كلمة الأردن في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ بأذربيجان

١٢ تشرين ثاني ٢٠٢٤

"بسم الله الرحمن الرحيم

بالنيابة عن الأردن، أشكر فخامة الرئيس إلهام علييف وشعب وحكومة أذربيجان على استضافة هذه القمة المهمة.

نجتمع هنا تحت عنوان التضامن: مجتمع الأمم يتحد من أجل حماية الكوكب الذي نتشاركه.

وندرك جميعنا أنه في غياب العمل المشترك، فإن مصيرنا سيكون الفشل.

ومع ذلك، نجتمع في لحظة يتلاشى فيها الإيمان بقدرتنا على الوقوف معا، عندما يتم انتهاك المعايير العالمية، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة واتفاقيات جنيف، دون عقاب، عندما تنهار الثقة في قدرة المجتمع الدولي في الدفاع عن قيمه، وعندما تبث الانتهاكات الإنسانية يوميا ليشاهدها العالم أجمع، ومع ذلك يستمر تجاهلها دون عواقب.

يجب أن يبدأ العمل لإنقاذ كوكبنا من قناعة مفادها أن جميع الأرواح تستحق الإنقاذ، والتضامن الذي نحتاجه يعتمد على الإيمان بهذه الحقيقة.

ولكن على مدى الأشهر الثلاثة عشر الماضية، وقف العالم متفرجا أمام الآلاف من الشهداء الفلسطينيين في غزة، غالبيتهم من النساء والأطفال.

كيف لنا أن نعمل معا من أجل مستقبلنا المشترك، عندما يُنظَر إلى البعض على أنهم لا يستحقون أن يكون لهم مستقبل؟

إن العنف المستمر في منطقتنا يقوض السلام والأمن خارج حدودها، وفي نهاية المطاف، لن يصب هذا في مصلحة أحد.

إن منطقتنا تتعرض لواقع قاسٍ مرتبط بالتغير المناخي، كالارتفاع في درجات الحرارة، والجفاف، وفقدان التنوع الحيوي.

وتتسبب الحرب في تفاقم التحديات البيئية، بالنسبة لغزة وخارجها.

بينت دراسة حديثة أجراها برنامج الأمم المتحدة للبيئة مدى تلوث الأرض والمياه والهواء في غزة، كما أفادت بتدمير أنظمة الصرف الصحي وإدارة النفايات، وأصبحت مناطق بأكملها اليوم مقابر للحطام.

ووجدت دراسة أخرى أن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الإجمالية التي ستنتج عن إعادة بناء غزة ستكون أعلى من الانبعاثات السنوية لأكثر من 135 دولة.

إن النهج الشامل والعادل في التعامل مع تحدي المناخ يتطلب منا أن نولي اهتماما للعلاقة بين المناخ والسلام والأمن.

ولا يوجد مثال أكثر وضوحا من مجتمعات اللاجئين والدول المستضيفة لهم، فهم من أكثر الفئات عرضة للتأثر بالتغير المناخي.

في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ السابع والعشرين COP27، أطلق جلالة الملك عبدالله الثاني مبادرة "مترابطة المناخ - اللاجئين" العالمية، والتي حظيت إلى الآن بدعم ثمانٍ وخمسين دولة، وندعو المزيد من الدول للانضمام إليها.

واحد من بين كل ثلاثة أشخاص يعيشون في الأردن هو من اللاجئين، مما يشكل ضغطا على بنيتنا التحتية. كما نواجه طلبا متزايدا على الموارد الشحيحة والخدمات، بما في ذلك المياه والصحة والتعليم.

ومع أننا قطعنا في الأردن شوطا كبيرا في مجال الطاقة النظيفة، والحفاظ على المياه، والزراعة الذكية مناخيا، إلا أن هذه الجهود ليست كافية. نحن بحاجة إلى حشد المجتمعات من أجل العمل المناخي وتأمين مستقبل أفضل لشبابنا والأجيال القادمة.

وفي بلدي، نحن نطبق السياسات المتعلقة بالمناخ ونتعامل في الوقت ذاته مع آثار النزاعات، ولكن لا يمكننا حل هذه الأزمات المترابطة بمفردنا.

وبينما تعمل قمتنا هذه نحو تحقيق "الهدف الكمي الجماعي الجديد"، يتعين علينا إعطاء الأولوية للدول المستضيفة للاجئين، وخاصة تلك التي تقع في مناطق أكثر عرضة من غيرها لآثار التغير المناخي، وعلينا ضمان المساءلة والشفافية للجميع في آليات تمويل المناخ العالمية.

وبنفس القدر من الأهمية، يتعين علينا إعادة بناء الثقة في المجتمع الدولي، والاعتراف بالإخفاقات السابقة. إن عدم قدرتنا على القيام معا بما هو صحيح يحولنا إلى مراقبين سلبيين، ندرك المشكلة تماما، ولكن غير مستعدين للعمل على الحلول.

وكما قال جلالة الملك عبدالله الثاني، "في صراع الحياة على هذه الأرض، ليس هناك متفرجون".

ويعني ذلك النضال في مواجهة التغير المناخي، والنضال من أجل السلام، والنضال من أجل تخفيف المعاناة الإنسانية في آن واحد، لأن كل حياة تستحق النضال من أجلها.

شكرا لكم."