مقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني مع قناة فوكس نيوز (مقتطفات)
شانون بريم (مقدمة البرنامج من الاستوديو): لطالما كان الأردن حليفا محوريا للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وهي المنطقة الأكثر خطورة في العالم. كما يعد الأردن عضواً في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش، وفي التحالف الذي تقوده السعودية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن. قام زميلنا برت باير بمحاورة جلالة الملك عبدالله الثاني، حول كل ذلك، في عمّان خلال هذا الأسبوع.
برت باير: شانون، شكرا لك من عمّان، لقد جلست مع جلالة الملك عبدالله الثاني، ملك الأردن، وتحدثت معه عن التحديات المختلفة، وأولها الحرب على داعش، وثانياً، تحدي اللاجئين في الأردن، إذ يوجد أكثر من مليون لاجئ سوري، ما يمثل عبئا اقتصادياً هائلا على هذا البلد، وثالثاً امتداد إيران في الشرق الأوسط. وبدأنا الحديث عن الطيار الأردني الذي قتلته عصابة داعش الإرهابية بكل وحشية، وكيف قاد ذلك إلى إجماع الأردنيين على توجيه الضربات الجوية ضد داعش والمستمرة حتى اليوم.
جلالة الملك عبدالله الثاني: إننا في حرب ضد هؤلاء الخوارج، كما نسميهم بالعربية، منذ عدة سنوات، ولكنني لا أعتقد أن الكثير من المسلمين أدركوا ذلك منذ البداية. فمسلمو فرنسا أدركوا ذلك مؤخراً بعد الأحداث المأساوية في باريس، قبل عدة أشهر، وفي كندا كذلك. وهذا هو الحال أيضاً في الأردن، حيث أدرك الأردنيون حجم الخطر الذي نواجهه بعد استشهاد طيارنا البطل قبل عدة أشهر.
باير: لقد تركت هذه الحادثة أثراً كبيراً؟
جلالة الملك: لقد أحدثت تغييراً، لأن مجتمعنا — برأيي — تعرض إلى صدمة جعلته يدرك مدى خطورة هؤلاء الخوارج.
باير: فقط للتوضيح. جلالتك تصف داعش بالخوارج؟ هل هذا هو المصطلح الذي تريد استخدامه؟
جلالة الملك: أجل، هم خوارج. لا أود وصفهم بالمتطرفين لأنهم يعتبرون ذلك وسام شرف. ولا أعلم ما يمثله هؤلاء الأشخاص. إنهم خارجون عن الإسلام، وديننا منهم براء.
إنهم يستهدفون المسلمين قبل أتباع الديانات الأخرى. لقد قتلوا من المسلمين أكثر من أتباع أي دين آخر. ولذا، فإن هذه الحرب هي حربنا. وأعتقد أن هذا يشكل تحدياً للغرب والولايات المتحدة؛ حيث يحاول هؤلاء الخوارج إدامة الانطباع بأن مشاركة الغرب في أي شيء في هذه المنطقة يعد بمثابة حرب صليبية، وهي ليست كذلك. إنها حرب الإسلام ضد هذه الفئة، ويجب أن ينظر إلى الموضوع بشكل أوضح.
باير: إذن دعنا نتحدث عن خطر الخوارج، خطر داعش. من هم هؤلاء بتقييمك؟ ما الذي يريدون تحقيقه وكيف تمكنوا من التقدم إلى الواجهة بهذه السرعة؟
جلالة الملك: إنهم، في الواقع، وجوه متعددة لعملة واحدة. فسواء أكانوا القاعدة، أو داعش، أو بوكو حرام، أو الشباب، سيقوم الجميع بإعلان ولائهم لأسوأ تنظيم يعلن عن نفسه من بينهم، أياً كان اسمه. فالغثاء يطفو على السطح دوما.
المشكلة أن انتشارهم دولي، ولا أعتقد أن المجتمع الدولي يدرك أنه يجب التعامل معهم على هذا الأساس. فاليوم، نحن نركز على داعش في سوريا والعراق، ولكن — في نفس الوقت — علينا أن نتبنى منهجاً شمولياً خلال العام الحالي.
باير: قمتم بزيادة الضربات الجوية بعد استشهاد طياركم، كما ظهر في ذلك الفيديو الفظيع. هل هذه الضربات مستمرة؟
جلالة الملك: أجل، لقد كثفنا الضربات بشكل كبير. ونحن حالياً الدولة العربية الوحيدة التي تعمل إلى جانب الولايات المتحدة في سوريا، وقد اِنضم الكنديون إلينا حديثاً. ساندتنا الإمارات العربية المتحدة والبحرين بعد استشهاد طيارنا، ولكنهم عادوا الآن بسبب ما يحدث في اليمن. نحن الدولة العربية الوحيدة التي تعمل مع العراقيين في العراق إلى جانب قوات التحالف. ومع زيادة القوات العراقية وقوات التحالف لوتيرة عملياتهم داخل العراق، سيزيد الأردن وتيرة عملياته دعماً لهذا البلد العربي. وهناك أمور أخرى عندما يتعلق الحديث بشرق سوريا، من دون الخوض في التفاصيل.
باير: هذه المنطقة معقدة.
جلالة الملك: تماما.
باير: كأننا نتحدث عن لعبة شطرنج ثلاثية الأبعاد. تحرك قطعة واحدة، فتتسبب بتحريك قطع أخرى. كيف ترى إيران من منظور أردني؟
جلالة الملك: لدى إيران الكثير من الأوراق، ومنها ورقة الملف النووي، التي تحمل قدراً من الأهمية للولايات المتحدة والتي يتم مناقشتها حالياً. ولكن لإيران دور في العراق، وبإمكانها التأثير على الأمور هناك. كما أنها تدعم النظام في سوريا وتدعم حزب الله في لبنان، وفي سوريا إلى حد ما، ولديها وجود في اليمن، والقرن الأفريقي. ولديها تأثيرها في أفغانستان، وهناك بعض التوتر بينها وبين باكستان على الحدود.
لذا، فعندما تتعامل مع إيران، عليك أن تأخذ كل هذه الأوراق بعين الاعتبار لتفهمها جيداً. وكما أشرت، عليك أن تربط بين هذه النقاط جميعا.
تعد كل المسائل التي ذكرتها عناصر عدم استقرار، وبالتالي يجب مناقشتها مع الإيرانيين. ولا يمكنك مناقشة كل مسألة على حدة.
باير: ما هو تقييمك للتحالف العربي الذي يشارك الأردن فيه في ظل تهديد المتمردين المدعومين من إيران في اليمن؟
جلالة الملك: عندما كنت قائدا للقوات الخاصة قبل عدة سنوات، كنت منخرطا في برامج تدريب القوات الخاصة في اليمن، ولذا فأنا أدرك حجم التعقيدات هناك. وباعتقادي أنه من الأفضل أن نجد حلاً سياسياً لهذه المسألة.
باير: هل حضور الولايات المتحدة قوي في المنطقة؟
جلالة الملك: تربطنا بالولايات المتحدة علاقات تاريخية وثيقة جداً. وقد ازدادت عمقاً، باعتقادي، مع الوقت لأننا نتعاون بشكل وثيق في عدة قضايا.
يسرني أن أرى علاقات الولايات المتحدة تزداد قوة مع اثنين من أقوى حلفائنا. أعتقد أن علاقتها مع مصر قد تطورت، ونحن بأمس الحاجة لذلك لمواجهة خطر بوكو حرام وحركة الشباب، في ظل التحديات التي يواجهها الرئيس عبدالفتاح السيسي في سيناء وليبيا. كما أن ملك المغرب، جلالة الملك محمد السادس، شريك قوي في التصدي للخوارج، أي التنظيمات الإرهابية خاصة في غرب أفريقيا. وتربطه علاقات جيدة مع الولايات المتحدة، وهذا باعتقادي أمر جيد.
باير: في عام 2011، ألمحت إلى أن الجميع يتوخون الحذر في تعاملهم مع الولايات المتحدة، بعد ما أداروا ظهرهم لمبارك بهذه السرعة، وأن الكثير سيحاولون أن يعالجوا الأمر بأسلوبهم الخاص، وأن التنسيق مع الغرب سيقل، ما سيزيد من احتمال سوء الفهم. هل هذا ما حدث؟
جلالة الملك: أعتقد بأن العلاقة مع الولايات المتحدة قوية، كما أشرت سابقاً. والأمور قد تغيرت. وأجد في الربيع العربي درساً لنا جميعاً في المنطقة في كيفية التعامل مع أصدقائنا.
لطالما عبرنا عن وجهات نظرنا لحلفائنا الغربيين، ولكن أعتقد أن الفرق الآن أننا نعبر عنها بوضوح وإصرار أكبر.
بالنسبة لي، كنت قد حذرت أكثر من مرة في السابق مما يحدث الآن، ولم أعد الآن أنتظر رداً كما كنت أفعل في السابق لأن الأمور تحدث بشكل متسارع وعليك التصرف بسرعة.
باير: إذن، تطورت العلاقة بعض الشيء.
جلالة الملك: بلا شك. لقد تنبهنا بعد أن تبين لنا أهمية الإمساك بزمام الأمور واتخاذ قراراتنا بأنفسنا بشكل مباشر وبحزم أكثر. أعتقد، في نهاية المطاف، أنني أدرى بمصلحة بلدي وهذه المنطقة. وأعتقد أن نقاشاً صريحاً مع الأصدقاء أفضل دائماً من المواقف الضبابية.
باير: يشير جلالة الملك إلى أن سوريا، التي تحد الأردن من الشمال ويتدفق منها غالبية اللاجئين نحو الأردن، مستمرة في الانهيار.
جلالة الملك: في الواقع هناك حربان في نفس الوقت، أحداهما ضد النظام، والثانية ضد داعش. أيهما إذن أولى؟ برأيي، داعش هي المشكلة الرئيسية حالياَ. فهناك الآن حرب ضد داعش في الشرق وحرب ضد النظام في الغرب. يوجد قوات معتدلة من الجيش السوري الحر، وهناك فوضى على الحدود مع تركيا في الشمال. وهكذا، عليك أن تتوصل إلى حل لهذه القضايا.
علينا إعادة تعريف ما هي المعارضة المعتدلة. لذا عليك أن تجد أشخاصاً في الداخل. إن نجحت في ذلك، عليك أن تتوصل إلى حل سياسي، لأنه إذا استمر الوضع كما هو عليه، ستستمر الدولة السورية بالانهيار.
باير: لأن إيران نشطة هناك. أقصد أنه من الواضح أنهم يدعمون الأسد 100%.
جلالة الملك: بالتأكيد. هناك تواجد إيراني على الأرض، وهم ليسوا بالبعيدين، وقد ناقشنا هذه المسألة مع الإيرانيين.
باير: ناقشتموها؟
جلالة الملك: نعم.
باير: إذن، أنتم قلقون بشأن امتداد تأثيرهم إلى العراق ولبنان وسوريا واليمن؟
جلالة الملك: ولا تنسى إفريقيا أيضاً. ووجهة نظري أنهم إن شكلوا عامل استقرار باستمرار المحادثات، سيكون هذا أمراً ممتازاً، ولكنني لا أعتقد أنه بالإمكان أخذ هذه المعطيات بشكل منفصل. أتمنى أن تكون المرحلة القادمة من المحادثات مع الإيرانيين حول كيفية إحراز تقدم في جميع هذه المسائل.
باير: ما هو أكبر تحدٍ لكم هنا؟
جلالة الملك: الاقتصاد. من وجهة نظر عسكرية واستراتيجية، إذا نظرت إلى خريطة المنطقة سترى أن داعش ليست قريبة منّا، وهذا لم يحصل بالصدفة. إنهم يتواجدون في المنطقة الشرقية في سوريا، وعلى بعد 100-120 كيلومتر من الحدود العراقية. والمسافة التي تفصلنا عنهم هي منطقة مفتوحة. وإن حاولوا التقدم باتجاهنا، سنرد الصاع صاعين.
وبالتالي، فإن ما يشغلنا هو الاقتصاد، خاصة تأثير اللاجئين على الموازنة، فهناك حوالي 1.5 مليون لاجئ سوري في بلادنا، ما يشكل نحو 20-21% من السكان.
بصراحة، إن الدعم المقدم من المجتمع الدولي بأكمله هذا العام يغطي فقط 28-29% من الميزانية المطلوبة للاجئين، وبالتالي، علينا أن نتحمل الباقي. وهذا أمر محبط للغاية.
باير: ورغم كل التحديات، فإن الملك حريص على تخصيص وقت لعائلته. ولدى جلالته ابن وابنه يدرسان في الولايات المتحدة حالياً، وآخران مع العائلة في الوطن.
جلالة الملك: أحرص على تناول العشاء مع العائلة كل ليلة، وأحاول أن أمضي على الأقل يوماً واحداً معهم خلال عطلة نهاية الأسبوع. كما أتواصل باستمرار مع ابني وابنتي في الولايات المتحدة عبر سكايب.
باير: تتواصل معهما عبر سكايب؟
جلالة الملك: نعم، إنه أمر رائع. إن الوقت الذي أقضيه مع العائلة مهم جداً لي. عندما أكون مع الصغار، نقوم بإعداد الطعام سويا في عطل نهاية الأسبوع.
باير: يقول الملك عبدالله الثاني بأن إمداد الأردن بالأسلحة من الولايات المتحدة قد تحسن بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، مشيراً إلى أنه مازال هناك الكثير من العمل لمواجهة داعش في سوريا والعراق. هذا كله بالإضافة إلى حديثه عن مشكلة الشرق الأوسط القديمة الجديدة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وإمكانية التقدّم نحو حل الدولتين، وهو أمر يستمر جلالته في التعامل معه.