الدواء الأردني: من المحلية إلى العالمية
استطاعت صناعة الدواء الأردنية خلال العقدين الماضيَين الانتقال من صناعة محلية إلى صناعة عالمية تتمتع بجودة كبيرة، وقدرة على المنافسة، وسمعة مرموقة.
بدأت صناعة الدواء الأردنية بمصنع صغير في مدينة السلط عام 1962، وعبر مسيرة طويلة من العمل والإنجاز أثبت الأردنيون قدرتهم على تحقيق مكانة بارزة في صناعة دقيقة رأسُمالها المعرفةُ العلمية وبناء الثقة.
مع مطلع القرن الجديد أَولى جلالة الملك عبدالله الثاني اهتمامه لهذه الصناعة سعياً للاعتماد على الذات والانفتاح على الأسواق العالمية وتحقيق الأمن الدوائي للمملكة.
تضاعفت صناعة الدواء الأردنية حوالي أربع مرات منذ عام 2000، ووصلت القيمة المضافة لها عام 2022 إلى حوالي 830 مليون دينار مشكّلةً ما يزيد عن 51% من إجمالي الإنتاج القائم لها، وهذا ما انعكس إيجاباً على مساهمته في الاقتصاد الوطني لتصل إلى ما نسبته 3% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي ولتسطر صناعة الدواء الأردنية قصة نجاح كبيرة ومتميزة جعلت منتجاتها تطوف بأسواق أكثر من 70 دولة حول العالم، فقد جعلت من الأردن البلدَ الوحيد في المنطقة الذي يصدّر أكثر مما يستورد، إذ يصدّر 80% من إنتاجه الدوائي سنوياً، مستحوذاً على ما يقارب 6% من إجمالي الصادرات الصناعية للمملكة.
واستجابةً للتوجيهات الملكية بضرورة دعم الموارد البشرية الوطنية نظراً لما تمتلكه من كفاءات ومهارات عالية، حرص القطاع على توظيف الأردنيين بمختلف المستويات الإدارية والفنية حتى أصبحوا يشكّلون ما يزيد عن 98% من إجمالي العاملين فيه. وتزيد نسبة الإناث عن 37% من إجمالي العاملين بالقطاع.
وأثبت القطاع جدارته خلال جائحة "كورونا"؛ فبينما لم يكن الأردن قبل الجائحة يغطي سوى احتياجاته من إنتاج المعقمات الطبية والكمامات، أصبح خلال فترة وجيزة يغطي الطلب المحلي المتزايد من هذه المستلزمات الطبية.
واقترحت رؤية التحديث الاقتصادي (2022-2033) 11 مبادرة لصناعة الأدوية لزيادة الصادرات وصولاً إلى 2.1 مليار دينار بحلول عام 2033، وتبني العديد من الأولويات الكفيلة بإيجاد صناعات دوائية نوعية وصناعات صيدلانية دوائية، وإنشاء مركز للبحث والتطوير الدوائي. كما تهدف الرؤية للوصول بالقيمة المضافة للصناعات الدوائية إلى حوالي 1.7 مليار دينار، وزيادة أعداد العاملين بالقطاع إلى 16 ألفاً، واستقطاب استثمارات إلى داخل القطاع بما يقارب 1.1 مليار دينار خلال عشرة أعوام لغايات الارتقاء به ليصبح الأردن مركزاً إقليمياً للمنتجات الدوائية.
ويتابع جلالة الملك بشكل مباشر مسارَ التطور في تنفيذ الأهداف والخطط المرتبطة بهذا القطاع.