جلالة الملك عبدالله الثاني في مقابلة مع طالبات من جامعتي الأردنية واليرموك
تناولت مقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني مع طالبات من جامعتي الأردنية واليرموك، بعضا من الجوانب الشخصية لجلالته وأسرته.
وتحدث جلالة الملك، في المقابلة التي بثت اليوم الأربعاء على صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بالجامعتين، عن مشاعره تجاه لحظات وأحداث مهمة في حياته، وما الذي يفرح جلالته ويغضبه، وما يحب من الصفات وما يكره.
وتحدث جلالة الملك عن حياته خلال عشرين عاما منذ تسلمه سلطاته الدستورية، كما وصف جلالته المشاعر الأبوية عند ولادة نجله سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد.
وكشف جلالته عن هواياته وحبه للرياضة وتحديدا ألعاب القوى والمصارعة الرومانية، وما حال دون مشاركته بالأولمبياد.
الأردنيون هم عائلتي الكبيرة، هكذا وصف جلالته علاقته بأبناء وبنات الوطن، وأن الأردن أجمل مكان في العالم.
وفيما يلي النص الكامل للمقابلة، التي أجرتها الطالبات أروى السرحان، ولمى الحموري من كلية الإعلام في جامعة اليرموك، وأسيل الرواشدة من كلية الحقوق بالجامعة الأردنية:
الطالبة أروى السرحان: بداية.. جلالتك، كيف كانت ردة فعلك عندما أخبرك جلالة الملك الحسين، رحمه الله، باختيارك وليا للعهد؟
جلالة الملك: طلبني الملك الحسين، رحمه الله، للحضور إلى البيت وأخبرني شخصيا أنه يريد تعييني وليا للعهد.. مشاعري كانت مزيجا من المفاجأة والشعور بالمسؤولية والحزن، غير شعوري كابن شعر أنه سيفقد الأب القائد والحامي.. لا يوجد أصعب من إحساس الابن أنه سيفقد أبيه، والحسين لم يكن إنسانا عاديا.
الطالبة أروى السرحان: في عام 2005 حصلت تفجيرات عمان، وهي أول أزمة داخلية واجهها الأردن (في عهد جلالة الملك)، كيف كان شعورك عندما تلقيت هذا الخبر المؤسف؟
جلالة الملك: لا يمكن أن أنسى هذا اليوم، هذا اليوم محفور في وجداني، كانت مشاعري مزيجا من الحزن والغضب، وأن هناك تهديدا كبيرا للوطن، ويجب أن نتكاتف ونكون مستعدين لمواجهة التهديد والتحديات الجديدة.
الطالبة أسيل الرواشدة: إذا أردنا أن ننظر لآخر عشرين عاما ككل، ما هو أكثر موقف أزعجك وأغضبك؟
جلالة الملك: أغضبني جدا استشهاد البطل معاذ الكساسبة، رحمه الله، والذي زاد من غضبي أن بعضا من الناس استغلوا هذا الموضوع للمزايدة على موقف الأردن، هؤلاء لا يعرفون الجهود الكبيرة التي قمنا بها لإنقاذ الشهيد.. لا يعرفون أننا نحن العسكر لا يمكن أن نتخلى عن زميلنا أو رفاقنا، وأننا نحن العسكر في أصعب الظروف نعرف كيف نحمي بعضنا وندافع عن بعضنا مهما كان الثمن.
الطالبة أسيل الرواشدة: لكي تكتمل لدينا الصورة عن أي موضوع يجب أن نسأل عنه ونسأل عن عكسه، فسألنا ما الذي يغضب الملك، واسمح لي أن أسأل ما الذي يفرحك ويمنحك الطاقة حتى تستمر بمهامك اليومية؟
جلالة الملك: الأردنيون.. ولا يوجد أجمل من هذا الشعور عندما تكون بين الناس وتراهم على طبيعتهم وصدق مشاعرهم، والشباب بالذات هم مصدر طاقتي وعطائي، وما دام حماس الشباب موجود نحن كلنا بخير.
الطالبة لمى الحموري: أريد أن أنتقل بك لمرحلة عفوية خفيفة كانت في حياة كل إنسان فينا.. مرحلة الطفولة، كم فيها شقاوة وأحلام وأمنيات، نحب أن نحققها، ما الذي كنت تحب عمله وأنت صغير ولم تستطع عمله؟
جلالة الملك: كنت أحب الرياضة كثيرا عندما كنت صغيرا. كنت كابتن فريق المدرسة في ألعاب القوى وسباق الـ 100 متر، وحصلت على المركز الأول في المصارعة الرومانية على مستوى 13 ولاية أمريكية، وكنت أحب أن أمثل الأردن في الأولمبياد، لكن في آخر سنة وقع معي حادث سيارة وأنا لم أكن السائق، وتعرضت لإصابة في الظهر، ولهذا آخر سنة حصلت على المركز الثاني في المصارعة، ومنعتني الإصابة من الاستمرار في هذه الرياضة.
الطالبة لمى الحموري: ألف سلامة عليك، أنا أيضا أريد أن أسألك، دائما في الخطابات تقول لنا أبناء وبنات الأردن، عندما تخاطب شباب وشابات هذا الوطن، تقول أبنائي وبناتي، أنا أريد أن أذهب للمشاعر الأبوية، ما هو شعورك عندما رأيت الأمير الحسين لأول مرة؟
جلالة الملك: شعور جميل وصعب وصفه، ولكن لا شك أنها كانت نقطة تحول بالنسبة لي، ومنذ تلك اللحظة أحسست أن مسؤوليتي كبرت وأصبحت مسؤولا عن أسرة، ومن أجمل اللحظات كانت عندما حضن الوالد، رحمه الله، ابني الحسين لأول مرة.
كانت هناك علاقة متميزة بين جلالة الملك الحسين وجده جلالة الملك عبدالله وكانا قريبين كثيرا، وأنا كنت أعلم أن والدي كان يريد نفس العلاقة بينه وبين حفيده.. أحيانا الوالد كان يأتي إلى البيت بالمساء، ويقول لي ابنك موجود، فأجيبه أنه ليس موجودا، ليقول لي طيب مع السلامة.. أنا جئت لأرى حسين. ما زلت أشعر بعيون ابني الحسين عندما نتحدث عن جده.
الطالبة أسيل الرواشدة: تصادف هذا العام الذكرى العشرون لتوليكم سلطاتكم الدستورية، أول شيء نقدم لكم التهنئة، واسمح لي أن أسأل كيف عشت هذه السنوات؟
جلالة الملك: عشت هذه السنوات لحظة بلحظة، الناس يفكرون أنه عندما تكون ملكا يعني كل شيء تريده يمكن أن تحصل عليه.. أتمنى أن يكون هذا هو الواقع ولكن الموضوع أصعب من ذلك بكثير.. المسؤوليات كبيرة وآثارها واضحة.. كثر الشيب.
الطالبة أروى السرحان: جلالتك نحن الأردنيون نشعر بالأمان بوجود العائلة الهاشمية، ماذا يعني لك هذا؟
جلالة الملك: بالتأكيد يزيد الشعور بالمسؤولية، وليست مسؤولية عادية أن تكون مسؤولا عن بلد بأكمله وأبنائه وبناته ومستقبلهم أمانة في عنقك.
الطالبة لمى الحموري: ماذا يعني لك الأردن؟
جلالة الملك: الأردن بالنسبة لي هو الوطن.. ولدت وتربيت فيه. والأردنيون هم إخواني وأخواتي، وأبنائي وبناتي، هم عائلتي الكبيرة، والأردن هو أجمل مكان في العالم بنظري، وأسعى دوما أن أرى الأردنيين مرتاحين وحياتهم أفضل.
الطالبة أروى السرحان: نحب أن نعرف ما هي الأماكن التي تحبها بالأردن، وتحب أن تزورها باستمرار؟
جلالة الملك: من خلال خدمتي في الجيش زرت كل منطقة في الأردن، من شمالها لجنوبها ومن شرقها لغربها، كل منطقة لها خصوصية. لدينا مناطق من أجمل المناطق في العالم، لكن البعض لا يعرفونها، ومن أول الأشياء التي كانت على جدول أعمالي عندما استلمت المسؤولية الأولى، الترويج للأردن حتى العالم كله يرى ماذا لدينا، ولذلك شاركت في عام 2002 بالبرنامج الوثائقي على قناة ديسكفري، وكان أيامها من الغريب أن يشارك رئيس دولة في برنامج كهذا، لكن أنا شخصيا كنت مصرا على المشاركة فيه، وقمنا بزيارة أهم المناطق السياحية مثل العقبة والبترا ووادي رم والموجب.
الطالبة أسيل الرواشدة: يمكن القول إن أحسن طريقة نتعرف فيها على إنسان نسأله ماذا يعمل في وقت فراغه، لا أتخيل إن لديكم الكثير من رفاهية وقت الفراغ، لكن مع هذا نسمع أن لديكم الكثير من الهوايات التي تحبون أن تمارسوها، هل تحدثنا عن هواياتكم المفضلة ومتى يسمح وقتكم لكي تمارسوها؟
جلالة الملك: عندي هوايات كثيرة لكن لا يوجد عندي الوقت لأمارسها في هذه الأيام.. مثل ركوب الدراجة والقفز بالمظلة، والغطس، ومن المهم عندي تطوير هذه الرياضة في العقبة لأن العقبة من أجمل المناطق في العالم.
الطالبة لمى الحموري: ما هي أكثر صفة تزعجك بالأشخاص وأكثر صفة تحبها؟
جلالة الملك: أكثر صفة أحبها الصدق... أن تكون صادقا مهما كلفك الأمر، ليس فقط مع الآخرين، بل مع نفسك.
سمعة الأردنيين في الخارج ترفع الرأس وسمعة الأردن أكبر من حجمه، لأن الأردنيين صادقون أينما كانوا، ويزعجني الكذب والنفاق وأعتبرهما جبنا وهذه صفات لا أتحملها.
الطالبة أروى السرحان: بعض الناس، ونحن منهم، لا نتخيل أبدا أن الملك إنسان عادي يعني يعيش حياة مثلنا، هل سبق وأن أخبرك أحد بذلك؟
جلالة الملك: هذه الأسئلة أسمعها كثيرا، وبالذات من الأطفال، يعتقدون أن حياتي كملك تختلف عن حياة الناس، براءة الأطفال جميلة جدا فهم يقولون ما في قلوبهم دون فلترة، وكثيرا ما يسألون أسئلة من هذا النوع، على سبيل المثال: ماذا تأكل أو ماذا تشرب... وأضحك وأقول لهم مثلكم.
وأكثر أكلة أحبها هي قلاية البندورة، والعسكر الذين خدموا معي في الدروع يعرفون أنه لا يوجد أفضل من قلاية البندورة ونحن جالسون على الأرض بجانب الدبابة.. وأنا بطبيعتي أحب البساطة.
الطالبة لمى الحموري: أكيد حياتك اختلفت بعدما أصبحت ملكا؟ ما الأشياء التي تشتاق أن تفعلها بعدما أصبحت في هذا الموقع؟ وما هي الأشياء التي تغيرت فعليا؟
جلالة الملك: كنت أتحرك متى شئت وكيفما أردت، كنت ألتقي أصدقائي أكثر، وكانت همومي ومسؤولياتي أقل، يعني همي كان على قدي، أما الآن صار همي بلدي وشعبي، سابقا كنت أمارس حياتي الطبيعية مثل أي مواطن أو رب أسرة صغيرة.
الطالبة أسيل الرواشدة: أنت من الجيل الذي عاصر الأردن منذ الستينيات إلى اليوم، بالتأكيد الأردن بهذه الفترة الطويلة نسبيا تغير. لكن من وجهة نظرك إلى أي مدى ترى أن الأردن تغير وفعليا ماذا تغير في الأردن؟
جلالة الملك: التطور السريع الذي حدث بالعالم، الحمد لله، واكبه الأردن بجميع المجالات، كمثال واحد كان لدينا في الستينيات جامعة واحدة، والآن، الحمد لله، لدينا أكثر من 20 جامعة ومن حق كل أردني وأردنية أن يفتخر بالإنجازات العظيمة التي حققها الأردنيون في الخمسين عاما الماضية.
الطالبة أسيل الرواشدة: تحدثنا كثيرا عن الماضي، اسمح لنا أن ننظر إلى الأمام، كيف ترى مستقبل الأردن؟
جلالة الملك: الأردن بلد صغير بحجمه، ولكن كبير بتأثيره، الأردن والحمد لله على الساحتين الإقليمية والدولية يحظى باحترام كبير، وهو شريك أساسي في مختلف شؤون الإقليم، وكثيرا ما مر الأردن بظروف صعبة، وكان يخرج منها دائما أقوى. وما يميز الأردن والأردنيين أن معدنهم الحقيقي يظهر في أصعب الظروف، وتجد الجميع متكاتفين مع بعضهم البعض وهذه ميزة الأردن والأردنيين.