الملك يوجه كلمة لأبناء وبنات الوطن بمناسبة احتفالات المملكة بعيد الاستقلال والأعياد الوطنية
وجه جلالة الملك عبدالله الثاني، مساء اليوم الثلاثاء، كلمة لأبناء وبنات الوطن، بمناسبة الاحتفال بالعيد السبعين لاستقلال المملكة، وبمئوية الثورة العربية الكبرى، وبالأعياد الوطنية، فيما يلي نصها:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
يحتفل الأردن هذه الأيام بعيد استقلاله السبعين، ومئوية الثورة، والنهضة العربية الكبرى. وهذه مناسبات تاريخية غرست بذور هذا الوطن وروته، بالتضحية والشجاعة والـمحبة والانتماء، لنستمد منها قيمنا ومبادئنا ومرتكزات سياساتنا. نستذكر معا في هذه الأيام أحداثا صنعت التاريخ، ونقف احتراما للقادة والرجال والنساء، الذين وضعوا نهجا يـنيـر طريقنا نحو المستقبل.
تلك المبادئ حملتها الأجيال من الثورة، فكانت منارة للاستقلال وبناء أردن المستقبل. الاستقلال الذي وقـع وثيقـتـه الجد المؤسس، هنا في رغدان قبل سبعين عاما، ليكون هذا المكان شاهدا على التضحيات والقيم التي قادت جهود بناء الأردن.
ولا تزال أصداء طلقة الثورة العربية الكبرى تدوي في سماء وطننا، وفي كل أردني شيء من ذلك اليوم، وفي صلب هويته مبادئها.
يجب أن تعرف أجيالنا أن الثورة العربية الكبرى ليست حـدثا تاريخيا وحسب، بل هي بداية وطن بني على مبادئ واضحة، هي معدن الأردنيين الصلب في وجه اختبارات التاريخ، وهي أساسات الصروح التي نعليها.
فالأردن، وارث راية الثورة العربية الكبرى ونهضتها، بنـي على مبادئ العدالة والمساواة والمواطنة وسيادة القانون، لا فرق فيه بين الأردنيين، إلا بما يقدمون لوطنهم.
أستلهم من رؤية الشريف الحسين الثاقبة بالدعوة إلى الوحدة والحرية والتعددية، ومن دعوته للتعايش والإخاء الديني، حين قال "العرب عرب قبل أن يكونوا مسلمين أو مسيحيين".
فهذا الوطن بني على الوحدة، هويته الوطنية الجامعة تحتضن كل من يؤمن بهذا البلد ويحبه ويحميه، ويعتز بأنه أردني؛ أردني مرفوع الرأس. فكل مواطن فاعل هو شريك كامل في مسيرة البناء والعمل والعطاء، كما في الحقوق والواجبات.
بلدنا يقف قويا بمبادئه، عزيزا بكرامته، يـصمد ويتقدم رغم الصعاب، بينما تنهار دول وأوطان.
إن اعتزاز وطننا بدينه وعروبته هو أحد ثوابتنا الوطنية. فقد بني على أساس شرعية دينية هاشمية، تنتهج الإسلام الحنيف، ليقدم للعالم صورة الإسلام السمح النابذ للتطرف والعنف بجميع أشكاله.
تحتضن هويته الجامعة إخوانـه العرب وتساندهم. ورغم صغر حجمه وشح موارده، إلا أنه قدم للعالم مثالاً ساطعاً للإنسانية والكرم وإغاثة الـملهوف.
وبالرغم من كل التحديات، إلا أن وحدة الأردن الوطنية الراسخة، وتناغمه الاجتماعي، واجتـنابـه للعنف يزيده صلابة ومنعة كل مرة.
فالأردن يؤمن بأن الحلول السياسية هي السبيل الوحيد للتعاون الدولي، وتحقيق العدالة في مجتمع عالمي.
والقضية التي دافعت عنها الثورة العربية الكبرى، وما زالت شاغلنا الأول، هي عروبة فلسطين.
فقد نفي جدُّنا وضحى بملكه فداء عروبتها، وأنفق آخر ما يملك لإعمار المسجد الأقصى، حتى وصفوه بصديق الأقصى في حياته، وجار الأقصى في مماته. وما زال الهاشميون يقومون بمسؤوليتهم وواجبهم تجاه المقدسات في القدس الشريف.
الأردن بني على التضحية والفداء. لا يتوانى أبناؤه وبناته أبدا عن خدمة الوطن والذود عنه. فالأردنيون هم أبناء الرجال الذين حملوا راية الثورة، أبناء الرجال الذين ضحوا باسم الأمة.
إخواني وأخواتي، سيبقى الأردن، بإذن الله، وبوعي وعزيمة أبنائه وبناته، دولة رسالة؛ رسالة الـحرية والسلام والتعايش والنماء، مرتكزين على مبادئنا وفخورين بهويتنا وإنجازاتنا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.