خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني في الكونجرس الأمريكي خلال الجلسة المشتركة لمجلسي الشيوخ والنواب
بسم الله الرحمن الرحيم
السيدة رئيسة مجلس النواب،
السيد نائب الرئيس،
السادة الأفاضل أعضاء مجلس الشيوخ وأعضاء الكونجرس،
أصدقائي،
أشكركم على هذا الترحيب الحار. ويشرّفني أن أقف — كما وقف والدي من قبل — أمام هذا الصرح التاريخي لأعرب لكم عن الشكر باسم جميع الأردنيين.
إن الأردن والولايات المتحدة الأمريكية يرتبطان بعلاقة صداقة طويلة. لذلك، فإنه لمن دواعي الاعتزاز أن أكون هنا خلال العام الذي يُرحّب فيه الكونجرس بأول رئيسة له، وبأول عضو أمريكي مسلم. إن هذا الأمر يبعث برسالة قوية في أرجاء العالم عن أمريكا التي أعرفها معرفة جيّدة - أمريكا المكان الذي تحترم فيه فردية الإنسان، المكان الذي يُجْزى فيه العمل الجادّ المثابر ... والمكان الذي يُكرم فيه الإنجاز. فأمريكا التي أعرفها جيداً تؤمن بأن الفرص والعدالة حق للجميع.
ولقد تعلمت أيضاً، في المدة التي قضيتها على مقاعد الدراسة في ولاية ماساشوسيتس، شيئاً عن فضائل نيوإنجلند حيث لم يكن هناك قانون ضد كثرة الكلام... ولكن القاعدة السائدة هي ألا تتكلم إلا إذا كان كلامك أفضل من الصمت.
واليوم، عليّ أن أتكلم، فلا استطيع التزام الصمت.
عليّ أن أتكلم عن قضية ملحّة لشعبكم ولشعبي. فعليَّ أن أتكلم عن السلام في الشرق الأوسط؛ وعليّ أن أتكلم عن سلام يحلّ محلّ الفُرْقة والحرب والنزاع الذي جلب الكوارث للمنطقة وللعالم.
لقد كانت هذه هي القضية نفسها التي جاء من أجلها والدي الملك الحسين هنا في عام 1994. وقد تحدّث، ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين إلى جانبه، عن رؤية جديدة للشرق الأوسط. لقد تلقّى عملهما الشجاع من أجل السلام دعماً من قادة الحزبين لديكم، وكان هناك فيض من الأمل ببزوغ شمس حقبة جديدة، أمل بأن يلتقي الناس معاً، وأمل بأن تتحقق تسوية نهائية شاملة لجميع القضايا.
واليوم وبعد مرور ثلاثة عشر عاماً، لم يكتمل هذا العمل بعد. وسنظل جميعا مُعّرضين للخطر حتى ننجز هذا العمل. فنحن جميعاً معرّضون لخطر أن نغدو ضحايا لمزيد من العنف الناجم عن أيديولوجيات الإرهاب والكراهية. ولذلك فواجبنا الأعظم والأكثر إلحاحاً هو أن نحول دون تعّرض منطقتنا، وبلادكم، والعالم، لهذه المخاطر. والخيار في ذلك لنا: فإمّا عالم منفتح مِلْؤه الأمل والتقدّم والعدالة للجميع — أو عالم مُنغلق شعوبه منُقسمة، قِوامه الخوف والأحلام التي لم تتحقق. ولا شيء يؤثر في هذا الخيار أكثر من مستقبل السلام في الشرق الأوسط.
لقد جئت اليوم في لحظة نادرة، بل وتاريخية تلوحُ فيها فرصة وجود إرادة دولية جديدة لوضع حد لهذه الكارثة.
وأنا أعتقد أنه يجب على أمريكا، بما لديها من قيم خالدة، وبمسؤولياتها الأخلاقية، وبقوتها التي لم يسبق لها مثيل، أن تلعب الدور المركزي في هذا الشأن.
قد يقول البعض إن السلام صعب — ويمكننا التعايش مع الوضع الراهن. ولكن عمليات القتل العنيفة، أيها الأصدقاء، هي جزء من هذا الوضع الراهن. والفلسطينيون والإسرائيليون ليسوا الضحايا الوحيدين. فقد رأينا العنف وهو يدمر في لبنان في الصيف الماضي. والناس في أرجاء العالم كانوا وما يزالون ضحايا للإرهابيين والمتطرفين، الذين يستغلّون الظلم الذي يُسببّه هذا النزاع لإضفاء الشرعية على أعمال العنف وتشجيعها. وقد عانى الأمريكيون والأردنيون والآخرون من الهجمات الإرهابية ونجا البعض منها. وفي هذه القاعة، هناك ممثلون لأسر أمريكية، وأسر أردنية فقدوا أعزّاء لهم. ودفع الآلاف من الناس أغلى الأثمان ... عندما فقدوا حياتهم. وهناك آلاف غيرهم مستمرون في دفع هذا الثمن الرهيب، لأن أعزّاءهم لن يعودوا أبداً. ولذلك، فالسؤال هنا هو: هل سنترك حياة الآلاف تُسْتَلب دون جدوى؟ وهل غدا من المقبول أن نفقد ذلك الحق الأقدس من حقوق الإنسان؟ وهو الحقّ في الحياة.
والوضع الراهن يعمل كذلك على جرّ المنطقة والعالم نحو خطر أعظم. فمع تناقص ثقة الناس في عملية السلام، فإن حلقة الأزمات تدور بسرعة أكبر — حاملة معها احتمالات أكثر للدمار. فالنهج العسكري المتغير والأسلحة المستخدمة فيه، يحمل في ثناياه أخطاراً جديدة. مثلما هو الأمر في تزايد أعداد اللاعبين الخارجيين الذين يتدخلون لتنفيذ أجنداتهم الإستراتيجية مما يدفع إلى الواجهة مخاطرَ جديدة تتمثل في إحداث الأزمات وانتشارها. فهذه جماعات تسعى إلى إحداث مزيد من الفُرْقة: دين في مواجهة دين آخر، وبلد ضد بلد، ومجتمع ضد مجتمع. ولهذا، فأي تدهور آخر في الوضع سيشكّل خطراً على مستقبل الاعتدال والتعايش... في المنطقة وما وراءها. والسؤال مرة أخرى: هل فقدنا جميعاً إرادة العيش معاً بسلام والاحتفاء بنقاط القوة ونقاط الاختلاف بيننا؟
قد يقول البعض أن هناك تحدّيات مُلحّة أخرى. ولكن كيف يمكن أن يكون هناك أيّ شيء أكثر إلحاحاً من تصحيح أوضاع العالم بحيث تحظى جميع الشعوب، لا بعضها، بالفرصة لتعيش بسلام؟ ليس هذا مجرد واجب أخلاقي علينا، بل هو أمر أساسي لمستقبل العالم، لأن الأزمات العنيفة التي يطول مداها هي عدو الازدهار والتقدم فيه.
لا نستطيع إنكار ان زماننا يواجه قضايا حاسمة. وأنا أعلم أن هناك قلقاً عاماً كبيراً هنا بالنزاع في العراق، وكذلك هو الحال في منطقتنا. وعلى المجتمع الدولي بمُجْمله أن يتخذ قرارات أساسية رئيسية حول مسار التقدم إلى الأمام، وكيفية ضمان أمن العراق ووحدته ومستقبله. ولكن يجب ألا تغيب عنا رؤية حقيقة أساسية مفادها أن مصدر الانقسام الإقليمي ومصدر الحقد والإحباط أبعد من ذلك، فأصل المشكلة هو إنكار العدالة والسلام في فلسطين.
إن هناك مَنْ يقول: ليس هذا شأننا. ولكن هذا الكونجرس يعلم أَنْه ليس هناك متفرّجون في القرن الحادي والعشرين، وليس هناك فضوليون يكتفون بالنظر، وليس هناك مَنْ لا يتأثر بالانقسامات والكراهية السائدة في عالمنا.
إن البعض سيقول: إن هذه ليست القضية المحورية في الشرق الأوسط. وأنا هنا بينكم اليوم باعتباري صديقاً لكم لأقول إنها فعلا القضية المحورية. وهذه القضية لا تقف عند حدّ إحداث نتائج بالغة القسوة لمنطقتنا، بل تتعدى ذلك إلى إحداث نتائج بالغة القسوة لعالمنا.
إن أمن جميع البلدان واستقرار اقتصادنا العالمي يتأثران بصورة مباشرة بالنزاع في الشرق الأوسط. وعبر المحيطات، تسبّب هذا النزاع في إبعاد المجتمعات عن بعضها البعض، في الوقت الذي يُفترض فيها أن تكون صديقة. إنني ألتقي بمسلمين يبعدون عنا آلاف الأميال يحملون في قلوبهم تأثراً شخصياً عميقاً بمعاناة الشعب الفلسطيني. ويريدون أن يعرفوا كيف ظلَّ الشعب الفلسطيني حتى الآن دون حقوق ودون دولة. ويتساءلون إن كان الغرب يعني فعلاً ما يقوله عن المساواة والاحترام والعدالة الشاملة.
نعم، أيها الأصدقاء، عليَّ أن أتكلم، فلا أستطيع الصمت.
ستون عاماً مرت على الحرمان الفلسطيني، وأربعون عاماً تحت الاحتلال، وعملية سلام تراوح مكانها — وهذا الأمر بمجمله ترك إرثاً مرّاً من خيبة الأمل واليأس لدى جميع الأطراف. وقد حان الوقت لإيجاد إرثٍ جديد مختلف، إرثٍ يبدأ من الآن ويُدْخل نغمة إيجابية في العلاقة الأمريكية الشرق أوسطية؛ إرثٍ يُعيد بسمة الأمل إلى الناس في منطقتنا، وإلى الناس في بلادكم، وإلى الناس في هذا العالم. وليس هناك ما يمكنه تحقيق ذلك بفعالية أكثر، وليس هناك ما يمكنه تأكيد رؤية أمريكا الأخلاقية بصورة أوضح، وليس هناك ما يمكنه أن يتواصل مع شباب العالم ويعلمهم بشكل مباشر، أكثر من قيادتكم عملية سلام تحقق نتائج لا العام القادم، ولا الأعوام الخمسة القادمة، ولكن هذا العام.
والسؤال هنا هو كيف يمكن أن نصل إلى هناك؟ والإجابة قطعا ليس بحل يفرضه جانب واحد. فالسلام الدائم يُبْنى فقط على التفاهم والاتفاق والتسويات.
وهو كذلك يبدأ بالشجاعة والرؤية. فعلينا، جميعاً، أن نجازف من أجل السلام. وقد أدركت الدول العربية تلك الحقيقة عام 2002، عندما وافقنا بالإجماع على مبادرة السلام العربية التي تضع أمامنا مساراً للجانبين، لتحقيق ما يريده الناس وما هم بحاجة إليه: معاهدة سلام شاملة مع إسرائيل وعلاقات طبيعية مع كل دولة عربية وضمانات أمنية شاملة لكل دول المنطقة بما فيها إسرائيل، والأهم من ذلك، إنهاء الصراع، وهو حلم تاق إليه كل إسرائيلي منذ إنشاء إسرائيل، ومقابل كل ذلك يجب التوصل إلى تسوية لحل قضية اللاجئين، والانسحاب من الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967 ... وقيام دولة فلسطين المستقلة القابلة للحياة وذات السيادة.
إن الالتزام الذي قطعناه على أنفسنا في مبادرة السلام العربية حقيقي. ودولنا منخرطة في جهود متصلة لإحلال سلام منصف وعادل وشامل. فخادم الحرمين الشريفين جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية هو الذي بادر إلى طرح الاقتراح الذي حظي بالموافقة عام 2002، وهو يواصل اليوم حشد الدعم العالمي لهذه المبادرة. كما أن زخم هذه المبادرة يأخذ مداه في البلدان الإسلامية وخارج العالم العربي. فقبل عشرة أيام، اجتمع وزراء خارجية الدول الإسلامية الرئيسية في إسلام آباد ليؤكدوا للفلسطينيين والإسرائيليين أنهم ليسوا وحدهم في الساحة — وأنهم يدعمون جهود صنع السلام وبنائه.
إن الهدف يجب أن يكون تحقيق السلام الذي تخرج منه جميع الأطراف رابحة وتقوم أسسه على الأمن وإتاحة الفرص أمام الجميع.
يجب أن يكون سلاماً يتمتع فيه الشباب الفلسطيني بالحرية ليركز على مستقبل قِوامه التقدّم والازدهار.
ويجب أن يكون سلاماً يجعل إسرائيل جزءًا من دول الجوار: جوار يمتد من شواطئ المحيط الأطلسي عبر امتداد جنوبي البحر الأبيض المتوسط، إلى ساحل المحيط الهندي.
ويجب أن يكون سلاماً يمكّن المنطقة بمجملها من أن تتطلع إلى الأمام بتشوق وأمل ... لتضع مواردها من أجل النمو المثمر، وعقد الشراكات عبر الحدود لتحقيق المزيد من التنمية، وإيجاد الفرص، والبحث عن حلولٍ للتحديات المشتركة.
إن هذا الهدف هو رؤيا، قابلة للتحقيق أيها الأصدقاء. فالتاريخ يُظهر أن الذين عاشوا أعداءً لفترة طويلة يمكن أن يتمكنوا من صياغة علاقات جديدة فيما بينهم تقوم على السلام والتعاون. والبنية الأساسية لتسوية نهائية شاملة موجودة فعلاً. ففي طابا، كما هو الحال في اتفاقات جنيف، رسمت الأطراف المعنية أُطُر الحل وأبعاده.
ولكننا بحاجة إلى جميع الأيدي للتعاون في توجيه دفة السفينة. ولذلك، فلا بد من انخراط المجتمع الدولي، والولايات المتحدة الأمريكية بخاصة، في تحريك العملية إلى الأمام لتحقيق نتائج فعلية حقيقية. وفوق ذلك كله، علينا أن نجعل هذه العملية تلبي أهدافنا. وعلينا أن نتفق على حل للنزاع.
السيدة الرئيسة،
السيد نائب الرئيس،
الأعضاء الأفاضل،
إن مسؤوليتكم اليوم عظيمة. فمقدرتكم على مساعدة الفلسطينيين والإسرائيليين لإيجاد السلام لا مثيل لها. وهذا لأن الناس في المنطقة ما زالوا ينظرون للولايات المتحدة الأمريكية بأنها مفتاح السلام... وهي البلد الوحيد الأكثر قدرة على التقريب بين الجانبين، وتحميلهما المسؤولية وجعل التسوية العادلة حقيقة قائمة.
في كل مرة انخرط فيها الأمريكيون في العملية بنشاط حدث هناك تقدّم نحو السلام: في كامب ديفيد، ومدريد، وواي ريفر؛ وكل إنجاز جديد تحقق تقريبا عندما صممت أمريكا على مساعدة الأطراف لتحقيق النجاح.
وبالنيابة عن جميع أولئك الذي يسعون لتحقيق السلام ويبذلون أقصى الجهد في هذا السبيل في ذلك الجزء من العالم، فإني أطلب إليكم الآن أن تمارسوا هذه القيادة مرة ثانية. ونطلب إليكم أن تنضموا إلينا في جهد تاريخي قوامه الشجاعة والرؤية. ونطلب إليكم أن تسمعوا نداءنا، وأن تكرّموا روحي الملك الحسين، وإسحق رابين... وأن تساعدوا على تحقيق تطلعات الفلسطينيين والإسرائيليين للعيش بسلام في أيامنا هذه.
ودعوني أؤكد هنا أن الأردن ملتزم بالقيام بدور إيجابي في العملية السلمية. وهذا الالتزام جزء من التزامنا الأكبر بالتعايش والتقدم العالميين. فبلدنا بلد إسلامي يعتزّ بسجلّه في التنوّع والاعتدال والاحترام المتبادل.
واسمحوا لي أن أقول إننا نشكر الكونجرس والإدارة على دعم تقدّم الأردن وتنميته. وأنا أثمّن بعمق الشراكة القائمة بين شعبينا، والإسهامات التي قدّمها العديد من الأمريكيين لمستقبل بلدنا.
أصدقائي،
"احترام لا تشوبه شائبة لحقوق جميع البلدان وكرامتها، كبيرة كانت أم صغيرة"، هكذا وصف الرئيس فرانكلين ديلانو روزفلت أسس السياسة الخارجية الأمريكية. حيث تعهد روزفلت بتقديم الدعم الأمريكي للحريات الأربع: الحرية من الخوف ... والحرية من الحاجة ... وحرية التعبير ... وحرية الدين في كل مكان في العالم.
ولأن الخطاب الذي تحدّث فيه روزفلت عن الحريات الأربع ألقاه هنا، أمام الكونجرس. وهذا مناسب للغاية. فهنا، في بيت الشعب، جعلت أصوات أمريكا وقيمها الأمل حقيقة واقعة للعديد من الناس.
واليوم، يبحث الناس في الشرق الأوسط عن هذه الحريات الأربع. واليوم يبحث الناس في الشرق الأوسط عن أمل جديد: أملٍ في مستقبل من الازدهار والسلام. لقد رأينا الخطر والدمار الذي سبّبه العنف والكراهية والظلم. ولكننا رأينا أيضاً ما يمكن للناس أن يحققوه عندما يمنحون القوة لذلك، عندما يهدمون الجدران، وعندما يلتزمون بالمستقبل. ونحن نعلم أن الشرق الأوسط يمكن أن يكون بداية عالمية تعمل على إيجاد إمكانات جديدة لمنطقتنا والعالم بأجمعه.
إننا نتطلع إليكم للقيام بدور تاريخي. فقد واجه 11 رئيس أمريكي و30 مجلساً من مجالس الكونجرس الأمريكي هذه الأزمة المتواصلة دون انقطاع. لنَقُلْ معاً، ليس من أجل أجيال المستقبل، بل من أجل الجيل الذي يعيش بيننا اليوم، أننا لا نريد المزيد!
لنقل معاً: لنجد حلاً لهذا! لنقل معاً: نعم، سنحقق هذا!
ومن هذا المنطلق، يجب ألا يجد أيّ أب فلسطيني نفسه عاجزاً عن إطعام أسرته وبناء مستقبل لأبنائه وبناته. ويجب ألا تخاف أي أم إسرائيلية عندما يصعد طفلها إلى الحافلة. ويجب أن لا يترعرع جيل آخر وهو يعتقد أن العنف والنزاع هما طبيعة الحياة.
وكما قال روزفلت أيضاً "فإن عدالة السلوك الأخلاقي يجب أن تفوز في نهاية الأمر، وسوف تفوز". ولكنه كان يعرف أن الأمر منوط بالدول التي تتحمل المسؤولية كي تقف مدافعة عن العدالة عندما يهددها الظلم.
وهذا هو التحدّي الذي يواجهنا نحن أيضاً. ويجب ألا نترك الأمر لجيل آخر ليواجه هذا التحدّي.
قبل ثلاثة عشر عاماً، كان والدي هنا ليتحدث عن آماله من أجل السلام. واليوم نتحدث عن أمل في متناول يدنا.
ولأننا لا يمكن أن ننتظر أكثر من ذلك، فقد جئت اليوم لأقف وأتحدث أمامكم. يجب أن نعمل معاً لاستعادة فلسطين، بلد يغرق في اليأس دون بارقة أمل. وعلينا أن نعمل معاً لاستعادة السلام والأمل والفُرص للشعب الفلسطيني. وبعملنا هذا، سنبدأ عملية بناءٍ للسلام لا في أرجاء المنطقة فحسب، بل في أرجاء العالم أيضاً. فكم من الدم المراق وحالات الموت سنشهد، وكم سنقدّم ثمناً لحل هذا الوضع الخطر؟
وأقول هنا: لا لمزيد من سفك الدماء، لا لمزيد من الموت بدون سبب!
الصبي الصغير الذي يذهب إلى المدرسة مع أخيه في فلسطين... دعه ينعم بالسلام.
والأم، التي ترقب بخوفٍ أولادها وهم يصعدون إلى الحافلة في إسرائيل... دعوها تنعم بالسلام.
والأب في لبنان، الذي يعمل بجدّ لتوفير التعليم لأطفاله... دعه ينعم بالسلام.
والفتاة الصغيرة، التي ولدت في العراق، وعيناها الواسعتان مليئتان بالدهشة... دعوها تنعم بالسلام.
والأسرة، التي تتناول معاً وجبة العشاء، في آسيا وإفريقيا وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية، وأوروبا ، وأستراليا، والشرق الأوسط... دعوها تنعم بالسلام.
فاليوم أيها الأصدقاء، علينا أن نتكلم، فلا نستطيع التزام الصمت.
في المرة القادمة التي يأتي فيها الأردني أو الفلسطيني أو الإسرائيلي ليتحدث أمامكم، دعوها مناسبة يقول لكم فيها: شكراً لكم على مساعدتكم في جعل السلام حقيقة وواقعاً.
والسلام عليكم،
وأشكركم جزيل الشكر.