العيد السادس لجلوس جلالة الملك عبد ﷲ الثاني على العرش

08 حزيران 2005

تحتفل المملكة الأردنية الهاشمية، يوم غد، بمناسبة غالية، يستذكر فيه الأردنيون كل عام مسيرة الإنجاز والتطور والتقدم والبناء.. فعيد الجلوس السادس لجلالة الملك عبدﷲ الثاني على العرش هو يوم يحتفي به الأردنيون، وهم يلمسون التغيير نحو الأفضل والسير باتجاه الأمام لتحقيق المستقبل الواعد.

في التاسع من حزيران من عام 1999م كان الاحتفال البهيج بجلوس جلالة الملك عبدﷲ الثاني على العرش، بعد أن انتقلت الراية إليه بعد حقبة حافلة رعاها الباني جلالة الملك الحسين طيب ﷲ ثراه وهو يبني مؤسسات الوطن فنستذكر عيد جلوس الحسين طيب ﷲ ثراه على العرش في الحادي عشر من آب 1952م، ونمضي مع التاريخ نراجع رحلة البناء الوطني، مثلما نستذكر جلوس الملك طلال الأول على العرش في السادس من أيلول 1951م فتكون مرحلة إصدار دستور الدولة الأردنية، الذي يحقق العدالة ويؤكد على حقوق الإنسان، ويكفل الحريات السياسية ويفصل بين السلطات بعلمية وموضوعية، فهو دستور محكم يُعد من أرقى الدساتير العالمية، ونعود إلى مرحلة التأسيس حين وصل جلالة الملك المؤسس عبدﷲ الأول إلى عمان في 2 آذار 1921م، ثم عام الاستقلال الأول للدولة في 25 أيار 1923م، وبعدها يرتقي في الدولة ويتقدم بها حتى يكون الاستقلال التام وتكون البيعة بالملك في 25 أيار 1946م.

من عهد إلى عهد... يستمر العهد، وينفذ القسم حقاً صادقاً بليغاً منذ قسم الثورة العربية الكبرى عام 1916م، الذي يقول "نقسم بﷲ العظيم أن نسير حيث تسير،" ومع كل جلوس على العرش يتجدد القسم، ونقسم أن نسير حيث تسير قيادتنا الهاشمية، فهي الثقة التي تنطلق من عمق الشخصية الأردنية، وتؤمن بالعهد المسؤول وتتقدم مع العرش في الخدمة الناجزة، وتحقيق الرؤى الوطنية وإنجاز الطموح والوصول إلى الأفضل.

ابتدأ جلالة الملك عبدﷲ الثاني المعظم عهده بالقسم يوم السابع من شباط من عام 1999م، معاهداً الوطن اخلاصاً ، والدستور حفاظا عليه، قسم كل أردني للإخلاص للأمة والملك والحفاظ على الدستور، والتقدم نحو الإنجاز ويبدأ جلالته من يومه مرحلة جديدة هي ثورة شاملة في أسلوب العمل والإدارة، وكيفية إشراك جميع شرائح المجتمع في التنمية، فكانت مبادرات جلالته التي لا تتوقف وهي تدعو الجميع للإبداع الخلاق والتفوق على الذات في سبيل تحسين نوعية الحياة، مع الإدراك بأن مسيرة التقدم في العالم لا تتوقف، ولا تنتظر أحدا، وأنه علينا أن نواكب العصر لتدخل مرحلة الدولة العصرية العالمية ذات الفكر المفتوح، والوسطية والاعتدال، ولديها قيم العلم في الاستفادة من التغيير الذي أضحى إرادة واقعية، فكان النجاح بترسيخ إرادة التغيير، لتصبح إرادة التغيير فعلاً وطنياً أردنيا في كل مجالات التنمية.

نحتفل بالعيد السادس لجلوس جلالة الملك عبدﷲ الثاني على العرش، ونضيء شمعة في كل عام تضيء الدرب وتظهر حجم الانجاز، ومساحة المشاريع المتحققة، والنمو الملموس في المجالات المختلفة، فكان عهد جلالته انجازاً فوق انجاز، وبناء فوق بناء واستمراراً لمسيرة الاعمار التي ارسى قواعدها الهاشميون القادة الافذاذ في وطن الخير والمحبة.

وجلالة الملك عبدﷲ الثاني رأى أن المرحلة الجديدة تطلب الخروج الى العالم والانفتاح عليه، والتعريف بالاردن ، والعمل تحت ضوء الشمس ونحن نحافظ على الثوابت والقيم الراسخة في مجتمع اردن عربي اسلامي هويته واضحة عميقة العروبة، فيتوجه اهتمام جلالته الى الانسان الاردني اولاً... في وطن الاردن اولاً فكان الاستثمار في الانسان تدريباً وتعليماً وتأهيلاً محور كل خطط التنمية، ويدعو جلالته الى الاستثمار في الموارد البشرية وتأهيل الانسان الاردني لانه اساس نجاح الاستثمار بمجمله، وبوعيه وانتاجيته تنجح المشاريع الاقتصادية، ويتقدم التعليم ، وتتطور السياحة وتنهض الزراعة ويتحقق النمو على كل صعيد.

وينطلق جلالته في الاهتمام بالإنسان الأردني بتوجيه العناية لفئة الشباب الذين يشكلون اكثر من 60 بالمائة من سكان الأردن الذين يصل تعدادهم اليوم إلى حوالي (5 ر5 مليون) نسمة فلا يكاد يخلو خطاب أو حديث لجلالته إلا ويتناول الشباب ويؤكد على أهمية دورهم في البناء وتقدم المجتمع، ويحرص جلالته على المشاركة في مؤتمراتهم وملتقياتهم فيتبادل الحديث معهم، ويصل إلى أماكنهم في المدرسة والجامعة، ويفسح المجال أمامهم للمشاركة في لقاءات عالمية، يرافقون جلالته فيها، وقد شهد الملتقى الاقتصادي الثالث في البحر الميت هذا العام حضوراً مميزاً للشباب الأردني فيه. وجلالته يقول.. "لا بد من التركيز على عنصر الشباب ورعايتهم وتفعيل دورهم، ومشاركتهم في عملية التنمية واحداث التغيير وبناء المستقبل ضمن رؤية شاملة واضحة وعمل بروح الفريق الواحد المنتمي المؤمن برسالته برؤية وقدرته على تحقيق الانجازات."

ويفخر الاردن بمؤسساته الشبابية التي تنمو كل يوم وتوسع من قاعدة شموليتها لكل الشباب لتتناسب مع تطبيق الخطط والاستراتيجيات الشبابية التي تستهدف دمجهم في التنمية المستدامة.. فجلالته يقول: "نحن نفكر في المستقبل ونفكر بجيل الشباب وكيفية تحقيق امالهم ونسعى الى تذليل الصعاب أمامهم وتوفير التعليم الجيد لهم، لاننا نرى أن هذا الأمر سيساهم في الحد من الفقر والبطالة وسيساعد على رفد وتعزيز مبادراتنا لتطوير الأردن والارتقاء بمستوى معيشة شعبنا."

وتشهد الساحة الشبابية حراكا قويا، من مؤتمر الى ملتقى ، إلى معسكر إلى تجمع فإلى برلمان شبابي، وبرامج إعلامية شبابية فاعلة، ولهم صفحات خاصة في الصحافة ومساحات جيدة في الإعلام المرئي. وتنتشر المؤسسات الشبابية التي بلغت 272 نادياً في عام 2006 و72 مركز شباب وشابات عدا عن البدء بتنفيذ بناء مراكز الشباب النموذجيه لتتوزع في كل محافظات المملكة، مع الاهتمام بالمدن الرياضية المتكاملة التي يحقق الشباب فيها ذاتهم ويصلون الى طموحاتهم.

والشباب هم أيضا عماد العملية التربوية، فكلاهما تعني بفئة عمرية حرجة فتأتي توجيهات جلالته باستمرار للنهوض بالتربية والتعليم فاطلق جلالته مبادرة تطوير التعليم عن طريق رفع قدرات النظام التربوي، لتأهيل الأردن ليكون أحد المصادر العالمية في توفير الخبرات المتعلقة بالنظام الإلكتروني واقتصاد المعرفة، فاصبح الأردن يملك المعاهد التي تؤهل المدربين لاعداد المتدربين في مجال التعليم التكنولوجي وتشير إحصائيات منظمة اليونسكو الى ان ترتيب الأردن 18 من بين 94 دولة في مستوى التعليم.

ويهتم الأردن بتعميم التعليم الإلكتروني فقد اتم مشروع حوسبة التعليم إدخال 1800 مدرسة ضمن هذا المشروع إضافة لاكمال بناء شبكة الألياف الضوئية بهدف اعتماد تكنولوجيا المعلومات لتشمل المدارس والجامعات وكليات المجتمع وبمشاركة القطاع الخاص.. ولا تخلو جامعة اردنية من كليات تكنولوجيا المعلومات او من مساقات متخصصة، فاصبحت هذه المعرفة مدخلاً اساسياً لكل انواع العلوم.

ويفخر الاردن بأنه يمتاز بمجتمع الشباب، فهناك حوالي 000ر400ر1 على مقاعد الدراسة وهذا ما يشكل حوالي 25 بالمائة من سكان المملكة، ويتوزع منهم حوالي 100 الف طالب في الجامعات الأردنية الحكومية الخاصة التي تجد اهتماماً خاصاً بمستوى التعليم فيها، فاكتسبت سمعة طيبة جعلتها قبلة الطلبة الدارسين من مختلف الدول العربية والصديقة.

وكان جلالة الملك عبدﷲ الثاني قد افتتح شبكة الأبحاث والتعليم الجامعي التي تربط ثماني جامعات رسمية وستوفر هذه الشبكة ربط حوالي 5ر1 مليون طالب خلال السنوات حتى عام 2007م.

وفي مجال التعليم فان المبادرات الملكية وصلت الى الاهتمام بتوفير التعليم ومساعدة الطلبة من خلال صندوق الملك عبدﷲ للتميز، والذي له فروع مختلفة في مختلف الجامعات، وأساس فكرة الصندوق، هي أن التعليم حق للجميع ويجب أن لا تحول الأحوال المادية لبعض الطلبة دون الاستفادة من فرص التعليم ودون الكشف عن قدراتهم.

وللأردن جهود مميزة في مكافحة الأمية، فتنتشر مراكز تعليم الكبار، والاهتمام بهذه الشريحة من المجتمع، ولعل نسبة الأمية في الأردن هي اقل النسب في المنطقة وحتى دولياً.

والصحة في الأردن هي عنوان رئيسي وتحظى باهتمام بالغ من لدن جلالة الملك، حيث يشهد القطاع الصحي زيادة في عدد المستشفيات التي وصلت إلى 97 مستشفى عدا عن عدد من المستشفيات المزمع إنشاؤها خاصة مستشفى العقبة العسكري الكبير الذي سينشأ قريباً ويتوزع 270 مركزا صحيا شاملا في المملكة، وفي مجال الرعاية الصحية فان اكثر من 80 بالمائة من سكان المملكة يتمتعون بالتأمين الشامل، عدا عن شمول الأطفال دون 6 سنوات بالتأمين كحق من حقوق الطفولة، ويمتاز الطفل في الأردن بعناية خاصة كفلتها التشريعات.. وتعددت الجمعيات والهيئات التي تعني بالطفل وحقوقه.

ويشهد الاردن تطوراً وتقدماً في مجال الرعاية العلاجية، فتتعدد المستشفيات المتخصصة في امراض وجراحة القلب والعيون وكذلك السرطان، ويحظى الاردن بسمعة مميزة في المنطقة العربية، ويفد عشرات الألوف من اجل العلاج سنوياً، ويتوقع أن يصل دخل الاردن من السياحة العلاجية الى اكثر من 500 مليون دينار عام 2005.

ويولي جلالة الملك عبدﷲ الثاني المعظم التنمية الشاملة اهتماماً يظهر في اطلاق المبادرات لتفعيل العمل، ومراقبة الأداء من خلال الزيارات المبرمجة وغير المبرمجة للوقوف على حقيقة العمل والمتابعة المسؤولة مع كل الإدارات والمسؤولين فانتهج جلالته أسلوب اللقاء والحوار المباشر والاستماع للجميع من كل الفئات، وقد عبر جلالته عن ذلك في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة الثانية للبرلمان الرابع عشر حين قال جلالته: "وها أنا أضع امامكم ما سمعته من أولئك الناس الطيبين الصادقين ... مواطن حزبي قال لي.. طول حياتنا ونحن نعاني من الركود الاقتصادي ومواطن آخريقول.. الفقر والبطالة سيف على رقابنا ومواطن آخر يقول سمعنا الكثير عن التنمية ولكن ما شفنا منها إشي."

ويأتي قول جلالته ليعبر عن الشفافية والمصارحة في الاداء والعمل، ويقدم نموذجاً في كيفية التواصل مع المجتمع بكافة شرائحه والوصول إلى أماكن عيش الإنسان الأردني أينما كانت.. فكانت زيارات جلالته لأهله وعشيرته، وتوجيهات جلالته لتأمين السكن المناسب في مناطق المزفر والازرق والغويبة وغيرها من المناطق، والتي أضحت الآن قرى نموذجية، إضافة لإيجاد المشاريع في ذات المناطق لتوفير فرص العمل للقاطنين، ونلمس في زيارات جلالته للقرى المختلفة والمخيمات والالتقاء مع الشيوخ والشباب.. نلمس فيها المحبة والعفوية والتعبير الصادق عن الدفء الحميم.. وجلالته يبادلهم الحديث ويستمع للهموم والمطالب ويصدر جلالته دائماً توجيهاته لرفع مستوى الحياة لدى أبناء الوطن بل ويتابع جلالته كل ذلك للتأكد من وصول التنمية للجميع.

وبتوجيه من جلالته فقد تم إنشاء صندوق تنمية البادية، وتبرع جلالته له بمبلغ مليوني دينار لتنفيذ مشاريع تنهض بالبادية الأردنية.

تحسين نوعية الحياة والاهتمام بالانسان الاردني، محور رئيسي في مسيرة التنمية الاردنية، بدءاً من ايلاء تنمية الموارد البشرية الأولوية الخاصة فثروة الاردن الحقيقية هي الانسان الاردني ، والاستثمار فيه يجب أن يكون وفق معايير شمولية الاقتصاد المعرفي من حيث الحوسبة وتأهيل المعلمين وتطوير المناهج والارتقاء بمستوى البحث العلمي والتعليم الجامعي لتشكل جبهة علمية للتصدي للفقر والبطالة، وتنفيذ الاجراءات الاصلاحية التي تضع حلولاً جذرية ودائمة، وشاملة لكل قطاعات الدولة، فالنهوض بالصناعة وتطوير الزراعة وتنمية التجارة وغيرها انما تشكل معادلة متكاملة لدفع عجلة التقدم واستمرار دورانها لتحقيق المزيد من اجل الحياة الافضل.

ففي مجال الاقتصاد والصناعة والتجارة، فان الاردن يشهد نمواً متزايداً تمثل في ازدياد الرساميل الوافدة للاردن للاستثمار فيه بسبب التسهيلات الجيدة والتشريعات الحازمة والآمن والاستقرار فيه، وتتعدد المشاريع وتتنوع ويحرص جلالته على رعاية العديد منها، فكان مشروع بوابة الاردن الذي دشنه جلالته مؤخراً اضافة لمشاريع منطقة العقبة الاقتصادية في المدن المتكاملة التي ستغير وجه العقبه وستزيد الاستثمارات فيها عن مليار دينار اردني، عدا عن مشاريع البنية التحتية في المحافظات الاردنية.

وتشهد حركة التجارة البينية العربية نشاطاً خاصة بعد توقيع اتفاقية التجارة البينية العربية التي يشارك فيها الاردن، وتدل المؤشرات الاحصائية على تحقيق نمو ملموس في الاقتصاد الوطني الاردني وصل الى 7 بالمائة حتى الربع الأول من عام 2005م.

ويرفد قطاع النقل الاقتصاد الوطني لتسهيل عملية انسياب البضائع براً وبحراً وجواً وتسهم الملكية الاردنية التي حققت ارباحاً لأول مرة منذ سنوات طويلة في تجسير العلاقات الانسانية ودعم المسيرة الثقافية وتعزيز سياحة المؤتمرات، وتقوم مؤسسة الموانئ بجهود كبيرة في خدمات النقل والمناولة خاصة وانه يدخل عبر الموانىء الاردنية حوالي 78 بالمائة من واردات المملكة... ويمتاز الاردن بشبكة طرق مميزة وممتازة تربط اجزاء المملكة، وتشكل منافذ جيدة تصل الاردن بكل الدول المجاورة.

وبلغ حجم التجارة الخارجية حوالي 6 مليارات دينار وهذا مؤشر على حراك تجاري واسع ينفذه القطاعان العام والخاص. ويوجه الأردن اهتماما خاصا للمديونية، التي يتعامل معها بشفافية ومصداقية، إضافة لسيطرة الأردن على معدل التضخم الذي ما زاد عن 7ر1 بالمائة.

وتنفيذا لتوجيهات جلالة الملك الرامية إلى تحسين اداء القطاع العام فقد تم التركيز على تطوير الأداء الحكومي والنهوض بمستواه من خلال استحداث وزارات تعنى بتطوير ومراقبة الأداء الحكومي والعمل على تنميته عبر وضع الخطط والبرامج الرامية إلى تحسين الأداء الحكومي والارتقاء بمستواه.

ومنذ أن تولى جلالة الملك عبدﷲ الثاني أمانة المسؤولية حرص على ايلاء تنمية الموارد البشرية عناية خاصة ورفع سوية الخدمات الحكومية الأساسية والإسراع في تنفيذ المشروعات الوطنية الكبرى في المياه والطاقة والبنية التحتية ومشاركة راس المال الوطني فيها وتنفيذ برامج مكافحة الفقر وإيجاد فرص عمل للحد من البطالة من خلال برامج تنمية المحافظات ودعم المشروعات الصغيرة .. ولدعم التنمية في المحافظات أعطى جلالته المحافظين صلاحيات واسعة للإشراف على تنفيذ البرامج التنموية.

ويحقق جلالة الملك عبدﷲ الثاني النجاح تلو النجاح في جولاته العالمية وهو يشرح واقع الاقتصاد الاردني وطموحات الاردن الذي يضع نصب عينيه خطة شاملة لاقتصاد عام 2020، والذي من طموحاته ان تصل استثمارات منطقة العقبة الاقتصادية الى 6 مليارات دولار مع توفير 70 الف فرصة عمل.

ويأتي التوجه لتنفيذ حزمة من البرامج التسويقية لاستقطاب حركة سياحية نشطة ليمثل اهتماما في هذا القطاع لاثاره المعنوية والاعلامية ولرفده الاقتصاد الوطني الاردني وتغطي المشاريع التي يجري تنفيذها معظم المناطق السياحية في المملكة وتشمل كافة محافظات المملكة وبقيمة اجمالية تبلغ ما يقارب (55) مليون دينار للمشاريع المستمرة والمنجزة وقد بلغ الانفاق للعام 2004 ما يقارب (15) مليون دينار.

ويأتي التركيز على تنمية المحافظات وتوزيع مكتسبات التنمية من اولويات الخطط التنموية، فكانت مبادرة جلالته لتقسم المملكة الى اقاليم تنموية ثلاثة، ذات مجالس تنموية منتخبة وهيئات حكم محلي "بلديات" منتخبة ايضاً، اضافة لبرلمان سياسي واحد للدولة، لتحقيق حالة من التفاعل، والتركيز في تنفيذ خطط التطوير والتقدم.

وكان جلالته قد اكد على الهدف من التقسيمات الادارية في المملكة.. المتمثل بتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في صنع القرارات وترتيب اولويات وضع الخطط والبرامج المتعلقة بمسيرتنا التنموية، وقال جلالته: "رؤيتنا في الوصول الى اردن حديث يلبي طموحات المواطن الاردني في التقدم والازدهار يجب توحيد وتضافر الجهود في القطاع العام والخاص ومجلس الأمة ومؤسسات المجتمع المدني في الاعلام والصحافة من اجل وضع اجندة شاملة تحتوي على الاهداف الوطنية التي تجسد رؤية الجميع وتحديد البرامج الاستراتيجية والسياسات الوطنية التي سيشكل تحقيقها التزاماً على الحكومات المتعاقبة."

ويؤكد جلالته على الحاجة الى الاصلاح.. فمن مراجعة الماضي القريب والبعيد قليلاً، فان مسار الدولة يحتاج الى المداخلات التي تخلصه من التخبط والعشوائية او الجهوية والرؤى الضعيفة.. من هنا فان جلالة الملك عبدﷲ الثاني وفي مقابلة مع صحيفتي الدستور والعرب اليوم.. يوم السبت 4 حزيران 2005.قال: "نحن نسعى للاصلاح الاقتصادي والاجتماعي ومتطلبات الحياة الكريمة لكل مواطن، ولكن مع الاسف اهدافنا للاصلاح ترجمت من قبل منظرين وعلى كل المستويات وكأنها خطة لتفكيك الدولة..." وجلالته يدعو الى الاصلاح الذي ينبع من الداخل ويهدف الى ايجاد صيغة توافقية للتقدم بثقة والاستفادة من التجارب المختلفة السابقة، ورفد المؤسسات بطاقات ابداعية متجددة تتطلع للمستقبل وجلالته قد أشار في حديثه الاخير مع الصحيفتين بقوله: "من البداية كان تركيزنا على الاصلاح الاقتصادي والسياسي، كنا في السنتين الماضيتين نركز جهودنا على تحقيق اصلاحات اقتصادية ترفع من مستوى معيشة المواطن حتى يفكر جيداً بشكل افضل في الاصلاح السياسي، والآن نحن جاهزون للاصلاح السياسي، ولكن هذا لا يعني أن نغير مرتكزات الدولة ..وهناك ايضا قضايا تتعلق بحماية مصالح المرأة والعمال ورعاية الاطفال تستحق اهتماما في اطار الاصلاح الشامل.." ولعل طرح موضوع الأجندة الوطنية، والتي سيصار الى عرضها للاستفتاء العام، ليشمل اطاراً مرجعياً للمواطن الاردني الذي يعرف بأنه "هو ذلك الشخص والانسان المخلص لوطنه والمؤمن بالدستور" ليأتي في إطار الحراك السياسي المسؤول.

والأجندة الوطنية تجيب على تساؤل كيف يمكن للأردنيين أن يوحدوا جهودهم، وهي اجندة لا تقبل غير الرؤية الوطنية الصادقة التي لا تحتمل تأويلاً لمن هو الأردني، ولا تقبل مفهوماً للوطن غير أردنيته الخالصة، ولا معنى للهوية غير الهوية الأردنية الوطنية الواحدة.

والاجندة الوطنية جاءت لتتصدى للتحديات التي ستواجه المملكة على مدى السنوات العشر المقبلة في مختلف القطاعات التنموية والسياسية، وهي رؤية وطنية توافقية متكاملة، تستشرف المستقبل، وتجعل الوطن على استعداد لمواجهة المتغيرات وتمنع المفاجأة، وهي تتناول الحراك السياسي والاجتماعي خاصة أن لجنة الاجندة الوطنية تقوم بإعداد مشروع قانون ناظم للحياة السياسية يسمى "قانون ممارسة العمل السياسي."

والاجندة الوطنية تفتح باب الحوار المسؤول مع الجميع للوصول الى الأهداف التي تعزز معاني الانتماء والولاء وتحدد سقف الوطن الواحد ومظلته الواضحة.

والاهتمام بالتنمية السياسية يأخذ مساره من اجل التوعية والتثقيف، وافساح المجال للجميع للمشاركة في العملية السياسية، واساسها الحياة البرلمانية الكاملة، فيشهد الاردن حالة فريدة من العلاقات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وهي علاقة في اساسها تتجه نحو المصالح الوطنية.

وتمتاز الحياة السياسية الاردنية بفاعليتها، وقد كانت الانتخابات الاخيرة الأولى في عهد جلالة الملك عبدﷲ الثاني في 17 حزيران 2003، شفافة ومسؤولة شاركت المرأة فيها الى جانب الرجل.

وجاءت دعوة جلالته لتشكيل الأحزاب الوطنية الفاعلة والى الانضمام إليها ما دامت هذه الأحزاب تستلهم روح الدستور وتلتزم بالقوانين المنبثقة عنه تكريسا للنهج الديمقراطي وتعزيزا لتنمية الحياة السياسية.

ويسعى جلالته إلى تعزيز آفاق الحياة الديمقراطية وتنظيم الحياة السياسية من خلال مجموعة من الإجراءات والتشريعات التي تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار بهدف زيادة مساحة الحوار وتهيئة الأجواء المناسبة للتنمية السياسية .. فجاءت توجيهات جلالته باستحداث وزارة للتنمية السياسية لتشكل مظلة ورافعة لتطور العمل السياسي وتعزيزا للحياة الديمقراطية.

وتأتي الرؤية الملكية للاعلام لتأكيد استقلاله والنهوض باعلام وطني تتعزز فيه الحريات الصحفية فكانت توجيهات جلالته الداعمة للمؤسسات الاعلامية لتدار برؤية وفلسفة جديدة تهدف لبناء نموذج اعلامي جديد، مع التاكيد على حرية الصحافة وضمان ذلك بالتشريعات القانونية التي تمنح المساحة الكافية للتعبير للوصول الى اعلام ينطق بضمير الأمة ويعبر عن هويته، ويدرك معنى الاردن اولاً ومضامين الاجندة الوطنية ورؤى الاصلاح الشامل الذي ينبع من الداخل.

وتشكل لقاءات جلالة الملك عبدﷲ الثاني المستمرة مع القائمين على وسائل الإعلام الأردنية المختلفة والعاملين فيها، مبادرة داعمة لتنفيذ السياسات الإعلامية الأردنية التي تركز على تقديم الأردن كدولة ذات نهج الاعتدال في التعامل مع القضايا المحلية والدولية، وتؤكد على احترام سيادة الدول الأخرى، وتتطلع إلى العلاقات المميزة وتطويرها على كل صعيد.

ويحرص جلالته على الالتقاء بوسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية لشرح فكر الأردن وتوجهاته لبناء منظومة من العلاقات مع العرب الأشقاء على أساس الاحترام والتفاهم والعمل من اجل مصلحة الشعوب واستقرارها وأمنها، ومع العالم لحشد الرأي العام العالمي لنصرة القضايا العربية خاصة في موضوعي العراق وفلسطين وتأكيد الانفتاح على العالم وتوسيع قاعدة العلاقات مع الجميع، والأردن يشهد زيارات متبادلة مع جميع قادة الدول الشقيقة والصديقة.

ويحرص جلالته على أن يضع على اجندة زياراته العالمية الالتقاء مع وسائل الاعلام المختلفة، واجراء الحوار الصر