رعاية الموهوبين

يروي جلالة الملك عبدالله الثاني في كتابه "فرصتنا الأخيرة.. البحث عن السلام في زمن الخطر" أن واحداً من أكثر الأحلام التي كانت تشغله في بدايات عهده توفير التعليم النوعي للموهوبين الأردنيين، وتحقيق العدالة في التعليم، وتمكين الأطفال والشباب الموهوبين من الوصول إلى فرص متكافئة.

كان جلالته يطمح إلى بناء قاعدة علمية أردنية من المفكرين والعلماء والمخترعين الصغار، فبدأ السعي إلى تحقيق تلك الأفكار بتوفير فرص جديدة للأطفال الموهوبين من خلال إنشاء مدارس متخصصة لهم.

وبالفعل، بدأت مسيرة مدارس الملك عبدالله الثاني للتميز بإنشاء أول مدرسة في الزرقاء في العام الدراسي 2001/2002، وهي مدارس متخصصة في رعاية الموهوبين من خلال التعليم الإثرائي، وتوالى إنشاء مدارس الملك عبدالله الثاني للتميز حتى شملت المحافظات كافة وأصبح عددها 13 مدرسة.

يتم اختيار الطلبة في هذه المدارس بناءً على معايير محددة، إذ يتم ترشيح ما نسبته 5% من الطلبة الحاصلين على أعلى المعدلات في الصف السادس الأساسي، ويخضع هؤلاء الطلبة إلى اختبارات تشرف عليها وتنفذها وزارة التربية والتعليم، ويُقبَل الطلبة الذين حققوا أعلى النتائج وضمن الطاقة الاستيعابية لكل مدرسة.

كان جلالة الملك يطمح إلى إنشاء مدرسة داخلية للموهوبين تحتفي بالتنوع والابتكار، على غرار مدرسة أكاديمية ديرفيلد في الولايات المتحدة الأميركية التي درس بها جلالته نفسه؛ حيث لم يكن هناك مدرسة دائمة مماثلة في الأردن أو الشرق الأوسط في ذلك الوقت، فأُنشئت مدرسة كنز أكاديمي في مادبا، وتعلّم فيها ابن الملك، الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، عام 2008، وسط أقرانه الأردنيين. ومنذ تأسيسها عام 2007، أخذت هذه المدرسة توفر كل عام عشرات المنح الدراسية للطلبة الموهوبين من أبناء المحافظات والأحياء الفقيرة والمخيمات.

أصبحت أجيال الموهوبين تعضد الدولة بالمتميزين والابتكاريين والمبدعين، وحصد طلبة مدرسة الملك عبدالله الثاني للتميز في محافظة إربد المركزَ الأول في بطولة الروبوت الآلي التي أقيمت في ولاية تكساس الأميركية (2017)، وهي أكبر مسابقة عالمية للروبوت في العالم، وكان فريق الطلبة الأردنيين أول فريق في العالم يحصد أربع جوائز في هذه المسابقة، وأول فريق أردني يتوَّج بلقب بطل العالم. وهذه الجوائز هي: جائزة بطل العالم للروبوت، وجائزة المرحلة النهائية لبطل العالم، وجائزة المركز الثاني في تنفيذ مهام الطاولة، وجائزة أفضل مدرب في العالم. كما حصد طلبة مدرسة الملك عبدالله الثاني للتميز في الزرقاء جوائز عديدة على مستوى الوطن العربي في مسابقة الروبوت S1، ومسابقة 4x4، ومسابقة برمجية المستقبل، والمركز الأول في تحدي الألعاب الإلكترونية.

وها هم الموهوبون الأردنيون يقودون قطاع الريادة في الأعمال، ويديرون مئات الشركات الصغيرة التي سرعان ما تجد طريقها إلى المنافسة ولفْت انتباه المستثمرين الكبار في العالم، تجدهم قياديين في مؤسسات علمية ومختبرات ابتكار في الأردن وفي أنحاء العالم.