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي نصبو جميعاً للوصول إليها، يتطلب بذل جهود كبيرة، وخاصة من قبل الدول المتقدمة والنفطية. ويعد الاجتماع الأخير الذي عقد في الولايات المتحدة وجمع الدول العشرين للتباحث في الأزمة المالية العالمية، خطوة هامة في الاتجاه الصحيح وخاصة في ضوء أن هذه الدول تشكل نحو 80 بالمئة من الناتج المحلي العالمي الإجمالي وحجم الاستثمار والتجارة، فيما تسعى170 دولة أخرى في العالم للحصول على مساعدات تمكنها من تجاوز الأزمة والاستمرار في تنفيذ برامجها التنموية.

ولذلك، فإننا في الأردن نوجه دعوة للدول التي تتمتع باقتصاديات غنية وقوية وصاعدة إلى تحمل مسؤولياتها تجاه الدول النامية والفقيرة، لتتمكن من تجاوز تبعات الأزمة المالية، وتحقيق الأهداف التنموية للألفية بحلول عام2015، وذلك من خلال تقديم الدعم المالي والفني لها، وتشجيع التجارة والاستثمار، وفتح أسواقها أمام منتجات الدول النامية، وتسهيل إجراءات حركة التجارة وانسياب السلع.

وختاما، أتوجه مرة أخرى بخالص الشكر والتقدير لصاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر، وللحكومة والشعب القطري الشقيق على حسن الضيافة وحفاوة الاستقبال ودقة التنظيم، ولجميع الدول المشاركة في المؤتمر.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.