جلالة الملك: تضحيات جيشنا العربي أوسمة فخر واعتزاز على صدور الجميع

19 آذار 2008

قال جلالة الملك عبدﷲ الثاني في الذكرى الأربعين لمعركة الكرامة انه من الوفاء والاعتزاز بتاريخنا أن "نقف اليوم إجلالا واحتراما" لشهدائنا في معركة الكرامة، وسائر المعارك التي دافع فيها جيشنا العربي عن الأرض والكرامة العربية في فلسطين وفي أي مكان بالوطن العربي الكبير.

وأكد جلالته خلال احتفال القوات المسلحة بهذه المناسبة أن تضحيات جيشنا العربي ومعاركه التي أعادوا فيها للأمة كرامتها وثقتها بنفسها هي أوسمة فخر واعتزاز على صدر كل مواطن أردني " لأنها تاريخنا وهويتنا التي لا يمكن أن ننساها ولا نقبل المساومة عليها أو إنكارها أو الانتقاص منها، من أي جهة كانت".

وقال جلالته ان الدرس التاريخي المستفاد من هذه المعركة، والذي يجب أن يفهمه العالم، وأطراف الصراع في القضية الفلسطينية هو أن الحل يكمن بإعادة الحقوق إلى أصحابها، والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني، بإقامة دولته المستقلة على أرضه، باعتباره طريق الخلاص من الحروب وآثارها المدمرة، التي عانت منها شعوب المنطقة منذ أكثر من ستين عاما.

ويشكل يوم الكرامة، التي وقعت في الحادي والعشرين من آذار عام 1968، أول نصر مبين يحققه جيشنا المصطفوي للعرب عبر الصراع العربي ـ الإسرائيلي الطويل ليثبت أن النصر العسكري العربي على إسرائيل ليس مستحيلاً وإنما هو مؤكد .

وأعاد جلالة الملك التذكير بان كل مرحله من مسيرة الوطن، لها تحدياتها وأخطارها مشددا على ضرورة ان نكون دائما على استعداد، لمواجهة هذه التحديات، والتصدي لأي خطر، يمكن أن يهدد أمننا أو استقرارنا" مؤكدا جلالته أن المسؤولية ليست "مسؤولية القوات المسلحة والأجهزة الأمنية وحسب، وإنما مسؤولية كل مواطن ومواطنة في هذا البلد، كل واحد من موقعه، وحسب دوره ومسؤولياته"

نص الخطاب

ولدى وصول جلالة الملك موقع الإحتفال أطلقت المدفعية21 طلقة تحية لجلالته ثم حيته ثلة من حرس الشرف واستعرض جلالته اعلام الوحدات والتشكيلات التي شاركت في المعركة وقرأ الفاتحة على أرواح الشهداء ووضع أكليلا من الزهور على الصرح التذكاري لشهداء معركة الكرامة الذي توشحت ساحته بصور وأسماء شهداء المعركة الخالدة , وعزف الصداحون لحن الرجوع الأخير.

وحضر الإحتفال عدد من أصحاب السمو الأمراء والسادة الأشراف ورئيس الوزراء ورئيسا مجلسي الأعيان والنواب ورئيس المجلس القضائي ورئيس الديوان الملكي الهاشمي ومستشارو جلالة الملك وكبار المسؤولين المدنيين والعسكريين.

وقال رئيس هيئة الأركان المشتركة الفريق أول الركن خالد جميل الصرايرة ان قواتكم المسلحة تحتفل بالذكرى الأربعين لمعركة الكرامة التي خاضها رجال الجيش العربي دفاعا عن هذا الحمى العربي الهاشمي في الحادي والعشرين من آذار عام 1968والذي كان يوما ماجدا من أيام الأردن الخالدات وسيبقى أبد الدهر موضع الفخر والاعتزاز ومثار التقدير والإعجاب , يوم ضحى النشامى بأرواحهم ودمائهم الزكية، دفاعا عن هذا الثرى الطهور، وضربوا أروع الأمثلة في الشجاعة والبطولة والتضحية، فكانوا كما وصفهم الحسين طيب ﷲ ثراه/أمثولة في العزم والإيمان/وقمة في التصميم والثبات ومثلا في قدسية الدفاع عن الوطن.

وأضاف ان معركة الكرامة التي قادها جلالة المغفور له الملك الحسين شكلت انعطافا حيا ومفصلا عسكريا وسياسيا في تاريخ الأردن والتاريخ العسكري العربي الحديث وأثبتت أن التفوق ينبع من الإيمان والإرادة والتصميم وأن الجندي الأردني قادرٌ تحت كل الظروف على حماية الوطن وتحقيق الانتصار وقد ترجمت صور البطولات الفردية والجماعية في ربى الغور وجنبات الكرامة هذا الانتصار الأردني في يوم معركة الكرامة.

وأكد الصرايرة ان معركة الكرامة اعطت للعسكرية العربية فيضا من الإيمان والثقة بنفسها وبجنديتها، مثلما كانت الكرامة ترجمة للإيمان العميق بالقيادة، وصورة من التلاحم الرائع بين الجيش والشعب/فجاء النصر مؤزرا صنعه أبطال الجيش العربي من كل الصنوف بأحرف جللت التاريخ العسكري الأردني بأكاليل من الاعتزاز والفخار،ولم يغب أبناء الشهداء عن ذهنكم لحظة، فكانوا في ضمير ووجدان جلالتكم على الدوام رعاية وعطفا وتوجيها لتوفير كافة متطلبات الحياة والعيش الكريم لهم مثلما حاز المتقاعدون على جانب كبير من اهتمامكم ورعايتكم فكنتم الأخ والمعين لهم في تذليل كافة صعوبات الحياة.

وقال"لقد حظيت القوات المسلحة الأردنية برعاية سامية من لدن جلالتكم ودأبتم على تطويرها وتحديثها إعدادا وتدريبا وتسليحا حتى غدت قوة عصرية تضاهي بقدراتها وإمكاناتها وتميز واحتراف منتسبيها من أفضل الجيوش في المنطقة/وفي العالم كما تحقق حلم الجندية على يدي جلالتكم من خلال مكارمكم الهاشمية التي طالت جميع أبناء الوطن وعمت أرجاءه وغمرت أبناءكم وإخوانكم في جيشكم العربي فتحسن الدخل وتوافر السكن المريح واطمأن الحال وأصبحت معنويات جيشكم تحاكي عنان السماء.

ومضى قائلا " وعلى طريق البناء والتحديث فقد فتحتم جلالتكم الآفاق رحبة لإبداعات القوات المسلحة في مجال إيجاد قاعدة صناعية دفاعية من خلال مركز الملك عبدﷲ الثاني للتصميم والتطوير بهدف تلبية متطلبات القوات المسلحة الدفاعية وقد تطور هذا المركز بدعم وتوجيه جلالتكم حتى أصبح ينافس كبريات الشركات في مجال إنتاج الصناعات الدفاعية المختلفة.

وقال"نيابة عن كافة العسكريين العاملين والمتقاعدين في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية اسمحوا لي أن أعبر لجلالتكم عن خالص الشكر والتقدير والاعتزاز بمكارمكم السخية المتوالية التي منحتموها لجندكم الأوفياء حيث تم تخصيص(3%)من أسهم وحصص الحكومة في الشركات لمنتسبي القوات المسلحة والأجهزة الأمنية عاملين ومتقاعدين كما قامت الحكومة مشكورة بتنفيذ توجيهات جلالتكم في هذا المجال فخصصت 5ر7 مليون سهم من حصتها في شركات الاتصالات الأردنية وما يزيد على مليونين ونصف من أسهمها في شركة الملكية الأردنية ومليونين وربع من أسهمها في شركة الفوسفات الأردنية".

وأشار إلى انه تم تسجيل هذه الأسهم باسم صندوق المشاريع الاستثمارية ليتم استثمارها في المجالات التي تعود بالنفع والفائدة وتنعكس إيجابيا على الأوضاع المعيشية لمنتسبي ومتقاعدي القوات المسلحة والأجهزة الأمنية الذين يعتزون على الدوام بقيادتكم الهاشمية الفذة وسنقوم يا سيدي باتخاذ كافة السبل الكفيلة لتحقيق هدفكم الأسمى من هذه المكارم.

وقال الصرايرة"من هذا المكان العابق بشذى النصر وعبق الشهادة نعدكم يا مولاي بأن أيدينا القابضة على الزناد دفاعا عن ثرى الوطن الطهور تحمي حدوده وتحفظ أمنه واستقراره ستكون قادرة وبتوجيهاتكم على تحقيق أرفع مستويات التنمية الوطنية الشاملة وسيبقى الأردن بقيادتكم الحكيمة ينبوع الفخار وفيض الاعتزاز فنحن على العهد الذي أقسمنا عليه في ميادين الشرف والبطولة أن نبقى المخلصين وفاء وولاء وانتماء وحمى ﷲ الأردن عزيزا في ظل قيادتكم الهاشمية".

وقال اللواء الركن المتقاعد جميل الشمايلة احد فرسان معركة الكرامة الخالدة في كلمة له"يشرفني أن أتحدث في مثل هذا اليوم الأردني العزيز وفي الذكرى الاربعين لمعركة الكرامة نقف إجلالاً وعرفاناً لقائدها الحسين رحمه ﷲ وشهدائها وأبطالها الذين أعادوا للأمة كرامتها ومجدها بعد أن لفها السكون في أعقاب حزيران وانتشى المجد من جديد وارتفعت معنويات الجند ليس فقط في الأردن وإنما في كافة الجيوش العربية".

واضاف"اننا نقف إجلالاً للجيش الذي سار بخطى ثابتة نحو التطوير والتحديث وبناء قدراته الذاتية في ظل رعاية واهتمام قائده ورائد مسيرته جلالة الملك عبدﷲ الثاني الذي حمل رسالة الآباء والأجداد يدافع عنها بكل شجاعة وفروسية ليبقى الأردن على عهده وبيعته لأمته وتميزه مهداً للرسالات وأرضاً للحضارات وعنواناً للفخر والإنسانية والتسامح وموئلاً لأحرار العرب".

وقال"اليوم وبعد مرور أربعين عاماً على معركة الكرامة التي غيرت مجرى التاريخ وأعادت للأمة كرامتها وعزتها وعنفوانها نقف على روابيها حيث ترفرف في سمائها أرواح الشهداء ونتطلع لرايات التشكيلات والكتائب التي خاضت غمارها وتنتشي أنفسنا فرحاً بإنجازات الوطن وتطور القوات المسلحة في شتى المجالات وتوسع أدوارها ومساهماتها على المستوى المحلي والإقليمي والدولي وهاهي اليوم تجعل من نصر الكرامة فرحاً لا ينتهي وعملاً متواصلاً وإنجازاً لا يحده زمان أو مكان.

وقال"سيبقى الأردن في ظل قيادتكم الهاشمية الملهمة القوة والمناعة والنصر والصبر والإرادة التي لا تعرف المستحيل فلكم يا قائد الجيش وصوت الحق الدعاء الخالص لله أن يحفظكم بعين رعايته وتوفيقه وأن يبارك لك وللوطن وللجيش العربي هذه المناسبة الوطنية الخالدة".

وعرض خلال الحفل فيلم يصور مجريات المعركة واستبسال رجال الجيش العربي في الدفاع عن الأرض والحمى وعن الكرامة بروح قتالية عالية لتحقيق النصر أو نيل الشهادة مثلما عرض الفيلم صورا لحجم الخسائر البشرية والمادية التي مني بها العدو.

وقدمت مجموعة من طلبة مدراس الثقافة العسكرية وبمشاركة عدد من الفنانين الاردنيين مغناة وطنية بعنوان فرسان الكرامة.

وبهذه المناسبة الوطنية العزيزة القى الشاعر حيدر محمود قصيدة بعنوان ما بين بدر وحطين الى كرامة الهاشميين.

وتاليا نص القصيده:

الدَّمُ الأردنيُّ غـــالٍ، ولكـــنْ هو للنَّهْرِ دائماً مَنْـــــذورُ
كُلَّما شَحَّت الميــــاه سكبنــاهُ عزيزاً حتّى تفوحَ البُخـــورُ
ويفوحَ العبيرُ من شهــــداءِ الْـ جيشِ والأَرضُ بالزُّهورِ تَفورُ
مِنْ هُنا تبدأُ الطَريــــقُ إلى ﷲِ وإنّا على الطّريــقِ نَسيــرُ
مُنْذُ كُنّا وكانَ لم نُخْلِفِ الوعْـــدَ ولا غابَ عن مَداهُ الحُضــورُ
تَوْأَمَ ﷲُ بينَنا... فَهْـــوَ نَهْــرٌ وحِمَىً ضِفَّتاهُ نارٌ ونُــــورُ
وفقيرٌ حَدَّ الخَصاصـــةِ لكــنْ بكراماتِ أهلِـهِ مبــــرورُ
وَهْوَ دوماً مباركٌ وأميـــــنٌ آمِنٌ .. والعسيرُ فيه يسيـــرُ
(2)
الدَّمُ الأردنيُّ غـــالٍ، وأَغلــى مِنْهُ هذا التُّرابُ إذْ يَسْتجيـــرُ
قالَها الخالدُ الحسيــنُ، فَهَبَّـــتْ لِتُلبّي "أبا النُّسورِ" النُّســـورُ
ولقد كانـت الكرامـةُ دَرْســـاً سوفَ تَرويهِ للعُصورِ العُصورُ
أنَّ "بَدْراً" أُخرى على هـذه الأرضِ استُعِيدتْ، بل استُعيدتْ "بُـدورُ"
واستُعيدتْ "حطينُ" كانَ صلاحُ الدّينِ فيها على النّشامى يَـــدورُ
ورحابُ الأَقصى تُزغْرِدُ للجُنْـــدِ ويعلو التَّهليـلُ، والتكبيـــرُ
(3)
أُيُّها الجيشُ، يَسْلَمُ الكَفُّ والسَّيْــفُ وَوَقْفٌ على هواكَ السُّطـــورُ
وستبقى يا جيشَنا قُرَّةَ العَيْــــنِ وبين الجُيوشِ أنتَ الأميـــرُ!
وعلى القائد المُفدى ســـــلامٌ من "ثُغورٍ" تغارُ منها الثُّغــورُ
وعُيونٍ لم تعرف النومَ يومـــاً وقُلوبٍ فيها اسمُهُ محفــــورُ
يَسْلَمُ الفارسُ الشُّجاعُ، وعاش الـْ نََهْرُ حُرّاً تفديه منّا النُّحـــورُ